رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مصر المحروسة تمرّ بظروف غير مستقرّة بعد مرور كل هذه المدّة على انطلاق ثورتها، حيث ما زال الشارع يغلي نتيجة ما تواجهه الجماهير من خيبة أمل في النتائج المنتظرة لثورة علّقت عليها هذه الجماهير آمالاً عريضة، تعرّضت لعراقيل جمّة نتيجة محاولات الاختطاف التي تعرّضت وتتعرّض لها الثورة، من فئات لم يكن لها دور فاعل في هذه الثورة، إضافة لمحاولات فلول العهد البائد للحصول على دور مؤثّر في الحراك السياسي المصري، كأنما المراد هو إجهاض الثورة أو تحويل مسارها إلى اتجاهات لم تكن في الحسبان لدى الثوار.. في ظل هذه الأجواء يواجه الشارع المصري ضغوطاً غير طبيعيّة تدفعه للتعامل مع أي حدث جديد بانفعال يتجاوز الحدود، خاصة أن مَن يحرّك هذا الشارع في الاتجاه الخطأ جهات لا تريد الخير لمصر ولا للعرب.
في ظل هذه الظروف ومع كلِّ ما يربط دول الخليج بمصر الشقيقة من علاقات تاريخية.. يبدو جليا أن هناك مَن يسعى لتدمير هذه العلاقات والعبث بإنجازاتها، مما أدى إلى مستوى من الحساسية المفرطة في العلاقات بين دول الخليج ومصر، وتقف بعض وسائل الإعلام المصريّة في خندق تأجيج أي أزمة بين مصر وأي دولة خليجيّة، عن طريق تحريك وتحريض الشارع المصري، من خلال ربط أي حدث عابر بالكرامة التي لا تُهان، والوطنيّة التي لا تمس، والحقوق التي لا تُهدر، وهذا في جوهره استحقاق مشروع لأي شعب، على ألا ينسى مَن يرفعون هذه الشعارات أن دول الخليج لها الحق أيضا في هذا الاستحقاق المشروع، وهذا ما لا تعترف به لا الصحف الصفراء في مصر، ولا قنوات الفتنة المُغرَمة بالتهويل والتزوير والكذب والابتزاز والردح الإعلامي المكشوف، وهو ردح لم يسلم منه أبناء الخليج ولا قياداته ولا رموزه الوطنيّة، وقد وصل إلى درجة الفحش بشكل تأباه الكرامة العربيّة، ويتنافى مع أبسط حقوق الإخاء والمحبة والوفاق.
وما من دولة خليجيّة إلا ونالت نصيبها الأوفر من حملات وحفلات الردح الإعلامي الصاخب التي تقدّمها بعض أجهزة الإعلام المصري ظلماً وبهتاناً وإفكاً على رؤوس الأشهاد، حيث يُساء وبشكل سافر إلى شخصيات خليجيّة معروفة، قدّمت لمصر ما لم يقدّمه غيرها من المؤازرة والمساندة في السراء والضراء، وهذا واجبها الذي لا منّة فيه، ولا رجوع عنه.
مصر الحضارة.. مصر الحرية.. مصر السلام.. مصر العروبة.. مصر المحبوبة من كل عربي.. كيف ترضى أن يشوّه وجهها الجميل هذا القبح الإعلامي الذي يحرّض الشارع المصري بالأكاذيب، ليغتال جمال عروس النيل وألقها وإنجازها الحضاري على مر التاريخ؟ كيف ترضى لشرذمة من المسيسين والموتورين والمتاجرين بأوطانهم.. أن يعبثوا بأمنها، ويسيئوا إلى علاقاتها مع أشقائها؟ غير مُدركين لما قد ينجم عن ذلك من أضرار سوف تتحمّل مصر أعباءها قبل غيرها، ومصر الحاضر لا تحتاج إلى مزيد من هذه الأعباء، ومع كل المواقف الإيجابيّة لدول الخليج تجاه مصر.. لم تسلم هذه الدول من ألسنة حداد تقطر بذاءة وقبحاً، من تلك الفضائيات التي سخرت نفسها للإساءة لدول الخليج وقياداتها ورموزها الوطنيّة وشعوبها المسالمة.
نحن نتفهّم أوضاع مصر الحرجة، وسقطات بعض أبنائها المدانين بالتآمر على الشعب المصري، لكننا لا نفهم كيف يستطيع من عانى قسوة الظلم، أن يمارس الظلم على غيره، وما من ظلم أشد قسوة على القلوب من ظلم الأشقاء لأشقائهم، ولا أشد مضاضة على النفوس من ظلم الإخوة لإخوانهم، وحادثة هنا أو هناك لا يليق أن تنسف سنوات من المحبّة والودّ والوفاق، ويُجيّش لها الشارع ليزيد الطين بَلة، ويزيد الأمور تعقيداً، وإثارة للنفوس المحتقنة بأحداث لا طاقة لمصر على احتمال المزيد منها.
إن مَن ينفخ في جمر الخلافات ليذكي نارها، ومن يدق إسفين النزاعات في العلاقات بين مصر ودول الخليج، هم الذين يزرعون هذا الالتباس في العلاقات المصريّة الخليجيّة، دون النظر إلى علاقات النسب والجوار والدين والقضايا والمصالح الاقتصاديّة والسياسيّة المشتركة، ومصر هي بيت العرب، ومن شيم العرب أن يكرموا الضيف، لا أن يقابلوه بفاحش القول والعمل، حتى وإن ارتكبت هذا الفحش فئة قليلة، فالحديث هنا ليس عن واقعة محدّدة، ولكنه عن حالة تتكرّر، ولا بد لها من علاج جذري، وبيد العقلاء وحدهم يمكن القضاء على ما يرتكبه السفهاء، وتدفع ثمنه الشعوب.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
9363
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1428
| 21 نوفمبر 2025