رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عانينا من أحداث مذهلة طيلة الأسبوع الماضي. حيث تفاجأ الجميع بحملات السياسة الخارجية التركية قبل أن تكون نقاشات "بريكسيت" وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد وضعت أزوارها. نجد أنفسنا مضطرين خلال رمضان المبارك لمتابعة كل هذه التطورات، وفهمها والكتابة في مضامينها!
وكما كان متوقعا، فجميع هذه التطورات الجديدة التي تهم المنطقة والعالم الإسلامي، ولَّدت تأثيرات كبيرة، محركة نقاشات طويلة في تركيا والعالم الإسلامي والغرب.
عندما تنظر إلى تلك النقاشات، يمكننا أن نميز ثلاثة ردود فعل.
1. أخطأت تركيا، إن عقدها اتفاقية مع إسرائيل يعد بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية.
2. أصابت تركيا التي أرضخت إسرائيل، واعتبارًا من الآن ستقدم عونًا أكبر للقضية الفلسطينية.
3. تركيا فعلت ما تمليه عليها حاجة الجغرافيا السياسية. لم تهزم ولم تنتصر وخطوتها ستنعكس بشكل إيجابي على قطاع غزة.
إن الحساسية التي أبدتها تركيا منذ البداية تجاه القضية الفلسطينية معروفة للجميع. فحادثة دافوس (معروفة إعلاميًا بحادثة وان وينيت) وسفينة "ماوي مرمرة" (إحدى سفن أسطول الحرية لفك الحصار عن قطاع غزة) توجت لمرحلة سبقتها ردود أفعال قوية ضد إسرائيل، ومنذ ذلك الحين تشهد العلاقات الإسرائيلية التركية، بشكل مباشر أو غير مباشر، حربًا مستعرة.
الغرب منح كل تأييده لإسرائيل
جميع الدول الغربية تقريبًا وجميع الدول الكبرى اتخذت مواقف لصالح إسرائيل في هذه المعركة. شنت حملات في سائل الإعلام، والتمويل، والدبلوماسية، والاستخبارات بشكل مخفي أو علني لإيذاء تركيا. كل هذا إلى جانب الدعم الذي وفرته تلك الأطراف لمنظمات إرهابية مثل "بي كا كا"، و"داعش"، و"جبهة التحرر الشعبي الثوري (يسارية متطرفة)"، و"الكيان الموازي"، لقد شهدت تركيا أوقاتًا صعبة للغاية، ولا تزال.
حسنًا، لدى سؤالٌ أطرحه على القراء الأعزاء من خلال هذا العمود، السؤال: هل وقفت جميع دول العالم الإسلامي وراء تركيا في هذه المعركة؟ جوابي أنا هو: "لا لم يقف". بل حتى أن الكثير من وسائل الإعلام ومراكز التمويل، وشخصيات من عالم الأعمال، الصديقة لإسرائيل، وجّهت انتقاداتٍ لاذعة للحكومة التركية وطالبتها بتغيير مواقفها. تم الضغط على الحكومة التركية، وبشكل علني، من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، ودفعوها لدفع ثمن باهظ.
ورغم ما سبق، لم تتراجع الحكومة التركية عن شروطها المتعلقة بالاتفاق الذي سيتم مع إسرائيل. لقد أصرت على شروطها في الاعتذار والتعويض ورفع الحصار عن قطاع غزّة لفترة طويلة. ربما لم تحصل على ما أرادت مائة في المائة، لكن التاريخ سجل لها أنها الدولة الوحيدة في العالم، التي حصلت على اعتذار وتعويضات من إسرائيل.
قبل التوقيع على الاتفاق مع إسرائيل، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما التقى رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، وتبادل معهما وجهات النظر حول الاتفاق، الذي لن يؤدي إلى جعل غزّة منطقة حرَّة، لكنه سيساهم في تحسين الظروف الراهنة قليلًا. خاصة أن الأوضاع المتعلقة بالكهرباء ومياه الشرب، وصلت إلى مراحل لا تطاق. وقد بدأت على الفور مجموعة أعمال للتقليل من حجم المعاناة.
الاتفاق ليس هزيمة أو انتصارا
إن هذا الاتفاق ليس هزيمة أو انتصارا. بل هو عبارة عن انعكاس مؤلم لحقيقة السياسة الواقعية، فقوة تركيا أيضًا لها حدود، ويبدو أننا وصلنا الآن إلى ذلك الحد. قاومت تركيا كثيرًا وخاضت العديد من التحديات، ولكنها لم تتمكن أن تحقق لوحدها إلا ما حققته. لو أن العالم الإسلامي وقف خلف تركيا بكل قوته، لكانت صمدت أطول وبذلت أكثر. ومع ذلك، فإن القضية الفلسطينية ليست مشكلة يمكن لتركيا وحدها أن تقوم بحلها، بل هي قضية تهم العالم أجمع.
ستواصل تركيا العمل من أجل رفع الحصار عن غزة. وستواصل العمل من أجل قدس ودولة فلسطينية حرة ومستقلة. وليس لأحد أن يشك في ذلك، لكن ستسعى في الوقت نفسه من أجل تقليل عدد أعدائها ومضاعفة أصدقائها.
تخلت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عن تركيا في معركتها مع روسيا.
علينا أن نفكر بنفس الأسلوب حيال مسألة تطبيع العلاقات مع روسيا. صحيح أننا أسقطنا طائرة حربية روسية انتهكت مجالنا الجوي، لكن وفي المقابل، روسيا احتلت سوريا وقتلت آلاف المدنيين. لم تعترض لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا الناتو على تلك المواقف العدوانية الصادرة عن روسيا. ورغم أنهم في عداد حلفائنا، تعاونوا مع روسيا، وقاموا بتسليم الشمال السوري لمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، ذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا.
لم يتمكن الاتحاد الأوروبي الآيل للسقوط والإدارة الفاشلة في الولايات المتحدة، من وقف روسيا أو ثنيها، انتظرت تركيا دعم حلفائها رغم الخسائر الاقتصادية الضخمة التي منيت بها، لكن لا حياة لمن تنادي، بل وعلى العكس لم تلق منهم سوى المكائد. وبالنتيجة فهي شهدت أوقاتًا صعبة على هذا الصعيد أيضًا.
لكل تلك الأسباب، أطلقت تركيا حملة سياسية جديدة. حملة تتضمن مناورة سياسية تهدف للتخلص من القضايا التي باتت تؤرقها والخروج من تلك الدائرة التي بدأت تضيق عليها، لذا علينا النظر إلى الاتفاق مع إسرائيل وروسيا في هذا السياق.
هل من الممكن عقد اتفاقيات مماثلة مع مصر وسوريا؟
من الممكن مستقبلًا اتخاذ خطوات في موضوع مصر وسوريا، كنت كتبت في وقت سابق، أن من الممكن بناء علاقات طبيعية مع مصر، في حال تم الإفراج عن مرسي وإجراء انتخابات في مصر. وعلى صعيد الملف السوري، من الممكن التوصل إلى اتفاق مع روسيا وإيران، لضمان الدخول بفترة انتقالية من دون الأسد، سنرى ذلك مع مرور الوقت. ولكن تركيا تسعى في هذه الفترة إلى معالجة المواضيع التي تتسبب بضررٍ كبيرٍ في المنطقة.
نحن فهمنا التالي، ليس من الممكن تحقيق الأخلاق والعدالة والمساواة، دون وجود دولة كبرى راعية لذلك. ومن غير الممكن أيضًا أن تصل دولة إسلامية إلى مصاف الدول الكبرى في العالم من دون وحدة الدول الإسلامية ودعمها. لذا علينا أن نشكل وحدة قوية، وأن ندعم نهوض دول قويَّة، وإلا فإن حياة ضنك وبؤس بانتظارنا على فتات موائد القوى الكبرى.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2202
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2124
| 10 ديسمبر 2025