رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم إبراهيم فخرو

مساحة إعلانية

مقالات

543

جاسم إبراهيم فخرو

تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

11 ديسمبر 2025 , 04:00ص

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك إشكالات حقيقية تعصف بمجتمعنا: ارتفاع نسب الطلاق، تأخر سن الزواج، ارتفاع المهور، تراجع معدّل المواليد، وتقلّص عدد السكان الوطني… وهذه ليست مؤشرات عابرة، بل جرس إنذار اجتماعيّ يقرعه الجميع عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمنتديات والمجالس وغيرها.

. لكن السؤال الأهم الذي يتردد في المجالس والمنتديات من المسؤول؟ الدولة أم المجتمع؟

الواقع أن المسؤولية مشتركة. فالدولة تمتلك مؤسسات ومراكز بحثية متقدمة، ووزارات تضم إدارات مختصة بالشأن الأسري والاجتماعي، وقد قُدمت جهود كبيرة في هذا المجال… ومع ذلك ما زلنا ندور في الحلقة نفسها؛ الأرقام تتكرر، والظواهر تتسع، فيما الحلول الجذرية لا تزال غائبة عن الواقع. ورغم أن الدولة تُنفق على هذه الجهات ملايين الريالات سنويًا، يبقى السؤال المشروع: أين دورها الحقيقي؟ وأين أثرها الملموس في تغيير الواقع بدل الاكتفاء بالتقارير والندوات؟

وفي المقابل، المجتمع نفسه يتحمل جزءًا من المشكلة بسبب العادات المُرهقة، والمبالغة في المهور، وتضخيم متطلبات الزواج، وثقافة استهلاكية باتت تُثقل كاهل الشباب وتؤخر بناء الأسرة. لقد تحدثت جهات رسمية كثيرة، وأعلنت عن دراسات وبحوث، لكنّ معظمها ظل فقاعات بلا أثر، بينما الأرقام تواصل الصعود. والدراسة بلا تنفيذ أصبحت ترفًا اجتماعيًا لا نملكه، ولا ينسجم مع حجم التحديات السكانية والاجتماعية التي نواجهها.

وهنا يبرز السؤال الجوهري: ما الذي يقود إلى هذه الظواهر؟ هل هو الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة؟ هل نحن بحاجة إلى إعادة دراسة السوق وأسعاره وتأثيرها على قدرة الشباب على الزواج؟ هل توجد ثغرات تشريعية تحتاج إلى مراجعة لقوانين الزواج والطلاق والنفقات؟ هل هي ممارسات اجتماعية تحتاج إلى ضبط وتوجيه؟ أم أن كل هذه العوامل مجتمعة تُشكل كرة الثلج التي تكبر عامًا بعد عام؟

إلى اليوم، ما نراه هو آراء متفرقة واجتهادات متناثرة لا تصب في استراتيجية وطنية واضحة. ولذلك فإن الحل الحقيقي يبدأ باستراتيجية وطنية شاملة للمنظومة الأسرية، وبجهة قيادية واحدة تُنسّق بين المؤسسات، وبخطة تنفيذية واضحة، وجداول زمنية ومؤشرات قياس تُحاسَب عليها الجهات المعنية. نحن في قطر دولة لها قوانينها وضوابطها، ومجتمع له قيمه وتقاليده. وصحيح أن هناك صراعًا حضاريًا وثقافيًا عالميًا، لكن بالإمكان التحكم فيه إذا تكاتفت إرادة الدولة مع وعي المجتمع.

نعم، اتفقنا على وجود المشكلة… والآن يجب أن نتفق على الحل. ولن يتحقق ذلك بتكرار الشكوى، بل بالمواجهة الشجاعة، وبالعمل المشترك الذي يعيد للأسرة توازنها، وللمجتمع قوته، وللوطن استقراره الديموغرافي والاجتماعي.

كفنا كلاما وتحليلات وآن وقت العمل على الاستراتيجيات لنصل إلى بر الأمان.

مساحة إعلانية