رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

ialsada63@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

669

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

إعادة ضبط الإحساس بالحياة

06 أغسطس 2025 , 12:00ص

أحيانًا تختل أجهزة الهاتف أو البوصلة الإلكترونية في إظهار الاتجاه الصحيح، يتوقف السهم عن الإشارة، وتبدو الجهات متداخلة، وكأن الشمال لم يعد شمالًا، في هذه الحالات لا نُغيّر الجهاز، بل نُعيد ضبطه، نحركه بحركات معينة أو نغلقه ونفتحه من جديد، ثم نراقب كيف يستعيد توازنه ويعود ليُرينا الطريق.

الإنسان لا يختلف كثيرًا، فمع مرور الوقت، وتراكم الأحداث، يفقد البعض توازنه الداخلي، وينحرف إحساسه بالأشياء، لا يعود يفرّق بين الجميل والعادي، ولا يشعر بالحياة كما كان يفعل من قبل، تمر الأيام أمامه كأنها مشاهد مكررة، بلا طعم، ولا صوت داخلي ينبّه إلى أن هناك شيئًا فقد بريقه.

أتذكر صديقًا جلس بجانبي في أحد المقاهي المطلة على البحر، أمسك بفنجان القهوة وقال لي: «كنت أحب طعم القهوة، واليوم أشربها ولا أشعر بشيء… هل اختلفت القهوة، أم اختلفت أنا؟»، ثم صمت قليلًا، فكان صمته أثقل من سؤاله، لم أملك إجابة مباشرة، لكني شعرت أنه يعبّر عما نعانيه جميعًا، فمع مرور الأيام، وتراكم التجارب، تتبلد مشاعرنا وتبهت نكهة الحياة في حواسنا، كان سؤاله صادقًا، لكنه لم يكن عن القهوة، بل عن الإحساس، عن تلك المسافة التي نشأت بيننا وبين الحياة دون أن نشعر بها.

كثيرون يعيشون هذا الفراغ دون أن يسموه، لا يشكون ألمًا محددًا، لكنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن شيئًا ما قد تغير في حياتهم، في أحاديثهم، في استجاباتهم وردود أفعالهم، في قدرتهم على الفرح، في صبرهم على من يحبون.

ثم يأتي حدث كبير، مرض أو فقد، أو نجاة من خطر، فيغيّر الصورة كلها، ليبدأ الإنسان فجأة في النظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة، يعود يتذوق ما نسي طعمه، ويُدهش مما كان يمر عليه دون انتباه، ويعيد ترتيب أولوياته كما لو أنه أُعطي فرصة ثانية ليفهم نفسه من جديد.

لكن هل ننتظر المأساة حتى نستيقظ؟ ليس بالضرورة، أحيانًا تكفي جلسة صافية مع النفس، عزلة قصيرة، أو سجدة صادقة، أو سفر مفاجئ يعيد توازن البوصلة، كل ما نحتاجه هو أن نقرّر التوقف عن الانجرار خلف كل ما يسحبنا من الحياة دون وعي.

ربما لا نحتاج دائمًا إلى تغيير جذري لنشعر بالحياة من جديد، وإنما إلى إعادة اتصال بما هو بسيط وأصيل فينا، لحظة سكون نعيد فيها الإنصات لما يجري داخلنا، ونمنح أنفسنا فرصة للانتباه لما تجاهلناه طويلًا، قد يكون ذلك عبر صلة الأرحام، أو زيارة لمريض، أو إحسان لضعيف، أو حديث هادئ مع صديق صادق، أو خلوة قصيرة في مكان نحبه، أو حتى قرار صغير نؤجله منذ زمن، المهم أن نمنح أنفسنا هذه الوقفة، لا لنبتعد عن الحياة، بل لنعود إليها بقلب أصفى، وعين ترى، وروح تشتاق أن تعيش بصدق.

اقرأ المزيد

alsharq ثقة دولية في أدوار الوساطة القطرية

تحظى جهود الوساطة التي تقودها الدبلوماسية القطرية بتقدير دولي كبير، حيث عززت دولة قطر مكانتها كأبرز وسيط في... اقرأ المزيد

78

| 22 ديسمبر 2025

alsharq حين يركض النص أسرع من صاحبه: تأملات في مصير الحقوق الفكرية

لا يشبه النص، حين يُولد، أيَّ كائنٍ آخر؛ إنّه هشّ في بدايته، شديد الثقة في آن، يخرج إلى... اقرأ المزيد

75

| 22 ديسمبر 2025

alsharq الإعلام غير الاجتماعي وخطاب الكراهية

فيما يرى ابن خلدون أنّ الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، وأنّ الاجتماعية تقوم على التواصل والنظام والاستقرار والتضامن والعدالة،... اقرأ المزيد

54

| 22 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية