رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ظاهرة الإلحاح أو باللهجة الدارجة (التلزيم) تكاد تكون ذات صبغة شرقية ومن المعلوم بأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده، وهذه الصفة المحرجة بطبيعة الحال تتم عن حسن نية فيما يعتقد (الملح) بأنها تعكس مدى غلاء الشخص وتقديره له وهي تندرج في إطار المبالغة، وتتفاوت حدة الإلحاح من شخص لآخر إلا أنها كما أشرت آنفا ذات صبغة شرقية طبقاً للبيئة والثقافة التي تعزز من بروزها في هذه المنطقة أو تلك، ويصر الإنسان (اللحوح) على ممارسة هذه العادة السيئة لما تسببه من إحراج بالغ وعدم إتاحة الفرصة للطرف الثاني لتمرير قبول الاعتذار فقد يعتذر الطرف الثاني لـ (اللحوح) مرة، فيعيد الكرة في ملعبه بالطلب مرة ثانية وثالثة إذ إن المرة الثانية تعتبر كافية في إصرار (المٌلزم على الملزم عليه). وما زاد عن ذلك فإنه حتماً يندرج في نطاق الإلحاح غير المرغوب فيه والذي يصل حد الإزعاج والإحراج في ذات الوقت، فقد ينصاع الطرف (الملزم عليه) للأمر تبعاً للإصرار المتواصل ويرتبك برنامجه جراء هذا القصف الودي المشوب بحسن النية والمحبة الصادقة، إلا أن المحبة الصادقة تحتم تفهم الظروف وقبول الاعتذار وقد تتم العملية برمتها في إطار المجاملة في حين أن هذه العملية قد تتسبب في آثار سلبية قد تنعكس على مستوى العلاقة فالطرف (الملزم عليه) الذي أمسى رهنا لهذه الصفة غير المحببة ستجعله يتهرب من لقاء زميله آنف الذكر أو حتى الاتصال عليه خشية وقوعه تحت مطرقة (التلزيم اللي ما له لازمهْ) وهكذا تنحسر سبل التواصل ويتضاءل بريقها تبعاً لبعض العادات التي تصنف في بعض الأحيان من باب زيادة الكرم ولكن زيادة الكرم أيضاً تعني الاحتفاء الصادق بالمكرم وإكرام النفس هواها، أي أن قبول الاعتذار في المرة الأولى أو الثانية يوضح بجلاء بأن الرسالة وصلت، وعلى النقيض من ذلك فقد يستغلها البعض بطريقة أخرى كأن يعزم شخص آخر من باب المجاملة فيبادره الآخر بسرعة صواريخ توماهوك قائلاً (الله يهديك بس لو أنك ما لزمت) وهي مرة واحدة ومن طرف اللسان وتكمن المشكلة هنا في مسألة الأعداد أي أن العازم المجامل لم يكن يتوقع بأن مشاعر صاحبه في ثلاجة وأبرد من قطع الدجاج في الفريزر وليت الأول منح الثاني جزءاً من حمأة إفراطه وليت الثاني منح الأول زخماً من الواقعية بغض النظر عن اصطدام واق عيته بصاحبنا البارد، والأدهى من ذلك هو إدراج الحلف وإقحام الطلاق في هذه المسائل وهذا في الواقع يعد أزمة أخلاقية بكل أبعادها فالاستهانة بالحلف وتداوله في كل كبيرة وصغيرة ليست من الأخلاق في شيء وتوقع الإنسان في المحظور إذ إن التساهل في هذا الأمر وعدم تطبيق الحلف نتيجة لعدم تجاوب طرف إلى الطرف الآخر يحتم على المرء أداء كفارة اليمين قال تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) فلماذا كل هذا الأمر؟ ولماذا يتم إقحام الحلف في مسائل لا تعدو عن كونها تعبيراً عن المحبة ونحو ذلك، فهناك أساليب كثيرة أخرى بديلة لإبرازها كعربون محبة، إن تقنين الحلف وعدم الحاجة إليه إلا في الحالات الذي يتطلبها الحلف كأداء الحقوق والشهادة وغير ذلك من الأمور التي حددها الشارع الحكيم تجنب المرء الوقوع في المعاصي والزلات فضلاً عن ذلك فإن الصدق يعزز الثقة والثقة توجب الاحترام للموثوق به والصدق من صميم تعاليم ديننا، فلماذا لا يكون الدافع للتعبير عن مشاعرنا بقوة وقعه وتأثيره، وأمر من ذلك من يحلف بالله كثيراً وفي غير المواضع المخصصة للحلف بل ويضع زوجته تحت مطرقة هذا العبث فيطلق وربما بالثلاث إن لم يلبِ المدعو الدعوة وهذه قمة الإسفاف والاستهانة بالعلاقة الزوجية لترزح الأسرة تحت وطأة التبعات السلبية السيئة الناجمة عن هذا الجهل ويتشتت شمل الأسرة لا لشيء سوى تراكم التخلف المؤدي إلى هذه النتائج البائسة، وتدفع الأسرة ثمناً باهظاً لمجرد دعوة على رأس خروف محشي أو مشوي لا يهم، فهل أصبحت الأسرة وقيمتها رخيصة بخسة إلى هذا الحد ليهدم ما بناه في سنين عمره في لحظة كرم لا تمت إلى الكرم بصلة،بل أنها ستورث العناء والشقاء وهل يفقد الإنسان عقله حينما تنفلت عواطفه ويعجز عن السيطرة عليها عبر هذا العبث المخزي، إن وسائل الإعلام مقروءة ومرئية ومسموعة يقع على عاتقها جزء كبير في حمل هذه المسؤولية، وإيقاف هذا المد الهادر المفعم بالتجاوزات اللفظية التي لا تلبث أن تقلب كيان الأسر رأساً على عقب وتصيب الاستقرار الاجتماعي في مقتل، ومهما كانت العادات مرتبطة ارتباطاً وثيق الصلة بالمجتمعات، فإن تحجيم بعض العادات السلبية السيئة يتطلب جهداً ليس باليسير ويتطلب مثابرة دؤوبة لا تنقطع حيث إنها متأصلة ومتجذرة في العمق، لذا فإن فصل العادة بالعادة هو السبيل لإنجاح هذه المهمة، بمعنى أن من تعود على الحلف بمناسبة وبغير مناسبة، فبالإمكان أيضاً أن يتعود على الامتناع عن الحلف وكما أسلفت فإن سياق النماذج والأمثلة وتصويب العادات من الأهمية بمكان ومن ضمن المهام وأبرزها تكثيف الإرشادات بمغبة هذا الأمر وخطورته فضلاُ عن تعويد الصغار عدم الحلف وتفعيل قيمة الصدق في نفوسهم وأن يكون الحلف في أضيق الحدود طالما أن الصدق هو المقياس جئت إلى المنزل في إحدى المرات وإذا بابني الصغير يشكو من أخيه الكبير ويكثر من الحلف قلت له يا بابا لا تحلف أنا أصدقك بس لا تحلف يا بابا أنت مؤمن وتصلي لربك خمس صلوات وأخلاقك عالية فلماذا تحلف؟ وبعد فترة وجيزة جاء وقال لي بابا أبغي أشتري ملابس رياضة قلت له إن شاء الله عندما أعود في المساء نذهب إلى السوق، فبادرني بقوله أخاف تتأخر فقلت له أحلف لك إني ما أتأخر حينئذٍ أدركت أن المشكلة متأصلة وأننا نحن الكبار بحاجة ماسة إلى قوة في الإرادة وتصويب بعض السلوكيات الخاطئة فإذا فعلنا قيمة الصدق سيقلدنا الصغار ويقتدون بنا شيئا فشيئاً فقط دعونا نحاصر هذه العادة السيئة ونزيلها إلى الأبد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6393
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025