رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما يكون موكب مدرّع هو وسيلة النقل المفضلة في شوارع عاصمة البلد، فذلك مؤشر غير جيد.
وحين تنقلت على الشوارع الوعرة في مقديشو، وعبرت الواحد تلو الآخر من المباني المدمرة التي بهتت ألوانها في الشمس، شعرت بمدى الدمار الذي تسببت به سنوات طويلة من الاضطرابات في الصومال.
ومع ذلك، فإن استطاعتي زيارة مقديشو أصلا – حيث العلم البريطاني يرفرف اليوم فوق السفارة البريطانية – هو أمر رائع بحد ذاته.
حيث، بغض النظر عن وزراء الخارجية البريطانيين، لم تتمكن حكومة الصومال الرسمية من زيارة عاصمتها – أو حتى بلدها – لسنوات طويلة. فقد كان مجلس الوزراء والرئيس الصومالي عالقين في نيروبي، يعقدون اجتماعات لا نهاية لها بشأن بلد لم يكن باستطاعتهم دخوله، ناهيك عن حكمه.
وفي غيابهم، تُركت مقديشو لأمراء الحرب والإسلاميين ليعيشوا فيها فسادا ودمارا، حيث أحالوا جاداتها العريضة ذات الطراز المعماري الإيطالي المميز إلى أنقاض.
وفي النهاية استطاع إرهابيو جماعة الشباب – جناح تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا – السيطرة على أغلب مناطق جنوب الصومال، وفرضوا نموذجهم الوحشي في الحكم، بحيث أصبحت الصومال، حسب قول زعيم صومالي، "تشكل خطرا على نفسها وعلى جيرانها وعلى المنطقة، بل وعلى العالم أجمع".
لكن اليوم تغيّر كل ذلك. فقد استطاع جنود أفارقة شجعان حشدتهم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال – بعثة أميسوم – قلب التيار ضد الشباب، وإخراج هؤلاء الإرهابيين من مقديشو وتحرير آلاف الأميال المربعة من أراضي الصومال.
وبالتالي استطاعت الحكومة الرسمية العودة إلى الصومال وبدء المهام الشاقة لإعادة بناء بلد من لا شيء. وفي 2013 أعدنا فتح السفارة البريطانية هناك، وأرسلنا دبلوماسيينا للمساعدة في قيادة الجهود الدولية التي أتاحت للصومال النهوض من الرماد.
وفي فبراير من السنة الحالية وصلت الصومال إلى مرحلة بارزة من التطورات حين تولّى الرئيس فارماجو مهام منصبه في مقديشو بعد نقل سلمي للسلطة.
بعد عقود من إراقة الدماء والفوضى، تعتبر تلك قصة هائلة لتعافي البلد. لكن مازال هناك الكثير مما يتوجب عمله.
لهذا السبب سوف أشارك في ترؤس مؤتمر في لندن يوم 11 مايو يهدف إلى البناء على التقدم الذي تحقق في الصومال وكلّف كل هذه الخسائر.
لقد تحملت قوات بعثة أميسوم حتى الآن وطأة القتال ضد جماعة الشباب، حيث شنت هذه الحملة بفضل تدريب ودعم من بريطانيا وغيرها من دول الغرب. وحين زرت مقديشو، تشرفت بلقاء جنود بريطانيين يساعدون في تطوير مهارات نظرائهم من قوات بعثة أميسوم.
لكن ليس باستطاعة الصومال الاعتماد إلى الأبد على مساعدة من الخارج: بل من الضروري أن تتولى قواتها مسؤولية أمن البلاد.
وبالتالي من بين أولوياتي في مؤتمر لندن التوصل لاتفاق أمني. ما أريده، بكل بساطة، هو التوصل لصفقة بحيث يُجري قادة الصومال إصلاحات أمنية حيوية – بما في ذلك وضع خطة واضحة لتشكيل جيش وطني – في مقابل الحصول على مزيد من المساعدة والتدريب من المجتمع الدولي. وعندئذ تتولى القوات الصومالية المهام من حلفائها في بعثة أميسوم، حين تسمح الظروف بذلك.
هذا يتطلب التوصل لاتفاقات سياسية بعيدة النظر، بما فيها توزيع الصلاحيات ما بين الحكومة المركزية والأقاليم الفيدرالية في الصومال. وهدفنا في النهاية هو أن تجري الصومال انتخابات في عام 2021 تقوم على مبدأ "ناخب واحد، صوت واحد".
لكن هناك كارثة محتملة تلوح بظلالها على كل هذه المهام. حيث تعاني الصومال حاليا من جفاف فظيع تسبب بالجوع والصعوبات المعيشية التي يعاني منها ملايين الصوماليين.
وبينما أكتب مقالي هذا، بلغ عدد الصوماليين الذين بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة ستة ملايين – وهناك خطر كبير بحدوث مجاعة. وعلينا ألا ننسى بأن المجاعة السابقة التي أصابت الصومال كانت في سنة 2011، حيث قضى فيها نحو 260,000 شخص.
لكن إن عملنا سريعا وبحزم، مازال بالإمكان تفادي وقوع كارثة. وبريطانيا في طليعة جهود توفير الغذاء والماء والأدوية لأكثر من مليون شخص في الصومال.
لقد شاهدت بنفسي، خلال زيارتي إلى مقديشو، كيف أن باستطاعة خلية متخصصة من الأمم المتحدة أن تتوقع بدقة أي المناطق سوف تواجه أكبر نقص في الغذاء. وبالتالي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي العمل لأجل تقديم المساعدة التي تحتاجها الصومال. كما إن على قادة الصومال القيام بدورهم بضمان استطاعة منظمات الإغاثة توزيع الغذاء على من أصابهم الجوع – أينما كانوا – بأمان ودون أي عراقيل.
تحسين الوضع الأمني، وتوزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية والأقاليم، وتجنب حدوث مجاعة أخرى – هذه كلها تحديات صعبة. ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر لندن في الأسبوع الحالي. والتحديات في الصومال كبيرة جدا، وبالتالي لا يسعنا أن نفشل.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3960
| 04 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2163
| 04 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل، فهذا الوطن العريق الغني بالثروات الطبيعية والبشرية أنهكته الصراعات حتى غدت أجهزته كجسدٍ بلا رأس، تتنازعها الصراعات وتعدد الولاءات وتتقاذفها الأهواء والامزجة، ومن يتأمل المشهد اليوم يدرك أن الأزمة في السودان لم تكن وليدة صدفة، بل نتيجة حتمية لتراكم طويل من الخلل والضعف المنبثق ابتداءً من الصراعات السياسية في القرن العشرين حتى اليوم حيث الصراع بين الشرعية و قوات الدعم السريع. فالأزمة السودانية ليست خلافًا محليًا على سلطة أو موارد، بل هي صورة مكبّرة لأزمة أوسع تضرب الجسد العربي كله، فعلاً هي أزمة في العقل العربي، فما زال بعض الأطراف ذو العلاقة بالأزمة والتأثير الإقليمي يتعامل مع السودان بوصفها غنيمة، لا منظومة عربية تحتاج الى استقرار، فعندما يفشل العقل العربي الجمعي في الترويج والسعي الى بناء مؤسسات عربية حقيقية، نجد أن البعض يُقصي الكفاءات لحساب الولاءات السياسية، ويتّخذ القرار الاستراتيجي من موقع الانفعال والمزاجية والحقد الدفين لا من منطق التخطيط السليم، فإنه بذلك يزرع بذور الفوضى في كل أرض عربية، والسودان اليوم إحدى ثمار تلك البذور. لذلك فإنّ ما يحدث في السودان ليس معزولًا عن السياق العربي العام وصراعاته، بل هو امتداد لنمطٍ مألوف من الإخفاق العربي في احتواء الأزمات والسعي الى بناء الدولة وحماية السلطة والشرعية، فالأزمة هناك ليست صراعًا داخليًا فقط، بل نتاج تداخل إراداتٍ خارجيةٍ تحاول إعادة إنتاج الفوضى في السودان والعالم العربي. فلقد تحوّل السودان، في لحظةٍ مأساوية، إلى ساحة تصفية حساباتٍ إقليمية، يُدفع ثمنها من دم المدنيين وأشلاء الأبرياء، والمدافع تُطلق في السودان، لكن العقول التي تُحرّكها تقيم في عواصم أخرى، تلك التي تملك المال والإعلام والسلاح، وتتوهم أن تفكيك السودان سيمنحها دورًا أكبر في الإقليم الشرق أوسطي. ومع الأسف فإنّ بعض الأنظمة أو الإدارات العربية ما زالت غارقة في تراث الحكم الغريزي الثأري، فلا تفكر بمنطق الدولة الحديثة المبنية على تصدير الايجابي من العلاقات المثمرة مع الدول الأخرى، بل تفكر بمنطق الهيمنة القديمة، فترى في ضعف السودان فرصةً لمرادها، وفي فوضاه مجالًا لتوسيع نفوذها ولو كان ذلك بإشعال نار الفتن، وهنا تكمن المأساة الأكبر حين تتحول بعض الإدارات العربية إلى غرف تحكمٍ لأزمات الآخرين بدل أن تكون منصاتٍ للحلول وإحلال السلام والتآخي، وحين ينسى بعض القادة أن دعم الشرعية في السودان ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وإنساني لحماية فكرة الدولة العربية نفسها. والمذابح التي يشهدها السودان جريمة ضد الإنسانية، وإن الصمت العربي عنها جريمة ضد الوعي والتاريخ، لأنّ من يترك دولةً عربية تسقط دون أن يساند شرعيتها، يوقّع من حيث لا يدري على سقوط القيم العربية المشتركة. فلتكن نصرة السودان اليوم دفاعًا عن الدولة والضمير الانساني لا عن الأشخاص، ودفاعاً عن الشرعية، وعن العقل العربي الذي آن له أن يخرج من أسر الصراعات والحقد الدفين إلى وعيٍ إداريٍ جديدٍ يؤمن أن قوة الأمة العربية تبدأ من وحدة مؤسساتها لا من هدم البلاد والعباد.
2052
| 05 نوفمبر 2025