رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تحدثنا عن التآمر الصهيوني والغربي والشرقي الرهيب الذي كان يُدبّر لسورية منذ أمد بعيد، وخصوصا لدى تسلم الأسد الأب السلطة، ونوّهنا إلى أن الجميع اتفقوا على إقامة أحزمة حامية لإسرائيل، سواء إيران أو لبنان أو سورية، حيث حِيكت المجزرة الكبرى في "حماة" 2/2/1982 لتكون درسا أقسى لكل معارض، إذ كان سهلا أن تُحَل المشكلات بالأعنف، فتحافظ الدولة على مجريات الأحداث بالتوافق وتحقن الدماء، ولكن موقف التآمر الحاقد كان هو المركوز لهذا الغرض فحصدت الأحداث 47 ألفا، وظهرت عورات المجتمع الدولي -وكما ذكر الأستاذ القدير صبحي الحديدي- فموقف أمريكا كان خجولا على لسان خارجيتها وكان "جون كوفنر" مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقل عن وزير الإعلام السوري "أحمد إسكندر أحمد" (عَلَوي) أن المدينة عُزلت خارجيا، وتشهد تفتيشا لإرهابيين! وهكذا كان الموقف زمن الرئيس الأمريكي "دونالد ريجان" ضد أنظمة الاستبداد! وكذلك كانت "الإيكونوميست" البريطانية الأسبوعية، حيث أذاعت الخبر بعد شهرين بعنوان: "الرواية الحقيقية" وأنها(لم تعرف، ولعلها لن تعرف أبدا!) وأن جزءا كبيرا من المدينة تهدم وصَوّرت الصراع بين حكومة ومتمردين، وكان موقف رئيسة وزراء بريطانيا "مارجريت تاتشر" باهتا جدا. وكانت وحدها صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية شُجاعة، حيث غامر أكبر مراسليها "سورج شالاندون" وتسلّل إلى المدينة باسم "شارل بوبت" وأنه مُنقّب آثار، ومع أنه لم يُلّم بكل ما حاق بها لكنه رأى كيف يُحمل الأموات من أقدامهم وعلى الأكتاف وكيف تبكي الأمهات الثكالى، ورأى عشرات الآلاف في مقابر جماعية. ثم عرف أن 20 ألفا كانوا مفقودين، وقتلى التعذيب في السجون بالآلاف، والمهاجرين والمشردين أكثر من مائة ألف. لقد كان درسا أراد منه الأسد أن يكون عبرة لكل سوري يفكّر بالثورة.
أقول: لقد نفّذ التعاليم كما تريدها إسرائيل والغرب والشرق المُعادي وملالي إيران الشيعة، وكذب الخميني على العالم بثورته المصنوعة المدبّرة من المسيطرين، وكتب عن هذا المفكر "جرهارد كونسلمان" في كتابه "سطوع نجم الشيعة" ص: 177 ترجمة محمد أبو رحمة: "الولايات المتحدة تلعب بالخميني!!" وهل ننسى أن نُذكِّر: لما قام الخلاف بين حركة (أمل)، و(حزب الله) الشيعيين بلبنان بالتاريخ نفسه 2/2/1982تدخل حُكام إيران للإصلاح، بينما صمتوا كإسرائيل والغرب عن المجزرة دون أي كلام مع الإسلاميين والوطنيين السنة في البلد. فليست العلاقة وليدة اليوم ولا هي قد تبلورت بعد الاتفاق النووي، بل الكل يعرف ماذا أعدّت إيران من مستشارين عسكريين وسياسيين وفنيين ومقاتلين ضد الجيش الحر والثوار، وكم قُتِل من ضباطها فداء للمشروع الإيراني المُوثّق اتصاله بإسرائيل منذ البدايات والذي تطور بالخميني، حيث كان مشرفا على تهجير آلاف اليهود الإيرانيين لإسرائيل عن طريق باكستان، ولما قيل له يومها لماذا إذن لا تعترف بإسرائيل؟ قال: أما علناً فلا. وهكذا التَقِيَّة تعاون مع اليهود وانتقام من أهل السنة! فلا نستغرب اليوم ما يحدث في منطقتنا الملتهبة وخصوصا في العراق وسورية، حيث تقوم إيران بالخادمة الأمينة لإسرائيل وحمايتها بهما، وتطويق مصر "السيسي" الذي تبعه كل من لا خَلاقَ له دينا ولا خلقاً ولا إنسانية! وذلك أمثال وزير العدل الحالي "أحمد الزند" الذي احتجت على تصريحاته كثير من القوى المدنية في مصر وخارجها، وكذلك المنظمات وعلى رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، حيث قال المجرم: يجب قتل عشرة آلاف من الإسلاميين أو مناصريهم من الذين قَتَلوا فردا مسلحا واحدا من الجيش أو الشرطة! وكم ذكّرني هذا المنافق برجال الروس السوفييت أثناء مجزرة حماة حيث قالوا لحافظ الأسد: إذا قُتل واحد منكم فاقتلوا ألفا منهم. والذي حدث أن عدد القتلى كان بعد أسبوعين 23 ألفا وبعد 12 يوما أصبح 47 ألفا! وهكذا فملة الكفر من أولئك الأعداء واحدة، فالروس المحتلون اليوم منذ دخلوا سورية أجرموا بـ80 مجزرة، وكان أكثر من 90% منهم مدنيين واتبعت سياسة الأرض المحروقة ولكن بعد البربرية الاستثنائية في الوقت الضائع لمفاوضات جنيف3" التي آثرت قوى الثورة فيها الانسحاب، وانهال القصف بمئات الغارات على ريف حلب حتى نزح 70 ألفا، وعلى ضواحي اللاذقية حتى نزح 40 ألفا، وهكذا دون سبب إلا التكسب بقواعد جديدة لهم في سورية بعد الاتفاق مع الجزار على شعبه!
وختاما: فلك أيها القارئ أن تستنج لماذا يسود صمت القبور -اليوم- العالم أجمع عن كل هذه الجرائم والفظائع بحق الإنسانية في حلب وريفها واللاذقية وريفها في الشمال ودرعا وريفها في الجنوب لإنشاء "سورية المفيدة"! التي لن تكون إن شاء الله، فالحرب سِجال وكرٌّ وفرٌّ.و إسرائيل والأسد هما الرابحان في هذه الحلبة كما نقلت "يديعوت أحرونوت" 4/2/2016، وما علينا إلا الأخذ بالمقاومة الشعبية المستبصرة، فإن نجحنا وحقنا الدماء فبها ونعمت، وإلا فشعارنا:
إن ألفَي قذيقة من كلام *** لا تساوي قذيفة من حديد
في منتدى الدوحة 2025 وسط حضور كبير تجاوز ستة آلاف شخص وفي التنوع في الجلسات الحوارية التي ناقشت... اقرأ المزيد
129
| 17 ديسمبر 2025
تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم
وصلت صباحا وكلي همة وتفكير من أين سوف أبدأ، فإذا بي أدخل المكتب وأجد مكتب زميلتي ليس على... اقرأ المزيد
150
| 17 ديسمبر 2025
قطر.. قصة وطن يتألّق في يومه الوطني
في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تكون دولة قطر على موعدٍ مع ذاكرتها الوطنية، وتفتح صفحات... اقرأ المزيد
90
| 17 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
813
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025