رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يوشك شهر رمضان الكريم أن يحط برحال وقاره وقداسته على الأمة العربية والإسلامية، في ظروف استثنائية للمرة الثانية على التوالي، حيث لا يزال العالم بأسره يناضل ويكافح ويخوض معركة عنيدة من أجل الصمود في وجه جائحة كورونا التي تعصف بسلامته وتؤثر على وجدانه وتفكيره واستمراريته.
فبينما تزداد أعداد الإصابات وترتفع نسب الوفيات لا ينفك كثير من الناس عن عقد حبال أفكارهم على تقاليد وأعراف وممارسات لا طائل منها، بداية من تبادل الهدايا المبالغ فيها بمناسبة الشهر الكريم، حيث يبذلون فائق جهدهم في التفنن والحذق في اختيارها مهما كانت كلفتها، ويتنافسون في إعداد العدة للاستقبالات والتجمعات الرمضانية المتبادلة والمتواترة فيما بينهم، وانتهاءً بمظاهر البذخ في التسابق للإعداد والتجهيز الرمضاني، الذي من سماته أن يكون مميزاً ومختلفاً عن كل سنة!.
فلمَ هذا التسابق والتزاحم غير المبرر في إبداء الشعور المفرط بالتباهي والغرور بالأفضل والأحسن والأمثل؟، ألا يعد ذلك من الشعور بالنقص وتدني النظرة الذاتية؟،
وما زلت استنكر وفي ظل كل هذا الاستنفار من قبل وزارة الصحة ولجنة إدارة الأزمات، تعمد البعض التساهل بالتعليمات وعدم التقيد بالاحترازات الوقائية، ومواصلة تداول الدعوات لارتياد الولائم والتجمعات وخصوصاً العائلية منها، ضاربين عرض الحائط بالمحنة وبالعدو الماكر المتربص داخل وخلف أسوار منازلنا!، رغم تزايد الحالات بين الأسر والأقارب، فهل هذه ضروريات لا يمكن الاستغناء عنها؟، أم هي ضرب من الاستهتار واللامبالاة؟، وإن كانت كذلك فما دوافع هذا الاستهتار الذي وصل بنا إلى مرحلة لا نرغب فيها جميعاً، حيث الإغلاق شبه التام، والذي يعتبر شبه توقف لمظاهر الحياة بالتأكيد، فما المجدي بعد خراب البصرة؟، وماذا بعد اللتيا والتي؟ هذه عاقبة الانحياز الأناني والاستكبار والاستعلاء والتحدي لقدرة الخالق عز وجل.
ألهذا الحد تملكتنا سطوة الدنيا وزينتها وزخرفها، فاستحقرنا حتى الابتلاء الذي يبتلي الله به العباد ليرفع درجاتهم ويضاعف حسناتهم ويكفر عن سيئاتهم، ويوفيهم أجورهم بغير حساب؛ إن صبروا واحتسبوا وحمدوا وشكروا الله عليه، يقول سبحانه "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"، إنه لمن المحزن أن نتساهل فيما أومرنا به، وأضعف الإيمان الالتزام بما يجنبنا ويجنب هلاك وغرق الإنسانية، فلسنا وحدنا على هذه السفينة، حقا إنه من المؤسف هذه الحال التي وصل إليها البعض منا والتي تستوجب النعي والخجل من الخالق سبحانه.
ومما لا شك فيه أن هذه السلوكيات لا تساهم بشكل أو بآخر، في الشعور الجاد والمنتظر من الأفراد كافة، فالمسؤولية المجتمعية تقتضي تحمل الأفراد جانبهم من المسؤولية، حتى يساهموا في تحقيق الغاية الأعظم وهي عرقلة انتشار الفيروس وبتر أياديه المسعورة، فجميعنا مسؤولون، ومساءلون أمام الله عز وجل، لاسيما أن الدولة لم تدخر جهداً أو مسعى في سبيل الحفاظ على صحة وأرواح المواطنين، فأخذت بالأسباب وحشدت الجهود واستثمرت الوسائل الممكنة لضبط آلية التعاطي والمعالجة في كفاحها ضد خصمها السافر العربيد، فالرهان الآن ينصب على وعي الأفراد والمجتمعات، باعتباره الركيزة المتينة وحجر الزاوية في مواجهة الوباء واحتواء تفشيه، فلن تكون التعليمات والاحترازات ذات جدوى إلا بالالتزام الكامل والطوعي من جميع أفراد المجتمع لضمان التعايش مع هذا الوباء والقضاء عليه نهائياً، وهذا ما يتطلب التعاون في تطبيق الإجراءات الاحترازية بدقة، وعدم التهاون والاستهتار بالأنظمة الصحية، فالمرحلة التي نمر بها حرجة ودقيقة للغاية، وتتطلب بالغ الحرص والحذر، فلابد من تكثيف الجهد الوقائي في هذا الشهر الكريم نظراً لتعدد الأنشطة الاجتماعية والتجمعات العائلية.
وقد تمتد بنا الجائحة إلى أبعد من ذلك حتى تتمكن الإنسانية قاطبة من أن تتفطَن إلى الدروس والرسائل الإلهية والعبر الكونية المتوارية في انعكاسات هذه الجائحة على الفرد والمجتمع الإسلامي والعالمي.
ومما قد يعيننا على اكتشاف هذه الرسائل والدروس والعبر هو التأمل في أنفسنا وحياتنا، بشكل وطريقة مختلفة، ومن مفهوم عميق وراديكالي، يمكننا من الغوص في خلجات النفس وأغوارها، فنقوم اعوجاجها، ونكبح جماحها، ونردع فورانها، ثم نهذبها بالإيمان ونجملها بالطاعات والعبادات ونشذبها بالأخلاق والقيم.
ومن فضل الله تعالى وكرمه أنه يبتلينا ويضيق علينا بل ويعتصرنا اعتصاراً، ثم يشملنا برحمته وعطفه، فيشاء أن يخفف عنا ويرأف بنا فيهيئ لنا رمضان شهر التقوى والعبادة والطاعة ونحن تحت براثن هذا الوباء الهمجي، حيث يمتاز شهر رمضان بخصوصية متفردة وروحانية عظيمة، فيمد إلينا حبل النجاة والسلامة، كفرصة نعوض بها تقصيرنا نحو التزاماتنا الدينية والدنيوية، وذلك لمن صدق النية واستيقن فحوى الشعيرة، فصام بقلبه وجسده وجوارحه عن أي مظهر أو عادة أو بدعة تسللت إلى مناسك رمضان فتبددت شعائره في أودية التقاليد والموروثات والممارسات التي هيمنت على معاني رمضان العظيم وطهارة الشهر الفضيل.
وهذا هو الجانب الروحي وهو أحد الجوانب الأربعة التي يرتقي من خلالها الإنسان ويتطور ليسعد في حياته، فبخلاف هذا الجانب هناك الجانب العقلي والجانب العاطفي والجانب الصحي، ولو تدبرنا النظر قليلاً لوجدنا أنه في شهر رمضان المبارك فرصة للتركيز عليها مجتمعة، خاصة إن صغنا أهدافاً بغية تحقيق نجاحات وتقدمات صغيرة على مستوى هذه الجوانب، وبالتالي نكون قد استثمرنا وقتنا في شهر رمضان المبارك أفضل استثمار، فليكن رمضانك هذه السنة استثنائياً بجميع المقاييس، ومركزاً على تطوير ذاتك في جميع الاتجاهات الفكرية والروحانية والبدنية والقلبية، فالإنجازات الصغيرة التراكمية مصدر إحساس بالفخر والثقة بالنفس.
وأخيراً يبقى عدم التساهل والتراخي في اتخاذ كافة التدابير الاحترازية في شهر رمضان والتقرب إلى الله بالدعاء والطاعات والعبادات أفضل الطرق للتعايش مع هذه الجائحة، والتفاعل مع أنظمة وأجهزة المجتمع لاحتواء هذا الوباء الآثم ولا مبرر لأي فرد في التهاون والتقليل من شأن الجائحة، فهي أقسى اختبار وأعظم تمحيص للنفس البشرية في جوهرها ومختلف منازلها ومظاهر عيشها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1968
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1272
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1137
| 22 ديسمبر 2025