رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في الديمقراطيات الكلاسيكية الغربية، الحالة الصحية لرئيس الدولة جزء لا يتجزأ من الحق الديمقراطي، الذي يجب على الشعب أن يعرفه بكل تفاصيله، لاسيَّما أن الدولة هناك هي دولة الكل الاجتماعي، لا دولة حزب حاكم، أو عائلة، أو شخص بمفرده، مهما عظمت قدراته. لكن في الحالة الجزائرية الوضع يختلف، إذ أن اعتادت الرئاسة الجزائرية على إحاطة الملف الصحي للرئيس بسرية تامة
ومع ذلك، فقد تعرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (76 عاماً) لجلطة دماغية "عابرة" يوم 28 أبريل 2013، وأعلن مدير المركز الجزائري للطب الرياضي رشيد بوغربال أن بوتفليقة "لم يتعرض لآثار مستعصية" إثر نوبة إقفارية (جلطة دماغية) "عابرة"، مضيفاً أن "الوظائف الحركية والحسية لم تتأثر"، وأن الجلطة "لم تدم سوى لوقت قصير"، مشيراً إلى أن "الإصابة ليست حادة وتتراجع من دون أن تخلف تأثيرات". وأضاف أن الرئيس يحتاج إلى "إجراء فحوصات إضافية وأن يخضع للراحة لتجاوز التعب الذي سببته له هذه الوعكة" التي رجح أن يكون سببها "تصلب على مستوى الشرايين".
وكان الرئيس بوتفليقة نقل على وجه السرعة إلى المشفى العسكري في باريس (فال دو غراس) لاستكمال فحوصات طبية بعد «النوبة الدماغية العابرة»، التي أصيب بها ظهرا، الأمر الذي أحدث ضجيجاً في الجزائر، وطرح العديد من التساؤلات من حيث سرعة الإعلان الرسمي عن مرضه، وقدرته على الاستمرار في مهامه قبل عام واحد فقط من الانتخابات الرئاسية، بعدما قاد البلاد 14 عاماً.
لا شك أن خبر مرض الرئيس كان له وقع الصاعقة على الرأي العام الجزائري والطبقة السياسية الحاكمة. فقد صرح الرأي العام الجزائري كعادته في خياله الاجتماعي، كمختلف الشائعات المجنونة:"طالما أذاعوا الخبر، فلابد أن يكون في الأمر خطورة". بينما نجد آخرين يستعيدون الحجة عينها، لكنهم يعكسون النتيجة: "لو كان الأمر فيه خطيرا، لما قتلوا المعلومة كما في السابق عقب مرض هواري بومدين ".
لماذا الحديث عن مرض الرئيس عبدالعزيز بونفليقة لأنه مرتبط بقدرة الرئيس على ممارسة السلطة، وبمستقبل الجزائر،لاسيَّما وأن هناك موعدا استحقاقياً انتخابياً رئاسياً في عام 2014. وفي ظل غياب صور تلفزيونية تظهر لنا الرئيس بوتفليقة وهو في حالة نقاهة في باريس، تنتشر الإشاعات الأكثر ذعرا. ويتذكر الجزائريون الأشهر الطويلة من الكتمان التي ضربت على مرض ثم رحيل الرئيس بومدين، في نهاية عام 1978. على المستوى الرسمي، كان الخبر الذي تسوقه السلطات إلى الشعب، أنه في زيارة صداقة إلى الاتحاد السوفيتي.وفي الواقع، كان يتلقى العلاج في الخارج.وفي مثل هذه الحالة يصبح الحذر والشك والريبة أمورا مقبولة.فرجل الشارع يعتقد أن السلطات الجزائرية تخفي عنه بعض الأسرار. والحكومة الفرنسية تتخفى خلف سرية التقرير الطبي لكي تتجنب أسئلة الصحفيين المحرجة.
للرئيس بوتفليقة سابقة مرضية، إذ كان يشكو من مرض كلوي مزمن، يتمثل في وجود تجويفات غير سرطانية، يمتد طولها من 1 إلى 10 سنتيمترات. وتعرقل هذه التجويفات العمل الطبيعي للكلي، ويتطلب علاجاً منتظما ًوصارماً. وخضع بوتفليقة نهاية العام 2005 إلى عملية جراحية لعلاج "قرحة أدت إلى نزيف في المعدة" في مستشفى "فال دو غراس"، ووقتها فتح النقاش حول إمكانية إكماله لثلاث سنوات رئاسية من ولايته الثانية والأخيرة، بحسب دستور العام 2006 قبل تعديله. وفي العام 2007، أكد بوتفليقة أنه كان "مريضاً فعلاً"، ولكنه تعافى، وبدأ بالتحضير لتعديل الدستور، خصوصاً المادة التي تُحَّدِدُ الولايات الرئاسية باثنتين، حتى يتمكن من الترشح لولاية ثالثة في العام 2008، وهو ما حصل فعلاً.
في خطابه الشهير الذي ألقاه في مدينة سطيف الجزائرية يوم 8 مايو 2012، قال الرئيس بوتفليقة، إن جيله، الجيل الأول الذي قاد حرب التحرير الوطنية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وأنجز الاستقلال الوطني، والذي وُلِدَ بين العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وهو يمارس السلطة منذ ما يزيد على نصف قرن،عليه أن يقوم بعملية انتقال سلس للسلطة للجيل الثاني الذي وُلِدَ في السّنوات الأخيرة من حرب التّحرير (1954-1962) وبدايات الاستقلال،الأمر الذي فهمه المراقبون بأن الرئيس بوتفليقة لن يترشح لولاية رابعة، علما ً بأن الدستور الذي تم تعديله في عام 2008، يسمح له بذلك.فالانتقال السّلس في الجزائر، يعني انتقال السُّلطة السّياسيّة من الجيل الّذي قاد ثورة التّحرير وأنجز الاستقلالَ الوطنيّ إلى الجيل الثاني، باعتباره جيلاً أحسنُ تعليمًا وأكثرُ مدنيّةً من الجيل الأوّل، على رأي مثقف جزائري.
وفي الوقت الذي كانت فيه النخب، والرأي العام، والطبقة السياسية، تتهيأ لعملية انتقال السلطة خلال الاستحقاق الرئاسي المقبل، من خلال عدم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، تجددت حملة سياسية قادتها أحزاب، وشخصيات سياسية من الصف الأول، تطالب بولاية رابعة للرئيس بوتفليقة. ومن بين القيادات البارزة لهذه الحملة، عمار غول، النجم الصاعد في فضاء السياسة الجزائرية، وهو ينتمي إلى التيار الإسلامي، وهو عضو في كل الحكومات المتتالية التي ترأسها بوتفليقة منذ مجيئه إلى السلطة عام 1999.
من وجهة نظر المحللين الملمين بالشأن الجزائري، يعتبر سحب الثقة لبلخادم ضربة موجعة لمستقبله الرئاسي، إذ كان بلخادم يُعِدُّ نفسه لخلافة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، في حال قرّر بوتفليقة عدم الترشح لولاية رابعة.وترافقت الإطاحة بعبد العزيز بلخادم في شهر فبراير 2013،بعد التنحية "الطوعية" للسيد أحمد أويحي الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحزب الثاني الشريك في الأغلبية البرلمانية الحاكمة، في يناير 2013، حيث كانت الأوساط السياسية الجزائرية تطرح الاسمين كمرشحين محتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فالإطاحة بعبد العزيز بلخادم، والتنحي الطوعي لأويحي، لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2014، حيث يتحدث المحللون الجزائريون بأن هذين الحزبين التوأمين: حزب جبهة التحرير الوطني، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، قد تخليا عن الرئيس بوتفليقة.
بشهادة المقربين من الرئيس بوتفليقة، فإن صحته لا تسمح له بممارسة السلطة لفترة طويلة، فحتى عندما يستقبل الرئيس بوتفليقة ضيفاً قادماً إلى الجزائر، سواء أكان رئيس دولة أو مبعوثا خاصا، كان الفريق الرئاسي الملازم دائما له، يأخذه إلى مصحة في سويسرا لكي يستعيد شيئاً من لياقته. وكالعادة، فإن الفريق المرافق لبوتفليقة يتكون من الأخوين المستشارين للرئيس: سعيد وناصر بوتفليقة، والبروفسور المشرف على رئيس الدولة مسعود زيتوني المتخصص في الأورام السرطانية. وتسمح هذه المعالجة في المصحة السويسرية للرئيس بوتفليقة بمواجهة المجهودات الفيزيائية التي يتطلبها النشاط الرئاسي.
الرئيس بوتفليقة يقيم معظم أوقاته في منتجع زرالدا السياحي التابع ملكيته للدولة الجزائرية، والواقع على مسافة 70 كيلومترا من العاصمة الجزائرية، وهو نادرا ما ينتقل إلى قصر المواردية الرئاسي، أو جنان المفتي لاستقبال الوفود الأجنبية، إلا عندما تقتضيه الروزنامة ذلك. وينص الدستور الجزائري أن رئيس الغرفة الثانية (الشيوخ)يشغل قصر المرادية في حال وفاة الرئيس أو عائق دائم لرئيس الدولة. بيد أنه في حال مرض رئيس الجمهورية لا يمكن اعتباره عائقا أو حتى أيضا شغورا عن السلطة.
ولم يكن تعديل الدستور الجزائري في عام 2008، يستهدف إزالة تحديد الولايات الرئاسية باثنتين فقط، وإنما كان يستهدف أيضاً إحكام الرئيس بوتفليقة قبضته على النظام الرئاسي السائد في الجزائر، من خلال تحجيم صلاحيات رئيس الحكومة. الأمر الذي يتناقض مع الإصلاحات الديمقراطية التي دشنتها الجزائر عقب انتفاضة أكتوبر في عام 1988.
ويعتبر بوتفليقة من الناجين من تطاحنات الحرب الباردة.ففي زمن تلك الحرب والاستقلالات الإفريقية، كان العالم الثالث على موعد مع الثورة المسلحة. وكان كينيدي متمترس في البيت الأبيض، وخروتشوف في الكرملين، والجنرال ديغول في قصر الإليزيه. وفي فرنسا بدأ الحديث عن جيسكار ديستان، أما شيراك فقد كان مجهولا.
في غضون ذلك، نالت الجزائر استقلالها، وكان الشاب بوتفليقة، بعد أن قضى وقتا قصيرا على رأس وزارة الشباب، والرياضة، والسياحة، استلم وزارة الخارجية لمدة 16 سنة متواصلة، تنقل خلالها بين القدس الشرقية قبل احتلالها، ونيويورك، مرورا ببكين وموسكو، وباريس.لقد كان في كل مكان يدافع عن الجزائر التقدمية في المحافل الدولية، والتي كانت حلم كل الذين يعتقدون حلول غد أفضل للشعوب المضطهدة.وها قد مر أكثر من نصف قرن، والرجل نفسه، الناجي من عهد ولى، يستلم رئاسة الجزائر في عام 1999، ولازال مستمرا في هذا المنصب، بينما نجد زملاءه الجزائريين الثلاثة غيبهم الموت خلال هذه السنة. ورغم أن تاريخه تخللته مرحلة من العبور لصحراء السياسة القاحلة، إلا أن مسيرته، قبل وكما هي بعد 1962، تاريخ استقلال الجزائر،تبنت مقولة الجزائر التي تعانق عصرها.ولأنه رئيس دولة فتية، ومن دون تقاليد ثقافية ديمقراطية، يتغلب السياسي أيضا على التاريخ في هذه الحياة الغنية حيث من الصعب جدا على الحقيقة أن تفرض نفسها.
الجزائر تعيش الآن حالة من القلق،والترقب، والانتظار،والخوف من المجهول –المعلوم القادم. وفي معظم الأوساط الشعبية، يقول الجزائريون إن الرئيس بوتفليقة هو الذي جلب لنا السلم بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة.فالفضل في وضع حد للإرهاب، والإتيان بالهواتف الجوالة،وارتفاع أسعار النفط، وهطول الأمطار، يعود إلى بوتفليقة، حسب أقوال عامة الناس الذين يمتلكون حسا سياسيا بسيطا.
وحتى داخل السلطة الجزائرية لا يجرؤ أحد على معرفة الحقيقة.. يقول أحد من السرايا:إن رئيس الدولة أنشأ حواجز حوله. فقد ألغى كل الذين لا يمتون إليه بصلة الدم خلال السنوات الماضية. في الوقت الحاضر، هو بين أيدي أخويه:مصطفى، الطبيب، وسعيد، المستشار. والاثنان متواجدان إلى جانبه في باريس، وكذلك أخته.إنهم الوحيدون الذين يعرفون عن مرض الرئيس بوتفليقة، وقد تربوا في ثقافة السرية ولا يبيحون بالسر.
ويبدو أن البلاد تعاني الآن من الجمود.فالمؤسسات معطلة.والرئيس بوتفليقة يحتكر السلطات كلها. والنتيجة باتت معروفة: لا يمكن لأحد أن يتخذ قرارا في غيابه. وحسب قول مثقف جزائري، تعيش مؤسسة الرئاسة الجزائرية فراغا سياسيا حقيقيا. ولا يوجد الآن سوى "حارس المعبد "، الجنرال توفيق مديان، رئيس الاستخبارات العسكرية الجزائرية. وهو الشخص الوحيد الذي لم يتم إزاحته من قبل بوتفليقة، بل إنه حافظ على تأثيره عليه.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3567
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2160
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2076
| 04 نوفمبر 2025