رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د. نظام عبدالكريم الشافعي

أستاذ الجغرافيا غير المتفرغ
جامعة قطر

مساحة إعلانية

مقالات

558

أ.د. نظام عبدالكريم الشافعي

أدوات القياس والتقييم وأهميتها في اتخاذ القرار

11 مايو 2025 , 02:00ص

منذ وجوده وممارسة حياته بوجوهها المختلفة، وخاصة القريبة من يومياته، والإنسان بفطرته يحاول قياس نشاطه الاجتماعي والانتاجي والأمني ليقرر إما باستمرارها على نفس النمط أو تطويرها لتلبية رغباته التي يتوق تحقيقها في أصل الممارسة، أو أخيرا إحداث تغيير داخلي جذري بصورة كلية، وخاصة عند مروره بظروف جغرافية جديدة لم يعهدها من قبل، بأن يصل هذا الانسان إلى حوض معطاء جديد مثلا أو ملاقاة مجموعات بشرية لم يكونوا قد ارتبطوا معها من قبل بمزاياهم الاجتماعية او الإنتاجية او الأمنية، فقد ازدادوا معرفة حول الحياة، بهدف تحقيق مصلحة مجموعتهم لاستمرارها وتجديدها، وهذه سنة الحياة، التغير الدائم والتقدم دون التأخر.

وتوالى القياس ليصبح اليوم من المهمات الرئيسة للدول، لمعرفة مدى تحقق الهدف لخطة اجتهدوا في رسمها، أو قطاع يحتاج إلى إعادة تأهيل وتنمية والتخطيط له لتغير الأولويات، أو قطاع لا نعلم عن أهميته النسبية مقارنة بقطاعات أخرى في الدولة، أو منطقة جغرافية بها أنشطة اقتصادية مختلفة يجب معرفة أهمية كل قطاع فيها بجغرافيتها الطبيعية والبشرية رغبة في تقديم دعم للمنطقة والاهتمام بها مقارنة بمناطق أخرى والاستفادة من مزايا مقوماتها النسبية والابتعاد عن التقليد وفقدان شخصيتها، من خلال القياس نتعرف على التوجهات الاقتصادية المقبلة. ولكن اعتماد القياس العلمي يدعو المجتمعات إلى توفير قاعدة البيانات المطلوبة كما ونوعا وتصنيفا دوليا للمقارنة ومعرفة مكانة الإقليم أو الدولة من نشاط صناعي أو زراعي أو استثماري أو خدمي وغيرها تحتم عليها الضرورة ان تعرفها وتدرسها عن كثب وواقعية.

وبمرور الزمن، تطورت أدوات القياس، ولم تعد اجتماعية او اقتصادية او سياسية بل تعدى الأمر القياسات المادية الى قياسات نفسية ومعنوية أكثر تعقيدا في القياس لإنسان المكان وسلوكياته تجاه مشاريع بلده وموقفه منها بين السلبية والايجابية. والقياس العلمي يؤدي بكل تأكيد بالمجتمعات الى الوصول الى الواقع الفعلي للوجه من الحياة أو القطاع المراد معرفة المزيد عنه، وتعدل الخطط دون شخصنة الأمر، أو تتبنى بناء على نتائجها على عكس الاعتماد على تقديرات المسؤولين والبناء عليه. فكم ما ارتكبته مجتمعاتنا في التنمية الاقتصادية وغيرها من أخطاء لابتعادنا عن السلوك العلمي في اتخاذ القرارات الصائبة، على عكس المجتمعات المتقدمة. وعليه فان القياس وسيلة مهمة جدا لمعرفة الحقائق وبطريقة علمية منهجية مشتركة ومستندة على أطر سليمة متفق عليها من قبل المختصين الدوليين والمنظمات الدولية والموضوعية أساسها، لتعم الفائدة ولو بعد حين، فالخطط بعيدة المدى لا تبنى لتحقيق أهدافها إلا على نار هادئة.

ومن المعلوم بأن عوامل ومعايير ومتغيرات القياس تختلف من قياس إلى آخر، ومن قياسات بسيطة أولية إلى قياسات أكثر تعقيدا، وبين تعدد المعايير وبين محدوديتها، وفيما بين القطاعات المتنوعة المدروسة. وكل المتابعين المتخصصين، يدركون بأن الأدوات الإحصائية لتحقيق الدقة في القياسات اليوم في تطور مستمر، ومن بينها اختيار عينات الدراسات القياسية والتي يلجأ إليها معظمها. فحتى تكون الدراسات صحيحة فلا بد ان تكون العينات عشوائية بكل تأكيد، ولكنها تطورت ولم تغفل عن ضرورة شمولها على كافة فئات ومكونات الحالة في كل دراسة، وأن تكون العينات ممثلة للموضوع المدروس بشكل منطقي، فكم من الأخطاء يرتكبها العديد من الدارسين عندما تكون أدواتهم القياس وخاصة بالعينة التي يهمل جانبها، وبالتالي تكون نتائجها غير ممثلة، وما يبنى عليها كارثة.

وانتقلت أداة القياس كما ذكرنا سالفا لتشمل جميع القطاعات ومن بينها وبشكل متكرر في التقييمات السياسية لدول العالم، بأن توصلوا إلى تقييمات بتصنيف دول العالم إلى ناجحة بدرجات وفاشلة بدرجات، بأدوات قياس موضوعية. ولكن في المجال الاقتصادي الذي استخدم القياس الكمي بشكل خاص على نطاق واسع منذ بدايات القرن العشرين في كل مجالاته حيث التنافس كان على أشده بين الدول ذات الايدولوجية الرأسمالية من جانب والاشتراكية من جانب آخر. ومن بعد بين دول العالم وخاصة النامية جميعها منذ نِشأة الأمم المتحدة.

وهناك نماذج من القياسات في المجال الإنتاجي ونوعيته ونطاقه الجغرافي، يستخدمها المحللون الجغرافيون الاقتصاديون في تقييم التجارب التي تقوم بها الدول وشركاتها والشركات العالمية والمحلية، من بينها على سبيل المثال، ما يطلق عليه معامل التوطن، وهو قياس دقيق بمعايير متعددة مبنية على إحصائيات دقيقة من مصدر واحد دولي مؤهل موثوق به. والهدف معرفة مكانة دولة ما من حيث مستوى صناعتها التي مارستها وتبنتها على سبيل المثال، ودرجته مقارنة بدول العالم. والمعايير هنا: نصيب الفرد من إنتاج الصلب، نصيب الفرد من استهلاك الطاقة، حصة القطاع الصناعي من الناتج المحلي، قيمة الاستثمارات وخاصة الدولية وأخيرا نسبة العمالة الصناعية. وبجمع نتائج هذه القياسات التي تنسب الى أفضل الدول أو الأقاليم المدروسة محليا في المعايير الأربعة لمعرفة مكانة الدولة الصناعية من متقدمة او صناعية او شبه صناعية أو غير صناعية.

وختاما يؤمن المخططون ومن في حكمهم من قيادات العمل الحكيمة والتطوير، بأهمية استخدام أدوات القياس المناسبة الشاملة والمقيمة على نطاق واسع، والشاملة لوحدات التقييم والمعتمدة على بيانات موثوق منها، ليس في نهاية أي مشروع تخطيطي اجتماعي كان أو عمراني واقتصادي، بل في كل مرحلة من مراحل المشروع بتغذيات راجعة، لتفادي تراكم الأخطاء الجمعية حيث لا ينفع الندم.

اقرأ المزيد

alsharq ما كان لم ينقذ غزة

ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 71 ألفا و266 شهيدا... اقرأ المزيد

105

| 29 ديسمبر 2025

alsharq معجم الدوحة التاريخي

يعدّ معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي انطلق عام 2013، أحد أكبر المشاريع اللغوية والعالمية، إذ يوثّق تاريخ... اقرأ المزيد

72

| 29 ديسمبر 2025

alsharq يمرّ العام من دون أن ألوح له بيدي

يقترب العام من نهايته، لا بوصفه تاريخًا على الحائط، ولا رقمًا يتبدّل في أعلى الصفحة، بل ككائنٍ خفيفٍ... اقرأ المزيد

87

| 29 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية