رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد سلعان المري

MohammedSelaan@

doha_qatar@msn.com

مساحة إعلانية

مقالات

261

محمد سلعان المري

حماية الخصوصية.. حقك خط أحمر في العصر الرقمي

11 أغسطس 2025 , 01:02ص

في زمن أصبحت فيه الكاميرات حاضرة في كل يد، وأضحى الهاتف الذكي نافذة مفتوحة على العالم، لم يعد التقاط الصور أو تسجيل مقاطع الفيديو مقتصرًا على المناسبات أو اللحظات الخاصة، بل أصبح جزءًا من الروتين اليومي. لكن وسط هذا الانفتاح الرقمي الذي لا يعرف حدوداً، لا تفتأ قضية خصوصية الأفراد، تطفو على السطح باعتبارها معضلة مجتمعية وجب التصدي لها نظرا لما يترتب عليها من إضرار بحقوق الغير، فليس كل ما يمكن تصويره أو مشاهدته يحق نشره وتداوله أمام الملأ.

ولأن حرية استخدام التقنية لا يجوز أن تكون على حساب القيم والحقوق، جاء القانون القطري الجديد الذي صدّق عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، والمتمثل في القانون رقم (11) لسنة 2025، القاضي بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. مكرسًا بذلك مبدأ راسخًا مفاده أن كرامة الإنسان وحقه في الخصوصية لا يخضعان للمزاج العام أو لهوس الشهرة، بل هما حقان أصيلان محميان بالقانون.

وبحسب التعديل الجديد، فإن أي شخص يقوم بنشر أو تداول صور أو مقاطع فيديو لأفراد أثناء وجودهم في الأماكن العامة، دون علمهم أو موافقتهم، أو في غير الحالات المصرح بها قانونًا، عبر الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة تقنية، يعرض نفسه لعقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة سنة، أو غرامة تصل إلى 100 ألف ريال قطري، أو الجمع بينهما.

ولا تقف دلالة هذه العقوبات عند حدود الردع القانوني، بل تحمل في طياتها رسالة واضحة مفادها أن التكنولوجيا، مهما تطورت، لا ينبغي أن تكون أداة لانتهاك الحياة الخاصة أو تشويه سمعة الآخرين. فالصورة أو المقطع الذي قد تراه أنت طريفًا أو عابرًا، قد يضر بسمعة غيرك، أو يؤذيه نفسيًا، أو يضعه في موقف حرج أمام أسرته أو مجتمعه.

وإذا كان النص القانوني يُعلي من شأن الكرامة والخصوصية، فإن الالتزام به لا يُعد امتثالًا قانونيًا فحسب، بل هو، في جوهره، تعبير عن إيمان راسخ بقيم نشأنا عليها، تقوم على احترام الإنسان وصون حدوده، في الواقع كما في الفضاء الرقمي. فالتشبث بهذه القيم هو ما يُسهم في بناء وعي جماعي يُرسخ ثقافة رقمية قائمة على الاحترام والمسؤولية. وكلما امتنعنا عن نشر ما قد يسيء إلى الآخرين، جسدنا تلك القيم التي تؤكد أن الكرامة الإنسانية أسمى من كل محتوى، وأرفع من كل تفاعل.

وهذا الوعي لا يكتمل إلا حين يتحول إلى سلوك يُغرس في الناشئة، ويصير جزءًا من التربية اليومية في الأسرة والمجتمع. ولكي نكون جزءًا من هذا السلوك الإيجابي، لا بد أن نكون قدوة لأبنائنا، ونعلمهم أن حرية التعبير لا تعني التعدي على خصوصيات الآخرين، ولا تبرر المساس بحياتهم الخاصة. فكما نحرص على أن تُصان خصوصيتنا، ينبغي أن نمنح غيرنا الاحترام نفسه، سواء كانوا من معارفنا أو من أولئك الذين لا تربطنا بهم صلة.

ولعلنا، في ضوء هذا القانون، نعيد النظر في علاقتنا بالفضاء الرقمي؛ فنراجع ما ننشره، ونتوقف عند كل مشاركة، مستحضرين كرامة الآخرين وحقهم في صون حياتهم الخاصة، باعتبارها ركيزة أخلاقية متجذرة في ثقافتنا. فإذا كانت الخصوصية قد أصبحت، في زمن الصورة والصوت والانتشار اللحظي، أكثر عرضة للانتهاك، فإن الوعي بأحكام القانون الجديد، والالتزام به من الجميع، هو ما يضمن فضاءً رقميًا آمنًا، تتحول فيه التقنية من أداة منفلتة إلى وسيلة للتواصل المسؤول، ومنصة تعكس وعينا وقيمنا التي نفاخر بها.

اقرأ المزيد

alsharq الدوحة مركز عالمي لدعم جهود مكافحة الفساد

جاءت استضافة الدوحة لأعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في دورته الحادية عشرة، بحضور... اقرأ المزيد

48

| 16 ديسمبر 2025

alsharq القوة الناعمة للصين.. التطور والتحديات

مع بداية الصحوة القوية لما يسمى (الصعود الصيني) في أوائل الألفينات، بدأت الصين في إيلاء مزيد من الاهتمام... اقرأ المزيد

51

| 16 ديسمبر 2025

alsharq الفجوة الصامتة بين التعليم والمستقبل

لا يزال التعليم في كثير من مدارسنا وجامعاتنا قائمًا على نموذج قديم، جوهره الحفظ واسترجاع المعلومة، لا فهمها... اقرأ المزيد

51

| 16 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية