رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ولما أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تمثل وتجسد الاستعمار الجديد، الذي يعمل على فرض أمركة العالم، وتكييف النظام الدولي لمتطلبات العولمة المالية، التي راحت تفرخ استخدام القوة العسكرية المباشرة، كإحدى أدوات السياسة الخارجية الأمريكية من دون تفويض من مجلس الأمن، صممت الولايات المتحدة على تعزيز سيطرتها في القارة الإفريقية. وإزالة أسطورة القوة الاستعمارية الفرنسية. والفرنكوفونية.
أثناء هذا الصراع العالمي بين الإنجلوفونية والفرنكوفونية. استهل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون جولة تاريخية في إفريقيا، التي كانت تمزقها الحروب الأهلية، والعرقية، والفقر والمجاعة، والفوضى والكوارث الطبيعية وبخاصة التصحر والجفاف والتي أصبحت في نظر واشنطن الآن تعتبر أخر الفضاءات العذراء التي يتوجب على المستثمرين الأمريكيين غزوها تحت مظلة الاندماج في الاقتصاد العالمي.
شملت زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القارة الإفريقية ثلاثة بلدان، استهلها يوم 27 يونيو الماضي، بزيارة السنغال التي تنتمي إلى إفريقيا الفرانكوفونية من بين البلدان الثلاثة التي زارها، والسنغال وحدها دون غيرها تعتبر محطة الثقل الفرنسية ولذلك اعتبرت الزيارة رسالة موجهة لفرنسا. في السنغال أشاد الرئيس أوباما بهذا البلد الذي يتمسك بالديمقراطية على رغم انعدام الاستقرار في المنطقة..
أما زيارة جنوب إفريقيا فقد اكتسبت أهمية خاصة بسبب الثقل العالمي للرئيس نيلسون مانديلا كآخر عمالقة هذا القرن، الذي يجسد الشجاعة، وثورة الرجل الأسود المهان ضد العنصرية في نظر الزنوج الأمريكيين، وبسبب أيضاً انتقاداته للسياسة الأمريكية التي تحاول أن تفرض آراءها على الآخرين، ولأن جنوب إفريقيا الدولة المستقرة والمنتصرة على سياسة التفرقة العنصرية والمنتهجة للديمقراطية والتعددية السياسية هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. ففي مؤتمر صحفي مع نظيره الإفريقي الجنوبي جاكوب زوما، قال أوباما إن "شجاعة نلسون مانديلا كانت مصدر إلهام لي شخصياً وللعالم بأسره". وكانت صحة مانديلا فرضت نفسها على جدول أعمال زيارة أوباما لجنوب إفريقيا، وبينها ملفات اقتصادية، ذلك أن 600 شركة أمريكية تتمركز في جنوب إفريقيا وتوظف نحو 150 ألف شخص.
واختتم كلينتون جولته الإفريقية بزيارة تنزانيا، حيث التقى الرئيس جاكايا كيكواتي، وزار محطة أوبونغو الكهربائية، التي تديرها شركة "سيمبيون" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. و في تنزانيا دشن الرئيس الأمريكي مشروعاً يسمى "التجارة مع إفريقيا" الذي يركز بداية على تكتل تجاري في شرق القارة الذي يقطنه 130 مليون نسمة، على أن يصار إلى توسيع المشروع لاحقاً. و كان أوباما أعلن في الكاب في جنوب إفريقيا، عن مشروع بقيمة 7 مليارات دولار لتوفير الكهرباء لدول إفريقية جنوب الصحراء، حيث يعيش أكثر من ثلثي سكان جنوب الصحراء من دون كهرباء مثل أكثر من 85 في المئة من سكان المناطق الريفية، استنادا إلى لبيت الأبيض الذي أوضح أن المشروع الذي أطلق عليه اسم "باور أفريكا" سيعتمد على إمكانات الطاقة الهائلة في إفريقيا بما فيها الاحتياط الكبير من النفط والغاز وعلى إمكانات تطوير الطاقة النظيفة: الطاقة الحرارية الأرضية الكهربائية والشمسية وطاقة الرياح.
وجاءت زيارة أوباما لدار السلام بعد ثلاثة أشهر من زيارة قام بها الرئيس الصيني تشي جينبينغ للبلاد بعد توليه السلطة.و يرى كثير من الأفارقة في جولة الرئيس الأمريكي في إفريقيا التي شملت ثلاث دول محاولة لمواكبة تحركات الصين.و أنشأت الصين طرقاً ومطارات وغيرها من مشاريع البنية التحتية في إفريقيا، ولكن عليها أن تتجنب بعض الانتقادات في شأن تجفيف القارة من ثرواتها المعدنية لتشغيل قاعدتها الصناعية الضخمة.و تجري تنزانيا محادثات مع الصين في شأن خطط لإنشاء ميناء جديد.
في ظل انتشار العولمة الليبرالية، ومع ازدياد سرعة النقل والمواصلات واتساع الأسواق، وإزالة الحواجز أمام انتقال السلع والخدمات والأشخاص والمعلومات والأفكار، أصبحت عدة قوى إفريقية صاعدة ذات علاقات وثيقة بواشنطن، تعتبر النموذج الأميركي مثالاً يحتذى به، خصوصاً مع التقلص المستمر والمتسارع للفضاء الاقتصادي والثقافي ومن ثم السياسي للفرانكوفونية في القارة الإفريقية لمصلحة المجال الأنجلوفوني الذي ترعاه الولايات المتحدة.ان الدخول الأميركي في بقية إفريقيا"المفيدة " يثير العجب عندما ننظر من خلال الخارطة إلى حجمه، ففي الواقع كل هذه الدول من زائير سابقا إلى جمهورية الكونغو وغينيا والغابون والكاميرو والسنغال وإفريقيا الوسطى وأوغندا، وجنوب إفريقيا وتنزانيا...الخ تمثل مصالح اقتصادية وإستراتيجية عظمى..و بمعنى آخر تحولت المنطقة السابقة لنفوذ الفرنك كي تصبح منطقة للدولار.
ودخلت السياسة الخارجية الأمريكية في مرحلة جديدة من العلاقات مع القارة الإفريقية، بعد أن ابتعدت أكثرية الدول الإفريقية عن الاقتصاد الموجه شيئا فشيئا، حين كانت الدولة المركزية تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، في الاقتصاد والمجتمع، وتعلن عن الخطط الخمسية الطموحة للتنمية، وهي في كثير من الأحيان تتبنى الاشتراكية ذات الخصوصية الوطنية. ويركز الخطاب الأمريكي الحالي على فشل العقود الأربعة الماضية التي تلت سنوات الاستقلال للبلدان الإفريقية، وعلى فشل مختلف " نماذج" التنمية فيها من الاشتراكية الشخصانية التي طبقها كل من جوليوس نيريري في تنزانيا وكينيث كواندا في زامبيا، التي اتسمت بهيمنة الحزب الواحد، إلى الماركسية اللينينية التي طبقت بشكل مأساوي في إثيوبيا وأنغولا وبينين، وأخيراُ ديمقراطية الحزب الواحد الشمولي في (زائير وكينيا) والرئاسة مدى الحياة في كل من (إفريقيا الوسطى وملاوي).
ومن وجهة نظر واشنطن أعطى انهيار النموذج الاشتراكي في أوروبا الشرقية دفعة قوية للإصلاحات السياسية في إفريقيا منذ بداية عقد التسعينات، حيث تبنت عدة أنظمة إفريقية نموذج التعددية السياسية، الذي يندرج ضمن سياق إعادة تأهيل النظم القائمة، لا ضمن آفاق التحرر من نظام الحزب الواحد وبناء ديمقراطية فعلية. ففي عدة بلدان إفريقية جنوبي الصحراء تم تنصيب فئة: "الذئاب الشابة " ممثلة الطبقة السياسية الجديدة الحريصة جداً على الاغتناء بسرعة قبل إقالتها أو الإطاحة بها، والمتلهفة أيضاً " للسلطة من أجل السلطة " أكثر من أسلافها. وبشكل عام، فإن اللعبة السياسية في تلك البلدان ظلت محكومة بأساليب الأنظمة القديمة التي عرفت كيف تجتاز الأزمات السياسية منذ الاستقلال، ولم تعد ترى ضيراً من أن تعلن نفسها ديمقراطية لكي يتطابق خطابها مع الخطاب السياسي الجديد السائد عالمياً ومفرداته حول حقوق الإنسان والديمقراطية.
وإذا كان الخطاب الأمريكي يطنب في الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أن الولايات المتحدة دعمت طول سنوات الأنظمة الديكتاتورية التي كانت سائدة في القارة الإفريقية، والتي اتسم عهدها بانتشار الفساد في معظم الحكومات، وبغياب القانون، وبتغلب مصالح النخب على مصالح الشعوب. والإدارة الأميركية تغمض عينيها عن أماكن كثيرة تمارس القمع والإكراه، ولكنها معمدة بالمياه الأمريكية، ومحمية بروح البيت الأبيض المقدس، مثل نظام موسوفيني الذي له مفهومه الخاص للديمقراطية، يقوم على تفضيل الحزب الواحد، ويعتبر حزبه هو الحزب الشرعي الوحيد، لأن ما يهمها بالدرجة الأولى هو التجارة، واندماج إفريقيا في دواليب الاقتصاد العالمي.
والرئيس أوباما زار إفريقيا متسلحاً بمضاعفة النمو والفرص فيها، بالقانون التجاري الأمريكي الذي أقر في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، والذي يندرج ضمن سياسة الولايات المتحدة الجديدة في إفريقيا والتي تعتمد على المشاركة لا على المساعدة (Trade- -Notaid) وعلى إزالة الحواجز. الجمركية الأمريكية عن صادرات 48 دولة إفريقية تقع في المنطقة ما دون الصحراوية التي زارها أكثر من رئيس أميركي، كما يفتح القارة الإفريقية للاستثمارات الأميركية في الدول التي تتبع الليبرالية الاقتصادية وتخضع لقوانين صندوق النقد الدولي، وذلك بدلاً من سياسة المعونات.
لالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، تشكل إفريقيا سوقا غير مستغلة، قوامها 600 إلى 700 مليون مستهلك، لا يصلهم سوى (7%) من صادرات الولايات المتحدة التي لا تتعدى حصة إفريقيا من استيرادها سوى (1%) رغم أن حصة إفريقيا من فرص العمل التي أوجدتها التجارة الخارجية 2 مليون وظيفة لا تتعدى 100 ألف..
كما يؤكد كبار الساسة الأمريكيين أن الموجة الجديدة من الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الإنسان، واقتصاد السوق يجب أن توضع موضع التنفيذ، وعلى الولايات المتحدة أن تلعب دوراً رئيساً في تغيير إفريقيا على الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية، باعتبار أن هذا الدور ضروري لتسريع عملية اندماج إفريقيا في الاقتصاد العالمي، ولخدمة مصالح الولايات المتحدة. وهذه السياسة تقوم على تفكيك الدول الإفريقية نفسها، وتسليم مهامها ووظائفها لتتولاها الشركات العملاقة متعدية الجنسيات، أو المؤسسات المالية الدولية التي تتكلم باسم هذه الشركات العملاقة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وفي عصر العولمة الرأسمالية الجديدة، يتحدد نجاح أو تهميش الاقتصادات الإفريقية، بالعلاقة التي توجد ما بين التجارة الخارجية والناتج الوطني الخام، وبحجم المنتجات الصناعية من مجموع الصادرات، وبحجم الاستثمارات الأجنبية، والقدرة على وفاء الديون.والحال هذه، فإن » المساعدات « تشكل المقوم الثاني في تشكيل الناتج الوطني الخام في إفريقيا، باستثناء جنوب إفريقيا. وهذه المساعدات تشكل 11%، مقارنة مع 1.2% في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، و0.7% في أسيا، و0.4% في أميركا اللاتينية. وهذه المساعدات التي تمنحها الولايات المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي تمثل في حد ذاتها صناعة استثمارية. لأن المستدينين مطالبون بفتح اعتمادات، يستخدمونها لاستيراد الخيرات الاستهلاكية والخدمات من الدول الرأسمالية الغربية، ومن أجل تنفيذ مشاريع لا تلبي حاجيات التطور المحلية للدول الإفريقية.
العديد من القادة الأفارقة تحفظ على سياسة واشنطن التجارية تجاه إفريقيا لأنها لن تحقق ما يقوله الأميركيون من أنها تقوم على أساس المشاركة الفعّالة (Partner not Patron)، في محاولة لإقناع الرئيس الأميركي بأن مبدأ الشراكة التجارية لا ينبغي أن يلغي المعونات أو يكون بديلا لها، إنما مبدأ الشراكة المعزز بالمعونات هو الأساس القديم لتحقيق مبدأ الشراكة.
ومضات لحياة سعيدة
خلال قراءتي لرسالة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حول الوسائل المفيدة للحياة السعيدة أحببت مشاركتكم... اقرأ المزيد
156
| 07 نوفمبر 2025
لا مال بعد الموت
في زمنٍ أصبح المال فيه مقياسًا للهيبة، وميزانًا للقيمة، ضاعت كثيرٌ من المعاني النبيلة، وغابت عن الناس الحقيقة... اقرأ المزيد
237
| 07 نوفمبر 2025
اهتمام الآباء بتربية الأبناء
كل لحظة يقضيها الأب والأم مع أبنائهما اليوم هي استثمار في غدٍ مشرق، وفي شخصيات ستصون الأسرة والمجتمع.... اقرأ المزيد
93
| 07 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3747
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2196
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2088
| 04 نوفمبر 2025