رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صدر الشهر الماضي عن الدائرة الإدارية الأولى بمحكمة التمييز الكويتية حكمًا قضائيًا يحق لنا أن نصفه بـ"التاريخي"، لكونه عزز حق التقاضي المكفول دستوريًا، وأكد اختصاص القضاء في إلغاء القرار الصادر بإسقاط الجنسية عن المواطن أو سحبها منه، وذلك على الرغم من أن قانون دائرة المنازعات الإدارية الكويتي نص صراحة على عدم اختصاص المحكمة في مسائل الجنسية، كما أبعد عن مجال اختصاصها أعمال السيادة.
وقبل التعليق على الحكم المذكور، من الفائدة أن نبين بأن أوروبا شهدت في النصف الأول من القرن العشرين ترحيلا جماعيا وحرمانا غير عادل من المواطنة وتمييزا لأسباب عرقية لمئات الألوف من الأشخاص، والتي تعد الأضخم في تاريخ أوروبا. هذه المأساة الإنسانية كانت وراء تقرير مبدأ "عدم تجريد المواطن من جنسيته تعسفًا" في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي أصبح نبراسًا انتهجت بنهجه مواثيق واتفاقيات عالمية وإقليمية أخرى تعنى بحقوق الإنسان. إسقاط الجنسية أو سحبها عن المواطن لم يعد مأساة خجل منها التاريخ في عهد الظلمات، فطوى صفحته سريعًا. تجريد المواطن من جنسيته للأسف الشديد عقوبة لا تزال تمارس في محيطنا دون ضمانات أو شفافية أو الحق في التقاضي أمام قضاء محايد ينظر في قرار سحب الجنسية ليرى إن وافق القانون، أو أن التجرد تم تعسفًا.
وعودة إلى حكم محكمة التمييز الكويتية، نبين بأن الوقائع التي صدر الحكم بناء عليها تمثلت في أن أحد المواطنين الكويتيين الذي سبق أن اكتسب والده الجنسية الكويتية في عام 1962، وولد هو كويتيًا بعدها في عام 1965 وتزوج بامرأة كويتية وأنجب منها بنين وبنات كويتيين، صدر في حقه مرسوم في عام 2014 يقضي بسحب الجنسية الكويتية منه وممن كسبها معه بطريق التبعية. اتجه هذا الشخص متظلمًا للإدارة المعنية، ولكنه لم يتلق أي رد. وعدم الرد على التظلمات للأسف الشديد يُفهم منه أحيانًا أن الجهة المعنية لا تريد أن يُستغل ردها على التظلم ضدها في المستقبل إما إعلاميا أو قضائيًا، وقد يفهم منه أيضا أن الإدارة في موقف ضعيف لا تمتلك حياله السند القانوني المناسب فتتبع سياسية "التطنيش"، لاسيما وأنها تعلم بأن قراراتها محصنة ولا معقب عليها. كما قد يفهم من عدم الرد على التظلم بأن الإدارة لا تهتم بمعاناة هذا المتظلم، وما نجم عن قرارها في شأنه من مأساة له ولعائلته.
وإسقاط الجنسية أو سحبها عن المواطن كارثة لا يمكن أن توصف أو يعطى لها صورة تقريبية تحدد درجة قساوتها إلا صورة ذلك الشخص الذي احتل وطنه وأبعد عنه ليبقى بلا وطن وبلا حماية. فسحب الجنسية عن المواطن كسحب الحياة منه، وفي أغلب دول الخليج العربي فقدان الجنسية سبب في فقدان الوظيفة، أي لقمة العيش. كما أن فقدان الجنسية يعد سببًا في استرجاع الدولة للقرض أو لتسوية منحة الأرض الذي بني عليها، أي بلا مأوى. علاوة على فقدان العديد من الحقوق الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية، بل إن الأمر قد يصل إلى الحرمان من الإقامة على وجه الأرض التي كانت له وطنًا وأصبح اليوم غريبًا عنها بقرار محصن عن نظر القضاء.
هذا الشخص الذي سحبت منه الجنسية لجأ إلى محكمة أول درجة لتنصفه، ولكن للأسف حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، فلم يقبل الحكم فولى وجهه نحو محكمة الاستئناف، لكنها قضت بتأييد الحكم المستأنف، أي أنها قضت كذلك بأن المحكمة غير مختصة ولائيًا بنظر الدعوى. ما حدا بالشخص المسحوبة جنسيته أن يتعلق بآخر أمل قضائي لديه في حياته الدنيا، فرفع دعواه أمام محكمة التمييز فأصدرت الحكم الذي نحن بصدده، والذي وصفناه بـ"التاريخي".
وبينت محكمة التمييز في حكمها أن حق التقاضي مكفول للناس كافة، فلكل ذي شأن الحق في أن يلجأ إلى قاضيه الطبيعي للطعن في القرارات الإدارية النهائية، فالأصل أن تخضع أعمال وقرارات الإدارة لرقابة القضاء ويمنع تحصينها، فإن جاء القانون ومنع القضاء من نظر هذا الأمر فهو استثناء لا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه. ورأت محكمة التمييز في حكمها أن قانون دائرة المنازعات الإدارية الكويتي، أكد الأصل وهو إخضاع القرارات الإدارية لولاية المحاكم، وأنه إذ استثنى بعض القرارات من نظر القضاء ومنها القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، فإن هذا الاستثناء يجب أن يكون في أضيق الحدود، وأن يقتصر فقط على القرارات الصادرة بمنح الجنسية أو رفض منحها. وهذا الاستثناء يمكن تبريره بكونه يتعلق بكيان الدولة وحقها في اختيار من يتمتع بجنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره، غير أنه لا مبرر لاستثناء القرارات الصادرة بسحب الجنسية أو إسقاطها. استندت المحكمة إلى الدستور الكويتي، وهو كالعديد من الدساتير نص صراحة على أن الجنسية يحددها القانون ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون، وهو أمرٌ لا يتحقق إلا بالرقابة القضائية على عمل الإدارة.
ومن جانب آخر، بيّن حكم محكمة التمييز الكويتية بأنه لا محل للقول بأن القرار الصادر بسحب الجنسية يعد عملًا من أعمال السيادة التي لا يجوز للمحاكم نظرها. فمع غياب تعريف تشريعي لأعمال السيادة، تكون المحاكم هي المختصة بتقرير ما يعد من أعمال السيادة من عدمه. وقد جرى قضاء المحكمة بأن أعمال السيادة هي القرارات التي تصدرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم وليس سلطة إدارة، أما القرارات التي تصدرها بصفتها سلطة إدارة ومنها قرارات إسقاط أو سحب الجنسية، فإنها يجب أن تصدر في إطار القانون المنظم لها، وتلتزم الإدارة بضوابطه وحدوده وتخضع بالتالي لرقابة القضاء. وبالتالي قضت محكمة التمييز الكويتية بقبول الطعن شكلًا وتمييز الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة في نظر القرارات الصادرة بإسقاط أو سحب الجنسية.
هذا الحكم التاريخي لمحكمة التمييز الكويتية يجب أن يكون منهاجًا لجميع المحاكم في دول مجلس التعاون الخليجي، فتحصين القرارات الصادرة في مسائل الجنسية لم ينفرد به المشرع الكويتي فحسب، بل ذهب إليه المشرع في دول خليجية أخرى. فالمادة (11) من قانون السلطة القضائية القطري نصت صراحة على عدم اختصاص المحاكم بشكل مباشر أو غير مباشر في مسائل الجنسية، والمادة (4) من قانون الجنسية العمانية الجديد نص صراحة أيضا على أن "لا تختص المحاكم بالنظر في مسائل الجنسية والمنازعات المتعلقة بها".
إن تحصين أعمال الإدارة وقراراتها أمر تجاوزته دول العالم ونصت بعض دساتيرها صراحة على عدم تحصين قرارات الحكومة تحقيقًا لكفالة حق التقاضي وترسيخًا لدولة المؤسسات والقانون.
والله من وراء القصد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1911
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1128
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في نسخة تحمل دلالات عديدة على المستويين التنظيمي والفني، حيث يؤكد المغرب مرة أخرى مدى قدرته على احتضان كبرى التظاهرات القارية، مستفيدًا من بنية تحتية متطورة وملاعب حديثة وجماهير شغوفة بكرة القدم الإفريقية. مع انطلاق الجولة الأولى للبطولة، حققت المنتخبات العربية حضورًا قويًا، إذ سجلت مصر والمغرب والجزائر وتونس انتصارات مهمة، مما يعكس طموحاتها الكبيرة ورغبتها الواضحة في المنافسة على اللقب منذ البداية. دخل منتخب المغرب، صاحب الأرض والجمهور، البطولة بثقة واضحة، معتمدًا على الاستقرار الفني وتجانس اللاعبين ذوي الخبرة. كان الفوز في المباراة الافتتاحية أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة قوية لبقية المنافسين بأن «أسود الأطلس» عازمون على استغلال عاملي الأرض والجمهور بأفضل صورة ممكنة. أما منتخب الفراعنة، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب، فقد أظهر شخصية البطل المعتاد على البطولات الكبرى، وقد منح الانتصار الأول للفريق دفعة معنوية كبيرة، خاصة أن بدايات البطولات غالبًا ما تحدد الطريق نحو الأدوار المتقدمة. من جهته، أكد المنتخب الجزائري عودته القوية إلى الواجهة الإفريقية، بعد أداء اتسم بالانضباط التكتيكي والفعالية الهجومية. أعاد الفوز الأول الثقة للجماهير الجزائرية، وأثبت أن «محاربي الصحراء» يملكون الأدوات اللازمة للمنافسة بقوة على اللقب. ولم تكن تونس بعيدة عن هذا المشهد الإيجابي، حيث حقق «نسور قرطاج» فوزًا مهمًا يعكس تطور الأداء الجماعي والقدرة على التعامل مع ضغط المباريات الافتتاحية، مما يعزز حظوظهم في مواصلة المشوار بنجاح. كلمة أخيرة: شهدت الجولة الأولى من البطولة مواجهات كروية مثيرة بين كبار المنتخبات العربية والأفريقية على حد سواء. الأداء المتميز للفرق العربية يعكس طموحاتها الكبيرة، في حين أن تحديات المراحل القادمة ستكشف عن قدرة كل منتخب على الحفاظ على مستواه، واستغلال نقاط قوته لمواصلة المنافسة على اللقب، وسط أجواء جماهيرية مغربية حماسية تضيف مزيدًا من الإثارة لكل مباراة.
1053
| 26 ديسمبر 2025