رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما تتجول في أرجاء المدينة وتفكر في الهندسة المعمارية ومدلولاتها تكتشف بسهولة العديد من الملامح الهندسية الموروثة التي تقتبسها الأمم من بعضها، لكنها تحتفظ في ذات الوقت بكل مقومات أصولها وجذورها.. وتدفعنا مثل هذه الجولة الاستكشافية الى تلمس ملامح الحضارة الاسلامية في واقعنا المعماري.
لقد انعم الله علينا بالإسلام عقيدة وفكرا وحضارة، عنواناً ومسلكاً، شكلا ومضمونا، إلا ان التغريب الذي عصف بنا منذ عقود جار واستكبر وأتى بأركانه ليزحزح قواعدنا الثقافية، ولا اشير بذلك إلى عقيدتنا ولغتنا فقد خاض في هاتين الكُتاب بما يكفي للواعي أن يعي، لكني أتحدث عن هويتنا العمرانية وفنونها والبصمة البصرية التي تشكلها مشاريعنا الخرسانية. أين نحن اليوم من الطابع العربي والإسلامي والقطري؟ ماذا جرى؟ أين الجدول الذي كنا ننهل منه ونستوحي منه جمال خاصيتنا الفنية الأممية والمحلية.
أين أطياف الجمال الإسلامي الذي مهما اختلف بهندسته وحقبته او البقعة الجيوغرافية المستوحى منها فهو وليد حضارتنا وتراثنا ومجدنا العربي الإسلامي الأصيل.
أثناء دراستي في الخارج اصطحبتني المدرسة في رحلة طويلة من شمال غرب فرنسا إلى جنوب شرقها، ومن فوائد الترحال فتح باب المقارنة، فلنرتحل معاً ولنتعظ. سارت بنا الحافلة ومرت في طريقها على مدن كثيرة أولها بريتاني في الشمال الغربي ببيوتها الحجرية الداكنة وقلاعها المهيبة وحصونها المتمركزة على الشواطىء لمواجهة البحرية الانجليزيه قديماً، ثم توجهنا شرقاً للعاصمة باريس حيث المباني "الأوسمانية" التي وُكل ببنائها عمدة باريس أوسمان من قبل الامبراطور نابليون الثالث في القرن التاسع عشر، التي نسف بها باريس القديمة وكل ما تحمله من قذارة ونمط معماري غير صحي، فوحد ونسق وزين بالقبب المذهبة والأفنيوهات المرصوفة والحدائد الفرنسية ذات الاشكال الهندسية المتوازية ارجاء العاصمة،وابقى الكنائس القوطية على عهدها منذ العصور الوسطى بزجاجها المعشق وابراجها الشاهقة. اتجهنا جنوباً إلى جبال الألب حيث البيوت ذات الأحجار الرمادية اللامعة والاسقف والشرفات الخشبية الصنوبرية. واختتمنا سعينا عند البحر المتوسط حيث تضفي انعكاسات الشمس بريقاً على القرميد البرتقالي والشرفات والشبابيك المطلية بالألوان الخلابة والمزينة بالورود. وكأني كلما مررت بمدينة قرأت بيئتها ونمط حياة اهلها وكل ما يمثل هويتهم مطلياً بهندسة دقيقة وفريدة من نوعها مقروءة على الجدران مما يجعل من كل قرية ايقونة لنفسها ولمقاطعتها تخاطب المارة بكل عزة عن اصلها وتفتخر بانتمائها وهويتها المحلية، فادركت ان الحضارة بقدر ما هي مقرونة بالمبادئ الإنسانية والفكر والعدالة الاجتماعية وغيرها فهي على نفس القدر مقرونة بالفنون، وما ادراك ما الفنون؟ الفنون لغة، واللغة ركن اساسي من اركان اي حضارة، اما لغة الفن فهي اللغة الأزلية التي تتخاطب من خلالها الأمم.
فلنعمل مقارنة بيننا وبين الغرب، ولو اني لا احب ان اجعل من الغرب معياراً للمقارنة فللشرق سحره ولكن الهيمنة الثقافية الغربية تبرر لي ذلك.
ونكتشف بهذه المقارنة أن الأنماط العمرانية المستوردة يرجع كل منها الى حقبة تمتد من الطراز اليوناني واللاتيني منذ ما قبل التاريخ إلى سقوط روما الغربية عام 476 على يد القبائل الجرمانية تلاه قرن العصور الوسطى وفنونه القوطية يتلوه حقبة فنون الباروك ذات الجذور الكاثوليكية المناهضة لتوسع الافكار البروتستانتينة في اوروبا حتى عصر النهضة الممتد من القرن الرابع عشر حتى القرن السابع عشر الميلادي وفيه ازدهرت الثقافة والأدب اللاتيني من جديد والطراز المعماري المصاحب له. جاء الفن الفكتوري مع الملكة فكتوريا جدة اوروبا كما تسمى، لما لها من قرابة مع ملوك اوروبا وقياصرتها، فلقى طرازها رواجاً كبيرا في القرن الـ19 حتى جاء الفن الكلاسيكي الجديد ثم ال"الآرت ديكو" والمباني ذات التوجه العالمي من عام 1925 تلاه نمط ال"بوستمودرن" او فن ما بعد الحداثة. تسلسل طويل تعمدت ان أسرده لأبين تعاقب الفنون في اوروبا الغربية ومن خلاله يتضح بأن المحرك الرئيسي لهذه الانماط الفنية وتعاقبها يكمن ويتمحور حول المستوى الثقافي العام والفكر وتوجه الدولة والأفراد، مصحوباً بتطور ادوات البناء.
ما اود ان القي الضوء عليه، هو ان الثقافة الغربية حتى في حالات ضعفها واثناء عصورنا الذهبية لم تقبل بتشييد معلم ولا مسكن على الطراز العربي، بالأحرى سعى المستشرقون وتم دعمهم لتعلم واكتشاف وتطوير فنون وادوات العمارة الحديثة التي تصدر بها العرب فيما مضى، فاقتبسوا منها ليطوروا فنونهم المحلية حتى انقلبت الآية وتصدروا تصدير الفن، ومنذ اذ لم نسمع بشارع او مسكن في باريس او روسيا او غيرهما من دول أوروبا عدا اسبانيا يسمى او يتبنى نمطا او طرازا شرقيا. فمن الواضح انهم لا يؤمنون بالتقليد الأعمى الذي نراه في ارجاء قطر اليوم، فيما لو تمعنا في سياسة اوروبا الثقافية المعاصرة ، فسنرى ان سويسرا تمنع المنارات لاسباب ثقافية، وروسيا تبني مساجدها على الطراز المحلي لتعزيز الوحدة بين اطياف المجتمع الروسي لابقاء الهوية الروسية والفن الروسي العامل المشترك والنقطة الموحدة لأبنائه، فلنتعظ ونعمل على احياء ثقافتنا وموروثنا الحضاري.
تطوير العلم مكلف، وتطوير الفن واجبٌ مكلف على كل جيل، فهو واجبنا الثقافي والحضاري تجاه من يلينا. وبالتوازي يجب علينا رفع ثقافة الفرد في مجال الفنون المعمارية ودوره تجاه الهوية العمرانية. واتوجه برسالة للمستقبل خالية من العتب والانتقاد على ما سلف اخص بها التجار واصحاب القصور واصحاب المشاريع الضخمة والمتوسطة من منتجعات وأسواق وغيرها ولكل فرد لا يملك من عقار سوى بيته بأن مسؤوليتنا تجاه قطر كبيرة يجب ان نعيها، فقد خص الله هذا الجيل بشرف عظيم وهو تعمير قطر وتشكيل البصمة البصرية على النحو الذي نود، فقد توافرت الأراضي المفتوحة والإمكانيات والدعم دون اي عائق سواء كان طبيعيا او اثريا، فلنعمل معاً في مواجهة هذا التحدي الثقافي ولننشئ أكبر وأجمل وأعرق المشاريع القطرية، عملٌ عظيم لكل منا عليه بصمة، مشروع عمراني نتفاخر به بين المدن الجميلة مشروع يعكس من نحن شكلاً ومضموناً للحاضر والمستقبل مشروع لا يقلد ولا يستورد وإنما يقتبس اذا اقتضى الأمر، وليكن باب الحوار هو منطلقنا.
وختاماً، الفنون شاهد على العصر، فيا ترى ما الشهادة التي ستدلي بها فنوننا؟.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1989
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1563
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1143
| 22 ديسمبر 2025