رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قد يستغرب المتابع لإعلام الطفولة أن تصدر عشر مجلات أطفال سوريّة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بالرغم من أنّها سنون حرب ودمار ومرارة ونزوح وتشرد، والأغرب أن هذه المجلات تصدر عن منظمات مجتمع مدني ومؤسسات خيرية وإنسانية، بإمكانات متواضعة وجهود تطوعية أو شبه تطوعية من كتاب ومحررين ورسامين ومخرجين، في ظل ظروف صعبة تحيط بهم، في حين أن جهود سوريا الدولة ممثلة بوزارة الثقافة والجهات المعنية بالإعلام والثقافة والطفولة لم تقم خلال 45 عاما إلا بإصدار مجلتين للأطفال وللطفولة المبكرة هما «أسامة» و»شامة»، ولعلهما في الأعوام الأخيرة تعانيان من مصاعب وتحديات مختلفة، فيما لم نر برنامجا تلفزيونيا مميزا أو قناة فضائية أو إذاعية أو دار نشر خاصة بهذه الشريحة، علما أن سوريا من الدول المميزة التي تحظى بوفرة في كتاب وشعراء ورسامي الأطفال، وبأسماء لامعة وخبرات مميّزة في هذا المجال.
وعودة إلى المجلات العشر فقد لاحظت من متابعتي لها أمورا تستدعي الإعجاب، ومنها أن نصفها تصدر بانتظام على الأقل، بنسخ ورقية وإلكترونية متاحة لمن يريد متابعتها، ومنها ما يطبع من النسخ الورقية 10.000 نسخة، وأن اثنتين على الأقل تصدران بصفة نصف شهرية، فيما توجد أكثر من مجلة منها تصدر بصفة شهرية، وأن لبعضها مواقع إلكترونية جذّابة، وأن لنصفها على الأقل صفحات فاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا الفيسبوك، يتم تحديثها يوميا، كما لاحظت أن عدد المعجبين بواحدة منها تجاوز 10.000 شخص، فيما تجاوزت صحيفة أخرى 7000 إعجاب، وأن أقدمهن صدورا أصدرت 70 عددا حتى الآن، كما أن بينها ما ينحو باتجاه التخصص، وتحديدا لفئة اليافعين، أو ما هو موجه للطفولة المبكّرة حصرا.
ولعل هذا الإعجاب يزداد عندما تعلم أن بعض مجلات الأطفال العربية العريقة والمشهورة لا مواقع إلكترونية لها، أو أنها تحت التطوير منذ مدة طويلة، أو أن هذه المواقع في حال وجودها لا تعكس حضور المجلة الورقية، لأن درجة التحديث فيها ضعيفة، وبعضها لم يقم بذلك منذ أشهر (مثلا لا توجد نسخ إلكترونية لأعداد المجلات التي تكون قد صدرت ورقيا)، كما أنّ هذه المجلات العربية لا يوجد لبعضها صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، أو أنّ هذه الصفحات مهملة منذ أشهر وسنوات، وفي حال وجودها لا تستثمر لتعزيز وتفعيل صلتها بجماهيرها المستهدفة بأساليب مبتكرة، وبصفة يومية.
لا شك أن صدور هذه المجلات السورية مفرح لأنها تسد ثغرة كبيرة في مجال التربية والترفيه والتوعية والدعم النفسي وبثّ روح الأمل في ظل أزمة مزلزلة تركت تأثيرها الكبير على المجتمع السوري وخصوصا الأطفال الذين يعدّون أكبر المتضررين منها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن هناك ثلاثة ملايين طفل سوري لا يذهبون للمدارس حالياً، وأن أكثر من 40% من الأطفال اللاجئين ليسوا على مقعد الدراسة، فضلا عن تفاقم عمالة الأطفال السوريين التي بلغت مستويات خطيرة.
وتعدّ هذه المجلات ورقيا وإلكترونيا وسيلة مساعِدة بيد المعلمين في مدارس اللاجئين والنازحين والمخيمات وبيد الأسر لملء فراغ الأطفال والترفيه عنهم وتزويدهم بالمعارف والإسهام في توعيتهم في الجوانب المختلفة.
عدد المجلات قد يعكس تنوعا مفيدا، ويكشف بنفس الوقت عن فعالية منظمات المجتمع المدني وحيويتها، ومحاولتها أخذ زمام المبادرة للتدخل من أجل خدمة الطفولة في سوريا عمليا.
لاشك أن هذه التجربة النشطة تسترعي التأمل عربيا، وتقدم نموذجا عمليا في استنهاض الهمم، وعدم قبول الأعذار لجهة التقصير الكبير في خدمة إعلام وثقافة الطفل سواء من قبل الأنظمة أو منظمات المجتمع المدني.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13674
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1800
| 21 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1215
| 25 نوفمبر 2025