رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أعتقد أن الفترة الثانية من رئاسة أوباما، تسببت بخيبة أمل ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل للعديد من البلدان. علمًا أن وصول شخص من أصل إفريقي إلى رئاسة الولايات المتحدة، قوبل بتوقعات كبيرة في إفريقيا والعالم الإسلامي.
تطلعت جميع الشعوب والبلدان التي سحقها النظام الإمبريالي والرأسمالية العالمية إلى أوباما وهو يعتلي سدة الحكم في أقوى وأغنى دولة في العالم. تلك الدولة التي تستهلك أيضًا معظم الموارد وتحرق أي بلد تشاء في سبيل مصالحها.
كان العالم يتوقع من أوباما أن يكون متفهمًا للشعوب المظلومة، التي انتهكت حقوقها، واغتصبت ثرواتها.
أوباما هو خيبة أمل كبيرة
انخفضت التوقعات يومًا بعد يوم لتتحول في النهاية إلى خيبة أمل. لم يتمكن أوباما من إنصاف السود وذوي الأصول اللاتينية والمسلمين و"المنبوذين" والأقليات داخل المجتمع الأمريكي كما لم يتمكن من تأسيس نظامٍ جديد في العالم.
أعتقد أن أكبر خطأ تم ارتكابه كان منح أوباما جائزة نوبل للسلام. بعد نيله الجائزة، سعى لعدم تعرض أي جندي أمريكي لضرر، ولم يدخل الجيش الأمريكي في أي معركة برية. لكن الولايات المتحدة وقفت تتفرج على مقتل مئات الآلاف من البشر مما جعل إدارتها تتسم بجملة من التناقضات.
لا تريد أن تكون في اللعبة لكن تريد فرض قواعدها
تمتلك الولايات المتحدة الحق في ألا تعرض مواطنيها لأي أذى، لكنها في الوقت ذاته لا تريد ترك الشرق الأوسط. من حق الولايات المتحدة أن توقف تدفق التوابيت إلى بلادها لكنها في الوقت ذاته لا تريد احترام حق دول المنطقة بتقرير مصيرها وبناء سياساتها.
الولايات المتحدة لا تريد أن تكون ضمن اللعبة لكنها تريد ضبط تلك اللعبة بقواعدها الخاصة. تبدي رغبة بالخروج من الشرق الأوسط، لكنها تريد الحافظ على هيمنتها في تلك المنطقة. كل هذه القضايا خلقت تناقضات عميقة داخل الإدارة الأمريكية، وولَّدت سياسات خاطئة معرضة للتغير في أي لحظة.
وفي الوقت الذي تتفاخر فيه الولايات المتحدة بكونها الدولة الأكثر قوة في العالم، تدخل التاريخ من باب إنتاج أكثر السياسات الخرقاء في العالم. وبالتزامن مع ذلك يعيش الشرق الأوسط، بسبب سياسات أوباما الخاطئة أعمق أزمة شهدها خلال السنوات الخمسين الماضية.
تحويل الصديق إلى عدو
تسببت إدارة واشنطن بإزعاج صديق مهم لها مثل تركيا وإبرام تحالفات مع دولٍ كانت "العدو الأكبر" بالنسبة لها لسنوات. أعتقد أن تلك السياسات كانت بدافع تلك الجائزة التي تلقاها أوباما. لا نسجل اعتراضًا على ذلك. لكن ما يصعب فهمه هو هذا التحالف مع إيران، وانتهاج مواقف معادية لتركيا.
نعم، لا نقول إن على الولايات المتحدة إرسال جنودها إلى سوريا، لكنها تقوم بعمليات جوية وتقدم دعمًا مخابراتيًا ولوجستيًا لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، التي تنفذ بدورها عمليات إرهابية داخل تركيا، وتسعى أيضًا إلى تغيير التركيبة السكانية في سوريا، وتتسبب بموت مئات الآلاف من الأشخاص. أعتقد بضرورة سحب جائزة نوبل للسلام من أوباما.
اعترافات من الأمريكيين
بعد كل هذه السياسات الغريبة وغير المبررة هناك من يبحث عن "إستراتيجيات عميقة" لدى الإدارة الأمريكية. علمًا أن رأي السياسيين الأمريكيين السابقين لا يتوافق مع ذلك.
قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، هاغل إن أوباما "لا يملك سياسة محددة تجاه سوريا"، معترفًا بأن ذلك البلد ترك ليواجه مأساته بمفرده.
أما مجموعة من المسؤولين السابقين في وزارتي الدفاع والخارجية، فقد أعلنوا من خلال بيان مشترك لهم، ضرورة التدخل في سوريا ووضع نهاية لنظام الأسد. تلك الاعتراضات التي أتت من قبل مسؤولين في الولايات المتحدة إنما تشير إلى أن سياسة أوباما في الشرق الأوسط، "غير متوازنة وغير متناسقة".
أما السفير الأمريكي السابق لدى تركيا، جيفري، فقد انتقد سياسات الإدارة الأمريكية بشكل علني. إضافة إلى أن الدعم غير المعلن الذي قدمته الولايات المتحدة لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا يوم 15 يوليو الماضي، تسبب بنقاشات وتجاذبات حادة داخل الإدارة الأمريكية. أعتقد أن "جولن" كان سيصبح مقربًا جدًا للإدارة الأمريكية لو نجحت عملية الإطاحة بأردوغان. لكن وعلى أرض الواقع لم تحقق منظمة جولن إلا "جبالًا من الإخفاقات".
كما قال جيفري: "ما لم تلتزموا بالوعود التي قطعتموها للأتراك فستندمون كثيرًا، أعتقد أن تركيا محقة في الشأن السوري بخلاف ما تروج له الولايات المتحدة ومنظمة "ب ي د"، مقدمًا شرحًا مفصلًا عبر محطة "بي بي سي" التلفزيونية حول الأساليب التي انتهجتها الإدارة الأمريكية لخداع الحكومة الأمريكية.
لن يترك أوباما إلا الحطام
لعل دعم الولايات المتحدة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية وذراعها في سوريا، يعتبر من أكثر الحركات السياسية التي تسبب بمعضلة للسياسة الخارجية الأمريكية. إن عملية جرابلس العسكرية كشفت عن هذا المأزق وأظهرته أمام العالم أجمع. إلى ذلك "أقسم" نائب الرئيس الأمريكي بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة التركية أنقرة على أن بلاده ترفض المحاولة الانقلابية مطالبًا منظمة "ب ي د" بالانسحاب إلى شرق الفرات. ومع ذلك، فإن تركيا لم تعد تثق بأي من هذه الكلمات.
وأخيرًا، أعلن المرشح الرئاسي الأمريكي ترامب أن "داعش" ما هي إلا صنيعة أوباما ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي ايه). لكن لم يصدقه أحد.
وبالمحصلة، فأوباما الذي حصل على جائزة السلام لكنه قتل السلام في الشرق الأوسط إفريقيا سيذهب قريبًا. ولا أعتقد أن القول بأنه "لن يترك خلفه غير الحطام" ستكون تهمة كبيرة بحقه.
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي، ويخفق عالياً فوق جميع السواري، على إيقاعات «العرضة»، وأهازيجها الوطنية،... اقرأ المزيد
33
| 18 ديسمبر 2025
وللوطن جمال
نعم للوطن جمال بما تحمله كلمة الجمال من معانٍ ومساحات وأفراح وأشواق، إنها فطرة فطر الله تعالى الإنسان... اقرأ المزيد
33
| 18 ديسمبر 2025
اختتمت قبل أيام في الدوحة، النسخة التاسعة من جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في... اقرأ المزيد
27
| 18 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
723
| 16 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
711
| 11 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
642
| 12 ديسمبر 2025