رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تحتل المسألة الاقتصادية حيزاً كبيراً في برامج الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية سواء منها التشريعية التي انتهت بفوز «حزب نداء تونس» الذي يمتلك تصوراً ليبرالياً للاقتصاد، أم في الانتخابات الرئاسية التي ستجري يوم 23نوفمبر الجاري. والسبب في ذلك، أنه خلال حكم الترويكا السابقة، هيمن على المشهد السياسي التونسي موضوع الإرهاب وتداعياته الأمنية والسياسية والمجتمعية، على استقرار البلاد، وعلى تغيير النموذج المجتمعي التونسي المنفتح على الحداثة الغربية، والليبرالي، الأمر الذي جعل الشعب التونسي برمته يشعر بغياب وفقدان هيبة الدولة التونسية، ويطمح قبل كل شيء إلى تحقيق الاستقرار، والمحافظة على النموذج المجتمعي التونسي المعتدل والوسطي.
فيما يتعلق بالنموذج الاقتصادي التونسي الذي خضع لبرنامج الإصلاح الهيكلي وفقا لوصفات صندوق النقد الدولي في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين، وسار في طريق «توافق واشنطن» في أواسط التسعينيات، بوصفه مذهباً اقتصادياً ليبرالياً يقوم على فلسفة التقشف، والتخصيص، والتحرير، والانضباط في الموازنة، والإصلاح الضريبي، وتخفيض النفقات الحكومية العامة، وتحرير المبادلات التجارية والأسواق المالية، فقد قاد هذا النموذج الاقتصادي إلى حدوث كارثة بالبلاد.
لقد أدّى النموذج الاقتصادي التونسي إلى سيادة أنماط بائسة من التشغيل، لاسيَّما نمط التشغيل بالعقود ذات المدد المحدودة، حيث تؤكد التقارير التونسية أن ما يفوق 50 بالمائة من العاملين في قطاع السياحة يخضعون لهذا النمط الرديء من التشغيل، والشيء عينه تقريبا في مجال الخياطة، إذ تكون الأجور متدنية جداً، إضافة إلى غياب الضمانات الاجتماعية.
بشهادة كبار الخبراء في الاقتصاد سواء من الدول العربية أو من الدول الغربية، يعتبر النموذج الاقتصادي التونسي هجيناً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى دقيق، فهو ليس نموذجاً رأسمالياً خالصاً على الطريقة الغربية خاضعاً لقانون السوق، بل هو نموذج خاضع لقانون المافيا الاقتصادية المهيمنة على الاقتصاد التونسي في عهد سيطرة عائلة الرئيس المخلوع ابن علي وزوجته من آل الطرابلسي، حيث طبقت هذه المافيا الاقتصادية قانونها الخاص بدلاً من قانون، لتتحول تونس طيلة العقدين الماضيين إلى ما أشبه بالعيش في العصور الإقطاعية، لا في عصر العولمة الليبرالية كما يدعي النظام السابق.
ومع ذلك، هل يمتلك حزب نداء تونس، الذي سيقود الحكومة المقبلة البرنامج الواقعي لقلب الأوضاع الاقتصادية رأساً على عقب في فترة برلمانية أو رئاسية واحدة، يفترض أن تشهد إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتغيير نموذج التنمية لما يعنيه ذلك من تغييرات موجعة وعميقة، لا يكتب لها النجاح إلا إذا صدرت عن وفاق وطني شامل؟
في هذا المجال أكد رئيس اللجنة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية « لحزب نداء تونس»، سليم شاكر، أن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحزب «يتميز بخلق منوال تنموي جديد يقوم أساسا على التكنولوجيا والقيمة المضافة في المنتوجات التونسية والخدمات» على حد تعبيره. وقال إن نجاح هذا المنوال التنموي الجديد، يتطلب إرجاع الأمن والطمأنينة للشعب التونسي، وتفعيل اللامركزية في القرار، وتعصير البنية التحتية، والاستثمار في الموارد البشرية، وإحداث بنك لتنمية الجهات. وأضاف أن البرنامج الاجتماعي للحركة يعمل على تفعيل العقد الاجتماعي، والرفع من المقدرة الشرائية للمواطن، وفرض التغطية الصحية للجميع، مع تأهيل قطاع الصحة العمومية، وبعث منظومة للتأمين ضد فقدان الشغل، فضلا عن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخصوصية، ومقاومة التمييز ضد المرأة، ودعم البحث العلمي.
«حزب نداء تونس» لا يشذ عن قاعدة الأحزاب الليبرالية الحاكمة في العالم الثالث، فهو يريد المحافظة على نموذج التنمية الذي كان سائداً في تونس بهيكلته القديمة، رغم انتهاء صلاحية هذا الأنموذج التنموي السائد طيلة الحقبة التاريخية السابقة، وهو غير قادر أن يعطي أجوبة عقلانية وواقعية للتحديات التي تواجه الاقتصاد التونسي، في مجال المنافسة الدولية الشرسة، وتحقيق اختراق في مجال الاستثمار واكتساح الأسواق بما يمكنه من استحقاق نسق النمو ورفع حجم الصادرات وخلق مواطن شغل ودعم مدخراته من العملة الصعبة.
يرث حزب نداء تونس تركة ثقيلة وأخطاء جسيمة ارتكبتها حكومات الترويكا المتعاقبة منذ نهاية عام 2011 ولغاية 2014، لكي تتجلى أمامنا صورة قاتمة عن الإفلاس الحقيقي لهذا النموذج الاقتصادي التونسي الذي تمسكت به حكومات الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية، حيث إن تونس أصبحت في الوقت الراهن باركة اقتصادياً بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى دقيق. ويتمثل هذا الإفلاس في الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: على مستوى النمو يمكن أن يبلغ نسبة 2.3% في منتصف السنة الحالية حسب تقرير البنك العالمي الصادر في 25مايو 2014، تحت عنوان «الثورة غير المكتملة».
الحقيقة الثانية: على صعيد العملة الوطنية، فقد تراجع الدينار في غضون سنتين بنحو 17%، مقابل اليورو.
الحقيقة الثالثة: في عهد الترويكا السابقة، تطور ما يسمى الاقتصاد الموازي، وفاقت معاملاته 53.5% من إجمالي التداولات التجارية. وتقف وراء الاقتصاد الموازي العصابات المنظمة المحمية من قبل جهات سياسية نافذة، فأدّى هذا الوضع إلى تضخم هذا الاقتصاد الموازي الذي أصبح يستقطب في عهد الترويكا 42.% من اليد العاملة.
الحقيقة الرابعة: في عهد حكم الترويكا، أغلقت 3742 مؤسسة أبوابها وغادر أكثر من 1200 مستثمر تونسي وأجنبي البلاد في ظل وجود عدم الاستقرار.
الحقيقة الخامسة: ارتفاع نسبة البطالة من 15% في سنة 2010 إلى 23% في سنة 2013، فبلغ عدد العاطلين عن العمل مليون شخص.
الحقيقة السادسة: تجاوز الدين الخارجي حوالي 17 مليار دولار، ليصل مؤشر الدين الخارجي حاليا إلى نحو 52.3% من الناتج المحلي الخام.
الحقيقة السابعة: تجاوز الثروة المنهوبة في تونس من قبل الرئيس المخلوع وزوجته، وأقربائهما البالغ عددهم 110 أشخاص، نحو 10 مليارات دولار، حسب التقرير الذي أصدرته لجنة مكافحة الفساد.
ورغم أن الثورة التونسية شكلت منارة حقيقية «لربيع الثورات الديمقراطية» التي شهدها العالم العربي، فإنها لم تقم بتغيير الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، وإطلاق نموذج جديد من التنمية يقطع مع نهج التبعية، ويكَّسِرُ الأنماط الاقتصادية السائدة،لاسيَّما تلك القائمة على أساس التحرير الاقتصادي، والخصخصة الرأسمالية، والاندماج في نظام العولمة الليبرالية الجديدة، الذي خدم بدرجة رئيسية الفئات الرأسمالية الطفيلية غير المنتجة باعتبارها فئات تمثل تحالفاً مشبوهاً بين ما يسمى «رجال الأعمال» والعائلات المافياوية الحاكمة، والبرجوازية البيروقراطية العسكرية والأمنية التي كونت ثروتها من خلال هيمنتها المطلقة على أجهزة الدولة، والذي قاد إلى الثورة. وفي ظل غياب الثورة الاقتصادية يبدو حل المعضلة الاقتصادية في تونس بعيد المنال في المنظور الراهن، لاسيَّما في ظل غياب الاستثمارات العربية والأجنبية التي يمكن أن تحرك العجلة الاقتصادية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025