رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خليل الفزيع

خليل الفزيع

مساحة إعلانية

مقالات

2519

خليل الفزيع

حتى لا يؤخذ المحسن بذنب المسيء

15 يناير 2012 , 12:00ص

عندما قال المتنبي: (والظلم من شيم النفوس فإن تجد.. ذا عفة فلعله لا يظلم)، ومهما كانت بواعث وأسباب هذا القول، فالمؤكد أنه كسر قيمة أخلاقية كان العرب في جاهليتهم يتباهون بها، وهي العدل وصد الظلم عن المظلومين، ومناصرة أصحاب الحق على أصحاب الباطل، حتى جاء الإسلام فأقرهم على قيم نبيلة شتى، ومنها هذه القيمة الإنسانية، عندما وضعت تعاليمه فاصلا بين الإنسان وارتكاب الظلم، وطالت بالوعيد كل ظالم، (والله لا يحب الظالمين).

والظلم لا يقتصر على دولة مستبدة، ولا على حاكم مفسد في الأرض، ولا على مسئول متسلط، ولا على ولي أمر مستغل، بل يمتد إلى ما هو أكثر من ذلك، فمن أنواع الظلم التي ترتكب في الحياة العامة، وفي الممارسات الحياتية العادية أن يسطو أحدهم على جهد غيره، وينسبه إلى نفسه، وبذلك ينسب التقصير إلى من قام بواجبه خير قيام، وينال اللوم بسبب تقصير لم يرتكبه، عندما يختطف ثمرة جده واجتهاده آخرون تؤهلهم أوضاعهم للاستيلاء على جهود غيرهم ونسبتها إلى أنفسهم ظلما وعدوانا، أو عندما يسخر بعضهم من هم تحت إمرته لإنجاز أعمال ينسبها إلى نفسه، ومن يقدم على هذه التصرفات، إنما هو ظالم لغيره، وفي الوقت نفسه ظالم لنفسه، عندما وضعها في مكان غير مكانها، ومنحها ما لا تستحق من الوجاهة والتلميع، كل ذلك نتيجة جهد لم يبذله، وإنجاز لم يحققه، ونجاح لا يملك مقوماته، وهذا النوع من البشر الذين لا يدركون عاقبة ما يفعلون، هم في نهاية الأمر صيد سهل لمَن يريد كشفهم على حقيقتهم من أصحاب الضمائر الحية، والشجاعة الأدبية.. الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم، مهما كانت مكانة الظالم الاجتماعية، ومهما كان نفوذه الرسمي، فالتجاوز الأخلاقي إذا طال الذمم، وانحاز إلى الظلم.. سيلقى حتما مَن يكشفه إن عاجلا أو آجلا، ليس انتصارا للحق فقط، بل لأنه يتناقض مع القيم النبيلة التي اكتسبها الإنسان السوي، والتي أفرزتها مراحل التمدن والتحضر التي مرت بها البشرية من آدم حتى عصرنا الراهن، وأكدتها الأديان السماوية لضمان حياة حرة وكريمة للإنسان، وإذا تعرضت بعض هذه القيم للاهتزاز والتجاوز من بعض أصحاب النفوس المريضة، فليس ذلك لخلل بها، ولكن لخلل في نظرة الإنسان إليها، وما من عصر يستجد، إلا ويؤدي إلى تأصيل هذه القيم وترسيخها في أعماق الضمير الإنساني، بصرف النظر عن التجاوزات التي يرتكبها بعض الحمقى من بني البشر، وما من عصر يخلو من تصرفات رعناء، لكنها تدان في حينها أو حتى بعد مضي زمن عليها، فالتاريخ لا ينسى ظلم الظالمين فهما بلغ مستوى هذا الظلم، وآثاره على الناس والحياة، ومحكمة التاريخ لا تتخلى أبدا ومهما طال الزمن، عن دورها في كشف الظلم، وإدانة مرتكبيه دون رحمة أو مهادنة، فإن كان عمر الظلم ساعة.. فإن عمر العدل إلى قيام الساعة، لا فرق في ذلك بين إنسان وإنسان، وربما جرت الرياح بما تشتهي سفن الظالم، لكن هذه الرياح لا تلبث أن تتحول إلى عواصف عاتية، ترمي بتلك السفن في أمواج الحقيقة العارية، لتستقر في قبضة العدالة التي لا ترحم الظالمين، (وما للظالمين من أنصار) فلن يقتل وحش الظلم إلا سيف العدل.

مَن يضعون نصب أعينهم (إذا دعتك قدرتك على ظلم غيرك.. فتذكر قدرة الله عليك)، هم وحدهم الذين يعبرون طريق الحياة بأمان، ويرحلون عن دنياهم، لكنهم يبقون أحياء في قلوب مَن عرفهم، وعرف فيهم العدل والإنصاف، وحب الخير للناس.. كل الناس.

khlilf@hotmail.com

اقرأ المزيد

alsharq الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة

تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025، وسط مشهد سياسي لا يمكن وصفه إلا بأنه خليط من... اقرأ المزيد

183

| 04 نوفمبر 2025

alsharq حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد

2148

| 04 نوفمبر 2025

alsharq إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!

ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد

339

| 04 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية