رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تستعد تركيا في هذه الآونة لخوض غمار الانتخابات النيابية التي ستجرى في 7 حزيران\ يونيو المقبل، بمشاركة عشرات الأحزاب، إلا أن المنافسة تتركز بين أربعة أحزاب، تمتلك مقاعد في البرلمان، وتلك الأحزاب هي "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، و"حزب الشعب الجمهوري" (المعارضة الرئيسية)، و"حزب الحركة القومية"، الذي يمثل أصوات الشريحة القومية في تركيا، و"حزب الشعوب الديمقراطي"، الذي يعتبر نفسه ممثلًا لأصوات الأكراد.
انتهت الأحزاب في تركيا في 7 أبريل، من تحديد أسماء مرشحيها الذين اختارتهم من جميع الولايات التركية، والذين ستراهن عليهم في الانتخابات المقبلة، وسلّم كل حزب قوائمه الانتخابية للمؤسسة الرسمية التي تعنى بمراقبة وإدارة الانتخابات (اللجنة العليا للانتخابات). ما يعني أن السباق الانتخابي قد بدأ في تركيا.
ما الذي يريد أن يفعله كل حزب؟
بعد تحديد مرشحي الأحزاب السياسية، ستقوم اللجنة العليا للانتخابات بالإعلان عن المرشحين الذين تم قبولهم للترشح في 16 أبريل ، وستقوم الأحزاب بتبديل المرشحين الذين لم يتم قبول ترشحهم بمرشحين آخرين، لتقوم اللجنة بعد ذلك بإعلان القائمة النهائية للمرشحين إلى الانتخابات النيابية.
بعد الإعلان النهائي عن المرشحين، يعلن كل حزب سياسي من الأحزاب المشاركة عن برنامجه الانتخابي، وتتضمن برامج الأحزاب الانتخابية، السياسات التي ستتبعها في حال فوزها ووصولها إلى السلطة، وتتناول تلك السياسات جميع مناحي الحياة مثل السياسات الخارجية والاقتصاد والتعليم والصحة وما إلى ذلك.
حدد حزب العدالة والتنمية في الانتخابات هدفًا وهو الحصول على 400 مقعد في البرلمان، ذلك الهدف الذي لم يتمكن أي حزب في تركيا من تحقيقه في أي وقت مضى. وليتمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق هذه النسبة، يجب عليه الحصول على ما يقرب من 50 بالمائة من أصوت الناخبين الأتراك، علمًا أن حزب العدالة والتنمية تمكن برئاسة رجب طيب أردوغان خلال الانتخابات العامة التي جرت عام 2011، من الحصول على 46.5 في المائة من الأصوات، وبذلك حصل على 341 مقعدًا في البرلمان، والآن ينبغي على حزب العدالة والتنمية برئاسة البروفيسور الدكتور أحمد داود أوغلو، تخطي عتبة تلك النسبة، للحصول على 400 مقعد. إن حزب العدالة والتنمية، يريد من خلال تحقيق هذه النسبة، إفساح المجال أمام وضع دستورٍ جديدٍ للبلاد دون الحاجة لإجراء استفتاءٍ شعبي، وتحويل النظام في تركيا إلى نظام رئاسي. وقد أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة على أهمية حصول حزب العدالة والتنمية على 400 مقعدٍ في البرلمان، وتأثير ذلك على تمكين تركيا من تحقيق الانتقال إلى نظام رئاسي.
الأصوات الكردية في موقف حرج
تعد الأصوات الانتخابية التي سيحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي من بين المواضيع المهمة التي تؤثر على تحقيق حزب العدالة والتنمية لهدفه فيما يخص عدد المقاعد البرلمانية. ذلك أن حزب الشعوب الديمقراطي، يعتبر أبرز الأحزاب الفعالة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من تركيا، كما أنه يحظى بدعم شريحة واسعة من الناخبين الأكراد. فشل حزب الشعوب الديمقراطي خلال انتخابات 2011، في الحصول على أصوات كافية، تمكنه من تجاوز العتبة الانتخابية، التي تبلغ 10 بالمائة من الأصوات الانتخابية في تركيا، وإذا ما تمكن في هذه الانتخابات من تجاوز تلك العتبة، فإن ذلك سيكون له تأثير مباشر على عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية.
سيتمكن حزب الشعوب الديمقراطي من الحصول على 40 مقعدا في البرلمان التركي، إذا ما حصد 10 بالمائة على الأقل من الأصوات الانتخابية، وتأثير ذلك على حزب العدالة والتنمية يكمن في أن معظمهم الأصوات التي قد يحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي، ستكون من الولايات المحسوبة على العدالة والتنمية، حيث أن العدالة والتنمية يمتلك شعبية قوية بين المواطنين الأكراد في المناطق الشرقية والجنوب شرقية، إلا أن العنصر الجديد في هذه الانتخابات هو الدعم الكبير الذي سيحظى به حزب الشعوب الديمقراطي من قبل القوى اليسارية والعلمانية، التي تهدف من خلال دعمها للشعوب الديمقراطي إلى منع تحقيق التحول إلى نظام رئاسي وتوسيع صلاحيات الرئيس أردوغان، وبالتوازي مع ذلك، فقد أدخل حزب الشعوب الديمقراطي تغييرات في خطابه السياسي، فأصبح خطابه غير موجه للشريحة الكردية فحسب، بل للشرائح اليسارية والديمقراطية الاشتراكية، وقدّم مرشحين لعضوية البرلمان من مختلف تلك الشرائح.
وفي السياق ذاته، فإن تمكّن حزب الشعوب الديمقراطي من تجاوز العتبة الانتخابية، سيحمل تأثيرات سلبية على حزب المعارضة الرئيسية (حزب الشعب الجمهوري)، فاتجاه أصوات الشريحة اليسارية نحو الشعوب الديمقراطي، ستؤثر بشكل سلبي على نسبة الأصوات الانتخابية التي قد يحصل عليها الشعب الجمهوري، وستحول بينه وبين الوصول إلى الهدف الذي حدده لنفسه، وهو تحقيق 35 بالمئة من معدل الأصوات. لذا فإن الشعب الجمهوري الذي حصل على 20 بالمئة من الأصوات الانتخابية و112 مقعدًا برلمانيًا في انتخابات عام 2011، يقوم بحملات انتخابية مكثّفة، للحيلولة دون تسرّب الأصوات الانتخابية، فضلًا عن أن إعلان زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال قليجدار أوغلو"، عن هدف حزبه المتعلق بتحقيق 35 بالمائة من الأصوات الانتخابية، وضع زعيم الحزب أمام مفترق للطرق، فعدم تمكن حزبه من الحصول على تلك النسبة، قد يدفعه نحو الاستقالة من رئاسة الحزب.
أما حزب الحركة القومية، الذي يعتبر مركز جذب لأصوات القوميين من الناخبين الأتراك، فهو لا يهدف في هذه الانتخابات للوصول إلى السلطة، لكنه يريد تحقيق زيادة في نسبة أصواته الانتخابية مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث أنه حصل في انتخابات عام 2011، على 14 بالمائة من الأصوات و71 مقعدًا في البرلمان، ويسعى الحزب من خلال هذه الانتخابات، إلى زيادة أصواته الانتخابية، من خلال التأثير على الدوائر القومية المنزعجة من مسارات عملية السلام الداخلي وحل القضية الكردية الجارية حاليًا في تركيا.
ومن المتوقع أن تزداد أعداد الهجمات الإرهابية والمظاهرات والاحتجاجات والحوادث التي من شأنها التأثير على صناديق الاقتراع، كلما اقتربت تركيا من موعد الانتخابات، لذا عملت الحكومة التركية على إصدار حزمة من القوانين، أطلقت عليها اسم "حزمة إصلاحات الأمن الداخلي"، كما اتخذت حزمة من الخطوات والإجراءات اللازمة لضمان سلامة الشارع التركي وصناديق الاقتراع على حد سواء، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن تركيا مقبلة على انتخاباتٍ صعبة.
خيركم
يا لجمال الخير وأصحابه! من منا لا يحب الخير ؟ ومن منا لا يحب أن يترك أثراً من... اقرأ المزيد
93
| 11 ديسمبر 2025
النضج المهني
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش... اقرأ المزيد
126
| 11 ديسمبر 2025
مرحبا بكل من يحترم مجتمعنا
تعيش قطر هذه الأيام بطولات رياضية كبرى وهي كأس العرب فورميلا 1 وكأس الخليج تحت 23 سنة، بالإضافة... اقرأ المزيد
72
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4302
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2088
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1791
| 04 ديسمبر 2025