رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من العبث النظر إلى ما يحدث في وقائع في بر العراق. بحسبانه مجرد تحرك عسكري لما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في بعض المحافظات وسيطرتها عليها بطريقة سريعة. فالمسألة تتجاوز ذلك بكثير. ويمكن توصيف ما جرى بأنه إعادة إنتاج لبدايات الأزمة التي نتجت عن الغزو الأمريكي في العام 2003 والذي أفضى إلى تبنى نظام المحاصصة وفقا للطائفية والمذهبية التي كانت كامنة في بلاد الرافدين. ثم أشعل جذوتها سلطة الاحتلال التي هيمنت على مجمل الأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية بعد إعلان حل الجيش العراقي. والذي كان يعد واحدا من أهم الجيوش في المنطقة ثم تبنى خطوات بدا أنها تكرس لحكم المنتمين للمذهب الشيعي بتنويعاته المختلفة مع تشكيل مجموعات مقاتلة مرتبطة بكل تنظيم أو نخبة أو جماعة وإقصاء عناصر ونخب سنية. تحت مسمى قانون اجتثاث البعث والذي استخدم على نحو شديد السوء. مما أسهم في عملية تجريف واسعة للقيادات السنية وفي الوقت نفسه جمد فعالية وحيوية من أبدي منها قدرا من التفاهم والانسجام مع ما يحدث وإن حاول البعض الخروج عن المسار المحدد فإنه سرعان ما كانت توجه له تهم مساندة الإرهاب مثلما حدث مع طارق الهاشمي نائب الرئيس الذي أجبر على مغادرة العراق إلى تركيا بعد الحكم عليه بالإعدام في اتهامات بالتورط في قضايا إرهاب. على الرغم مما كان يبديه -بعد الاحتلال - من مرونة في التعاطي مع الواقع السياسي وهيمنة السلطة الأميركية على مفرداته والدخول في تحالفات مع القوى الشيعية النافذة. بحثا عن دور سياسي.
إذن المعضلة تكمن في هذا الخطر الذي أحدق مبكرا بالعراق فكرس لتصدر القيادات والنخب السياسية الشيعية المشهد دون إتاحة هامش واسع للقوى الأخرى. بما في ذلك القوى الشيعية المناهضة للنخبة الحاكمة. فعوضا عن الدخول في حوار يفضى إلى توافق وطني حقيقي يقوم على مبدأ المواطنة وليس المحاصصة المذهبية أو الطائفية سواء قبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة أو التي سبقتها منذ أربع سنوات . فإن سياسات حكومة المالكي والقوى المتحالفة معها أسهمت في توسيع دائرة الاحتقان. والتي بلغت مداها باشتعال الاحتجاجات في العديد من المحافظات الغربية ذات الأغلبية السنية والتي عانت من التهميش. ووصل الأمر إلى اللجوء إلى الخيار العسكري فيما يمكن توصيفه بأزمة الأنبار والفالوجة. وغيرها من المناطق التي شهدت أحداثا غير مسبوقة لم تفرق بين المواطنين أو الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة والتي أظن أنها شكلت المحفز الحقيقي للأحداث الأخيرة
ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن أي فعل إرهابي يمارسه تنظيم أو جماعة أو قوة ما مرفوض. بحكم محددات الإسلام والقانون والانتماء للقيم الحضارية الصحيحة. ولعل اللجوء إلى الرد العسكري على سياسات الحكم مثلما جرى في محافظات الموصل وتكريت وديالى وغيرها من المناطق التي تمت السيطرة عليها ينطوي على مخاطر جمة في مقدمتها أن العراق بات على شفا التقسيم بين مناطق تابعة لحكومة شيعية قد تشمل العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية . خاصة أن دعوة وجهت من رئيس الوزراء نور المالكي لسكان هذه المحافظات ذات الأغلبية الشيعية للتطوع في جيش رديف للجيش الرسمي لطرد العناصر المسلحة من المحافظات التي تمت السيطرة عليها. وفي المقابل فقد يدفع ذلك القوى والجماعات والعشائر في المحافظات السنية في الغرب وغيره. إلى الدفاع عن وجودها. ومن ثم فإن الأمر قد يسفر عن واقع تقسيمي وهو تطور لو تحقق سيكون الأخطر في تاريخ العراق الحديث الذي حافظ على وحدته ترابا وشعبا منذ تشكله كدولة حديثة في عشرينيات القرن الفائت.
وفي تقديري فإنه ليس بوسع طرف في العراق سواء النخبة الحاكمة بتنويعاتها الشيعية أو السنية أوالمعارضة بأطيافها المتعددة أن يتبنى رسميا توجها لتقسيم العراق تحت أي مبرر. لأنه ساعتها سيفقد شرعية وجوده وهو ما يحرص عليه نور المالكي رئيس الوزراء في خطابه السياسي مدركا أن شرعيته مرهونة بالمحافظة على وحدة الدولة العراقية. ولو تخلى عنها أو أسهم في أي خطوة تقود إلى المساس بها فإنه سيفقد موقعه الرفيع المقام وهو ما يستوجب منه في الوقت الراهن أن يعلن بصراحة وبوضوح أنه يقبل بالتوافق مع جميع القوى السياسية خاصة التي أبدى إشارات على مخاصمتها ومحاولة إقصائها من المشهد السياسي. بما في ذلك القوى والعشائر في المحافظات الغربية السنية تحديدا والتي تجاهل حضورها في السنوات الأخيرة. وليس من قبيل الخطأ على أي سياسي أن يعيد النظر في سياساته خاصة إن قادت إلى الإضرار بمصلحة الوطن وبالذات وحدته الترابية ونسيجه الاجتماعي وهو مابات مطلوبا من المالكي والقوى المتحالفة معه بإلحاح. للمسارعة إلى دعوة كل رموز العراق الوطنية إلى اجتماع عاجل في بغداد يتعهد فيه بمراجعة كل سياساته في السنوات السابقة والاتفاق على إنهاء الاحتقانات المتعددة في مختلف المحافظات والأقاليم. بما في ذلك إقليم كردستان العراق الذي يهدد بالانفصال إذا ما عادة المالكي إلى السلطة رئيسا للوزراء. في ظل المناورات التي جرت وما زالت تجرى في بغداد عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي دفعت ائتلافه إلى تصدر المشهد دون أن يكون قادرا على بلورة أغلبية تمكنه من الحكم
وثمة من ينظر إلى مسألة مسارعة قوات الجيش والأمن بتسليم مواقعها في المحافظات التي تعرضت للهجوم في الأسبوع الفائت على نحو جعلها تسقط بيسر وسهولة في قبضة العناصر المسلحة. بحسبانها تعكس هشاشة في انتماء هذه القوات للسلطة الحاكمة. وربما عدم قناعة بها خاصة أن هذه القوات هي الأقوى من حيث العدد ونوعية التسليح. وهو ما مكن العناصر والجماعات المسلحة من الاستحواذ على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام على المالكي وحكومته. واللافت أن هذه المسألة لم تقتصر على قيادات وأفراد محافظة الموصل وإنما حدثت في كل المحافظات والمدن والمناطق التي تمت السيطرة عليها وذلك يعنى أنه ليس بوسع المالكي أن يراهن إلا على قوات ذات ارتباط مذهبي وطائفي وهنا تكمن واحدة من أهم تجليات الخطورة.
وثمة تجل آخر نتج عن الأحداث الأخيرة في العراق. ويتمثل في سيطرة قوات البشمركة وهي القوة العسكرية التابعة لإقليم كردستان العراق على مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والأكراد بصورة كاملة. بعد انسحاب قوات الجيش العراقي منها. أي أن كركوك أصبحت في قبضة الأكراد بالكامل. وهو مالم يتمكنوا منه بالمرة في السنوات السابقة. وهنا مكمن خطر إضافي على وحدة العراق في ظل مؤشرات لإعلان إقليم كردستان انفصاله المرتقب بعد تكريس كل مقوماته خلال سنوات ما بعد الاحتلال الأمريكي.
بوضوح بات العراق كله شعبا وأرضا ودولة بل ومسارا ديمقراطيا في دائرة الخطر. فهل تنتبه نخبه قبل فوات الأوان؟
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1467
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1455
| 25 نوفمبر 2025