رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة عبدالعزيز بلال

فاطمة عبدالعزيز بلال

مساحة إعلانية

مقالات

1572

فاطمة عبدالعزيز بلال

صورة على الطوفة

16 أغسطس 2015 , 01:44ص

صورة تجمع اثنين وسط لوحة يأسرهما إطار فضي، ويحشو صدر اللوحة زجاج لامع، انعكاس الزجاج على وجهها أصبح حزيناً كقلبها، دامعاً كعينيها، كانت بقايا ظلالهما تمر خلال المكان، بجانب شرفة المنزل اعتادا الجلوس معها، والآن أصبح للظلال ظلال أخرى، تبعدهما عن المكان وتبقت تلك الصورة مجرد صورة على الطوفة.

اعتاد الجلوس في مكتب عاجي، يغطي منتصف المكان كسحابة سوداء في السماء يمتلك كراسي جلدية سوداء فخمة لا يجلس عليها أحد، يرتمي تحت إدارته بشر مغلوب على أمرهم، قراراته متعجرفة، لديه فلسفة ذات إطارات معطلّة، ذات يوم أتى من هو يملك زمام أمره،

فظن به ظناً حسناً، فقال: سيبدأ على يده العصر الذهبي،

وحينما أتى العصر الذهبي بمجيء الرجل الغريب اجتث جذوره وخلص الآخرين من شره، وها هو الآن ينتقد قراراته وينتقد عصره بقلم مهزوز، بعد أن أصبح مجرد صورة على الطوفة!

كانت تغطي السماء أوراق محترقة، وأصابع صغيرة،

وأشلاء قد تناثرت على أرض فضاء، لم تكن فضاء في السابق، فقد كانت أرضا خضراء وبيوتاً جميلة، وأبوابا خشبية مفتوحة، وخطوات أرجل أطفال لاهية مع اللعب وملاحقة الكرة، أصبحت رؤوساً ملقية على الأرض،

وموتى أرواحهم تطفو في السماء، هكذا الإنسان يفعل في أخيه الإنسان، في زمن أشعث أغبر، حوّل الأحياء إلى موتى متجمعين في صورة معلقة على الطوفة!

لم يتغير بي شيء

إلا إنني استبدلت عالمي الحقيقي بعالم آخر افتراضي!

أعبّر به كما شئت دون قيود مجحفة، ودون انتظار موافقة لجنة مراقبة، عالم ليس به سوى سلك كهربائي، وشاشة رقمية، ولوحة مفاتيح وحروف نقشتها على لوحة مثبّتة على الطوفة!

سافرت إلى مدن كثيرة، ذات لون أخضر، حتى الزوايا التي سكنت بها لونها أخضر، تتوسطها بحيرات زرقاء،

وأشجار خضراء ذات جذوع بنية، وسماء تمطر بشراً من شتى الأرض أزهاراً تحمل لوناً منذ الصغر، وطيوراً عاشت منذ زمن في تلك المدن، كنت أزورها في فصل ذات برد قارس، واليوم وددت أن أستنشق رائحة صيفها،

فاشتقت لأطرافها، لبيوتها الجبلية لعشبها الأخضر، في وقت ليس بوقت زيارتي الاعتيادية، وجدت في ملامحها شحوباً، تسير أقدام غريبة على أرضها، وتقطف أيديهم أزهارها، وتدوس أرجلهم على عشبها،إلى أن رفعت المدن للأسف لا للعرب!

فأصبحت تلك المدن والعرب مجرد صورة على الطوفة!

مساحة إعلانية