رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حمد عبدالرحمن المانع

حمد عبدالرحمن المانع

مساحة إعلانية

مقالات

522

حمد عبدالرحمن المانع

التربية في المقام الأول

17 أبريل 2012 , 12:00ص

إذا كان العلم هو جسر عبور رقي الأمم فإن الأخلاق هي المقياس الحقيقي لتقدمها، وكما أن على المعلم واجبات ومسؤوليات يضطلع بها فإن له حقوقا ويأتي في مقدمتها احترامه وتقديره وهو الذي حمل على عاتقه أمانة وأية أمانة، إنها أمانة نقل العلوم والمعارف إلى مستحقيها من الطلبة، وكم يأسى القلب عندما يسمع أن طالباً تطاول على معلم فضلاً عن الإساءة إليه، وإن كانت ولله الحمد لا تشكل ظاهرة بقدر ما تشكل سلوكاً شاذاً وحالات فردية لا تعكس أخلاق الطلبة في هذا البلد المبارك، والذين عرفوا بحبهم للعلم واحترامهم للمعلمين، وإذا كان هناك ثمة تساؤل يجول في خاطرك فهو لماذا؟ لكل قاعدة شواذ لاسيَّما أن القاعدة اتسعت لتستوعب آلاف الطلبة والطالبات وهذا يجب أن يوضع بعين الاعتبار إذ يجب ألا تقاس حالة أو اثنتان أو عشر أو عشرون على أنها ظاهرة، ولكن يجب التوقف هنا والتفكير ملياً، وطرق هذا الجانب والذي بلا ريب يؤرق المجتمع والتربويين على حد سواء، ولست في صدد إبراز المسببات من تطور سريع في مجال التقنية والاتصالات لتقذف هذه الأجهزة ما في جوفها بعد أن اختلطت مصارينها ببعضها البعض، أسودها بأحمرها، بأصفرها ليلقف الطالب الغث والسمين والطالب في نهاية الأمر يتأثر بهذه المسببات سلباً أو إيجاباً، إن اتساع الهوة بين الطالب ووعيه يشكل هاجساً وطنياً أمنياً بكل المقاييس، فهؤلاء هم رجال المستقبل، وبقدر ما تشكل الحالات الشاذة قصوراً في الوعي بقدر ما تتطلب جهدا مضاعفاً وجرعات مكثفة أساسها الأخلاق ومخافة المولى تبارك وتعالى، المسؤولية أصبحت أشبه بالكرة تقذف من ملعب إلى آخر تقع على المدرسة كما هي رغبة ولي الأمر في تمريرها ليتنصل من المسؤولية ويلقي باللائمة على المدرسة في اعوجاج سلوك ابنه في حين أن ولي الأمر يقع عليه جزء بل والجزء الأكبر من المسؤولية، فإذا لم يستطع ولي الأمر كبح جماح التصرفات الصبيانية والسلوكيات الغريبة والتي لا أعلم كيف تسللت في جنح الظلام أو على جناح طائرة لتجنح بالطالب وسلوكه المفضي إلى تصرف يسيء إليه وإلى أهله ومجتمعه، فإن ولي الأمر والحالة تلك يجب أن يترك مساحة للمدرسة وهامش من الحرية لتساعده في هذا المضمار ولا يجب أن يتدخل في دور المدرسة ورؤيتها في تأديب ابنه، وألا يهرع إلى التحامل والتجني قبل التريث والتروي إذ يتعين عليه استقاء المعلومات الدقيقة والموثقة من الأطراف مجتمعة، وكان آباؤنا في السابق يقولون الكلمة المشهورة «لكم اللحم ولنا العظم» لإدراكهم مدى أهمية التربية، فالتربية قبل العلم، بل العامل الفاعل والمساعد في تهيئة المناخ وجسر الطالب لنهله العلوم والمعارف. فإذا لم يجتاز الطالب هذا الجسر فإنه حتماً سيسقط ويسقط الآخرون معه في إحباطات متلازمة وتأنيب للضمير متواتر للمعلم ولولي الأمر جراء إخفاقهم في تقويم سلوك الطالب. ومن نافل القول إن التركيز على النشء وتحديداً المراحل الأولية بغرس القيم والمثل العليا سيكون له أكبر الأثر في تعميق هذه الأطر وتأصيلها في ذهن الطالب انطلاقاً من مبدأ الترغيب كسياق الأمثلة وابتكار أساليب تتجاوز النمطية من التلقين إلى التفعيل والتشويق والحث على الاستقامة والاتزان بأسلوب يتناغم ويتناسب مع عمر الطالب وطاقته الاستيعابية في التفاعل والتمازج مع هذه الأهداف النبيلة، قال الشاعر

ملأى السنابل تنحني بتواضع

والفارغات رؤوسهن شوامخ

 إن دور المرشدين والموجهين التربويين هي معالجة هذه الحالات، وفي تقديري بأن المعالجة تكمن في عدم خنق وإرهاق الطلبة بالتعليمات دون إعطائهم الحق الاعتباري في إبداء رأيهم وهذا دور المرشد، فلو تم منح المرشد صلاحيات محددة وألا يكون مرتبطاً بإدارة المدرسة بمعنى أن يكون مستقلاً ومرتبطاً بجهة في الوزارة مباشرة سيكون له الأثر الإيجابي فمن غير المعقول أن تكون المدرسة وإدارتها هي الخصم والحكم في الوقت نفسه ما يشعر الطالب بالغبن في هذه الناحية، ومن ثم تمرير هذا الإيحاء إلى ولي الأمر والذي بطبيعة الحال يتعاطف مع فلذة كبده ليتسع الشق، وهنا يكمن دور المرشد في تضييقه والاستعانة كذلك بخبراء الصحة النفسية بهذا الخصوص ليكون حلقة وصل بين الطالب والمدرسة وولي الأمر وتفعيل التواصل مع أولياء الأمور من الأهمية بمكان لاسيَّما وأن وسائل الاتصال ميسرة إذ يستطيع المرشد في ثوانٍ معدودة الوصول إلى ولي أمر الطالب، وهذا في رأيي من أهم الأسباب المؤدية بإذن الله إلى المعالجة وفق رؤى متكاملة في هذا الصدد ومنح الطالب أيضاً الفرصة وسماع رأيه بكل حيادية وتجرد، من هنا فإننا سنضع المبضع على الجرح ويبقى الجراح ودوره الرئيس في هذه المسألة وهو المرشد بطبيعة الحال، وخير من يقوم بهذه العمليات الحرجة والدقيقة في نظري هم خريجو تخصصات علم النفس، وعلم الاجتماع والتربية، لأنهم درسوا الحالات عن كثب من خلال نهلهم هذه العلوم والتي توليها الدول جل اهتمامها لما لها من مساس مباشر في أمن المجتمع وأمانه وإذا كانت المسؤولية كما شبهتها بالكرة وهي حائرة بين ملعبين فإن وسائل الإعلام المنصفة والموضوعية هي الحكم والحكم يحرص دائماً على خروج المباراة نظيفة بمعزل عن الكروت الصفراء والحمراء، لتخرج المباراة نظيفة وخالية من الكروت، وإن سألتني من سيأخذ الكأس فإني سأجيبك؟ بأن الكرة في ملعب الطلبة، فمتى ما التزموا في تنفيذ خطة المدرب بكل دقة وطبقوها بإتقان والمتمثلة بالالتزام بالأخلاق الحميدة فإن الكأس بلا شك سيكون من نصيبهم.

مساحة إعلانية