رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كنا نعرف، ومعنا العالم بأسره، أن منظمة التعاون الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة دولية في العالم، وأنها تمثل 57 دولة يبلغ عدد سكانها 1.5 مليار إنسان يمثلون أكثر من 20% من تعداد البشرية، وأن مساحتها مجتمعةً أقلُ بقليل من مساحة روسيا وأوروبا والولايات المتحدة سويًا، فيما يقترب معدل ناتجها القومي من معدل الناتج القومي للاتحاد الأوروبي.
لكن ما كنا نعرفه، ويعرفه العالم أيضًا، يتمثل في حقيقة العجز المخزي لتلك المنظمة، بكل تلك الأرقام، على إيجاد مكانٍ لها في هذا العالم يليق بحجمها ووزنها السكاني والجغرافي والاقتصادي، وموقعها الجيوسياسي.
"أن تصل متأخرًا خيرٌ من ألا تصل أبدًا". ثمة أملٌ بأن تنطبق هذه المقولة على حاضر المنظمة ومستقبلها بعد انعقاد القمة الثالثة عشر في إسطنبول منذ يومين. ورغم كثرة التحديات وصعوبة الواقع، داخل دول المنظمة وخارجها، إلا أن عنصرًا وحيدًا، دون اختزال، سيساعد في حصول النقلة المطلوبة: الإرادة السياسية.
واليوم، تظهر تلك الإرادة بشكلٍ واضح لدى أكبر قوتين مؤهلتين، سويًا، لتُصبحا رافعة العمل في المنظمة بحيث تبلغ كمونها المطلوب، والممكن يقينًا: السعودية وتركيا. فمع التغيرات العاصفة التي أصابت المنطقة العربية، ولا تزال تحيط بها. ومع ارتداداتها الإقليمية والعالمية التي تأثرت بها دول المنظمة بأشكال متفاوتة، تَشَكل واقعٌ جديد، سياسي وأمني وثقافي واقتصادي، يفرض على البلدين التعاون والتنسيق في أعلى أشكاله تنظيمًا وفعالية، ليس فقط لتطوير واقع دول المنظمة، وواقعهما عطفًا على ذلك. وإنما، الأهم من هذا، لمواجهة التحدي الوجودي الذي يكاد يعصف بالجميع، في حال الاستسلام لتوجهات النظام العالمي الجديد الذي يتشكل في السنوات الأخيرة.
لا يمكن أن تكون القضية حصرًا في البلدين على وجه التأكيد، لأن هذا التفكير يناقض بذاته معنى وجود المنظمة وحتمية صعودها في العالم بجهود أعضائها دون استثناء. لكنّ ثمة عاملين يجب أخذهما بعين الاعتبار. أولًا، أهلية القيادة، بكل ما تتطلبه من قدرات وإمكانات بمقاييس العصر المعروفة، وثانيًا، الخيار الذاتي، ويمكن هنا أيضًا استعارة مفهوم الإرادة السياسية.
فواقعنا المعاصر يُظهر بوضوح أن حجم الدولة وتاريخها لم يعودا حاسمين، وحدهما، لاحتلال دورٍ متقدم يعطي زخمًا إضافيًا لموقعها ودورها في هذا العالم بشكلٍ عام، وفي ترتيب البيت الإسلامي الذي نتحدث عنه تحديدًا. فكم من دولةٍ تُصرُ، وأحيانًا بعنادٍ غير مفهوم، على الاستقالة من دورها وتقزيم موقعها، مهما تناقضَ ذلك مع حجمها وتاريخها. وكم من دولةٍ تصعد كالصاروخ في تأكيد دورها وموقعها، مهما تناقض ذلك، أيضًا، مع حجمها وتاريخها.
ثمة حقيقةٌ أخرى يجدر الحديث عنها بصراحةٍ ووضوح. فالحديث عن تطوير منظمة المؤتمر الإسلامي، وكل ما له علاقة بذلك من صفةٍ (إسلامية)، لا يتضارب بالضرورة مع (عربية) الدول العربية وثقافتها، تمامًا كما لا يتضارب مع (إفريقية) أعضاء المنظمة من القارة السمراء، ولامع (آسيوية) أعضائها من آسيا، بكل تنوعها الكبير إثنيًا ولغويًا وثقافيًا.
هذه (تناقضاتٌ) موهومةٌ ومُفتعلة، يمكن أن تُصبح مجال تضارب وُفق فكرٍ تقليديٍ لم يعد صالحًا للعصر، لكنها في حقيقتها مصدرُ تنوعٍ ثريٍ وهائل. وبشيءٍ من التفكير المعاصر، سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، تبني الخلفية السابقة أطرًا حديثة ومعاصرة من التداخل والتكامل الإيجابي لدوائر الهوية والانتماء، بعيدًا عن الشعور بأنها مداخل تنافرٍ وتنافسٍ وعداءٍ.
أكثرُ من ذلك. يمكن أن تُصبح هذه الطريقة في التفكير، نهايةَ المطاف، مدخل حلٍ أكثر فعاليةً لمشكلة الطائفية، بكل ما ينتج عنها في واقعنا المعاصر، من ارتكاسٍ إلى هوياتٍ ضيقةٍ بدائيةٍ غرائزيةٍ أحادية البُعد. وهذه مُقاربةٌ لمحاربة الطائفية وعنفها القاسي المعاصر يجدر أن تكون مجال دراسةٍ وتفكيرٍ، إن كنا نبحث حقًا عن حلول شاملة وغير تقليدية للظاهرة.
وهذا كله يُغلق، بالتالي، باب الادعاءات، على المستوى الدولي، بأن هذه النشاطات تشكل نوعًا من العُزلة والانغلاق والتقوقع داخل أطرٍ دينية ومذهبية. فالحقيقة أن النظام الدولي المعاصر يبدي عجزه المتزايد، مع كل مشكلةٍ جديدة تواجه العالم، في معالجة تلك المشاكل من جذورها. ويَظهر واضحًا باطراد، للمراقبين الجديين في كل مكان، أن عقلية (إدارة الأزمات) أصبحت جوهر الرؤية السياسية لهذا النظام الدولي. فمن السياسة إلى الاقتصاد، ومن الأمن إلى الاجتماع والثقافة، ومن المنطقة العربية إلى أوكرانيا، مرورًا بأزمات أوروبا وإفريقيا والشرق الأقصى، يبدو النظام العتيد مكتوف اليدين حين يتعلق الأمر بحلول جذرية تُرسخ الأمن والسلام والاستقرار والتنمية في أي منطقة بشكلٍ مستدام. وحين نصل إلى أمريكا، نجدها تقدم لنا مثالًا على ما يمكن أن تهديهِ للعالم في المستقبل القريب: دونالد ترامب، وهذا أمرٌ لا يحتاج لتعليق.
بالمقابل، تقدم منظمة التعاون الإسلامي تحت شعارها الراهن (الوحدة والتضامن من أجل العدل والسلام) حلولًا لمشكلات يعتبرها النظام الدولي أساسية وخطيرة، وهي كذلك فعلًا، لكن حلوله المشوهة لها تزيدها اشتعالًا. مَن هو، مثلًا، المتضرر الأكبر من ظاهرة الإرهاب؟ ومَن هو بالتالي الأقدر على التعامل معها بشكلٍ جذريٍ حاسم؟ تَعرضُ المنظمة ترياقها الخاص لهذا المرض. وإذا نجح في شفاء البشرية منه، كاحتمالٍ غير مستبعد، سيكون معيبًا، مع هذا المثال، ومع حديثنا السابق عن عجز النظام الدولي، عدم الاستجابة لأردوغان في دعوته لإعادة هيكلة مجلس الأمن، وصولًا لنظامٍ دولي أكثر تنوعًا وتمثيلًا وقدرة حقيقيةً على حل مشكلات هذا العالم.
يعيد هذا التحليل التذكير بالمسؤولية الكبرى المُلقاة على تركيا والسعودية ليكون العمل الفعلي بعد القمة الأخيرة خطوة انطلاق حقيقية، ليس فقط لإعادة ترتيب البيت الإسلامي، وإنما البيت العالمي الذي ملأته الفوضى ولم يعد بعض ساكني غرفه الراقية قادرين على وقف اهتراء أساساته.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
975
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
909
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
693
| 15 ديسمبر 2025