رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
س: — أنا تاجر بقالة وفي شهر رمضان يأتي إلي ناس مفطرون لشراء بعض المأكولات والعصائر فهل يحرم على البيع لهم أو لا؟.
ج: — الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد
أولا: البيع والشراء للأطعمة والعصائر وسائر أصناف المواد الغذائية نهار رمضان لا بأس به كسائر المناشط الحياتية، والحركة اليومية لطبيعة الحياة ومتطلباتها، لعموم قوله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ " ولا يَحرم منها إلا ما حرم الشرع الحنيف الاتجار فيه كالخمور والمخدرات بأنواعها القديمة والحديثة.
ثانيا: يتبايع الناس هذه الأطعمة والعصائر لإعدادها وتحضيرها لوقت إفطارهم من صومهم، الذي حددته آية الصيام " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" فلا بأس بذلك شرعا ولا حرج إن شاء الله.إذ ليس كل من يشترى طعاما أو شرابا يتناوله نهارا. ولنا الظاهر من أحوال الناس ولم نُؤمر أن ننقب عما فى صدروهم.
ثالثا: وقد يكون من هؤلاء الزبائن غير مسلمين ومنهم أيضا أصحاب أعذار شرعية تُبيح لهم الإفطار، وقد يكون وراءهم ممن يعولون أصحاب أعذار شرعية ممن هم دون البلوغ من الجنسين وفى الصحيح " عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يحتلم"
رفع القلم كناية عن عدم التكليف، إذ التكليف يلزم منه الكتابة فعبر بالكتابة عنه أي ليس يجري أصلا لا أنه رفع بعد وضع وعبر بلفظ الرافع إشعاراً بأن التكليف لازم لبني آدم إلا لثلاثة هم المذكورون. " وهناك القواعد من النساء، وكذا الحوائض والنفساء والمرضى، ومن هم على سفر، والحوامل والمراضع وغيرهم وغيرهم، وقد يكون من هؤلاء من يباشر الشراء بنفسه ومنهم من يشترى له عائله، فلا بأس من البيع والشراء لتبادل الأعيان والمنافع من جهة، وأخرى لرعاية مصالح من تم ذكرهم هنا.
رابعا: إذًا ليس الحرج فى البيع والشراء — للاعتبارات التى سقناها آنفا —، وإنما الحرج إذا كان فى البقالة مطعما يقوم بتقديم الطعام فى الحال نهارا، ويتم تناوله أثناء وقت الصيام جهارا نهارا، هنا يكون الحرج، ولا سيما إذن لم يكن الطاعمون أصحاب أعذار شرعية لأنه يكون حينئذ معيناً على فعل المحرم والإعانة على الحرام — بأي نوع كان — حرام قطعاً، وأصل العمل — البيع — مباح وإنما جاءته الحرمة من أمر عارض..
والخلاصة: البيع فى نهار رمضان لا بأس به شرعا ولا حرج، ولكن تشغيل المطاعم وتقديم الموائد جهارا نهارا لغير أصحاب الأعذار الشرعية هو الذي فيه الحرج، والله أعلم".
* الأدلة على أن الإعانة على الحرام حرام
س: ما الدليل على أن الإعانة على الحرام حرام؟
ج: الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد
الأدلة التى استُنْبِط منها الحكم هنا وقاعدة " الإعانة على الحرام حرام " 1 — من القرآن الكريم الله تعالى يقول: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"
2 — من السنة النبوية المطهرة: أ — حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَال: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقِيَهَا "
ب — وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ — فِي إِعَانَةِ الظَّالِمِ — عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: " مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ لَمْ يَزَل فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ"
ج — وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " مَثَل الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ كَمَثَل بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ".
د — وَلِحَدِيثِ " مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْل مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَل، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ"
ه — وَحَدِيثُ " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَال: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ"
هذه نصوص نبوية ناطقة روحها بحرمة الإعانة على محرم فى الشريعة الإسلامية، سادسا: وفى الفقه الإسلامي نظائر كثيرة لحالة السؤال بناء على هذه القاعدة " أن كل ما يُؤدى إلى حرام فهو حرام " قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (فلو باع العنب ممن يتخذه خمراً) بأن يعلم أو يظن منه ذلك (أو الأمرد من معروف بالفجور) به (ونحو ذلك) من كل تصرف يفضي إلى معصية، كبيع الرطب ممن يتخذه نبيذاً، وبيع ديك الهراش، وكبش النطاح ممن يعاني ذلك (حرام) لأنه تسبب إلى معصية.
وقال ابن حجر الهيتمي في الكبائر: والظن في ذلك كالعلم.
وقال ابن مفلح في الفروع: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير لمتخذه خمراً، قطعاً، نقل الجماعة: إذا علم، وقيل: أو ظنا.
سؤر غير المسلم
س: — كنت في محفل جمع طائفة من المسلمين والنصارى واليهود، وصادف أن جلس بجواري رجل نصراني وطلب كوباً من الماء فشرب منه، ثم ناولني ما بقي في الكوب من الماء فشربته فأنكر علي أحد الجالسين من إخواننا المسلمين، وقال لا يجوز شربك من الماء الذي شرب منه النصراني، لأنه نجس لأن الله تعالى قال: (إنما المشركون نجس) فلم أوافقه على ما قال، وحصلت بيننا مشادة قوية كادت تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.. فأينا مصيب؟ أرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة مع ذكر المراد من لفظ (نجس) الوارد في الآية الشريفة ولكم الفضل والثواب.
ج: — الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد
أولا: معنى السؤر هو: ما يبقي في الاناء بعد شرب الشارب منه وأكله، وأجمعت المذاهب الأربعة على طهارة سؤر الآدمى — عموما — بجميع أحواله مسلما كان أو كافرا، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، طاهرا أو نجسا، حائضا أو نفساء أو جنبا، فالآدمى طاهر، ولعابه متولد من طاهر — وكل لعاب متولد من طاهرٍ طاهرٌ — وعند شرابه اختلط طاهرٌ بطاهرٍ وهو الماء، فالسؤر المختلط به طاهر، إلا إذا لَابَسَ نَّجَاسَةَ كأن شرب خمرا أو أَكَلَ مَيْتَةً نَجِسَةً أو أكل لحم خنزير مثلاً ثم شرب من الماء مباشرة على فور ذلك، قَبْلَ بَلْعِ رِيقِهِ فَإِنَّ سُؤْرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ متنِجَّسٌ ؛ لنجاسة فمه بالخمر أو الميتة أو لحم الخنزير فَإِنْ زال أثر نجاسة فمه بأن لحس شفتيه بلسانه وبَلَعَ رِيقَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قبل شرب الماء طَهُرَ فَمُهُ فإذا شرب لا يكون سؤره حينئذ نجساً، وعلى ذلك لا مانع شرعاً من شرب سؤر هذا النصراني مالم يتحقق تناوله نجساً كما تقدم وإلا امتنع من شربه.
والأدلة على طهارة سؤر غير المسلم
— لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. ووجه الدلالة فى الآية الكريمة وقد أحل الله تعالى للمسلمين طعامهم، وَطَعَامُهُمْ إِنَّمَا يَصْنَعُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ فِي أَوَانِيهِمْ فلو كانت نجاستهم نجاسة العين والبدن لما أحل طعامهم،
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1926
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1131
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في نسخة تحمل دلالات عديدة على المستويين التنظيمي والفني، حيث يؤكد المغرب مرة أخرى مدى قدرته على احتضان كبرى التظاهرات القارية، مستفيدًا من بنية تحتية متطورة وملاعب حديثة وجماهير شغوفة بكرة القدم الإفريقية. مع انطلاق الجولة الأولى للبطولة، حققت المنتخبات العربية حضورًا قويًا، إذ سجلت مصر والمغرب والجزائر وتونس انتصارات مهمة، مما يعكس طموحاتها الكبيرة ورغبتها الواضحة في المنافسة على اللقب منذ البداية. دخل منتخب المغرب، صاحب الأرض والجمهور، البطولة بثقة واضحة، معتمدًا على الاستقرار الفني وتجانس اللاعبين ذوي الخبرة. كان الفوز في المباراة الافتتاحية أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة قوية لبقية المنافسين بأن «أسود الأطلس» عازمون على استغلال عاملي الأرض والجمهور بأفضل صورة ممكنة. أما منتخب الفراعنة، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب، فقد أظهر شخصية البطل المعتاد على البطولات الكبرى، وقد منح الانتصار الأول للفريق دفعة معنوية كبيرة، خاصة أن بدايات البطولات غالبًا ما تحدد الطريق نحو الأدوار المتقدمة. من جهته، أكد المنتخب الجزائري عودته القوية إلى الواجهة الإفريقية، بعد أداء اتسم بالانضباط التكتيكي والفعالية الهجومية. أعاد الفوز الأول الثقة للجماهير الجزائرية، وأثبت أن «محاربي الصحراء» يملكون الأدوات اللازمة للمنافسة بقوة على اللقب. ولم تكن تونس بعيدة عن هذا المشهد الإيجابي، حيث حقق «نسور قرطاج» فوزًا مهمًا يعكس تطور الأداء الجماعي والقدرة على التعامل مع ضغط المباريات الافتتاحية، مما يعزز حظوظهم في مواصلة المشوار بنجاح. كلمة أخيرة: شهدت الجولة الأولى من البطولة مواجهات كروية مثيرة بين كبار المنتخبات العربية والأفريقية على حد سواء. الأداء المتميز للفرق العربية يعكس طموحاتها الكبيرة، في حين أن تحديات المراحل القادمة ستكشف عن قدرة كل منتخب على الحفاظ على مستواه، واستغلال نقاط قوته لمواصلة المنافسة على اللقب، وسط أجواء جماهيرية مغربية حماسية تضيف مزيدًا من الإثارة لكل مباراة.
1056
| 26 ديسمبر 2025