رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الطوفان الرقمي هو عنوان كتاب صدرت نسخته الإلكترونية عن مؤسسة "هنداوي للتعليم والثقافة"، ويناقش عددا من القضايا المعلوماتية المهمة، أبرزها قضية الخصوصية وكيف أثر الانفجار المعلوماتي عليها في كثير من الأحيان بالسلب، ونظرا لأهمية الموضوع نعرض لمقتطفات مما جاء في هذا الكتاب فيما يلي.
من أبرز مساوئ الانفجار الرقمي أن أصبح التجسس على الآخرين عملا يسيراً يمكن للحكومات أن تقوم به إزاء الأفراد دون علمهم. فكاميرات المراقبة الرقمية تنتشر الآن في معظم شوارع ومدن العالم، حتى أنه في مدينة لندن وحدها يوجد أكثر من نصف مليون كاميرا مثبتة على جوانب المباني، بمعدل كاميرا واحدة لكل اثني عشر مواطنا، تلتقط للمواطن الواحد مئات الصور يوميا. ومع انتشار هذه الكاميرات الرقمية، يتضاءل مجال الخصوصية إلى درجة لم يكن يتصورها حتى جورج أوريل في روايته الشهيرة 1984.
أما شركات الهواتف المحمولة فلا تعلم فقط الأرقام التي نقوم بالاتصال بها، بل تعلم أين كنا وقت أن أجرينا المكالمة، الأمر نفسه بالنسبة لشركات الائتمان التي تعلم مقدار ما أنفقنا من أموال، وتعلم كذلك ما اشتريناه بهذا المال. أما المصارف التي نتعامل معها فلديها سجلات إلكترونية بمعاملاتنا المالية، ليس فقط بغرض ضبط عمليات السحب والإيداع، بل لإخطار الحكومات إذا حدث وقام صاحب الرصيد بسحب مبلغ كبير من المال من حسابه. وبفضل نظام تحديد المواقع أصبح العثور على أي شخص أمرا سهلا، خصوصا أن هذه الخاصية أصبحت موجودة الآن في الهواتف المحمولة. وعليه فإنه في أي مكان توجد فيه تغطية للهاتف المحمول، يمكن استخدام إشارات برج الهاتف لتحديد موقع أيا منا.
أما الصناديق السوداء فلم تعد قاصرة على الطائرات، فالعديد من شركات تصنيع السيارات أصبحت تضيف مثل هذه الصناديق كوسيلة لجمع المعلومات عمن يقود سياراتها (سرعة السيارة ووقت استخدام المكابح، والالتزام بإشارات الالتفات، وحزام الأمان) ومن ثم تحديد على من تقع المسؤولية حال وقوع حوادث أو تلفيات في السيارة.
من ناحية عكسية فإن ما يقوم الأفراد بجمعه من معلومات أو التقاطه من صور يمكن تتبع مصدره بسهولة كبيرة. فالكاميرات الرقمية مثلا تسجل بيانات وصفية بداخل كل صورة تلتقطها، تشمل إعدادات الكاميرا، وتاريخ التقاط الصورة، ووقته، وماركة الكاميرا ورقمها التسلسلي، وفي حال قام صاحب الكاميرا بشرائها عبر كارت ائتماني فيمكن التعرف على هويته بسهولة. الأمر نفسه بالنسبة للأوراق المطبوعة، فمعظم طابعات الليزر تزود حاليا بتقنية تترك ما يشبه البصمة (التي يصعب رؤيتها) على كل ورقة تطبعها، تشير إلى تاريخ طباعة الورقة، والرقم التسلسلي للطابعة.
والخلاصة التي انتهى إليها الكتاب أنه أينما ذهبنا فإن هناك بصمات إلكترونية تدل علينا. فالانفجار المعلوماتي قد بعثر تفاصيل حياتنا في كل مكان. ومن يحاول أن يتجنب ترك أثار رقمية وراءه يشبه من يحاول تجنب ملامسة الأرض عندما يسير عليها.
ورغم ما يمثله هذا العالم الرقمي من تحدي، فإن المفارقة التي يبرزها الكتاب أننا وقعنا بالفعل في غرام هذا العالم الذي لا يحترم الأسرار. ذلك أننا نضحي بخصوصيتنا في مقابل ما يتيحه من كفاءة وراحة وسرعة. ليس فقط بفعل إغواء التكنولوجيا التي اكتسبت عوامل جذب كبيرة، ولكن لأن ميول الناس وقناعاتهم تغيرت أيضا بدرجة كبيرة، فالأفراد الآن يمارسون نوعا من الإقبال الجماعي على التكنولوجيا، وفقا لمنطق أنه إذا كان الجميع يفعلون ذلك فلماذا أمتنع أنا، ويصدق هذا أكثر ما يصدق على شبكات التواصل الاجتماعي. كما ينفتح الكثيرون على التكنولوجيا رغبة في توفير المال أو الوقت، كما في عمليات الشراء الإلكتروني، واستخدام بطاقات الائتمان، البعض الآخر لا يستشعر أي خطر من وراء المشاركة في معلوماته الشخصية، فالكثير من الناس ينشرون ويذيعون معلوماتهم دون أن يفرض أحد عليهم ذلك، كما أن معظم الشباب ممن لهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لا يضعون أي قيود على اطلاع الغير على محتويات حساباتهم الخاصة. فقد تسبب النمو الهائل في التكنولوجيا في تغيير جذري لتقييمنا لما نعده من الخصوصيات ولنظرتنا بشأن ما ينبغي أن يكون من الأسرار.
المشكلة الحقيقية تبدأ عندما تبدأ الحكومات في محاولة الاستفادة من التقنية للتغلغل في خصوصيات الأفراد ومراقبتهم، فرغم أن إخفاء الهوية هو ديدن النظام الديمقراطي إلا أن التكنولوجيا توفر باستمرار وسائل للالتفاف على هذا المبدأ، ما يتيح للحكومات أن تتظاهر بالديمقراطية فيما هي تنتهك أشد خصوصيات مواطنيها.
ما يساعد الحكومات حاليا على تحقيق غرضها هذا، أن قضايا الإرهاب قد جعلت الرأي العام العالمي أكثر تعاطفا مع الإجراءات التي تضر بالخصوصية وذلك في إطار مقولات حماية الأمن والاستقرار. إذ تستغل الحكومات حالة الخوف المرضي لدى الناس العاديين من الإرهاب والعنف لتعميم إجراءات تستهدف المزيد من خصوصية الناس. حتى أصبح مفهوم الحكومة الإلكترونية سلاحاً ذا حدين، فمن جهة أصبح هذا المفهوم وسيلة لتيسير إجراءات التعامل اليومي مع جهاز الدولة، ولكنه من جهة أخرى يشير إلى قدرة الدولة المتزايدة على مراقبة الفرد وتجريده من خصوصيته ومعرفة كل ما تريد معرفته عنه من نشاطات أو اهتمامات أو أفعال يقوم بها في حياته الخاصة.
للمزيد يراجع كتاب الطوفان الرقمي، هال إبلسون، هاري لويس، كين ليدين، ترجمة أشرف عامر.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6708
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2778
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2442
| 30 أكتوبر 2025