رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شهدت اسطنبول ـ التي كانت حاضرة الخلافة سابقا لقرون والتي قال في شأنها نابليون بونابرت: لو خيرت أن أجعل عاصمة للعالم لجعلتها اسطنبول ـ حراكا مميزا الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع حيث تداعى العلماء والمفكرون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى مؤتمرين مهمين عقدا في سياق المواجهة العامة والخاصة والمشاركة الفاعلة للشعب السوري الجريح ضد الظلم والاستبداد اللذين لم يعودا خافيين على أحد في هذا العالم اللهم إلا من أراد أن يحجب الحقائق فيغطي الشمس بغربال وهو يعرف أنه مخادع منافق، أما المؤتمر الأول فكان من إعداد علماء المسلمين من السوريين وغيرهم حيث حضر وشارك العديد من الجنسيات الأخرى العربية والإسلامية نصرة لإخوانهم المظلومين في الشام، وخرج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية بارزة أهمها التمسك بسلمية الثورة ورفض التدخل العسكري الخارجي والتأكيد على وجوب المظاهرات والنهي عن التخلف عنها إلا لعذر شرعي أو واقعي مقبول، والإهابة بالجيش السوري أن يظل حاميا لحدود الوطن من الأعداء، حيث مكانه الطبيعي لا أن يقمع الشعب الذي بناه من قوته وماله والترحيب بل الدعوة إلى أي انشقاق عنه كما فعل الضباط الأحرار، ثم أخيراً فضح الدور الخياني الذي تمارسه إيران وما يسمى حزب الله من الوقوف مع الظالم ضد المظلوم ومع الجلاد ضد الضحية حقدا وتجبرا واحتقارا لإرادة شعبنا البطل الذي ضرب ويضرب أروع الأمثلة في مقاومة العصابة الفاشية التي أذلت، ومازالت هذه الجماهير هي وحدها قوة الممانعة لبناء الذات لا من يهدمون البلاد ويقتلون العباد باسم المقاومة والممانعة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) "الكهف".
وأما المؤتمر الثاني فهو ملتقى الإنقاذ الوطني الذي ضم أطياف شعبنا العظيم وقد تم فيه بعد تعثر نتيجة التراكمات التي لم يكن أحد متسببا في تداعياتها إلا هذا النظام الوحشي الرعيب – نعم تم في نتائجه اختيار قائمة توافقية تكون لجنة أو هيئة رسمية منتخبة من أعضاء هذا المؤتمر الذي عقد في ظروف استثنائية في دمشق واسطنبول والذي ارتكبت العصابة المجرمة إبان انعقاده في القابون بدمشق مجزرة رهيبة راح ضحيتها خمسة عشر شهيدا وجرح العديدون وهدد صاحب الصالة التي كان سيعقد فيها المؤتمر مما دعا المنظمون إلى إلغائه صونا للدماء ولكن الإباء الشامي قال لا رغم ذلك وتحدث عدد من الأعضاء من العاصمة لحاقا بأبنائهم الشهداء الذين قدموا أرواحهم وقالوا لابد للمداد أن يتبع الدماء وإن كل حر في سوريا إنما هو مشروع شهيد فشكرا جزيلا لمؤتمر الإنقاذ ممثلا برئيسه شيخ الحقوقين الرجل المجاهد السيد هيثم المالح وشكرا لمؤتمر العلماء ورابطة العلماء السوريين التي دعت المشاركين وكانت سببا مباشرا في نجاحه والحمد لله.
وإذا كان من طبيعة مجريات الحياة أن الإنسان لا يكاد يهب عليه نسيم الفرح والسرور إلا ويلفحه الكدر مرة بعد مرة فإننا كنا في غاية الحزن لما سمعنا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى زيارته الرئيس السوري بشار الأسد وقيادته يعرب عن امتنانه لمقابلة هؤلاء ويصرح أنه لا يمكن لأحد أن ينزع شرعية أي رئيس، مؤيدا لبقاء بشار الذي امتدحه في دمشق وكرر لدى زيارته إلى دولة قطر مساندته للإصلاح في سوريا، مبينا أنه قرأ في صحيفة البعث السورية التنويه بذلك في عشرين موضعا، ولكنه ألمح كأن خطابه هذا هو الممكن أو هو ما يجب أن يصرح به أي للذي يفهم فحوى الكلام أنه مكلف بذلك.
وعلى أي حال فما نظن أن نبيل العربي كان نبيلا في تناسي مأساة شعبنا السوري البطل الذي أصبحت أخبار ثورته ملء السمع والبصر، ولكن طبعا لم يسمع سماع إنسانيته ووعي لا كمن وصفهم القرآن أنهم يسمعون وهم لا يسمعون، وكذلك فإننا بكل يقين نشكك أن يستحق هذا الرجل وصف العروبة وما تحمله من معان عظيمة، فالعربي بطبعه ناشد للحق ثائر على الباطل ودمه الذي يجري في عروقه يأبى عليه محاسنه ومغازلة الظالم بل والثناء عليه دون أي إشارة أو تلميح وربما كان كغيره يخاف كغيره طبعا من الشخصيات بل والمؤسسات والدول التي تعرف تماماً سجل النظام السوري في الاغتيالات والتفجيرات وتصفية المعارضين أو الذين يرفضون خطاب فرعون الذي يهتف: ما علمت لكم من إله غيري.. فما نبس ببنت شفة مشاركة لجماهيرنا المقهورة ولم يأبه لهذا النهر من الدماء الذي جرى ويجري على أرض الشام المباركة، لم يحمل نبيل العربي أو قل العجمي الذي لم يفهم أي دبلوماسية في تصريحاته تلك وكان ضعيف الشخصية مهزوزاً في حديثه الذي ملأه بالتلعثمات والتأتأة حتى إنني أجزم أن أي طفل عربي متعلم لو تحدث لكان أفضل منه وليته سكت إننا نقول نبيل لأنه عندما يعوج المسؤول ولا يقف مع أشواق وتطلعات الأمة تعوج مؤسسته وهي هنا ما شاء الله جامعة الدول العربية.
أقول: إن هذه الجامعة منذ تأسيسها عام 1945 قد أقرت في ميثاقها ومهماتها إضافة إلى التعاون والتنسيق بين الدول العربية على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية خاصة وكذلك التعاون لدرء العدوان، وصيانة استقلال الدول والنظر في شؤونها بما يحقق مصالحها، أقرت التعاون مع تلك البلاد بكل ما يضمن السلم الأهلي فيها، ولذا فقد صرح عمرو موسى إثر أحداث ليبيا وتعرض الشعب لجرائم ضده من قبل القذافي، وحيث أقدم على استعمال الطيران والأسلحة الثقيلة قائلاً: لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يحدث في ليبيا من انتهاكات ضد الشعب وتمت المشاورات مع مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الإفريقي لوقف الجرائم ضد هذا الشعب وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن والمناطق والوصول إلى قرار الطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤوليته تجاه ما يجري وأن يتم الحظر الجوي، وأن تقام أماكن آمنة للسكان وأن يتم التعاون مع المجلس الانتقالي بعد ذلك والتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، والكل يعرف أن هذا قد تم ولم ترق من الدماء الليبية العزيزة إلا القليل بالنسبة لما يجري الآن في سوريا، نعم، إن عمرو موسى صرح مؤخرا أن الجامعة قلقة لما يجري وأن بعض وزراء الخارجية العرب طلب منه اللقاء والتفاهم والتشاور في ذلك ولكن الستار أسدل بعدها حتى جاءنا هذا الأمين العام الجديد وفي أي وقت في وقت انتصار الثورة المصرية والتوقع أن مناصرة الشعوب الأخرى يجب أن تسود لا خذلانها إن الحق أبلج وإن الباطل لجلج وإن المظاهرات المليونية التي خرجت في سوريا خاصة في حماة ودير الزور حيث هب فيهما مليون متظاهر وكلهم حنق على العربي وجامعته حيث يقول الشعب كلمته ويعلن وفاة هذه الجامعة وسقوطها هو أكبر دليل أن النفاق السياسي لن ينفع صاحبه أبدا، ولعل الشاهد بالشاهد يذكر فقد نشرت صحيفة الحياة في 20/6/2011 مقالا للكاتب داود شريان ذكر فيه ما نقله موقع إيلاف عن الناشط السوري فراس تميم قال: قابلنا أحمد بن حلي نائب الأمين العام وسألناه عن دور الجامعة إزاء ما يجري، فأجاب: إن الجامعة وجدت لتسيير مصالح الحكومات لا لتلبية مطالب الشعوب، ولما سأله أحد المصريين هل أنت إنسان؟ قال: أنا إنسان خارج الجامعة لكنني هنا لست إنسانا!! أي ارتباك وأي اضطراب بل انهيار في هذه الجامعة التي لا يكون القرار فيها إلا لأمينها وهو هنا اليوم نبيل العربي فما لم يستدرك هذا الرجل الخطر الذي وقع فيه فستبقى الأمة تلاحقه بضمائرها دائما وهل يرتاح إن كان له ضمير يؤنبه أن يتعرض لمأساة ثلاثة وعشرين مليونا في سوريا، إنه بفعله هذا يسهم حقا في إسقاط الجامعة وإن الثورات العربية سوف تسقطها ما لم تنسجم مع مبادئها وتحترم عقول ومشاعر الأمة كلها، إن الكيل بمكيالين يدل دلالة واضحة أن الجامعة ما هي إلا أداة ضيقة بيد أصحاب القرار الكبار ومهما اختلفت التصريحات فهي تصب في مصالحهم أخيرا.
إن نبيل العربي بتصريحاته تلك أكبر شاهد حكومي مسؤول عن ذبح الشعب السوري، وإن جامعته لتحمل خارج رحم الأمة، وإننا لنسأله أخيرا ماذا قدم الأسد الابن وأبوه حتى ينحاز إلى رأيهما لا إلى الشعب وأين رؤيته لتاريخ سوريا إن كان له رؤية، إن سوريا اليوم تعيش حالة شبه فراغ سياسي، أفيأتي نبيل ليقوي الظالم ويسد شيئا من ثغراته باسم ما يسمى الإصلاح الذي هو كمواعيد عرقوب؟ وفي نهاية المطاف إن المجازر التي عمت سوريا من قبل هذا النظام وعم خبرها في الدنيا ستكون قريبا قريبا إن شاء الله هي المحرك للنصر وليس كلام الشبيح المصري نبيل العربي الذي نطالبه بالتراجع الفوري عن تصريحاته.
Khaled-hindawi@hotmail.com
جمال الأذان المفقود
لماذا غاب جمال الصوت في رفع الأذان؟ أليس لاختيار المؤذن شروط وضوابط؟ كيف تراجعت هذه الشروط التي كانت... اقرأ المزيد
105
| 19 ديسمبر 2025
جسم الإنسان يقبل التدرج ويرفض المفاجأة
غالبا، حينما نود تغيير أو زيادة أو علاج عنصر في جسم الانسان، علينا البدء باعطائه جرعات خفيفة من... اقرأ المزيد
105
| 19 ديسمبر 2025
تدابير الله كلها خير
يقول الله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله... اقرأ المزيد
99
| 19 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
837
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
693
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
675
| 15 ديسمبر 2025