رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في حين كان العالم العربي بل وعموم الإنسانية تعيش حالة الغبن لما آلت إليه الأوضاع في مصر منذ صبيحة يوم الأربعاء الماضي بشكل تداخلت فيه المواقف وتباينت فيه الآراء في فرز مخيف لوحدة الأمة مابين مؤيد لإخوان مصر بحكم الشرعية المكتسبة لهم وبين مناهض للجماعة في اعتصامات الميادين العامة وفي عموم فكرها وتاريخها وحقوق أفرادها. عموماً في هذا الخضم المخيف الملون بالدم والبارود الذي أدمى المقل وأضاف نزيفاً لجراح الأمة كانت القلوب تُدك بخبر يزيد الحزن حزناً والألم إيلاماً بفقد رجل كان بحجم أمة في حضوره وعطائه. ذلك هو الدكتور عبدالرحمن السميط الذي ودعته الأمة إلى مثواه الأخير يوم الجمعة الماضي في مشهد مهيب بعد صراع المرض الطويل الذي لازمه يرحمه الله. فأنا لا أعرف الرجل عن قرب سوى انه قد جمعتني الصدفة في العاصمة السنغالية دكار بأحد الأخوة ممن طالته مشاريع الدكتور السميط الواسعة هناك. فقد كان السنغالي محمد وهو من أحد القبائل الإفريقية المسلمة قد تخطفته جهود التنصير في القارة السمراء وكاد أن يفقد دينه بسبب العوز والحاجة التي تعم غالبية الناس هناك وظل الرجل يعيش في داخله معترك الفطرة والإيمان بدين الحق وأيادي الحنو التنصيري النشط في بداية الثمانينات سوى أن جهود فقيد الأمة الدكتور السميط كانت واعية للتعامل مع تلك الحالات بحرفية عالية لتنتشل هذا الشاب مثل غيره من حياض التنصير بالعودة إلى فطرته ودين قبيلته بقليل من العطاء الذي وفر له العيش الكريم فغدا بجهود مؤسسة (العون المباشر) سائقاً لسيارة أجرة يوفر لنفسه وأسرته ما يسد الحاجة دون أن يمضي هكذا تائهاً. كان هذا السنغالي يفرح بلقاء العرب ويعد أحدهم عندما يزور بلاده في أقاصي القارة السمراء شريكاً لتلك الجهود التي عادت ببوصلة فكره إلى دين الحق بل كان يتحدث عن الدكتور السميط بمحبة وكأنه أب له نال منه كل الرعاية والعطاء منذ طفولته فيذكر أن أسرته عموماً طالها خير وفير في قريتهم النائية حيث بني المسجد ودعمت الأسر لتحسين بيوتها وحفرت لهم أبار المياه. كانت تلك صورة تذكرتها وأنا أسمع بنبأ وفاة الداعية الكبير الدكتور السميط وكم هو جميل أن تكون معرفتي الأولى بالدكتور السميط من خلال هذه الصورة الحية التي لمستها في حديث سائق سيارة الأجرة السنغالي. كان ذلك في العام 2006م عندما كنت ازور السنغال في مهمة عمل وصادف أن التقيت هناك بعدد من الأخوة العرب ممن ذهبوا للصيد في مناطق تلك الدول الوفيرة بخيرات الطبيعة وأنعامها. سوى أن الدكتور السميط والعاملين معه في المؤسسات الخيرة كانوا يحضرون إلى تلك الديار الصعبة في بعض ظروفها وإمكاناتها لغرض صيد آخر للأجر والحسنات في توفير الدعم والرعاية للمحتاجين هناك بدافع الأخوة والإنسانية وبذل أسباب العمل لدينهم وعقيدتهم فقد كان الدكتور السميط رائداً في العمل الخيري التطوعي فلم تؤدلج أفكارهم وأعمالهم لهدف أو سياسة سوى العطاء للإنسانية لوجه الله وحده وكانت لجهودهم نتائج ملموسة وانتشلت الكثيرين من الفقر والعوز والحاجة والانحراف عن دينهم وعقيدتهم بل امتدت تلك الأيادي نحو غير المسلمين ممن وجدوا في تلك الجهود ملاذاً لهم من الفقر والتخبط العقدي إلى فسحة من الخير والنور وأعرف أن أعمال السميط رحمه الله لم تكن تميز بين أحد دون الأخر بل تقدم الدعم وتدعو إلى دين الله بالحسنى والمنجزات الملموسة دون البحث عن السمعة والمكتسبات. رحم الله الدكتور السميط فقد كانت وفاته في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الرموز المعطاءة التي تحفز فينا قيم الأمة وصواب المنهج في الفكر والعمل فقد أحبطتنا صور التناحر والتعاطي البغيض وأدمتنا شهوة الكراسي. رحم الله الدكتور السميط فقد كان قدوة لجهود ننتظر بروزها بعده.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13716
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1263
| 25 نوفمبر 2025