رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الغرام الارتمائي الذي عبر عنه الرئيس عباس بالمبادرة المصرية، وإعلان التمسك بها، وحض الفصائل الفلسطينية على قبولها، يثير الاستغراب ويستدعي أسئلة عديدة، فالمبادرة المصرية الحالية لا تتضمن سوى تعديلات طفيفة على المبادرة الأصلية التي فرحت بها إسرائيل وتمسكت بها، ورفضت في مقابلها أي مبادرات أخرى بما فيها تلك الأمريكية، أي أن المبادرة المصرية ـ وبكل موضوعية ووضوح وهدوءـ حققت لإسرائيل ما لم تحققه الوساطات والمبادرات الأمريكية، على ذلك كيف يمكن أن يقبلها الفلسطينيون و"يتمسكون" بها؟ فهذه المبادرة لا تحقق المطالب الفلسطينية بقدر ما هي مهجوسة بـ"أمن إسرائيل" وكيفية تحقيقه والحرص عليه، وتعيد تدوير الأمور على ما كانت عليه قبل الحرب، وهي إلى ذلك مليئة بالعبارات الغامضة والضبابية والاشتراطية التي تتيح لإسرائيل تفسير بنودها كما تراها، ومن دون أي إلزام.
مثلا. وفي بندها الأول. تؤكد المبادرة على عدم تنفيذ إسرائيل "أي عمليات اجتياح بري لقطاع غزة أو استهداف المدنيين"، معنى ذلك أن إسرائيل مسموح لها أن تستهدف غير المدنيين، وإسرائيل أساسا تقول ليل نهار إنها لا تستهدف مدنيين، وأن الألفي شهيد الذي سقطوا في هذه الحرب سقطوا "عفوا" ومن غير قصد! هذا البند باختصار يتيح لإسرائيل الاستمرار فيما كانت تقوم به دائما، وهو الاغتيالات المتواصلة عن طريق الجو أو الصواريخ. في البند الثاني الذي يلزم فصائل المقاومة هناك إسهاب في تعداد ما هو ممنوع عليها وينص على التالي: "تقوم كافة الفصائل الفلسطينية في غزة بإيقاف جميع الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل برا وبحرا وجوا وبناء الأنفاق خارج حدود القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، مع التأكيد على إيقاف الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين". لن نتوقف هنا عند وصف "الأعمال العدائية" الذي يصف المقاومة الفلسطينية بما ينقض مقولة الرئيس عباس بأن مصر طرف وليست وسيطا، والواقع أنها فعلا طرف، لكنه ترك لذكائنا استنتاج أين يقف هذا الطرف بالضبط، على كل حال. في البند المذكور أكثر من لغم. لكن يكفي الإشارة إلى الذكر الصريح لحظر "الهجمات على الحدود"، فالمقصود هنا هو الجيش الإسرائيلي لأن وحداته هي التي ترابط على الحدود وتكون معرضة للهجمات، أي أن البند الخاص بإلزام المقاومة ينص بوضوح على وجوب توقفها عن استهداف الجيش الإسرائيلي، بينما البند الخاص بإلزام إسرائيل يطلب منها عدم استهداف المدنيين ويطلق يدها في ملاحقة المقاومين.
البند الثالث يتحدث عن تخفيف الحصار وعبر صيغ اشتراطية تنقض ما قد يبدو وأنه انفراج وفتح ولو جزئي للمعابر، يقول البند ما يلي: "فتح المعابر بين إسرائيل وغزة وبما يحقق إنهاء الحصار وحركة الأفراد والبضائع ومستلزمات إعادة الإعمار وتبادل البضائع بين الضفة الغربية وغزة وبالعكس. طبقا للضوابط التي يتم الاتفاق عليها بين السلطات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية". هنا تريد مصر أن تبرئ نفسها من المشاركة في الحصار على قطاع غزة عبر إغلاق معبر رفح من خلال إزاحة الحصار على المعابر بين الضفة وغزة فقط، لذلك يحتوي هذا البند على تعبير "وبما يحقق إنهاء الحصار"، حتى يوحي بأن هذا المطلب يتحقق من دون فتح معبر رفح، لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك فحسب، بل حتى فتح المعابر مع الضفة الغربية وبفرض أنها تفك الحصار مرهون بشرط في غاية الغموض هو".. طبقا للضوابط التي يتم الاتفاق عليها بين السلطات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية". ما هي هذه الضوابط؟ أليست هي ضوابط إسرائيلية في نهاية المطاف؟ وهل تستطيع السلطة الفلسطينية ونحن نعرف قوتها التفاوضية الخارقة أن ترفض أيا من الضوابط الإسرائيلية التي ستفرضها إسرائيل؟ معنى ذلك كله وباختصار أن كل قصة فتح المعابر تعيدها المبادرة المصرية العتيدة إلى سلطة إسرائيل وإرادتها.
في كل بند من بنود المبادرة هناك شرك مقصود أو غير مقصود ويقود إلى تكبيل الفلسطينيين ورهن حياة ما يقارب من مليوني فلسطيني في قطاع غزة بيد إسرائيل، والمبادرة تنفس كل المطالب الفلسطينية إما بالجملة أو التقسيط، ولننظر أخيرا إلى البند التاسع الذي يتحدث عن المطالب الفلسطينية التي تم ترحيلها لمدة شهر أو" ليتم التفاوض عليها لاحقا". يقول البند ما يلي: "عقب استقرار التهدئة وعودة الحياة الطبيعية إلى قطاع غزة يتم استكمال المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في القاهرة خلال شهر من تاريخ الاتفاق بشأن استكمال موضوعات: أ) تبادل الأسرى والجثامين. ب) بحث أسلوب إنشاء وتشغيل المطار والميناء البحري في غزة طبقا لاتفاقية أوسلو والاتفاقات الموقعة بين الطرفين". لا يحدد البند ولا أحد يعرف معنى "استقرار التهدئة وعودة الحياة الطبيعية إلى قطاع غزة". ماذا لو قالت إسرائيل إن استمرار تسلح المقاومة الفلسطينية هو ضد "الحياة الطبيعية" في قطاع غزة. ثم إن "استقرار التهدئة" قد تخرقه بارودة صياد يتم استخدامها كمبرر للقول بأن التهدئة خرقت، إن تجزئة المطالب وإحالة جزء هام منها إلى المستقبل يعني عمليا إلغاء هذه المطالب، كيف يمكن التفاوض مع إسرائيل بلا سقف زمني ومن دون أي أوراق ضغط وأمامنا التجربة المريرة والمرة لمفاوضات أوسلو منذ عام ١٩٩٣. بل إن المبادرة تفاجئنا بحشر مطلب المطار والميناء الجوي في مفاوضات "طبقا لاتفاقية أوسلو والاتفاقات الموقعة بين الطرفين". هل نقول: صح النوم؟ أين هي اتفاقية أوسلو والاتفاقات الموقعة بين الطرفين والتي دمرها الاستيطان والتهويد والتوسع؟ يبدو أن تلك الاتفاقية لم تعد موجودة إلا في العقل الأمني الذي صاغ المبادرة، وهو عقل كل همه "دور مصر الإقليمي" ولو على حساب مصلحة ومستقبل القضية الفلسطينية وفلسطين برمتها.
الرئيس عباس يخطئ خطأ جسيما ووطنيا في تشبثه بالمبادرة المصرية، وأخطأ مرتين عندما طالب الفصائل بالالتزام بها عبر الإعلام؛ لأنه أضعف الموقف الفلسطيني الموحد في مفاوضات القاهرة، وأخطأ الرئيس عباس مرة أخرى عندما ظل يكرر على أن ما نريده هو وقف القتال، طبعا يريد الفلسطينيون وقف القتال ووقف إراقة دمهم لأنهم من يدفع الثمن الباهظ. لكن لا نحتاج إلى براعة فائقة وتشاطر سياسي كبير للقول بأن هذا التصريح في هذه اللحظة الحساسة يضعف الموقف الفلسطيني أيضا، فما يريده الفلسطينيون الآن وعلى طاولة المفاوضات هو رفع الحصار وضمان حياة كريمة لمليوني فلسطيني في القطاع، حتى لا تظل دماؤهم وحياتهم تراق ولكن ببطء وبعيدا عن أعين الكاميرات، إسرائيل أيضاً تريد وقف القتال وهي لا تحب أن ترى صورتها ملطخة بالدم الفلسطيني في عيون الرأي العام العالمي، وتريد أن تعود لسياسة القتل البطيء عبر الحصار الذي لا ينتبه له الإعلام، التباكي على الدماء الفلسطينية في الوقت الخطأ وعبر المنبر الخطأ، وكما نراه متكررا عند أساطين العجز العربي، هو كلمة حق الدم يراد بها باطل الرضوخ.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
17229
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
8679
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
8475
| 13 نوفمبر 2025