رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك كتاب وشعراء وفنانون رحلوا عن عالمنا وهم في ذروة شبابهم، ومن هؤلاء أسمهان وبدر شاكر السياب وأمل دنقل، وهناك آخرون عاشوا طويلا، لدرجة أن منهم من كان يطل خلال حياته من شرفة الثمانين أو التسعين، ومن هؤلاء فدوى طوقان ومحمد مهدي الجواهري ونجيب محفوظ، لكن القضية الجوهرية التي ينبغي أن نركز عليها – في تقديري – لا تتعلق بما قدر لكل واحد من هؤلاء أن يحياه، وإنما بما استطاعوا جميعا أن ينجزوه وأن يحققوه خلال سنوات الحياة، بصرف النظر عما إذا كانت حياة قصيرة أو طويلة، لأن الرصيد الذي يبقى - وقد يتجدد على امتداد الأجيال - يتمثل في الثروة الأدبية أو الفنية التي يبدعها الكاتب أو الفنان طيلة سنوات حياته، ويخلفها وراءه بعد غيابه النهائي عن الحياة والأحياء.
ثلاثة شعراء من جيل عربي واحد، قدر لهم أن يرحلوا عن عالمنا وهم في ذروة شبابهم، وبالتالي لم يقدر لأي شاعر منهم أن يجمع قصائده بنفسه، وأن يقوم بتبويبها وترتيبها في ديوان يضمها ويحتضنها بين صفحاته، وهكذا قام آخرون بهذه المهمة، نيابة عمن رحلوا، ووفاء لذكراهم، وحرصا على تراثهم الشعري الذي أبدعوه.
هؤلاء الشعراء الثلاثة الذين رحلوا في ذروة شبابهم هم – وفقا لأسبقية ميلاد كل منهم – محمد عبدالمعطي الهمشري وأبو القاسم الشابي والتيجاني يوسف بشير. الهمشري ولد في مصر سنة 1908 ورحل عن عالمنا يوم 14 ديسمبر 1938عن ثلاثين سنة. والشابي ولد في تونس يوم 24 فبراير 1909 ورحل عن عالمنا يوم 9 أكتوبر1934عن خمس وعشرين سنة وقد صدرت الطبعة الأولى من ديوانه أغاني الحياة سنة 1955 حيث نشرته دار الكتب الشرقية، وتم طبعه في دار مصر للطباعة بالقاهرة. أما التيجاني فقد ولد في السودان سنة 1910 في أغلب المراجع، وهناك من يقول إنه ولد سنة 1912 وقد رحل عن عالمنا سنة 1937عن سبع وعشرين سنة. وحين راجعت كتابا في مكتبتي بعنوان التجاني يوسف بشير – لوحة وإطار لمؤلفه أحمد محمد البدوي، وجدته يذكر تاريخ رحيل التيجاني بشكل دقيق وهو يوم الأربعاء 28 يوليو 1937 وقد صدر هذا الكتاب سنة 1980 وهو مطبوع في المطبعة الفنية للطبع والنشر والتجليد بالقاهرة، وقد صدر للتيجاني ديوان إشراقة – الطبعة الثانية سنة 1949عن المطبعة الوطنية بالخرطوم، أما الطبعة الأولى منه فإني لم أستطع حتى الآن تحديد تاريخ صدورها، وعلى أي حال فإني لاحظت أن كثيرين من أدباء السودان يكتبون اسم التيجاني دون حرف الياء أي أنهم يكتبونه التجاني وهناك آخرون منهم يكتبونه كما نكتبه نحن خارج السودان بالياء!
إذا كان لم يقدر لكل شاعر من هؤلاء أن يجمع قصائده بنفسه، فإن أحد معاصريهم ومحبيهم - وهو الأديب محمد فهمي - قد تكفل بمهمة اختيار باقة شعرية من إبداعات كل منهم، ثم أصدرها في كتاب بعنوان الروائع لشعراء الجيل، وقد صدر هذا الكتاب سنة 1945 ولكن هل هناك ما يجمع بين هؤلاء الشعراء الثلاثة الذين ينتمون لثلاث دول عربية في قارة إفريقيا؟ بالطبع فإن هناك ما يجمع بينهم، فهم ينتمون لجيل شعري عربي واحد، يتمثل في جماعة أبولو الشعرية، التي يتسم شعراؤها بغلبة الرومانسية الرقيقة والحزينة على أرواحهم وعلى إبداعاتهم الشعرية. وهكذا عاش كل شاعر من هؤلاء حياته كالفراشة الحائرة التي تنتقل من غصن إلى غصن، عساها أن تجد الزهرة المنشودة، وكلما توهم أنه قد وجد تلك الزهرة كانت الهوة العميقة ما بين المثال وبين الواقع تبرز له.. ولقد كانت تلك الهوة تفصل ما بين المثال الذي خلقته تصورات شاعر مثالي للمرأة التي ينشدها بكل ما يخلع عليها من صفات ملائكية تجعلها دوماً مرفرفة في محرابها العلوي بعيداً عن البشر الفانين، وبين الواقع الذي تتمخض عنه الحياة بكل ما فيها من نقائص بشرية.
يقول الهمشري، مناجيا حبيبته في قصيدته الرقيقة نداء الفجر:
أنت فجر يشع في ظلماتي
يكشف السحر في مروج حياتي
فتغني فيها ملائكة الرحــمة أنشودة الخلود الآتي!
أنت سحر يبدو وراء خيالي
أنت نور يرف في مشكاتي
وعيون فجرية تتجلى
لتنير الكئيب من ليلاتي!
شاء الشعراء الثلاثة أن يكونوا أحبابا محبوبين خلال حياتهم، لكنهم رحلوا عن عالمنا وهم في ذروة شبابهم، وهكذا جمع بينهم الشوق المتعطش للحب، كما جمع بينهم مفرق الجماعات وهادم اللذات، وتبقت لنا من بعد غيابهم باقات لا تزال نضرة من القصائد الرقيقة العذبة.
قرار يستحق الدراسة مسبقاً
حينما صدر القرار الوزاري في عام 2023 بإعفاء أبناء الأئمة والمؤذنين من رسوم الكتب والمواصلات في المدارس الحكومية... اقرأ المزيد
192
| 30 ديسمبر 2025
أصالة الجمال الحق !
ما أثمن أن يصل الإنسان إلى لحظة صفاء، تلك اللحظة النادرة التي تهدأ فيها ضوضاء الداخل، ويخفّ فيها... اقرأ المزيد
150
| 30 ديسمبر 2025
الدوحة.. هوية تُبنى بهدوء وتُخاطب العالم بثقة
في زمنٍ تتسابق فيه المدن على ناطحات السحاب، وتتنافس الدول على مظاهر القوة الخشنة، اختارت الدوحة طريقًا مختلفًا:... اقرأ المزيد
69
| 30 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
2013
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1620
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1146
| 24 ديسمبر 2025