رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة جاسم درويش

*باحثة في الشؤون الدولية والسياسة العامة، جامعة لوسيل

مساحة إعلانية

مقالات

468

فاطمة جاسم درويش

القيادة الرقمية ركيزة التحول نحو حكومة المستقبل في قطر

19 نوفمبر 2025 , 04:00ص

في ظل التسارع التكنولوجي الحالي، والذي يفتح آفاقًا جديدة من بيئات العمل المختلفة، لم تعد القيادة الفاعلة تُقاس بعدد القرارات التي تتخذها، بل بمدى قدرة القائد على التكيف مع ذلك التسارع التكنولوجي؛ من خلال التفكير بلغة التكنولوجيا، واعتبار أهميتها، وقبول هيمنتها، كما يحتاج للتفاعل مع البيانات الرقمية باعتبارها واقعًا جديدًا. اليوم، تحتاج الصفوف الأولى من العملية القيادية لمن يدرك أهمية أن التحول الرقمي ليس مشروعًا مؤقتًا، أو ترفًا،، بل ضرورة، وأسلوب حياة إداري جديد. وفي هذا السياق، يمكن القول إن دولة قطر تبني مستقبلها بثقة وعزيمة، وحيوية بالغة ناتجة عن ادراكها للهيمنة التكنولوجية الجديدة، حيث جعلت من القيادة الرقمية مفتاحًا لتشكيل حكومة عصرية، ذكية، وقريبة من المواطن أكثر من أي وقت مضى.

وهنا، ومن اجل الفاعلية والنجاح، لا بد من تصور عام لخصائص القائد الرقمي، من حيث مبادرته لأن يكون منخرطًا في العملية الرقمية، من خلال مواكبة الحاضر وتوقع المستقبل من خلال القراءة الإلكترونية عبر الشاشات والبيانات والتحليلات الذكية،وعدم انتظار التقارير الورقية، هو ايضًا من يدير فريقه بعقل تحليلي وروح مبتكرة، ويفهم لغة الذكاء الاصطناعي كما يفهم لغة البشر ويوجه بوصلة المنشأة والجماعة نحو المستقبل، ويجعل التقنية شريكًا في اتخاذ بعض القرارات لا مجرد أداة تنفيذ.

في وقت ما، وحين تُدار الحكومات بعقل رقمي، يتحول الروتين إلى سرعة، والتعقيد إلى بساطة، والبيروقراطية إلى كفاءة. القيادة الرقمية هي من تزرع ثقافة الاعتماد على البيانات لا الانطباعات، وتحوّل القرارات من ردود فعل إلى خطط استباقية، وبفضلها، تنخفض التكاليف، وتتسارع الخدمات، وتولد بيئة عمل تفيض بالابتكار والثقة. إنّها ببساطة الوصفة السحرية لبناء مؤسسات لا تلاحق التغيير، بل تقوده.

وعن القائد الرقمي ايضًا، فهو الذي لا يبدأ من الأجهزة فقط، بل من الرؤية. رؤية رقمية شجاعة تعرف إلى أين تتجه لتحقيق الأهداف، وكيف تزرع الثقة في التغيير داخل فريقه، والتي تمكن الموظف من المشاركة الفاعلة، حيث يعتبر الموظف بمثابة القلب النابض لهذه القيادة، لأن القائد الحقيقي لا يحتكر القوة والسلطة والقيادة، بل يوزعها بنجاعة وتقدير. ومع الاستثمار المستمر في التكنولوجيا والمهارات، تتحول المؤسسات إلى كيانات نابضة بالابتكار والمرونة، قادرة على مواكبة أي تحول عالمي.

في قطر، لم تعد القيادة الرقمية شعارًا نظريًا، بل ممارسة مؤسسية تُدار بعقلية المستقبل. حيث تؤخذ بجدية كما وجه سمو الأمير حفظه الله في خطاباته ولقاءاته على أن تكون قطر نموذجًا رقميًا يحتذى على مستوى المنطقة. حيث اصبحت البنية الحكومية الان اكثر كفاءة من اي وقت مضى تتجه نحو نماذج أكثر ذكاءً، حيث تُدمج الخدمات في منظومات رقمية مترابطة، وتُعاد هندسة الإجراءات لتصبح أسرع وأكثر شفافية، ويُستثمر في حلول تحقق تواصلاً فورياً بين المواطن والدولة. ومع التطوير المستمر للأنظمة والمنصات، تتعزز الثقة الإلكترونية، ويتحول العمل الحكومي إلى بيئة قائمة على التحليل الرقمي، والابتكار، والحوكمة الذكية الداعمة لأهداف رؤية قطر 2030.

لا بد من الاعتراف بأن القيادة الرقمية هي بوابة الغد المُشرق فمن يمتلكها اليوم، يملك مفاتيح المستقبل. وهنا، تمضي قطر بثبات لتصبح نموذجًا لحكومة ذكية تُدار بالعلم والتقنية والإبداع الإنساني. إن الاستثمار في القادة الرقميين ليس خيارًا تكنولوجيًا، بل رهان وطني على بناء دولة تتحدث بلغة المستقبل، وتخدم مواطنيها بسرعة الفكر ودقة القرار. إن حكومة الغد تبدأ من قيادة رقمية اليوم.

مساحة إعلانية