رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أحمد محسن

 

* ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دولة قطر

مساحة إعلانية

مقالات

1056

أحمد محسن

التضامن الحقيقي هو ما يحتاجه النازحون قسراً في يوم اللاجئ العالمي

20 يونيو 2025 , 02:00ص

مرة أخرى، يأتي يوم اللاجئ العالمي ليحل بنا في 20 يونيو مثل كل عام، إلا أن هذا العام يحمل طابعًا مختلفًا. فهو يأتي في وقت بلغ فيه عدد النازحين قسرًا مستويات غير مسبوقة؛ إذ اضطر أكثر من 122 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم؛ من بينهم 42.7 مليون لاجئ. في حين تكمن وراء هذه الأرقام المذهلة حكايات لأشخاص حقيقيين، فقدوا كل شيء بفعل الحروب والعنف والاضطهاد. وبينما يصارع العالم انخفاضًا مهولًا في مستويات التمويل، مما يعرض حياة الملايين من الأشخاص لمزيد من المخاطر، يواجه المجتمع الإنساني أشد التحديات إلحاحًا في عصرنا. وعلى الرغم من هذه الصعوبات الجسيمة، فإنه يبقى من واجبنا أن نتذكر قيم إنسانيتنا المشتركة، ونقف بتضامن راسخ إلى جانب اللاجئين.

لا يزال النزوح في الارتفاع بوتيرة تُنذر بالخطر في مختلف أنحاء العالم. فوفقًا لتقرير «الاتجاهات العالمية» السنوي الصادر عن المفوضية في 12 يونيو، بلغ عدد النازحين قسرًا 122.1 مليون شخص حتى نهاية أبريل 2025، مقارنة بـ 120 مليونًا في العام السابق. ويعزى هذا الارتفاع في المقام الأول إلى الصراعات الدائرة في أربعة بلدان، وهي: السودان وسوريا وأفغانستان وأوكرانيا، والتي تشكل مجتمعة أكثر من ثلث النازحين قسرًا حول العالم. ويبرز السودان اليوم كأكبر أزمة نزوح في العالم؛ حيث يبلغ عدد اللاجئين والنازحين داخليًا 14.3 مليون شخص؛ تليه سوريا بنحو 13.5 مليونًا، ثم أفغانستان بنحو 10.3 مليون، وأوكرانيا بما يقرب من 8.8 مليون. وقد تضاعف عدد النازحين تقريبًا خلال العقد الماضي، في حين لم تُواكب الموارد المتاحة هذا التزايد في الاحتياجات الإنسانية العاجلة؛ ما أدى إلى تفاقم وضع لا يمكن استمراره، ودفع النظام الإنساني إلى حالة الاستنفار.

وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة، فلا يزال يلوح بصيص أمل في بلدان مثل سوريا. فمع التغيرات الأخيرة التي شهدها المشهد السياسي في البلاد، بدأ عدد متزايد من السوريين النازحين في العودة بحذر إلى ديارهم؛ حيث عاد أكثر من 577 ألف عائد – معظمهم من البلدان المجاورة – بحلول منتصف شهر يونيو 2025، بمعدل شهري بلغ 100 ألف. كما عاد نحو 1.3 مليون نازح داخلي إلى مسقط رأسهم. وعلى الرغم من أن طريق العودة لا يزال محفوفًا بالصعوبات، فإن هناك روحًا جديدة من الأمل والتفاؤل بين العائدين، مدفوعةً بالرغبة في إعادة بناء حياتهم في وطنهم. ومع ذلك، فلا تزال التحديات كبيرة، إذ يواجه العائدون بنية تحتية مدمرة، وخدمات محدودة، واقتصادًا يعاني من صعوبات جمة.

وفي هذا الصدد، تزداد أهمية الدور الذي تقوم به المفوضية في تقديم الحماية والمساعدات الإنسانية. ويتحقق هذا الدور من خلال الشراكات القوية وطويلة الأمد مع بلدان مثل دولة قطر، التي لطالما كانت شريكًا أساسيًا للمفوضية لأكثر من عقد من الزمن، مشاركةً في الجهود الإنسانية العالمية ومستجيبةً لاحتياجات النازحين قسرًا خلال الأزمات. وبفضل دعم الحكومة القطرية والجهات المحلية، أسهمت قطر في مساعدة الملايين من الأشخاص النازحين قسرًا حول العالم؛ بما في ذلك من خلال المساهمات الأساسية التي تُمكّن المفوضية من تحقيق الاستجابة السريعة في حالات الطوارئ والأوضاع التي تعاني من نقص في التمويل.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن وزارة الخارجية القطرية تستضيف مكتب المفوضية في بيت الأمم المتحدة في الدوحة، وقد دعمت عملياته بموجب اتفاق متعدد السنوات؛ ما يُتيح لنا التنسيق الفعال للجهود الإنسانية الدولية بالشراكة مع قطر. ويُجسد هذا الالتزام القطري معاني التضامن الحقيقي مع جموع النازحين، ويُشكل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة وخارجها فيما يتعلق بإحداث تأثير ملموس في حياة المحتاجين. وهذا هو جوهر التضامن الذي ننشده في يوم اللاجئ العالمي.

اليوم، نكرم أولئك الذين فقدوا كل شيء أثناء بحثهم عن الأمان. إن النازحين قسرًا لا ينشدون الصدقات بقدر ما يسعون للحصول على الفرص للعيش بكرامة، والعمل، والتعلم، والمساهمة في المجتمعات التي تستضيفهم. ويبدأ التضامن الحقيقي مع النازحين بالأفعال. فالكلمات وحدها لا تكفي، بل يجب أن يتجاوز التعاطف ويتخذ خطوات هادفة تُحدث فرقًا حقيقيًا. وفي يوم اللاجئ العالمي، دعونا لا نكتفي بالاعتراف بمعاناتهم، بل نُجدد التزامنا بمنحهم الأمل والفرص التي يستحقونها.

مساحة إعلانية