رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نيوزويك : العلماء النوويين الإيرانيين على لائحة اغتيالات "الموساد"
قبل أن يدخل الوفد الإيراني إلى مفاوضات جنيف مع ممثلي دول مجموعة الـ"5+1" كانت إيران أدركت أن "الحرب الباردة" عليها بدأت عملياً، وأنها لا تنفك تسخن، فعدا العقوبات الاقتصادية والمالية والعسكرية التي أصبحت في صيغتها الفعلية بالغة التشدد والاتساع، كانت إيران تعرضت لهجوم إلكتروني –فيروسي غير مسبوق ضرب أجهزة الطرد المركزي، كما أن اثنين من علمائها النوويين كانا هدفا لعمليتي اغتيال متزامنتين وبطريقة واحدة فقتل أحدهما وأصيب الآخر، ما يدل على انكشاف وجوه العاملين في البرنامج النووي وكذلك انكشاف المنظومة الأمنية لحمايتهم.
في الحالين تأكدت طهران من أن اختراقا خطيرا قد حصل في منطقتها المحرمة، فمن جهة أصبح للحرب الاستخباراتية فريق عمل موجود على الأرض، ومن جهة أخرى شكل وصول دودة "ستاكسنت" الفيروسية إلى قلب المفاعل النووي بداية حرب من نوع جديد جدا قد تكون الأجهزة الأمنية الإيرانية توقعته إلا أنها ربما ظنت انها محصنة ضده، وقد استطاع هذا الهجوم السيبرناتي، وفقاً للرئيس محمود أحمدي نجاد، أن يعطل "عدداً محدوداً" من أجهزة الطرد، وتتكهن المصادر الغربية بأن هذا العدد المحدود لا يقل عن ألف جهاز من أصل خمسة آلاف كانت على وشك الدخول في دورة تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى.
وفي الحالين أيضا ذهب الاشتباه الأول في اتجاه إسرائيل، التي ألحت دائماً على الدول الغربية، وبالأخص على الولايات المتحدة، لتغطية شن ضربات عسكرية لتدمير مختلف المحطات النووية المعروفة على الأراضي الإيرانية، لكنها جوبهت دائما بالرفض، بل وجهت إليها تحذيرات من الإقدام على عمل عسكري أحادي الجانب، فالدول الكبرى تواصل البحث عن حل دبلوماسي للأزمة النووية، لكن الأولوية المعطاة للمفاوضات مع إيران لم تمنع الرئيسين الأمريكيين، جورج دبليو بوش ثم باراك أوباما، من توقيع أوامر لتنشيط العمل السري بمختلف أشكاله داخل إيران.
في أي حال أظهر استهداف العلماء النوويين الإيرانيين أن جهاز "الموساد" الإسرائيلي بات ناشطاً، بل يبدو أنه وضع لائحة اغتيالات حتى ان تحقيقا لمجلة "نيوزويك" سمى محسن فخري زاده على أنه الهدف التالي بعد مجيد شهرياري الذي قتل وفريدون عباس الذي أصيب في تفجيري الاثنين 29 نوفمبر الماضي، ويعتقد خبراء عرب ان الاختراق الحاصل نتيجة تعاون استخباراتي أمريكي-إسرائيلي، باعتبار أن استنزاف البرنامج النووي الإيراني في العنصر البشري من شأنه أن يتسبب بخسائر ثمينة ومباشرة لابد أن تنعكس على البرنامج نفسه، لكن خلافا للإسرائيليين يفضل الأمريكيون ألا يظهروا في الصورة بل يحرصوا على عدم الحديث رسمياً عن تفاصيل الحرب الدائرة، أولاً لكي يحافظوا على قدرتهم على التحرك دبلوماسياً، وثانيا لكي يمتحنوا القدرات الاستخبارية الإيرانية، والواقع أن طهران اكتفت بالإشارة إلى "الصهاينة" وحملتهم مسؤولية استهداف العلماء وبدورها ردت إسرائيل محملة إيران مسبقا مسؤولية أي عمل أمني يرمي إلى الانتقام.
منتصف أكتوبر بدأت دوائر غربية عدة تتداول تقييما مفاده أن فيروسا ضرب حواسيب مفاعل بوشهر وتوصل إلى تأخير تشغيله، وكان الوصف الذي اعطته لما حصل بأنه بمثابة "كارثة" للبرنامج النووي الإيراني، ثم إن التقديرات الأولية أشارت إلى عمل هائل يتطلبه إنتاج هذا الفيروس، أو بالأحرى "الدودة الفيروسية"، ما يعني أن الدول وحدها تستطيع القيام به، خصوصا انه مكلف جدا، أي أنه يتطلب ملايين الدولارات، وبعد ذلك جرى ترويج متعمد للرموز المشفرة في هذا الفيروس ليتبين أنها تتضمن كلمة "ميرتوس" (شجرة الآس) التي تعنى بالعبرية "هداسا"، وهو اسم الميلاد لملكة فارس اليهودية ايستر التي يروى انها أجهضت هجوما على يهود فارس ثم حضت زوجها على شن "هجوم استباقي" ضد الفرس لحماية اليهود.
وفي ذلك إسقاط مكشوف على التهديد الإسرائيلي بـ"هجوم استباقي" لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، ومن الواضح أن اسرائيل هي التي وزعت المعلومات عن إنجازها الفيروسي بل انها لم تمانع إعلان بعض وسائل الإعلام أن الوحدة 8200 وهي شعبة استخبارات في الجيش تولت تسريب الفيروس إلى محطة بوشهر، ولهذه "الدودة الفيروسية" -كما وصفت- قدرة على التوالد كما يمكنها أن تدمر نفسها بنفسها، ولم يتحدد بعد مدى النجاح الذي حققه الإيرانيون في التخلص منها نهائيا.
يعتقد المحللون الغربيون ان هذه العوامل الثلاثة، العقوبات والاغتيالات والهجوم الفيروسي، ساهمت في إقبال الإيرانيين على مفاوضات جنيف بذهنية مختلفة هذه المرة، ولا شك أن الأهم هو العقوبات، إذ باتت تستشعر في مختلف تحركات ايران واتصالاتها الخارجية، وباتت تعني خسائر في الموارد الحالية وتضييقا على القطاعات كافة، وإذا كانت تستطيع مواجهة الاغتيالات إلا أنها وجدت نفسها أمام تحدي الحرب الفيروسية وأصبحت مدعوة لاستباق مثل هذه الهجمات، وإلا فإنها ستؤدي إلى تأخير مهم في البرنامج النووي خصوصا انها ستجد صعوبة في تعويض أجهزة الطرد المعطلة لأن العقوبات تضع حواجز أمامها.
كل ما قيل عن المفاوضات حتى الآن أنها "جدية" وبالتالي واعدة، لكن الجولة الثانية في اسطنبول ستبين أكثر أي وجهة سيتخذها هذا التفاوض، ولعلها ستكون فرصة لقياس مدى تأثير التغيير الدبلوماسي بعد إطاحة منوشهر متكي على الخيارات التفاوضية، فالبعض يرى فيه مؤشراً إلى تصلب، والبعض الآخر يرى على العكس ان إيران تريد اتفاقاً وأن نجاد يريد أن يسجل أي إنجاز باسمه تدعيماً للفريق الذي بات يمثله داخل النظام.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2343
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2259
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025