رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يبدو من الإعياء الذي بدت عليه أنها مشت طويلاً حتى وصلت إلى بيت صديقتي بالغرافة الذي دخلته دونما استئذان لتلوذ بخيمة خارج البيت، كانت خائفة، زائغة العينين، مروعة، كلامها، ملابسها، مظهرها تشي بأنها بنت ناس، لما سئلت لماذا دخلت بيتنا تحديداً أجابت لأنه البيت الوحيد الذي وجدت بوابته مُشرعه، تقول أبوها مهندس، وكذا أمها، وأنها هربت من البيت بعد أن قالت لها أختها (أمك طالعالك السطح وحترميكي من فوق) وزاد توترها وهي تحكي، طمأنها الموجودون ليعرفوا حكايتها وقالت (تعرفت على ولد، كنت باكلمه، ماما عرفت وأنا عرفت حتعمل معايا إيه، نصحتني أختي بالهرب، وماما بلغت الشرطة عني وعن الولد) لم يعرف أحد إلى أين وصلت أمور البنت مع الولد حتى ترميها أمها من السطح! ولم يعرف أحد ما الذي روع البنت فدفعها للهرب قبل أن تصل إليها يد أمها! البنت لا يتعدى عمرها أربعة عشر عاماً ولا أدري إن كانت عادت لأهلها بعد النصيحة بالعودة أم أنها آثرت الهروب حتى الآن ولم تعد لبيتها! ولا أدري إن كانت الشرطة قد عثرت عليها بعد أن تحرك أحد بالإبلاغ عن مكانها أم أنها ما زالت تهيم على وجهها ويعلم الله في يد من ستقع!
المفزع في حكاية البنت التي لم تقل اسمها (أمها المتعلمة) التي عجزت عن معالجة الأمر بحكمة وترو، وإن كانت متعلمة وتهدد برمي البنت من فوق السطح فماذا تفعل الجاهلة؟
حتى الآن مازلت مشغولة بما قد يحدث للفتاة من مكروه وأفكر كيف لبنت خائفة من العقاب بالرمي من السطح، أن تفكر تفكيراً متزناً ولا تلحق الضرر بنفسها تحت ضغط الخوف الذي تعانيه! كل ما أرجوه أن تكون الشرطة أو أي يد أمينة قد تلقفت هذه الفتاة التي قالت إنها تسكن في الغرافة قريباً من شارع (لشا) المقابل للنادي، الآن أفكر في الأم التي هربت ابنتها من تهديدها يوم الأربعاء الماضي، كيف تذوب حزناً، وخوفاً، وهلعاً وهي تتخيل شروراً كثيرة يمكن أن تحيق بابنتها التي دفعتها دفعاً للهرب، أتألم لحال الأم، ولحال البنت وأرجو أن يسلمها الله من أي سوء، وأهيب بمن تلوذ به الفتاة أن يسلمها للشرطة التي تعرف كيف ستتعامل مع الأمر وتحمي البنت.
حكاية كهذه الحكاية تعيدني بالسرعة للتربية، كيف نربي البنات، وهل نوفر لهن العناية التي تحميهن من الزلل تحت وطأة الكلام المعسول الذي يصبه (اللص) في أذن المراهقة الغريرة؟ هل وفرنا للبنات سياج الأمان وصادقناهن ليكون باب البوح مفتوحاً لنعرف كل كبيرة وصغيرة عنهن منهن؟ هل راقبنا، واحتوينا، وصادقنا، ونصحنا، وتفرغنا لسماعهن، ونصحهن أم تركنا البنت (قافلة على نفسها الأوضة) مع الإنترنت، أو بتذاكر عند صحبتها واكتفينا منهمكين في مشاغلنا، وشغلنا؟ بيوت كثيرة على ما يبدو لم تنتبه إلى تغير الزمان، والقنابل الموقوتة المحشورة بين قنوات البث وصفحات الإنترنت بما عليها من كوارث! أين نصيب شبابنا اليافع بنات وأولاداً من وقتنا ومتابعتنا؟ هل يعرف بعض الآباء أن طفلاتهم يجدن الدخول إلى المواقع الإباحية ويتفرجن عليها في غفلة منهم؟ حتى لا نضع رؤوسنا في الرمال هناك مشكلات فادحة مسكوت عنها وأعجب من أساتذة الاجتماع والمختصين الذين يتجاهلون الحديث عنها وكأنها أصبحت واقعاً لا جدوى من تغيره! الحقيقة الموجعة أن بعض الشباب مدمن يخجل أهله من علاجه أو التصريح ببلوته، الترامادول عند البعض كتسالي الترمس واللب والأهل في الكهوف نائمون! البنات يتغزلن بعضهن ببعض برسائل غرام ملتهبة ويدخلن في فئة (المثليين) ودون خجل تقول (البويه) فلانة بتاعتي أو صحبتي والأهل نايمين! في المدارس بنات وبنون ما يشيب له الرضع والأهل شخيرهم منتظم (مأمنين إن ولادهم متربيين) الغريب أنهم يصابون بصدمة عند اكتشاف أي عورة فيصرخون "معقولة"؟ أيوه معقولة لأن الأصل الرعاية، والعناية، وقبلهما التربية، وما دام الحبل متروكاً على الغارب في الصحبة، والإنترنت، والسهر خارج البيت والحجرات المغلقة على الأولاد لا ندري ما يفعلون فيها يصبح المؤكد أن تكون النتيجة مرعبة!
هل نقول إن غياب الوازع الديني هو السبب في كل بلاوينا؟ ليس الوحيد إذ كيف نرسخ الوازع الديني بأولادنا ونحن لا نصلي، يومنا مليء باللهو، ينافس الأب ابنه في الدخول على الصفحات إياها ليتابع بلاوي؟
أيها السادة زمان عندما كانت الأم تقول لابنتها (حتشوفي اللي حيجرالك لما يرجع أبوكي) كان دمها ينشف خوفا من العقاب، الآن خلعت البنات (بعضهن) برقع الحيا وقد تحول (بابا) في البيت إلى خيال مآتة!
زمان كانت البنت تلبس تحت الفستان بنطلونا حتى لا يظهر منها شيء، أو دراعة سميكة طويلة تحت العباية حتى لا يُرى منها شيء، الآن تحت العباية قمصان نوم وحدث ولا حرج عن عري ينافس عري (بتوع السيما) زمان مفيش تأخير خارج البيت للمغرب وإذا تأخرت البنت دون عذر مقنع ممكن تاخد علقه، أما الولد الذي يتأخر عن التاسعة فيسمع ابوه الحمش يقول له بصوته الجهوري (ارجع نام مطرح ما كنت) لينام على السلم منتظراً الفرج، الآن تسهر البنات وحدها في سوق واقف على سبيل المثال (والشيش منصوبة) حتى ساعة متأخرة من الليل ويعدن إلى منازلهن ليجدن أهاليهن يغطون في نوم عميق وطبعا يحلمون أحلاما سعيدة!
زمان كان الولد يخفي سيجارته بجيبه لتحرق ملابسه ولحمه إذا ما داهمه صوت أبيه فجأة، اليوم يشرب الولد سيجارته ويدخن شيشته ويعزم على أبوه (متخدلك نفس)! الدنيا هايصه، لو شددت أم على ابنتها تهدد البنت أمها بالانتحار! لو شدد أب على ابنه يهجر البيت ويقيم عند صاحبه، عادي الأبناء يربون الآباء! طب والحل؟ الحل في تصوري يتشارك فيه الجوقة كلها منذ مرحلة الطفولة، إعلام وتربيون، واستشارات عائلية، ومساجد، ومدارس، مع عين تراقب، وتوجه، وتراجع، وتنهر بحزم مقبول، الطامة قادمة لتقتلع كل ما يمس العقيدة والهوية دافعة إلى فساد وإفساد لا يعلم عواقبه إلا الله، الانفتاح دون ضوابط كارثة، إهمال المتابعة كارثة، الانشغال عن الأولاد وتركهم غنيمة لخادمات يتحرشن بهم جريمة فادحة ويبقى أن أقول للأمهات اللائي يلطمن الخدود ويردن حلاً لمشاكل البنات وقد استفحلت، أنتن من أهمل الرعاية والمتابعة والتأديب، والتوجيه، وعندما تبدأن متأخرات لا تلومن إلا أنفسكن.
* * * طبقات فوق الهمس
* الأسبوع الماضي كتبت عن حكاية (الندل) الذي جمع رفاقه ليسمعهم مكالمته مع زميلته في العمل التي وعدها كاذبا منذ خمس سنوات بالزواج، وذهلت عندما قالت صاحبة الحكاية ليت الأمر توقف عند هذا الحد فقد بلغني أنه (فرجهم) على صوري معه!! يا بنات نكرر للمرة المليون.. التعلب فات فات وفي جيبه سبع اسطوانات منها.. حياتي، حبيبتي.. إنتي روحي!! طلعت روحه انشالله.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1737
| 25 نوفمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
1731
| 30 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1584
| 25 نوفمبر 2025