رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثمة إحصاءات، نجهل بعضها ونتجاهل بعضها الآخر، تحمل إشارات حساسة لضرورة فتح ملف الإصلاح الديني، على الأقل بالنسبة لمن يهمهم فعلًا شأن الدين. فمِن توجهِ شباب العرب والمسلمين إلى (الإلحاد)، مرورًا بازدياد ملحوظ لظاهرة خلع الحجاب، وصولًا إلى تصاعد الغلو والتطرف، نجد أزمة هوية تُعبر عن نفسها عبر استقطاب في اتجاهين متضادين، خاصةً بين شرائح الشباب المذكورة.
ففي ظل ما يمكن أن نسميه الضغط (الحضاري) العالمي، بتجلياته السياسية والاقتصادية، ومع الفقر المدقع في جهود الإصلاح من قبل علماء ورجال دين وخبراء ومثقفين يُفترض فيهم الاهتمام بهذه المسألة، وباعتبارنا نعيش في عصر ثورة الإعلام والمعلومات والمعرفة والاتصالات، لا تجد تلك الشرائح إجابات في الإسلام، بفهمه التقليدي السائد، على الأسئلة الكبرى التي يقذفها العالم المعاصر في وجههم بشكلٍ سريعٍ ومتكررٍ ومُلحّ.
قد يقبل البعض نظريًا بضرورة العمل على الإصلاح وسط الضغوط، لكن المأزق يكمن دائمًا في طبيعة وجدوى أساليب الإصلاح حين ننتقل من النظرية إلى الواقع.
لن ينفع في شأن الإصلاح الديني، مثلًا، استبدال طاقمٍ بطاقمٍ آخر ينتشر أفراده هنا وهناك في مجالات الرأي والثقافة والإعلام. لا ينفع أن نلغي بعض المصطلحات لنستحضر في خطابنا مصطلحاتٍ بديلة عنها. لا يكفي أن نعلن ليل نهار وقوفنا ضد الغلو والتطرف. ولا يكفي أن يصبح التغني بقيم الإسلام الحضارية معزوفةً مكرورةً نطرحها في كل محفل.
إن الوقوف عند هذه الممارسات مأساةٌ مزدوجة. لأن من يقوم بها يخدع نفسه ويقع في الوهم بأنه قام بالواجب وأدى المطلوب. الأمر الذي يمثل دعوة للعودة إلى مواقع الكسل والاسترخاء والطمأنينة الكاذبة. فكل ما تفعله تلك الممارسات هو وضع غطاءٍ شفاف وملوّن على المشكلة الحقيقية التي تتعلق بطريقة فهم الدين وطريقة تنزيله على الواقع المعاصر. وهي مشكلةٌ تحتاج إلى ثورةٍ فكريةٍ حقيقيةٍ بكل المقاييس.
وهذه الثورة التي نتحدث عنها لا تحتاج فقط إلى طرحٍ جديد، وإلى رؤىً مختلفة في كل المجالات. وإنما تحتاج أيضًا إلى رجال، ونساء، جُدد أحيانًا.
لسنا بصدد التعميم الكامل. لكن قراءة ما يصدر عن الغالبية العظمى ممن يتصدرون للحديث عن الإسلام، وحضور فعالياتهم، والحوار معهم، والاستماع إلى طروحاتهم، وتحليل مقولاتهم، ومحاولة إعادة تركيب خطابهم بشكلٍ متكامل، بناءً على ما سبق، يُظهر الحاجة لإعادة النظر في أهليتهم لقيادة عملية تغيير حقيقية، فضلًا عن قيادة ثورةٍ فكرية.
إن الثورة التي نتحدث عنها تتجاوز خطابين يقدمان طروحات تدّعي حمل لواء التغيير لطريقة فهم الإسلام ولطريقة تنزيله على الواقع الإنساني في هذا الزمان.
الطرح الأول مليء بالتناقضات، حيث ترى من البعض موقفًا يوحي بالأصالة الثورية في مقام، ثم ترى جملة مواقف تنبع من عمق الفكر التقليدي الحَرفي الجامد. والطرح الثاني مهووسٌ بالتردد، حيث تسمع، على انفراد، رأيًا ينبثق من صُلب الفكر التجديدي، ثم تجد في العلن موقفًا بعيدًا عن مقتضيات ذلك الرأي. هذان طرحان يجب أن تتجاوزهما الثورة المطلوبة. وتتجاوز معهما جملة قضايا أخرى، منها ذلك الخطاب الماهر في طرح الآراء والمواقف القابلة لأكثر من تأويل، والخطاب الذي يتقن الحديث في كل موقع بما يناسب الموقع ومَن يوجد فيه، وخطابٌ ثالث ذلك يجمع بين قناعةٍ داخليةٍ راسخةٍ، عند أصحابه، بفهم تقليدي للإسلام هو من أسباب المشكلة، وبين كلامٍ معلنٍ يستصحب ضرورات الواقع، ببراغماتية وأحيانًا تُقية، باستخدام بعض الكلمات والألفاظ (الرائجة).
ولكي نكون واضحين، لا يمكن في هذا المقام اتهام أحدٍ بعينه بالنفاق والاحتيال، أو الخداع والمناورة. لكننا نعلم بوجود جملةٍ من القواعد والمقولات الشائعة ثقافيًا، يمكن أن تكون سببًا للوقوع في الإشكالات التي تحدثنا عنها قبل قليل. فالبعض يقول (خاطبوا الناس على قدر عقولهم)، لكن هؤلاء ينسون أحيانًا أن العقول بحاجةٍ إلى من يرفع سوية تفكيرها، خاصةً في أجواء الاهتراء الثقافي والعقلي الطاغية، وهذا يتطلب خطابًا مختلفًا عن السائد لا يداري الواقع أو يداهنه بدعوى الالتزام بتلك القاعدة.
والبعض يخاف على فتنة الناس من الآراء الجديدة والمختلفة، حتى لو كانت صحيحة. لكن هؤلاء يتجاهلون الفتنة الكبرى التي تغرق فيها المجتمعات مع سيادة الفكر التقليدي ومقتضياته.
والبعض يتحدث عن التدرّج والأولويات، لكنه لا يترك مجالًا لإمكانية خطئه في الحسابات فيما يتعلق بصواب معرفته المتعلقة بالأولويات والتدرج المتعلق بها. كأن يكون تدرّجُه أقرب إلى البُطء القاتل، أو تكون أولوياته في غير مكانها، أو أن ينطلق في تعامله مع هذه القضايا من الخلط بين الحاجات والمصالح العامة والحاجات والمصالح الخاصة. إلى غير ذلك من الاحتمالات.
ومن غير المنطقي هنا إغفال جوانب الضعف الإنساني المتعلقة بالموضوع. فمشكلة (تبعية العلماء للعامة) موجودةٌ في تاريخنا وحاضرنا. وهناك من يربط بين موقعه ومصير الإسلام، فيحرص على بقائه في الموقع حرصًا على الدين. والاجتهاد الدقيق يحتاج إلى بحثٍ مُضنٍ وعملٍ وجهد، في حين أن قبول الرأي السائد لا يحتاج إلا لمراجعة المحفوظ وترديده، وهذا أقرب للراحة النفسية والجسدية.
لا مفر من القول أيضًا إن رفض الإصلاح الديني، في خضم الضغوط الدولية الراهنة، كثيرًا ما ينبع من التماهي مع الإسلام، بمعنى (أنا الإسلامُ والإسلامُ أنا)، حتى لو لم يُنطق ذلك بلسان المقال. فالتحديات كبيرةٌ والمهمة صعبةٌ وشاقة. وفي مقابل هذا، يبدو واضحًا أن رافضي الإصلاح في وسط الضغوط ينطلقون من ذلك التماهي، فيجعلون الإسلام الكبير صغيرًا، حين يُضفُون عليه، دون أن يدروا، كل ما فيهم هُم من ضعفٍ ومَحدودية وقصور.
قد تبدو كلمة "الثورة" التي ذكرنا أنها مطلوبة لتحقيق الإصلاح كبيرةً لدى البعض، ورومانسيةً عند آخرين. لكن معرفةً حقيقية بسنن وقوانين الاجتماع البشري، وقراءة واقع العرب في السنوات الأخيرة، تؤكدان أنها قادمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4176
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1605
| 02 ديسمبر 2025