رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
* سيكون جميلاً لو أخذنا من عمرنا الراكض دوماً في كل اتجاه هنيهات قصارًا، نتأمل فيها ما أهملنا تأمله، على سبيل المثال كلما رأيت اثنين يأكلان، أو يجتمعان على مائدة، استوقفني المنظر، وقفزت لخاطري حكاية العيش والملح، وسؤال تُرى من سيصون، ومن سيخون؟ الدارج في معتقداتنا أننا إذا أكلنا (عيش وملح) مع أي أحد صار لهذه المشاركة حقوقا لا تكون لغيرها من شراكات، ويحدث أن تمر على من وضع طعامه ليأكل فإذا مررت عليه صدفه ناداك وأقسم عليك أن تنضم إليه، وإذا ترددت علا صوته (بسم الله عشان يبقى عيش وملح) يعني حتى نوثق وداً بيننا، إذا أكلت معه قطعت على نفسك عهدا برعاية حق العيش والملح، وبذلك يكون اقتسام اللقمة معاهدة عشرة لا تعرف الغدر، ولا التقلب، ولا الشر، أو أي سوء يحاك بالصدر! باختصار (عيش وملح) يعني صفاء روح جمع اثنين، نفس المنظر يدفعني لتأمل زوابع، وعواصف، ونكوص لبعض البشر بعدما شبعوا مع بعض (عيش وملح، ومحشي، وسمك، وملوخية، ومقلوبة، ومعدولة) فأجد أن الوعد تبدد، والمعاهدة.. (ذهبت مع الريح، والألفة (بعد الشر) أي ألفة؟ مرت عليّ نماذج كثيرة لبشر ما كانا ليفترقا إلا عند النوم ثم تبخرت أنهار المودة لتعاني القلوب المحبة عطشا خرافيا ببغي طرف على طرف!! اليوم ونحن نجمع على موائدنا الأحباب، والأصدقاء، والأصهار، والرفقاء تجمعنا لمة رمضان على الإفطار، نجلس متجاورين، نسعد بقرب بعض هل نجد وقتا ونحن ننتظر صوت المؤذن لنقول (بسملة) للتفكير بحق العيش والملح، وكراماته، وأدبياته، هل سنحفظ بعضنا ولا يأتي عام قادم وقد تصرمت اللمة، وانكمشت الحلقة، وتلاشى الصخب المحبب؟ هل لدينا وقت لنفكر بأن اللقمة التي سنتقاسمها ستكون رباط محبة لأعوام عديدة يبذل كل منا للآخر وفاءه، ومحبته، وعونه، أم أن (اللمة) تيك أواي وتنفض؟ أسأل لكثرة ما رأيت من وداد مهدور، وانفصام لمشاعر كثيرة نبيلة كانت بين بشر الكوكب وغشيها السواد فضاعت.
أقدر الآن، وأفهم أكثر ما ورد في الأثر (لا يأكل طعامك إلا تقي) فالنقي وحده بستان عطر يجمع النبل كله، فهو الحافظ للود، الراعي للعهد، رمضان كريم.. وكل عام وأنتم للود أقرب وعافانا الله وعافاكم من أن نكون من الذين ضيعوا حق (العيش والملح).
* * * * *
* سيكون جميلاً في وقت انقسم فيه الناس فريقين في تحيز أعمى غير مسبوق لو كان مبدؤنا في التعامل مع خلق الله ممن تربطنا به زمالة، أو شراكة، أو صداقة، أو قرابة أو حتى جيرة إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تمدحه فلا تقدحه، وإن اختلفتما في مبدأ، أو رأي، أو قضية فلا تصمم إما أن يكون معك، مماثلا لقناعتك، معتنقا نفس رأيك، وإما تجتهد بتقليب الناس عليه، متجاهلاً كل صفاته الطيبة التي كانت تطربك، إذ إنصاف من اختلفنا معه من النبل وحسن الخلق.
* سيكون جميلاً في هذه الأيام الطيبة لو اعتنقنا الانحياز للحق، وتحاشينا المواقف التي يمكن أن نسمع بعدها (يا خاين العيش والملح) فذلك سُبة لا تمر على الروح دون جروح.
* سيكون جميلاً لو صدقنا الشاعر الذي قال:
يا شاكيا هم الحياة وضيقها
أبشر فربك قد أبان المنهجا
من يتق الرحمن جل جلاله
يجعل لك من كل ضيق مخرجا
* * * طبقات فوق الهمس
* يقول اللهم بلغنا رمضان اشتقنا لقراءة القرآن!! لماذا اشتقت؟ من منعك أن تقرأ؟ المصحف من سنة وهو على رف مكتبتك الديكور غطاه الغبار، ويشكو الهجران!!
* يقول كلما جاء ذكر "الغاليين"، سأحفر بئراً ثوابا للوالدة، سأبني مسجداً وأهبه صدقة جارية لروح والدي، سأكفل يتيمين ونية الأجر لأمي وأبي!! الأمنيات جميلة، لكن متى تبدأ؟ لا تؤجل ياعزيزي أمل اليوم إلى الغد فقد تشرق الشمس ولا نحضر غروبها!!
* كتب تعليقا على العيش والملح في حسابه بالبلدي (مش كل اللي أكلت معاه عيش وملح تقول صاحبي، فيه ناس أكلت عشان كانت جعانه، خلص الكلام)!!
* يا عمنا الشيخ رفقاً بمتابعيك، وكفى ترهيبا، فمثلما أن الله شديد العقاب، فهو أيضا الغفور الرحيم.
* أمس خرج الإمام عن صبره مرتين وهو ينبه الأخوات المصليات بضرورة إغلاق الموبيلات ولا حياة لمن تنادي، لي ملاحظة أقدمها للسادة في الأوقاف، معروف أننا عندما ندعى لعرس تجمع مشرفة القاعة كل الموبيلات ولا تسمح بدخولها لعدم التصوير، طيب ألا يمكن أن تقوم مشرفة المسجد بنفس التصرف منعاً للأنغام العجيبة التي تربك الإمام وتعكر هدوء المصلين؟
* إذا رأيت مريضاً بعد تناوله جرعة كيماوي، ستخجل كثيراً من نفسك وأنت تتذكر أن صديقك سألك صباحاً كيف حالك؟ فكانت إجابتك.. يعني!! بكامل صحتك وعافيتك ويعني؟ اللهم ارزقنا حمدك في كل حال، وعلى أي حال.
* احذر الذين يحبونك بلا حدود، والذين يسامحونك بلاحدود، والذين يبذلون وفاءهم لك بلا حدود، فإن أولئك إن رحلوا لا يرجعون أبداً!
* إذا أفطر راعي البيت بأي عين سينهر ابنه المفطر؟؟
* الثقة تماماً كالدمعة إن سقطت لا يمكن أن تعود!
* من أجل رمضان صوم، صدقة، تراويح، دروس، مسلسلات تعبانة، برامج هابطة، رقص، وعري وهجص، واستقصاد لتخريب سكينة رمضان من قبل الذين لايخافون الوقوف بين يدي الله.. نعم الإعلام المدمر لكم بالمرصاد، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
* شكراً للحملة المكثفة على اللحوم المغشوشة، والمطاعم المخالفة، والتنزيلات المضروبة، وكل ما لا يصلح للاستهلاك الآدمي، شكرا جزيلا لكل من يكشف فساداً واستغلالاً للمواطن والمقيم.
* قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).. ادعوا يا جماعة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16974
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7935
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
6582
| 10 نوفمبر 2025