رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أمريكا: خسرت الولايات المتحدة الأمريكية هيبتها في المنطقة، بعد اتباعها أفشل سياسة تنتهجها في منطقة الشرق الأوسط عبر التاريخ، حيث لم تستطع أن توجد حلولًا للأزمات التي ألمت بالمنطقة، خصوصا الأزمة السورية، ما أدى إلى عودة ظهور روسيا مرة أخرى على الساحة. لذلك تعرض أوباما لانتقادات كثيرة. وفي أحد الأيام، ظهر "تنظيم داعش المتخصص بقطع رؤوس البشر بوحشية"، فقام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بإنقاذ الأبرياء في المنطقة من يزيديين وأكراد وعرب ومسيحيين. ما أدى إلى تخلص أوباما من التعرض للانتقاد بسبب سياساته الفاشلة في سوريا والشرق الأوسط، وبزغت أمامه فرصة لبناء منطقة غير محررة بعد، ستكون تابعة له في الشمال السوري.
سوريا:
تمكن الأسد الذي قتل أكثر من 200 ألف إنسان، وهجّر الملايين داخل وخارج الوطن السوري، من طرح سؤال على الغرب في الوقت الذي كان فيه الغرب يستعد ليقول "كفى": توجه الأسد للغرب سائلًا: "هل ستوافقون على الانقلاب عليَّ، ليصل إلى رأس الحكم في سوريا، داعشيون لن يتوانوا عن تفجير وهدم أهم المعالم التاريخية، وتحويل النساء إلى رقيق جنس، والتباهي بقطع الرؤوس؟"، فعاد الغرب على أعقابه وما عاد بنيته التدخل في سوريا، فيما واصل الأسد لمجازره وانتهاكاته بحق الشعب السوري.
أوروبا:
بقدر ما تعمّ الفوضى في المنطقة، بما في ذلك سوريا، والعراق، وإيران، ولبنان، ومصر، وليبيا، واليمن، بقدر ما تتمكن الدول الأوروبية من بيع نسبة أكبر من الأسلحة والذخائر والمواد الحربية، وتعزيز اقتصاداتها الوطنية، مرسخةً فكرة أن الدول الإسلامية أرادت محاربة بعضها بعضًا وخسارة قوتها، ورفضت دائمًا إنشاء حضارة بديلة. ومتمكنة من الرد على الانتقادات الموجهة إليها بالقول: "إن كل ما حدث، كان بسبب تنظيم داعش، الذي جعل من الأطفال رقيق جنس، وسكب البنزين على البشر وأحرقهم بلا رحمة ولا هوادة". وبسبب السياسات الغربية تلك، بات المسلمون في أوروبا، هم أكثر شريحة مجتمعية تتعرض لجرائم كراهية وتمييز عنصري، وتفشت ظاهرة "الرهاب الإسلامي" أو "إسلاموفوبيا".
ألمانيا:
إنها الدولة التي ترى في تركيا منافسًا لها، ولا تريد لها أبدًا، أن تحقق أي تنمية أو أي زيادة لقوتها في المنطقة على الإطلاق. شاركت في التحالف الدولي لمحاربة داعش، ودعمت بشكل علني، ميليشيا ما يسمى بـ"وحدات حماية الشعب" شمالي سوريا، التي هي في الحقيقة امتداد لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، في وجه داعش، ودخلت إلى منطقة شمال العراق، وبدأت بتدريب الوحدات المسلحة التابعة للبشمركة ولـ"وحدات حماية الشعب" واليزيديين، وتزويدهم بالعتاد والذخائر العسكرية اللازمة، بالتزامن مع بدءها تنفيذ أهم العمليات الاستخباراتية وأكثرها فعالية في المنطقة.
روسيا والصين:
دعمت روسيا والصين نظام الأسد منذ البداية، وأصبحتا من شركائه في اقتراف المجازر ضد الشعب السوري، ولهذه النقطة بالتحديد، وقفت روسيا في مواجهة الولايات المتحدة، ونجحت بمسح ملف استخدام الأسلحة الكيميائية الخاص بـ"الأسد" وإسقاطه من على الأجندة الدولية. إن ظهور داعش، جاء بالتزامن مع ازدياد الضغوط والانتقادات، واستعداد الدول الغربية للتدخل في سوريا. حيث بدأت روسيا، بنشر صور قطع الرؤوس واتهام الولايات المتحدة بالسعي لتنحية الأسد وإحلال تنظيم داعش محله.. وفجأة، خمدت الأصوات.. ولم نعد نسمع أي صوت أي جهة كانت تنتقد روسيا والصين، على دعمهما لنظام الأسد.
إيران:
أهم دول تشارك بشكل فعلي في الحرب السورية، وترسل قوات عسكرية للمشاركة في والقتال الدائر بسوريا. دعمت نظام الأسد غير آبهة باستنكار "العالم السني"، خسرت خلال حرب سوريا الآلاف من أبنائها والمليارات من دولاراتها. بثت إيران في التلفزيونات التابعة لها بشكل مباشر أو غير مباشر، صور تفجير تنظيم داعش للأضرحة المقدسة لدى الشيعة، ومشاهد قطع الرؤوس، وقال إعلامها: "نحن نقاتل ضد الهمجية، وما نفعله هو من أجل الإنسانية، وليس الدين".
العراق:
العراق المجزّأ بعد صدام، ازداد تجزّؤا وتقسيمًا، حيث تم تشكيل حكومة شيعية في بغداد تدور في فلك إيران، وعندما بدأت الحكومة بتجريد السنة من حقوقهم ومواردهم وتأثيرهم في دوائر الحكم، احتجزت العشائر السنية، ليظهر تنظيم داعش مثل البرق، ويستولي فجأة على مدينة الموصل، ولتبدأ بعد ذلك مأساة إنسانية عارمة، حيث انتشرت مشاهد قطع رؤوس الناس بشكل وحشي، ودعت الحكومة في بغداد، قوات التحالف الغربي إلى التدخل، التي بدأت بقصف مواقع داعش في الموصل، ما دفع العشائر السنية إلى الصمت وعدم المطالبة بحقوقها، فيما واصل النظام الشيعي في بغداد استمراره بالهيمنة على السلطة، بل وتعززت مكانته من خلال الدعم العسكري الذي تلقاه.
جبال قنديل\ منظمة بي كا كا\ وحدات حماية الشعب
كانت الأسلحة قاب قوسين أو أدنى من أن تفقد حياتها، مع اكتمال مراحل مشروع السلام الداخلي في تركيا، وفجأة، ظهر تنظيم دعي داعش، اعتبر هذا التنظيم أنه يشكل تهديدًا لمنظمة "بي كا كا"، ولـ "وحدات حماية الشعب". عرض التنظيمان على قوات التحالف (الولايات المتحدة الأمريكية) العون في محاربة داعش وإزالته من شمالي سوريا، وقبلت الولايات المتحدة هذا العون بشرط أن يقتصر على الدعم الجوي واللوجستي، هذا التعاون الذي تطور فيما بعد ليشمل دعمًا بالسلاح، وهكذا جرت معركة "عين العرب" (كوباني)، والتي أسفرت عن تعاون بين التحالف وتلك التنظيمات من أجل إقامة دولة مستقلة في شمالي سوريا وظهر مشروع منطقة (روجافا)، بشرط نقل النفط الكردي عبر تلك المنطقة، وهو ما قبلته تلك التنظيمات. فكانت معركة "تل أبيض"، استكمالًا لوصل الكانتونات التابعة لمنظمة "وحدات حماية الشعب" جغرافيًا. وما أن ولى تنظيم داعش الأدبار، حتى وملأ تنظيم "وحدات حماية الشعب" مكانه، وبدأ بترحيل سكان المنطقة، ممن لا ينتمون إلى الإثنية الكردية.. بحجة "تنظيف المنطقة من داعش".
بادية كل شيء:
افتتحت وكالة الأناضول للأنباء، في عام 2012، مكتبًا لها في مدينة حلب، شمالي سوريا، وبدأت ببث أخبار المدينة المنكوبة، وتحدث أحد تقارير الوكالة آنذاك، عن فصيل معارض لنظام الأسد، يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وأشار التقرير إلى أن الفصيل المذكور لا يخوض أي معركة ضد نظام الأسد، إنما يخوض معاركه ضد الفصائل السنية المعارضة، وذكر التقرير وقتها، أن مواقف هذا الفصيل ومنحاه يتسم بالغرابة.
بعد نشرنا للتقرير، بدأت المعلومات ذات الصلة بالفصيل تتدفق علينا من مصادر عديدة، وذكر مصدر مهم للأناضول، فضل وقتها عدم نشر اسمه، أن الطريقة التي تم من خلالها تشكل هذا الفصيل، مليئة بالخفايا وهي مظلمة جدًا، مشيراً إلى أن الفصيل يحظى بدعم من العديد من أجهزة الاستخبارات، وأنه يشعر بأن شيئًا ما سيتمخض عن الفصيل المذكور. وقد نشرت الوكالة وقتئذٍ ذلك التقرير، ونشرت تقريرًا تحليلًا آخر في هذا الاتجاه.
وهنا أود التذكير بأن عناصر "داعش"، قاموا بعد بثنا لتلك الأخبار، بمداهمة مكتب الوكالة في حلب، وتخريب جميع محتوياته، ما دفع وكالة الأناضول وقتها بالخروج قسريًا من حلب.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
900
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
744
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
690
| 15 ديسمبر 2025