رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فيصل محمد

باحث وأخصائي ذوي الإعاقة وصعوبات التعلم
Faisalosman10@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

222

فيصل محمد

الصحة النفسية لذوي الإعاقة.. تحديات خفية وحلول ضرورية

22 أغسطس 2025 , 01:51ص

عندما نتحدث عن ذوي الإعاقة، كثيرًا ما ينصرف الذهن إلى الجوانب الجسدية أو الحسية فقط، متغافلين عن جانب لا يقل أهمية، بل قد يفوقه أثرًا على جودة الحياة وهو (الصحة النفسية لذوي الإعاقة)، فالأشخاص ذوو الإعاقة، سواء كانت حركية، حسية، ذهنية أو نمائية، يعيشون تحت ضغط نفسي مزدوج: من الإعاقة نفسها، ومن نظرة المجتمع وسلوكياته تجاههم.

فعلم النفس الحديث يُجمع على أن ذوي الإعاقة معرضون بنسبة أعلى للإصابة باضطرابات نفسية، مثل: الاكتئاب، القلق، اضطرابات ما بعد الصدمة، واضطرابات التكيّف، الوسواس القهري وغيرها من الاضطرابات النفسية. ويعزو الخبراء ذلك إلى عدة عوامل متداخلة، من أبرزها: الوصمة الاجتماعية، التنمر، العزلة، قلة الفرص التعليمية والمهنية، ضعف الوصول إلى الخدمات، والشعور بالدونية أو الاعتمادية المفرطة.

وهناك دراسات عديدة، منها تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، تشير إلى أن نسبة الإصابة بالاكتئاب لدى الأشخاص ذوي الإعاقة قد تصل إلى (ثلاثة أضعاف النسبة العامة). وهذا لا يعود فقط إلى الإعاقة ذاتها، بل إلى عدم توفير الدعم النفسي المناسب منذ الطفولة (برامج التدخل المبكر)، وغياب البرامج المجتمعية التي تدمجهم فعليًا وتحترم اختلافاتهم.

من الناحية النفسية، يواجه الشخص ذو الإعاقة صراعًا داخليًا مستمرًا بين قبول الذات والتصالح مع الواقع، وبين الرغبة في الانتماء والمشاركة كأي فرد آخر. فكلما تلقّى دعمًا نفسيًا مبكرًا، سواء من الأسرة أو البيئة التعليمية أو الخدمات العلاجية، زادت فرصه في بناء تقدير ذاتي صحي وقدرة على التكيّف الإيجابي.

وتؤكد المنظمات الدولية أن (الدعم الشامل)، بما في ذلك الدعم النفسي والخدمات النفسية، حق إنساني أصيل وأساسي، وليس مجرد خدمة إضافية. ويتطلب ذلك تأهيل الأخصائيين النفسيين للتعامل مع هذه الفئة، وإدماج برامج تعزيز المهارات الاجتماعية، والوعي بالذات، وإدارة القلق والتوتر في المدارس والمؤسسات التعليمية والتأهيلية.

أيضًا، دور الأسرة مهم وضروري ومحوري. فالدعم العاطفي والتقبّل الأسري يُعدان حجر الزاوية في بناء التوازن النفسي للطفل أو الشاب من ذوي الإعاقة. كما يجب توعية الأسر بمراحل الحزن والإنكار والغضب التي قد يمرون بها بعد تشخيص الإعاقة، وتقديم إرشاد نفسي لهم لتخطي هذه المراحل بشكل صحي.

في الختام، (الصحة النفسية لذوي الإعاقة ) ليست ترفًا ولا خيارًا، بل ضرورة ملحّة وضرورية وحتمية لضمان العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية. إنها مسؤولية الجميع: الدولة، والمجتمع، والأسرة، والمختصين. فكما أن الجسد يحتاج للعلاج والدواء، فإن النفس أعمق وأعقد، وتحتاج – أيضاً- للدعم والمساندة والبرامج العلاجية.

 

مساحة إعلانية