رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خطاب حضرة صاحب السمو تاريخي بكل المقاييسهذه فقرة من خطاب حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر حفظه الله اخترتها في مفتتح تحليلي للخطاب السامي ورسائله السياسية والحضارية والإنسانية:
«لقد حبانا الله أن نعيش في عصر التقدم المتسارع الـــذي لــم يـسـبـق لــه مـثـيـل، والـــذي تــســود فـيـه روح الابتكار فـي مـجـالات الطب والتكنولوجيا والعلوم عـمـومـا، وتـتـضـاعـف فـيـه قــدرة الـبـشـر عـلـى تسخير الموارد التي تمكن مـن توفير حياة كريمة للبشرية جـمـعـاء. لـقـد أتـاحـت الابـتـكـارات المتواترة إنتاجية ورفاهية ودرجة تواصل بني البشر تكاد تحقق رؤى الخيال العلمي مـا مكننا هــذا الـتـطـور مـن تحقيق الـكـثـيـر من الأمــنــيــات، الا أن ذلــك لــم يـكـن دون كـلـفـة لـشـعـوب العالم ولكوكبنا ومـوارده. لقد ارتفع معدل الأعمار، ومـسـتـوى المـعـيـشـة لـغـالـبـيـة الإنسانية وظـهـر ذلـك بـوضـوح فـي التكاثر السكاني. ولكن مـعـدلات الفقر والبطالة ارتفعت أيضا، وازداد الوعي بغياب العدالة فـي تـوزيـع الــثــروات، فـضـلا عـن الـتـبـعـات الـخـطـيـرة على البيئة. وفي مجالات مثل علم الجينات والذكاء الاصــطــنــاعــي تــــزداد الإمكانيات لـتـحـقـيـق الــرفــاه للبشرية جـمـعـاء. لـكـن الـفـجـوة بـين المـمـكـن والـواقـع تـزداد أيضا. ففي نفس العصر الـذي تظهر فيه هذه الامـكـانـيـات تـعـانـي فـيـه شـعـوب مـن عـمـالـة الاطـفـال والجوع والبطالة والحروب الاهلية، وتدافع فيه دول متطورة عن حدودها أمـام تدفق اللاجئين الهاربين من تلك المعاناة، وكأن شعوب الكرة الارضية تعيش في عصرين مختلفين»
هذه فقرة من الخطاب التاريخي الذي ألقاه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله من على منبر الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء في أول أيام انعقادها لأن العادة اقتضت أن تبرمج رئاسة الجمعية خطب قادة الدول حسب أهمية هذه الدول ومساهمتها الفعالة في مجرى العلاقات الدولية ولهذا السبب كما قال سعادة السفير القطري الأسبق لدى الأمم المتحدة السيد ناصر بن عبد العزيز النصر كان صاحب السمو من بين ثلة من القادة المؤثرين أمثال الرئيس بايدن والرئيس أردوغان. واخترت شخصيا هذه الفقرة لأنها تشكل رؤية شاملة تتعلق بالجذور الحقيقية والخفية للأزمات الراهنة التي أتى عليها الخطاب بالتحليل واقترح لها الحلول وكان مساعد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة صادقا حين قال: «إن خطاب صاحب السمو أمير دولة قطر تعمق في تفكيك الأخطار المحدقة بالإنسانية والتي عادة يمر عليها الآخرون مرور الكرام للبحث في التداعيات والاثار المدمرة الناتجة عن تلك الأخطار.
وقد توفق حضرة صاحب السمو كل التوفيق في هذه الرؤية الكونية التي قال عنها سموه إنها قسمت العالم الى قسمين لم يعد يربط بينهما رابط منطقي بل تفرقهما المصالح والمغانم عوض أن تجمعهما المبادئ والقيم. وفي الحقيقة بعد مشاهدتي المباشرة للخطاب استفدت أيما استفادة من حوار متعمق وممتع لثلاثة من الإخوة المثقفين القطريين حاورهم التلفزيون القطري مباشرة بعد الخطاب وهم السادة سعادة سفير قطر لدى الأمم المتحدة سابقا ناصر النصر والزميلان الإعلاميان جابر الحرمي رئيس تحرير الشرق وعبد العزيز آل إسحاق لأن هؤلاء المحللين أناروا جوانب مختلفة من الخطاب الكثيرة وأماطوا الستار عن الرسائل الثرية التي أراد حضرة صاحب السمو إرسالها الى صناع القرار وأصحاب الأمر في مواقع الأزمات الخطيرة حتى ينخرطوا كما انخرطت دولة قطر في منظومة القانون الدولي والشرعية الدولية ولأول مرة على لسان زعيم عربي جاءت عبارة الميز العنصري وهو منهج سياسة اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل وهذه العبارة جاءت على لسان قائد عربي أثبتت مواقفه وأعماله أنه رجل الفزعة الصادقة لمناصرة الشعب الفلسطيني وإعادة اعمار قطاع غزة وتمويل وكالة الأونروا ومعاضدة جهود منظمة الأمم المتحدة بإعانة اثنتي عشرة منظمة متخصصة وتمكينها من مواطئ أقدام في الدوحة وقال سموه في شأن القضية الفلسطينية:
«فلا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني أسير تعسف الاحـتـلال الاسـرائـيـلـي الاستيطاني، ورفـض الـحـكـومـات الاسـرائـيـلـيـة المتعاقبة أي حـل سياسي عادل وفق مبادئ الشرعية الدولية. ولا يغيب عنكم أن تقاعس المنظمة الدولية عن اتخاذ إجـراءات ضد الاحتلال أتاح ويتيح الفرصة لاسرائيل لكي تقوض أســس حــل الـدولـتيـن بـالـتـوسـع والاسـتـيـطـان حتى أصـبـح الاحــتـلال يـتـخـذ شـكـل نـظـام فـصـل عنصري في وضح نهار القرن الواحد والعشرين. وقد لاحظ ذلــك حـتـى بـعـض أصــدقــاء إســرائــيــل المــقــربيــن. كما ترد إســرائــيــل عـلـى مــبــادرات الــســلام والـتـطـبـيـع الـعـربـيـة بــالمــزيــد مــن الـتـعـنـت والــتــطــرف الـقـومـي والتطرف الديني الاصـولـي والمـزيـد مــن الاســتــيــطــان وتــهــويــد الــقــدس والاعـــتـــداء على الاماكن المقدسة، والتنكيل بالواقعين تحت الاحتلال وتـقـدم قـطـر الـدعـم الـسـيـاسـي والانـسـانـي والـتـنـمـوي للشعب الفلسطيني الشقيق، وتساهم في إعمار قطاع غـزة الــرازح تحت الـحـصـار، عـلاوة على مساهمتها المتواصلة في تمويل وكالة غوث اللاجئين وتواصل تمسكها بالموقف المبدئي من عدالة هذه القضية التي أصبحت امتحانا لمصداقية ساسة دول العالم تجاه منطقة الشرق الأوسط».
وهذا ما حدا بالسيد غوتيريش للتصريح بأن دولة قطر هي دولة أممية بالكامل. وتحدث سموه تباعا عن بؤر الحروب والتوتر في العالم فبدأ بالحرب الروسية الأوكرانية مقترحا لها حلولا أقرب للعدالة الدولية وتلافيا لأزمات في الطاقة والحبوب بدأت تؤثر على كل شعوب العالم كما عرض سموه مخاطر تفاقم حالات سوريا واليمن والسودان وليبيا مقدما اقتراحات تندرج ضمن العودة للقانون الدولي وإعلاء مصلحة الشعوب فوق الطموحات الشخصية للسلطة وتجنب الانخراط في مخططات خارجية لا تريد الخير للأمة. ثم استلهم صاحب السمو من نجاح مساعي الوساطة القطرية مبدأ خدمة قطر للأمن والسلام الدوليين وخاصة التوصل الى حلول للأزمة بين واشنطن وطهران تمثلت في اطلاق سراح مساجين الطرفين وإعادة أموال للجمهورية الإسلامية الإيرانية معربا عن أمله في الوصول الى حلول نهائية وعادلة في ملف النووي الإيراني ولم ينس سمو الأمير التنديد بالمس بالمقدسات الإسلامية تحت شعار حرية التعبير في بعض المجتمعات الغربية وختم سموه خطابه التاريخي بتلخيص موجز لقيمة من قيم الدبلوماسية القطرية المتمثلة في الاسهام بقسطها في إحلال السلام وتوفير الأمن والقضاء على العنف والإرهاب والعنصرية وكذلك تحمل قطر لمسؤوليتها الدولية كإحدى مصادر الطاقة للعالم. أجمعت عديد المحافل الدبلوماسية ومراكز البحوث الاستراتيجية ووسائل الاعلام العالمية الأمينة على القول بأن رسائل السلام القطرية وصلت وأن الخطاب الأميري سيبقى وثيقة متميزة لن ينساها العالم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
996
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
915
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
693
| 15 ديسمبر 2025