رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هذا المقال ليس الأول الذى أتناول فيه موضوع مواقع التواصل الإجتماعى وما ينضوى تحت لوائها .. فقد كان لى السبق فى كتابة عدة مقالات تحت عنوان " الفيسبوك " ثم " الفيسبوك .. 2 " وبعد ذلك كتبت المقال الشهير " ليس دفاعا عن الفيسبوك " .. وأخيرا كان مقال " الفيسبوك وزهرة الغاردينيا " تناولت فيه إبداعات الزميل الشاعر حسين حرفوش .. كل ذلك كان خلال السنوات القليلة الماضية .. والفيسبوك هو أشهر روافد هذه المواقع وبالتالى يكاد يكون هو المصدر الأكثر فاعلية للثقافة الإليكترونية .. والمقصود بالثقافة الإليكترونية هنا أنها ثقافة الصورة والحركة والقراءة العابرة وهى ما نجده بصفة أساسية عبر الإنترنت وما يتفرع منه من وسائل التواصل الإجتماعى .. ولعل هذا هو السبب فى أننى إستخدمت كلمة الفيسبوك دون غيرها كعنوان للمقالات السابقة التى ذكرناها آنفا .. ونلاحظ أن ثقافة الإنترنت هذه قد إنتشرت فى المجتمع العربى بشكل غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية وأفسحت المجال أمام الجميع تقريبا " للكلام " أو بالأحرى إبداء الرأى .. وهو ما لم يكن مسموحا به لفئات عديدة من المجتمع .. وكان معظم هذه الفئات تتحدث همسا فى السر بالرغم من أن كلامها فى معظم الأحيان لا يتسبب فى ضرر ملموس للمجتمع .. ولكن إزاء إمكانية إسكاتهم فى أى وقت وما يصاحب ذلك من إجراءات دراماتيكية فقد آثر هؤلاء الهمس .. كان ذلك يحدث فى الماضى .. ولكن ما يحدث الآن ونلمسه جميعا شئ مختلف تماما .. فقد أعطت وسائل التواصل الإجتماعى حق التعبير عن الرأى للجميع .. وصار أبسط الناس يعبر عن رأيه علانية شأنه فى ذلك شأن من يحمل جائزة نوبل .
ليس هذا فقط ولكننا نلمس فوائد إيجابية عديدة لعل أهمها بعد إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأى لكافة الناس - كما أسلفنا - لعل أبرزها سهولة وسائل التواصل وسرعتها المتناهية .. فقد أصبح التواصل غاية فى السهولة وبتكلفة زهيدة لا تكاد تذكر .. سواء كانت سهولة الإتصال بسبب وجود خدمة الإنترنت نفسها والتى أصبحت فى كل بيت يتساوى فى ذلك أغنى الأغنياء مع أفقر الفقراء .. أما أدوات الإتصال ذاتها فتتراوح بين أجهزة الكمبيوتر الثابتة والمتنقلة والمعروفة ب " اللاب توب " أو " التابلت " وصولا إلى جهاز تليفون فى حجم كف يد الإنسان ينتقل به فى أى مكان فى العالم .. سواء على الأرض أو حتى فى الفضاء عند ركوب الطائرة .. فهل هناك سهولة أكثر من هذا لإرسال أو تلقى ما نشاء .. بل إن الأمر إمتد ليشمل مكالمات صوتية مجانية – غير الكتابة والصورة – على مواقع عديدة مثل " الفايبر " وال " لاين " وال "واتس أب " وال " ماسينجر " .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن معظم هذه المواقع أصبحت تتيح تلك الخدمات بالصوت والصورة معا .. حتى أنك تجلس أينما كنت وترى وتحاور من تريد فى أى مكان فى العالم .
أما عن سرعة التواصل فحدث ولا حرج .. فأى إنسان فى أى مكان يمكنه أن يعرف معظم ما يحدث فى العالم فور وقوعه سواء كان ذلك من الأصدقاء والزملاء أو من المواقع الإخبارية التى تمتلك شبكة مراسلين فى كل الدنيا وما على من يرغب فى المتابعة إلا أن يضع علامة الإعجاب " لايك " ليكون كل شئ بين يديه .. ونحن نقول ذلك دون مبالغة لأن الجميع يلمسون ذلك بأنفسهم .. وعن نفسى أنا كاتب هذه السطور فإننى أتواصل مع أصدقاء وزملاء فى قارات العالم الخمس بصفة شخصية أو ما يلزم للعمل الصحفى .
ولعل القراء الأعزاء يلاحظون أننى فى الكثير من كتاباتى أحذر من مغبة أن يزيد أى أمر عن حده حتى لا ينقلب إلى ضده .. وهى قاعدة معروفة للجميع ولكن معظمنا ينساها فى غمرة إنفعاله .. وقد يتناساها البعض عامدين ظنا منهم أنهم بعيدون أو بمنأى عن خطر زيادة الحد .. وهذا هو ما نلمسه فى تعاملنا مع وسائل التواصل الإجتماعى وأشهرها - كما أسلفنا - هو الفيسبوك .. فماذا يحدث على الفيسبوك .
على هذه الصفحات هناك الكثير ممن يتعمدون خفة الدم ويدونون ما يجعل القارئ يبتسم من تلك الحماقات التى يكتبونها وخاصة هؤلاء الذين يذيلون كتاباتهم بألقاب يطلقونها على أنفسهم مثل المفكر أو المبدع أو الشاعر أو الأديب .. وهناك من يجمع بين عدد من هذه الألقاب أو كلها ويجعلونها تسبق أسماءهم ويطلب منك أن تضع له علامة الإعجاب " لايك " .. وإذا ما إنصرفت عنه تجده فى موقع آخر وكأنه مكلف بمطاردتك .. والأمر العجيب حقا أن يكتب تعليقا على عباراته التى دونها بنفسه ووضع عليها علامة الإعجاب فى موقع سابق ولا يفوته فى تعليقاته أن يشيد بعمق الأفكار وثراء اللغة وعبقرية كاتبها مع أن عبارته لا تخرج عن كونها أحد الأمثال الشعبية المنتشرة أو إحدى الحكم البسيطة مثل السكوت علامة الرضا أو الموت نهاية كل حى .. وهكذا .
أما الأكثر عجبا فهو من يقوم بتكوين مجموعة " جروب " وطبعا لابد أن يحمل إسمه .. ويضم إليه من يشاء وقد يكون بعض هؤلاء لا يعرف شيئا عن هذا الجروب .. والمشكلة أنه يصدق نفسه فيسمح بنشر الآراء التى تروق له وتوافقه الرأى والرؤى ويمنع من يخالفه الرأى فى تدوين أفكاره عبر الجروب حتى ينتهى به الأمر إلى أن يظن صاحبنا هذا أن الجروب قد أصبح حزبا وهو رئيس هذا الحزب .
وإلى جانب كلا الطرفين تجد بعض من حسنى النية من يصدقون كل ما يبث عبر هذه الوسائل دون تحرى الدقة أو البحث عن إثبات أو دليل على ما يقرأه برغم ما قد يلمسونه من تحامق أو شطط فى الرأى والتى لا يهتم من يوزعها على الناس بتقديم إثبات أو شاهد وقد يكون من بين ما يبثونه نصائح طبية أو وصفات لتقليل الوزن وهو ما تُغرم به السيدات .. وقد يكون من بينها كذلك عبارات أو موضوعات دينية بينها ما هو صحيح وما هو مشبوه تغلب عليه مسحة المبالغة لدغدغة مشاعر البسطاء .
أما الأخطر من كل هذا فهو ما يتعمده البعض للتأثير على الرأى العام والتحريض على فكر معين وغالبا ما يكون ذلك من الجانب السياسى وهو ما قد يؤثر سلبا أو إيجابا على مصالح الأفراد والجماهير والأوطان .
وفى النهاية نقول أن هذه الوسائط الإليكترونية قد دخلت حياتنا جميعا من أوسع الأبواب وإحتلت مكانة فى حياتنا يصعب تجاهلها وأصبحت جزء من حياتنا .. وبناء عليه نقول أنه لا بأس من ذلك شريطة أن ندقق فيما يصلنا لنفرق بين الغث والسمين خاصة وأنه لا توجد – حتى الآن – قوانين أو تشريعات معمول بها لحماية الناس أو على الأقل مساءلة من يخرج عن الحدود المتعارف عليها فى التعامل بين الناس .
ونأمل أن نتمكن من مناقشة أثر مواقع التواصل الإجتماعى على الثقافة .. وسيكون هذا هو موضوع مقالنا القادم بحول الله .
بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين
drmostafaabdeen@gmail.com
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3675
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2187
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2085
| 04 نوفمبر 2025