رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

موسى عساف

مساحة إعلانية

مقالات

252

موسى عساف

فلسطين في خطاب سمو الأمير

23 أكتوبر 2025 , 05:42ص

تمثل القضية الفلسطينية أحد أهم أولويات السياسة الخارجية لدولة قطر، باعتبارها قضية عدل وحقوق إنسان، حيث تؤمن القيادة القطرية بوجوب إنصافها واسترداد حقوقها كاملة، فمنذ تأسيس الدولة الحديثة، أولت قطر، اهتمامًا استثنائيًا بالقضية الفلسطينية، دعمًا سياسيًا وإنسانيًا وتنمويًا، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن العدالة للشعب الفلسطيني هي مدخل السلام الحقيقي في المنطقة.

وفي خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بافتتاح دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، يوم الثلاثاء الماضي، احتلت فلسطين موقعًا محوريًا ومؤثرًا ضمن القضايا الإقليمية التي تناولها الخطاب، حيث أعاد سمو الأمير التأكيد على ثبات الموقف القطري تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وإبادة جماعية في قطاع غزة، وعلى رفض قطر التام لأي ممارسات تمس حقوق الفلسطينيين أو تحاول تصفية قضيتهم تحت ذرائع أمنية أو سياسية.

وقد جاء حديث سمو الأمير بلغة حاسمة، حين وصف ما يجري في غزة بكل وضوح بأنه «إبادة جماعية»، مؤكدًا أن الشرعية الدولية أظهرت عجزًا مقلقًا أمام الجرائم الإسرائيلية، وأن ما يحدث لا يمكن اعتباره صراعًا عابرًا، بل استمرارًا لاحتلال طويل الأمد آن أوان إنهاؤه. وفي هذا السياق؛ شدد سموه على أن قضية فلسطين ليست قضية إرهاب، بل قضية احتلال يجب أن ينتهي، داعيًا المجتمع الدولي إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات.

بهذا الخطاب، لم تكتفِ قطر بإدانة العدوان، بل طرحت رؤية مبدئية للسلام العادل الذي يضمن الأمن، على أساس إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي الرؤية التي تتسق مع الموقف القطري الثابت منذ عقود طويلة.

سمو الأمير لفت الانتباه في خطابه إلى الثمن الذي دفعته قطر جراء دورها الإنساني والدبلوماسي في غزة، مشيرًا إلى العدوان الإسرائيلي على الدوحة، الذي استهدف حيًا سكنيًا وأسفر عن استشهاد مواطن قطري وخمسة فلسطينيين، ومع ذلك، أكد سموه أن قطر خرجت من تلك المحنة أكثر قوة وصلابة، وقد حظيت بإشادة دولية واسعة من مجلس الأمن ومن القمة العربية الإسلامية، اعترافًا بدورها الإيجابي والفاعل في حقن الدماء وحل النزاعات.

ومنذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، لعبت الدبلوماسية القطرية، دورًا محوريا في الوساطة لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي جهود أثبتت أن الحياد والمسؤولية الأخلاقية يمكن أن يجتمعا في سياسة خارجية واحدة متوازنة، تسعى إلى السلام دون التفريط بالحقوق.

الموقف الذي أعاد سمو الأمير تأكيده في الخطاب جاء استمرارًا لنهج ثابت تجسد في دعم قطر الدائم للشعب الفلسطيني، والمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية والمالية المنتظمة، كما برزت الدوحة في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية أكثر من مرة، محافظة على مكانتها كوسيط موثوق، لما تتميز به من مصداقية واستقلالية في القرار السياسي. لقد جعلت قطر من القضية الفلسطينية قضية مركزية في خطابها الدولي، سواء في الأمم المتحدة أو القمم الإقليمية، مؤكدة دومًا أن السلام العادل يبدأ من إنهاء الاحتلال، لا من تطبيع الأمر الواقع، وهو ما يعد امتدادًا لسياسة قطر القائمة على الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية عبر العمل الدبلوماسي لا الشعارات.

نبرة الخطاب تؤكد أن سمو الأمير يتعامل مع فلسطين بوصفها قضية ضمير إنساني قبل أن تكون قضية سياسية، إذ دعا سموه إلى موقف عالمي موحد يرفض الاحتلال والعنصرية بكل أشكالها، سواء في فلسطين أو في غيرها من القضايا التي تمس العدالة وحقوق الإنسان، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية في محاسبة مرتكبي الإبادة، ودعم الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين، تمهيدًا لمنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

ختاماً؛ فإن خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حول فلسطين مثل رسالة وموقفا مبدئيا، حيث عبر بشكل واضح لا يقبل التأويل أو اللبس عن ثبات الموقف القطري وعدالة البوصلة الأخلاقية، التي لم تنحرف رغم التحولات الإقليمية والدولية، حيث أكد سموه أن دعم قطر لفلسطين لا يرتبط بتطورات الأحداث وتداعياتها؛ بل هو التزام وطني وإنساني طويل الأمد، وأن الطريق نحو السلام الحقيقي يبدأ فقط عندما ينال الشعب الفلسطيني حريته ودولته المستقلة على أرضه.

 

 

مساحة إعلانية