رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة بنت يوسف الغزال

  Falghazal33@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

2295

فاطمة بنت يوسف الغزال

الأيام دول.. يوم لك ويوم عليك

25 سبتمبر 2024 , 02:00ص

تزوجت امرأة من تاجر غني، له محل كبير يبيع فيه القماش والملابس وكان بخيلا جدا، وذات يوم اشترى الرجل دجاجة، وطلب من زوجته أن تطبخها ليتناول جزءا منها على العشاء، وبينما كان الزوجان يتناولان طعام العشاء سمعا طرقا على الباب.

فتح الزوج الباب، فوجد رجلا فقيرا يطلب بعض الطعام لأنه جائع، رفض الزوج ان يعطيه شيئا وصاح به وقال له كلاما قاسيا وطرده، فقال له السائل: سامحك الله يا سيدي، فلولا الحاجة الشديدة والجوع الشديد ما طرقت بابك، لم ينتظر الرجل أن يكمل السائل كلامه، وأغلق الباب بعنف في وجهه، وعاد إلى طعامه، قالت الزوجة: لماذا أغلقت الباب هكذا في وجه السائل؟، فقال الزوج بغضب: وماذا كنت تريدين ان افعل؟.

فقالت: كان من الممكن ان تعطيه قطعة من الدجاجة، ولو اخذ جناحيها يسد بها جوعه، قال الزوج: أعطيه جناحا كاملا أجننت؟. قالت الزوجة: إذن، قل له كلمة طيبة.

وبعد أيام ذهب التاجر إلى متجره، فوجد أن حريقا قد أحرق كل القماش والملابس، ولم يترك شيئا، عاد الرجل إلى زوجته حزينا وقال لها: لقد جعل الحريق المحل رمادا، وأصبحت لا أملك شيئا، قالت الزوجة: لا تستسلم للأحزان يا زوجي واصبر على قضاء الله وقدره، ولا تيأس من رحمة الله، ولسوف يعوضك الله خيرا، لكن الرجل قال لزوجته: اسمعي يا امرأة، حتى يأتي هذا الخير اذهبي إلى بيت أبيك، فأنا لا أستطيع الإنفاق عليك، وطلّق الزوج زوجته، ولكن الله أكرمها فتزوجت من رجل آخر كريم يرحم الضعفاء، ويطعم المساكين، ولا يرد محروما ولا سائلا.

وذات يوم بينما كانت المرأة تتناول العشاء مع زوجها الجديد، دق الباب فنهضت المرأة لترى من الطارق ورجعت وقالت لزوجها: هناك سائل يشكو شدة الجوع ويطلب الطعام فقال لها زوجها: أعطيه إحدى هاتين الدجاجتين، تكفينا دجاجة واحدة لعشائنا، فلقد أنعم الله علينا، ولن نخيب رجاء من يلجأ إلينا، فقالت: ما أكرمك وما أطيبك يا زوجي، أخذت الزوجة الدجاجة لتعطيها السائل، ثم عادت إلى زوجها لتكمل العشاء والدموع تملأ عينيها.

لاحظ الزوج عليها ذلك، فقال لها في دهشة: ماذا يبكيك يا زوجتي العزيزة؟ فقالت: إنني أبكي من شدة حزني، فسألها زوجها عن السبب فأجابته: أنا أبكي لأن السائل الذي دق بابنا منذ قليل، وأمرتني أن أعطيه الدجاجة، هو زوجي الأول.

ثم أخذت المرأة تحكي لزوجها قصة الزوج الأول البخيل الذي أهان السائل وطرده دون أن يعطيه شيئا وأسمعه كلاما لاذعا قاسيا.

حسن التصرف حفاظاً على النعمة

فقال لها زوجها الكريم: يا زوجتي، إذا كان السائل الذي دق بابنا هو زوجك الأول فأنا السائل الأول، سبحان الله الايام دول يوما لك ويوما عليك فلا تستقوِ بما معك اليوم فسبحان الوهاب، اذا لم تحسن التصرف فيما اعطاك اخذه منك، هذه هي الحكمة التي نأخذها من هذه القصة، اذا دعتك قدرتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك، وتحمل هذه الحكمة في طياتها رسالة عميقة عن العدالة والتواضع نستفيد منها عدة أمور منها التذكير بالعدالة وبأن القوة والقدرة يجب أن تُستخدم لتحقيق العدالة وليس للظلم، كما تعلمنا التواضع وأن هناك من هو اقوى منا وهو الخالق سبحانه وتعالى، وأن الرحمة تحثنا على التعامل بلطف مع الآخرين حتى عندما نكون في موقف قوة.

كسرة أخيرة

الكرم والنفقة لهما فوائد عظيمة تعود علينا بالخير وزيادة البركة في النعمة عندما نشارك ما لدينا مع الآخرين، سواء كان ذلك مالاً أو وقتاً أو معرفة، فإننا نساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وتعاوناً، ومن الفوائد العظيمة تحقيق السعادة وذلك بالشعور بالرضا عندما نرى تأثير ما قدمناه على حياة الاخرين، كما أن الكرم والنفقة تحقق التوازن بين الأخذ والعطاء في حياة متوازنة ومثمرة، ومن واقع تجاربنا تعلمنا أن دعوة الآخرين لتناول الطعام معنا يعزز الروابط الاجتماعية ويقوي العلاقات بين أفراد المجتمع بالإضافة الى انه يجلب الخير ويزيد والسعادة، قال تعالى في محكم تنزيله: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) – سورة الروم (39)، أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء، كما جاء في الصحيح: «وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله، حتى تصير التمرة أعظم من جبل أحد).

مساحة إعلانية