رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعيش العرب والمسلمون هذه الأيام مواكب تشييع جنائز شهدائنا الأبرار ولعل البعض منا يصاب بالإحباط والحزن ولكن ما نشاهده على قنوات المحتل من مواكب تشييع قتلاه يعيد الأمل للقلوب المؤمنة ويعطي الحق لمن اختار نهج المقاومة حتى نيل الحقوق المشروعة. وفي هذا المعنى نقرأ ما جاء في صحيفتين غربيتين، إذ تعتبر مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أشهر المجلات المتخصصة في التحليل السياسي والإستراتيجي في العالم والمفككة الأكاديمية لكل الأزمات الخطيرة وبؤر العنف التي تهدد السلام والأمن الدوليين وتنذر بالانفجار دون إعطاء مؤشرات أو تمهيدات للحظة الحاسمة. و(فورين بوليسي) هي مجلة أمريكية تصدر كل شهرين أسسها سنة 1970 صامويل هنتغتون صاحب نظرية «صدام الحضارات». ولهذه الأسباب تزداد تقاريرها قيمة مضافة للحقائق التي قيلت لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 عديد المرات بأن اغتيال قادة ومؤسسي التنظيمات المقاومة للاحتلال لا يخدم إسرائيل بل يقوي تلك التنظيمات ما دامت تستعمل حقها في التصدي للاحتلال والاستيطان وهو حق يقره ميثاق منظمة الأمم المتحدة بل ويضيف لوسائل المقاومة المسلحة منها بقصد استرجاع بلاد محتلة وحق مغتصب.
*وأكد تقرير لمجلة فورين بوليسي في عددها الأخير أن قتل إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس يحيى السنوار لن يزيد الحركة إلا ضراوة، وبينما قد يبدو الأمر إنجازا كبيرا اليوم إلا أنه مع مرور الوقت سينهض مكانه آخرون - كما هو الحال دائما - وستستمر المقاومة. وقال المتخصص في شؤون الشرق الأوسط (ستيفين كوك) وهو كاتب عمود في المجلة إن التاريخ يشهد على «استحالة القضاء على حركة مقاومة» بقتل أعضائها ولن يردع «أصحاب القضية» قتل قادتهم بل سيؤدي بهم إلى مضاعفة جهودهم نحو تحقيق أهدافهم. وأشار الكاتب إلى أن المقاومة ليست مشروعا «عقيما» بل «جزء أساسي من هوية من ينتسب إليها»، ولهذا السبب بالتحديد كان السنوار يرغب ألا يموت ميتة طبيعية بل بقذيفة دبابة على أرض المعركة، معتقدا أن ذلك سيقوّي المقاومة.
وحذر الكاتب الإسرائيليين من أن ينشغلوا بالاحتفال وتوزيع الحلوى عن الواقع وخاطبهم متسائلا: «أتذكرون أبرز مؤسسي حماس أحمد ياسين أو القيادي الفلسطيني خليل الوزير (أبوجهاد) ثم ماذا عن الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي أو مؤسس حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي لقد كانوا بمنزلة وحوش لإسرائيل في السابق واستطاعت اغتيالهم كلهم ولكن المقاومة استمرت!. وأضاف «بقدر براعة الإسرائيليين في الثأر لدماء قتلاهم إلا أنهم لم ينجحوا قط في وضع نهاية حقيقية للمقاومة طوال العقود الماضية فما الذي يجعلهم يظنون أن قتلهم السنوار سيؤدي إلى نتيجة مختلفة هذه المرة؟ وبرأي الكاتب فإن قتل إسرائيل لرئيس حماس يحيى السنوار لن يكسر حماس بل سيشعل الغضب والرغبة في الانتقام في قلوب أعضائها تماما كما لم يضعف حركة الإخوان المسلمين اغتيال مؤسسها حسن البنا سنة 1949.
ويرى كوك أن إستراتيجية إسرائيل الفاشلة في القضاء على الحركات باستهداف قادتها تماثل عقلية الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 فعلى الرغم من قتل القوات الأمريكية مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وخلفه أيمن الظواهري فإن التنظيم نجا كما استيقظ من رقدته تنظيم الدولة (داعش) بعد مقتل مؤسسه أبوبكر البغدادي ولا تزال هذه التنظيمات تشكل تهديدا للولايات المتحدة وحلفائها حتى اليوم.
*في نفس السياق من جهتها قالت صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية واسعة التوزيع إن صور مقتل المحارب الأخيرة وهو يدافع عن قضيته إلى الرمق الأخير أعطت لرئيس المكتب السياسي الراحل لحركة حماس يحيى السنوار مكانة عالية في «مقبرة العظماء» الفلسطينيين وأشارت بكل أمانة إلى أن الرواية الإسرائيلية التي كانت تقول إن مقاتلي حماس كانوا يتمتعون في الأنفاق بشرب الماء وأكل الطعام هي نفس الرواية التي قيلت عن السنوار وأنه محاط بالأسرى كدروع بشرية وهو ما ثبت عكسه في مشهد مقتله أثناء اشتباك مسلح بين الجيش الإسرائيلي وفصائل حماس بثته القنوات الإسرائيلية نفسها. وأضافت (الأوبزيرفر) أن «إرث السنوار سيتعزز من خلال روايته «الشوك والقرنفل» التي عبر فيها عن استعداده للتضحية بكل شيء من أجل الكرامة والعزة والإيمان، متسائلا: فلماذا التفاوض مع إسرائيل من موقف المغلوب إذن؟ تساءل السنوار مضيفا: عندما تستطيع حماس فرض شروط أخرى للعبة وهو ما تم عندما أنجزنا السابع من أكتوبر. وقال الصحفي عندما خطط السنوار لهجمات العام الماضي فكر فيما سترثه الأجيال القادمة. ثم أكدت الصحيفة البريطانية: «ستظل الأسطورة التي رباها واعتنى بها وهو حي بعده من خلال آلاف الملصقات واللوحات الجدارية وقد غيرت هجماته قواعد اللعبة والسؤال سيظل مفتوحا: ماذا جنت إسرائيل من اغتيال القادة؟ ولفتت الصحيفة إلى أن حقيقة مقتله في ساحة المعركة وهو يرتدي البزة العسكرية ويرمي القنابل اليدوية ويحاول منع اقتراب مسيرة منه بعصاه الخشبية بيده الوحيدة التي ظلت سليمة في صورة أخيرة عن التحدي في ظل كثرة الروايات الإسرائيلية والتي تضع زعيم حماس في مقام خاص عن أسلافه الذين اغتالتهم إسرائيل بغارات جوية وإسقاط قنابل على الأماكن التي كانوا فيها. وقالت إن الاحتلال حين اغتال الشيخ أحمد ياسين في 2004 كان على كرسيه المتحرك خارجا من الصلاة ولا تزال صور الشيخ أحمد ياسين شائعة في غزة والضفة الغربية وهي صورة مشابهة لصورة الثائر الأرجنتيني (تشي غيفارا) الذي قاتل مع الثورة الكوبية وقتل على يد الجيش البوليفي عام 1967 وبعد مقتله سجي جسده على طاولة لكي تلتقط صور له وكانت عيناه المفتوحتان تحدقان في الفراغ على الكاميرا. وأشارت الصحيفة إلى أن قادة حماس احتفوا باستشهاد السنوار في ساحة القتال وبعبارات خالد مشعل «مقبلا غير مدبر ومقاتلا على الخطوط الأمامية ومتحركا بين المواقع القتالية». كما انتشرت مقاطع من قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش على مواقع التواصل الاجتماعي التي قال مستخدمون إنها تنبأت بوفاة السنوار بهذه الطريقة وهي من قصيدة «مديح الظل العالي»: «حاصر حصارك لا مفر سقطت ذراعك فالتقطها لا مفر وسقطت قربك فالتقطني واضرب عدوك بي فأنت الآن حر حر حر».
من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني
من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد
27
| 13 ديسمبر 2025
العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2
على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد
33
| 13 ديسمبر 2025
ذوو الهمم في حياتنا
يحتفل العالم في الثالث من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة. ذلك اليوم الذي يدعو... اقرأ المزيد
63
| 12 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2325
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2256
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025