رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ذكَرنا في مقالٍ سبق مقابلة الرئيس الأمريكي مع توماس فريدمان، المخصص لإيصال رسائل خاصة للعرب والإيرانيين، إن واقعية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومعها صراحتهُ، قد تكونان خيراً على حاضر العرب ومستقبلهم، إذا عرف هؤلاء كيف يتعاملون مع تلك الحقيقة. وأكدنا أننا اليوم بإزاء رئيسٍ أمريكي يواجهنا كعرب، ربما لأول مرة، بحقيقة أفكاره تجاه المنطقة وأهلها.
والواضح أن كلام أوباما في المقابلة يؤكد هذا التوصيف إلى درجةٍ كبيرة. فحين يتحدث الرجل عن العرب، نَجدهُ يوجه حديثه لدول الخليج في لفتةٍ ذات دلالة.. وبعيداً عن منطق الحديث والذم، يبدو أن جزءاً من واقعية الرئيس الأمريكي في رؤيته للمنطقة تتمثل في أن هذه الدول هي التي بقيت، بشكلٍ أو بآخر، أبعد الدول العربية عن الفوضى التي عمَّت وتَعُمﱡ المنطقة. فالدول العربية الكبرى الأخرى، من العراق إلى مصر، مروراً بسوريا، غارقةٌ، كلٌ بطريقتها في مشاكل قزمت دورها الإقليمي. أما دول المغرب العربي الأكبر فتبدو في حالة ترقبٍ وانتظار، وهي أقرب لدور المُتابِع والمُشاهد، إرادياً، منها لدور الفاعل المؤثر.
من هنا، تُفهم الرمزية في أن يخص أوباما دول الخليج تحديداً في كلامه عن العرب. ونجدهُ يقولُ مايلي:
"الحوار الذي أريد القيام به مع الدول الخليجية يتضمن، أولاً وقبل كل شيء، [الإجابة على سؤال] كيف يمكن لهم بناء قدراتٍ دفاعية أفضل؟ أعتقد، عندما تنظر إلى مايجري في سوريا، على سبيل المثال، كانت هناك دائماً رغبةٌ قوية في أن تقوم الولايات المتحدة بالدخول إلى هناك والقيام بشىءٍ ما. لكن السؤال هنا: ماذا يعني ألا نستطيع رؤية العرب يقاتلون [ضد] انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة التي تم ارتكابها؟ أو يقاتلون ضد مافعله الأسد؟ يمكنني أيضاً أن أرسل لهم رسالةً تتعلق بالتزام الولايات المتحدة بالعمل معهم والوصول إلى درجة اليقين بعدم إمكانية غزوهم من الخارج. وربما سيخفف هذا شيئاً من قلقهم ويسمح لهم بحوارٍ أكثر فاعليةً مع الإيرانيين. مالاأستطيع أن أفعله، رغم هذا، هو الالتزام بالتعامل مع بعض القضايا الداخلية الموجودة لديهم، بدون أن يقوموا هم ببعض التغييرات التي تكون أكثر انسجاماً مع طلبات ورغبات شعوبهم. إحدى الطرق للتفكير في هذا تتمثل في أنه عندما يتعلق الأمر بالعدوان الخارجي، أعتقد أننا سنكون متواجدين لمساعدة أصدقائنا العرب، وأنا أرغب في رؤية كيفية الوصول لهذا التعاون بشكل رسميٍ أكثر مما هو الوضع عليه الآن. ويمكن أيضاً المساعدة في بناء إمكاناتهم بحيث يكونون أكثر ثقة بقدرتهم على حماية أنفسهم من العدوان الخارجي. لكن أكبر التهديدات التي يواجهونها قد لاتكون تلك الناتجة عن غزوٍ إيراني. وإنما سيكون [ذلك التهديد] ناتجاً عن الاستياء وعدم الرضا داخل بلادهم. ولكن، كيف يمكن فك الاشتباك بين هذا الأمر وبين تهديد النشاطات الإرهابية داخل بلدانهم؟ وكيف يكون لنا دورٌ في التعاون على مواجهة الإرهاب، وهو أمرٌ هام لأمننا، دون أن نُعطي المشروعية الأوتوماتيكية لأي ممارسات تعسفية قد يقومون بها؟ أعتقد أن هذا الحوارَ صعب، لكنه حوارٌ يجب أن يحصل".
نلحظ بوضوح في الكلام المترجم بدقة انتقال أوباما في الحديث عن (العرب) وعن (دول الخليج) بطريقة توحي بأنه يعتبر هذه الدول ممثلةً، في الواقع الحالي، للعرب بأسرهم بدرجةٍ معينة. وهو من البداية إلى النهاية يؤكد، بأكثر من طريقة، أن أي (غزوٍ خارجي) لتلك الدول هو خطٌ أحمر. وإذ يعرفُ الجميع أن هذا لايأتي كما يقول المثل لـ (سواد عيون أهلها)، وإنما انطلاقاً من المصالح المشتركة، فإن مدخل المصالح ذاته يجب أن يكون بوابة الخليجيين، ومعهم العرب، للتأكيد والتذكير، بأن مصالحهم لاتتحقق بمجرد حفظ حدودهم من العدوان الخارجي، وأن من السذاجة أو الاستغباء الإيحاء بأن هذا الأمر وحده يحمي بلادهم في غياب توازنٍ إقليمي حقيقي مع إيران.
لكن المفارقة أن جزءاً من مُقتضيات هذا الأمر مُتضمنٌ في كلام أوباما نفسه بوضوح، وذلك في معرض حديثه عن سوريا وعما يجري فيها على يد الأسد. فالرجل يقول بكل صراحة: إذا كان العرب يعتقدون أن التوسع الإيراني يُهدد أمنهم القومي، وإذا كانوا يعرفون أن الوضع السوري الراهن، بممارسات الأسد الذي يعرف الجميع سيطرة إيران الكاملة عليه، يمثل جزءاً رئيساً من هذا التهديد، فماذا ينتظرون؟
قد يحسب البعض أن هذا يمثل نوعاً من (التوريط) للعرب. لكن هذا لايكون صحيحاً إلا إذا جاء التدخل العربي في سوريا فجاً وفوضوياً وغير مدروس من لحظة الدخول إلى سياسة الخروج Exit Strategy. أما إذا جاء التدخل مدروس الجوانب والأبعاد فإنه يدخل في إطار التقرير الذي صدر منذ أسبوعين عن (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) الأمريكي، والذي كتبه الباحث في الشؤون العربية مايكل نايتس في معرض تحليله لعملية (عاصفة الحزم)، حيث يقول أن "التعبئة العسكرية لتسع دول مســلمة، تشـــير إلى الهدف الاستراتيجي الأوسع للحملة، ما ينشئ نقطة حشد للعرب لمواجهة النشاط العسكري الإيراني المتزايد في المنطقة"، ثم يضيف قائلاً، وهنا النقطة الأهم: "تجد واشنطن نفسها الآن في موقفٍ غير معتاد، إذ أنها تدعم من دون ضجة ائتلافاً كبيراً متعدد الجنسيات يتألّف من دول إقليمية، وهذا هو على وجه التحديد نوع تقاسم الأعباء الذي لطالما حلمت الإدارات الأميركية المتعاقبة بتعزيزه"..
(تقاسمُ الأعباء) إذاً بعيداً عن الاعتماد الكامل. تلك هي (كلمة السر) التي لاينتظرها أوباما فقط، بل كانت بعض الإدارات الأمريكية الأخرى تترقبها، لكيلا نُبالغ في الحديث عن كل الإدارات باختلاف رؤيتها السياسية. ولو أتقن العرب فهم توازنات هذا القانون لكان الوضع العربي مختلفاً عما هو عليه الآن.
إضافةً إلى هذا العنصر الواضح في مايتعلق بالعرب من (عقيدة أوباما)، نجد الرجل يتحدث، مرةً أخرى بكل مباشرة ووضوح، عن مسؤولية العرب، والمقصود هنا الحكومات بطبيعة الحال، في رفع درجة الجاهزية والقوة والاستقرار لبلادهم. ولكن هذه المرة من مدخل الانسجام مع مطالب الشعوب العربية، من المشاركة إلى الشفافية، مروراً بالعدل في توزيع الثروة وترسيخ عمليات التنمية. هذه ليست معادلةً سحريةً نحتاج إلى سماعها من أحد، إلا أن اضطرار رئيس الولايات المتحدة بنفسه إلى لَفظها والحديث عنها يدل من ناحيةٍ على دورها الأساسي، ومن ناحيةٍ أخرى على حجم التقصير في القيام بها.
لابديل عن فهم (عقيدة أوباما) والتعامل معها بعقلانية وفاعلية. هذا إذا كان ثمة نيةٌ حقيقية لتوظيف (نافذة الفرصة) التي فتحتها المتغيرات الراهنة في المنطقة بما فيه مصلحة العرب شعوباً وحكومات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية


مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
12933
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7146
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
3654
| 10 نوفمبر 2025