رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
على المدى الاستراتيجي، تبدو العبارة السابقة من تاريخنا، الردﱠ الأمثل على درجة الابتذال والقذارة التي تميز السياسة الدولية اليوم تجاه المنطقة العربية عموماً، وفيما يتعلق بالقضية السورية تحديداً.
لا مفرﱠ، فيما يبدو، من إعادة التذكير في هذه الصفحة بالجملة التي لخَّص الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان رأيه في السياسة من خلالها قائلاً: "من المفترض في السياسة أن تكون ثاني أقدم مهنة في العالم، لكنني أدركت مع الوقت أن هناك شبهاً كبيراً بينها وبين أقدم مهنة"!
لكن تصريح ريغان بـ"اكتشافه" منذ ثلاثة عقود ونيف يدفعنا للتساؤل عما كان له أن يقوله في معرض وصف المشهد السياسي العالمي، والأمريكي تحديداً، في هذه المرحلة.
حصل هذا أبكرَ بكثير من زمن وجود النصرة وداعش، وفي غياب الفصائل الإسلامية قاطبةً، وقبل خطوط أوباما الحمراء عن الكيماوي، وقبل الاتفاق الأمريكي/ الدولي مع إيران والسماح لميليشياتها الإرهابية باستباحة سوريا، وقبل التفرج على روسيا تحتل أرضها وسماءها.
ما يجري، تلخيصاً، هو التعبير عن وصول النظام الدولي، أخيراً، إلى التماهي الكامل مع أقدم مهنةٍ في العالم دونما الشعور بحاجةٍ للمناورة أو التمويه. وبمعزلٍ، حتى، عما قد يكون لدى أهل تلك المهنة أحياناً من أعذار. وفي مقابل تلك الممارسات ومعانيها، لا غريب أن يُوصف العاملون في تلك المهنة بأنهم شرفاء.
نُعتت ممارسات أمريكا، ومعها النظام الدولي بصفات كثيرة، وقوبلت تلك الممارسات بالهجاء والنقد والشتيمة أحياناً. لكن ما يجري يتجاوز التفكير بالموضوع والتعامل معه بتلك المداخل. ببساطة، لأن الممارسات، تلك، تتجاوز النفاق، وازدواجية المقاييس، واستغباء السوريين والعرب، وممارسة التذاكي عليهم وعلى والعالم، وتجاهل شعارات حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. بل تتجاوز أسوأ عمليات خلط الهزل بالجد، والتي كثيراً ما تتلبس السياسة الدولية.
من هنا، فالتعامل مع هذا الواقع القبيح والمعقد يتطلب مقاربةً أخرى مختلفةً عن كل مقتضيات الفكر السياسي السائد تاريخياً وحتى الآن، لأنه بدوره واقعٌ مختلفٌ كلياً عن كل ما سبق أن رآه تاريخ العلاقات الدولية.
ثمة حقائق في هذا الإطار يجب الحديث فيها بوضوح وشفافية. إذ تبدو الثقافة السياسية السائدة لدى كثير من الشعوب العربية غير قادرة على التصديق بأن العرب يمكن لهم يوماً أن يدفعوا بجديةٍ لتحقيق مصالحهم، ولو تناقضت في جوانب معينة مع إرادات الدول الغربية، وأمريكا تحديداً. لا يقبل العقل العربي بغير منطق الثنائيات الحادة والمتقابلة بشكلٍ ضدي. فإما أن تكون السياسة تبعيةً كاملةً لأمريكا، أو تصبح مواجهةً غوغائية ومباشرةً و(عنيفةً) معها. لا فُسحة لدى هذا العقل خارج هذين الخيارين. فعلى هذه القاعدة، فقط، يجري تفسير الأحداث السابقة والراهنة، ووفق مقتضياتها يجب أن تكون السياسات المستقبلية.
"الإرادة الدولية" أشبه بحتميةٍ قَدَريةٍ في الأرض، لا مردﱠ لها، وفق تلك الرؤية. وإذا شوهدت ممارسةٌ تلوح فيها شبهة (مدافعة) تلك (الحتمية) ورفضُ مقتضياتها، فالأمر ليس كما يبدو عليه إطلاقاً، ولابد أن ثمة أمراً خفياً يجعل عملية المدافعة نفسها جزءاً من (الخطة) التي رسمتها تلك الإرادة الدولية. هكذا، تتجلى الثقافة السياسية المذكورة في عبارات شعبية مألوفة:"مستحيل أن تفعل الدولة الفلانية كذا لو لم تكن أمريكا موافقة"، "أصلاً الدولة الفلانية تفعل ذلك لأن أمريكا تريده جزءاً من الخطة على المستوى البعيد ولو لاحَ أنه ضدها"، إلى مثلها من الأقوال التي كثيراً ما تتردد، وتُعبر عن درجةٍ خطيرةٍ من فقدان الثقة بالنفس أو بمن يحاول فعل شيء جدي عربياً، بل تعبر عن هزيمةٍ داخليةٍ كُبرى.
أما الخيار الآخر لدى هذا العقل في حال سألتَهُ عن أسلوب المواجهة والمدافعة فينحصر تحديداً في المجابهة المباشرة الحماسية الاندفاعية بتجليها العسكري تحديداً، وبغض النظر عن كل الحسابات والنتائج الممكنة.
لا حلﱠ لدى أصحاب هذه الطريقة في التفكير سوى في تصرفاتٍ هي في نهاية المطاف، للمفارقة، أشبه بالعمليات الانتحارية التي تُلغي النفس و(الآخر/ العدو) من هذا الوجود، على أملٍ يُعزي النفس بأن مثوا(نا) بعد ذلك هو النعيم، ومثوا(هُم) هو الخسران.
ثمة معنى خطير في نمط التفكير هذا، وهو سائدٌ بشكلٍ واسع، من مدخلين. فهو يُحيل، من ناحية، إلى منهج حركات الغلو والتطرف ويتطابق معها. فضلاً عن أنه يفرض هذا المعنى السطحي للـ(الخلاص) الموهوم على المستوى الفردي قاعدةً للتفكير والعمل، ويريد تعميمه على الدول والمجتمعات.
بهذا الاختزال والتسطيح، يغدو طبيعياً ألا يشيع التفهم السياسي لمواقف تركيا والسعودية، مثلاً، من التدخل البري في سوريا بشكلٍ فردي أو ثنائي. وتُسمع مقولات خيبة الأمل وحتى التندر على الموضوع بين شرائح متحرقة، بشكلٍ محق، على مآسي الشعب السوري، لكنها تغفل عن طبيعة السياسة الدولية بالمعنى (الريغاني) الذي تحدثنا عنه، وعن مقتضيات التعامل معه بحكمةٍ وتدرج ومرحلية. ورغم الاتفاق الكامل على حجم المأساة التي يعاني منها الشعب السوري، لكن الطبيعة القذرة للسياسة الدولية تفرض درجةً عالية من الحسابات، بحيث لا تضحى القرارات والممارسات السياسية سبباً لانتحارٍ ذاتي للجميع، لا يتحقق معه أصلاً هدف إنقاذ الشعب السوري من مأساته، فضلاً عن مساعدته على تحقيق طموحاته.
ثمة عملٌ سياسي وعسكري وإعلامي ودبلوماسي حقيقي ومحترف تقوده السعودية في المنطقة، بغض النظر عن كل الأحكام السطحية. فهي، ومَن معها، تُدرك طبيعة التهديد الوجودي الذي يواجهها جميعاً. ورغم إلحاح العمل في مرحلةٍ معينة وفق القواعد السائدة في العلاقات الدولية، ورغم أنها تُحاول جاهدةً أن (يسمع) الآخرون ويفهموا.. إلا أنها تتحضر لما قد يكون أسوأ، ولسان حالها يقول: "الجواب ما سترونه، وقتها، لا ما ستسمعونه".
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
1938
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
297
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
303
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2853
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1989
| 03 نوفمبر 2025