رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن الله عز وجل جعل العمل سبباً لدخول الجنة، كما جعل أكل الطعام سبباً للشبع والحاجة لدى الإنسان سبباً للسعي وراءها والضرب في الأرض من أجلها مع علمنا بأن الله قادر على أن يطعم الإنسان كما أطعم مريم حينما سئلت من أين يأتيك الرزق قالت: (هو من عند الله)، وقيل لها: (كلي وأشربي وقري عينا)، كذلك الله قادر على أن يدخل الناس الجنة من غير عمل، إلا أنه سبحانه جعل هذه الدار (الدنيا) دار امتحان، دار قرار واستيطان وذلك: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، من أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل الجنة أحد بعمله)، أي لا يستحق دخولها بعمله كما جاء في الخبر: (ادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم). فالعمل ما كان سبباً، إنما هو من فضل الله ورحمته، لأنه سبحانه هو الموفق لذلك، فصار دخول الجنة مضافاً إلى فضل الله ورحمته ومغفرته، لأنه هو المتفضل بالسبب المرتب عليه، فدخول الجنة ليس مرتباً على العمل نفسه وكون الباري سبحانه أخبر: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) مثلاً لأنه سبحانه وتعالى بكرمه خاطب عباده بما ندبهم إليه من طاعة على حسب ما يتعارفون بينهم من تصرفاتهم المعهودة إليهم، فجعل سبحانه نفسه مشترياً ومستقرضاً، وجعلهم بائعين له ومقرضيه ليكون أدعى إلى استماله قلوبهم وأحرى باستجابتهم لدعوته ومبادرتهم إلى طاعته، وإلا فالنفوس والأموال كلها ملكه، كما أمرنا أن نقول عند المصاب: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ومع هذا فقد مدح من بذل لله نفسه وماله وجعله مقرضاً وبائعاً، كما مدح من قال عند مصابه: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فقال: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأؤلئك هم المهتدون)، فالأعمال كلها من فضله ورحمته وإن كان سبحانه مدح فاعلها ونسبها إليه وجعلها شكراً من العبد لنعلمه، وكافأ على ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنعم الله على عبده نعمة فقال: الحمد لله إلا كان ما أعطى أفضل مما أخذ)، لقوله تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم)، وقوله في ثواب الصابرين: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة...). وعلى هذا فالعمل من فضل الله وبفضل الله، والجنة من فضل الله ورحمته على المؤمنين، لذلك أخبر الله عز وجل أن أهل الجنة يقولون عند دخولها: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، فلما اعترفوا بنعمة الله عليهم بالجنة وبأسبابها من الهداية وحمدوا الله على ذلك رفع الله مقامهم عنده ونودوا (أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون)، فأضيف العمل إليهم وشكرهم الله سبحانه عليه وأن من تمام فضله عز وجل وإحسانه أن يضاعف الحسنات فيجازي بالحسنة عشرا ثم يزيد من فضل إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ولو أن البارئ عز وجل جازى بالحسنة مثلها كالسيئات لم تقوا الحسنات على إحباط السيئات وإزالتها (إن الحسنات يذهبن السيئات)، فيكون بذلك هلاك صاحب العمل فتحل عليه شقاوة الأبد وعلى هذا فمن أراد الله سعادته الأبدية أضعف له حسناته حتى توفي الغرماء ويبقى لديه فضل فيضاعف هذا الفضل فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته.
أما من أراد الله شقاوته وله خصوم فإن الله عز وجل لم يضاعف له حسناته كما تضاعف حسنات السعيد فتقسم على الخصوم فيستوفونها وتبقى لهم عليه تبعات من مظالم وغيرها فتطرح سيئاتهم عليه فيدخل بها النار وقال يحيى بن معاذ: إذا بسط الله فضله لم يبق لأحد سيئة وإذا جاء عدله لم يبق لأحد حسنة، وقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نوقش الحساب عذب"، أو خصم وجاء أيضاً: "إن الرجل يأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقدم النعمة من نعم الله فتكاد تستنفد ذلك إلا أن يتطاول الله برحمته وفي لفظ" يؤتى يوم القيامة ويؤتى بالحسنات والسيئات فيقول الله عز وجل لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها". فعلى العبد أن يعلم أنه هو وعبادته وما عنده كل ذلك بفضل "وما بكم من نعمة فمن الله....". فلا يستحق العبد بما عمل على الله دخول الجنة ولا النجاة من النار وإن كثر عمله وحسن فكيف بمن ليس له كثير عمل أو ليس له عمل حسن؟
فالاشتغال بالتوبة والاستغفار من التقصير واجب عليه وعلى غيره والمقصر أولى ومن حسن عمله وكثر فليشتغل بالشكر لله الذي وفقه لفعل الصالحات مع استصغاره لما يقدمه مهما كان في جناب الله.
قال أحد الصالحين: كيف يعجب عاقل بعمله وإنما يعد العمل نعمة من نعم الله وإنما ينبغي أن يشكر ويتواضع.
وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه أن يقول في دعائه: "اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي".
فانظر أخي الحبيب وأختي الغالية إلى فضل الله ومنته عليك، فلا تتكلوا على الأعمال أو النفس فقد جاء في الحديث: "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تحسبونــه هينا وهو عند الله عظيم
وصلت صباحا وكلي همة وتفكير من أين سوف أبدأ، فإذا بي أدخل المكتب وأجد مكتب زميلتي ليس على... اقرأ المزيد
24
| 17 ديسمبر 2025
قطر.. قصة وطن يتألّق في يومه الوطني
في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تكون دولة قطر على موعدٍ مع ذاكرتها الوطنية، وتفتح صفحات... اقرأ المزيد
33
| 17 ديسمبر 2025
1878.. الفَيصَل
في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تستعيد دولة قطر لحظة مفصلية في تاريخها الحديث؛ ففي 18... اقرأ المزيد
30
| 17 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
804
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025