رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الميوعة المبتذلة

إن معركة الإسلام مع الاستعمار وذيوله لما تبدأ على حقيقتها وتوشك أن تدور رحاها وهي بوادر اشتعالها تحت مختلف الأسماء.إن من أخلاق الضعة التي رمانا بها الاستعمار قديماً، الشره في طلب الملذات والرغبة في الراحة دون عمل، ونيل المغانم القريب منها والبعيد من غير جهد يبذل، وقعود الهمم عن الآمال العراض والمطامح العظام، مع إدمان مرعب للشهوات الدنيا وتتبع عورات الآخرين من غير طلب أو ضرورة مع مد الأعناق والتشوف المفرط للمتع مما لا تتاح معها نهضة ولا ينجح في ظلالها مسعى.لقد طمس الاحتلال الأجنبي معالم الدين الحق وأقام مقامها أعرافا يزعم أهلها أنها الدين أو من الدين، وهذا ما يبغيه أعداء الأمس وسماسرة اليوم حتى يخلو لهم الجو في البلاد فينهب الأسياد والعبيد من خيرها ما يشاؤون.لقد تحول كثير من أبناء الأوطان إلى عبيد شهواتهم أولاً ومن ثم عبيد لمن فتحوا لهم أبواب الإثم التي يفتن بها الفارغون .سئل مدير مدرسة تنصيرية في فلسطين كم نصرت من أبناء المسلمين فكتب إلى سادته الذين أرسلوه لا تسألوني كم مسلماً نصرته ولكن اسألوني كم معولاً صنعته من هؤلاء وفي دائرة اللذة العاجلة سترتوي الغرائز وتنتشى وتعربد، وعندما يرتفع اسمها ويتحول من لذة أفراد إلى سعادة الجماعة فلن تكون هذه السعادة – المزعومة- للأجناس كلها البيض والسود الفقراء والأغنياء العالم المتقدم والعالم المتخلف، بل ستكون هذه السعادة حكراً لمن غلب ونهب وسلب.إن الدين في بلاد – آل يعرب- الإسلام يعاني حرباً ضروساً من الجاهلين به والحاقدين عليه والمفسدين والكائدين له من عباد الملذات من أمته المفرطة وكذا من أعدائه الحاقدين- (ودوا لو تكفرون) (ودوا ماعنتم) – الطامعين. إن الأمم التي تألف المصائب على النحو الذي نعيشه ربما استباحت من المباهج والمرفهات ما يخفف عنها شيئاً من ألم الجلد والكفاح الدائم.إن العربي والمسلم في أرض الإسلام يريد أن يوفر لنفسه لوناً من ألوان النعيم وصنوف المشهيات مالا نظير له لدى المواطن الغربي عموماً والأمريكي على وجه الخصوص وما لم يطلبه الرجال الذين فجروا الذرة في الشرق والغرب سبحان الله ، إنسان لا همة له من الدنيا إلا أن يستجلب من الملذات ويقتني من القناطير المقنطرة من الأموال والحسابات في المصارف ما لم يحلم به العباقرة الذين أنهكتهم الأفكار والأشغال.إن هذه الحالة من عشق الدنيا من أقوى ذرائع الفتك في كيان أمتنا المتهالك وأعدائنا الذين يتعاملون معنا بعقلية اللص لا يعنيهم إلا أن نكون مغفلين ذوي شهوات نزقة.إن أمراض الرجولة وإسقاط مستواها وإهاجة الغرائز السافلة وتنمية روح الحيوانية الوالغة في الدماء وإضعاف روح الإنسانية المخنوقة وتمزيق الإسلام وتمريغه في الوحل إن هو همَّ بكلمة اعتراض أو بدت عليه علامة امتعاض، مما جره الأجراء سدنة السلطان من سلقه بألسنة حداد، والتي لا تعرف الشدة إلا يوم تدخُلُ مع الإسلام في عراك ، عندها تضرب بقسوة. إن انهيار الرجولة في البلاد الإسلامية أمام طوفان اللذة الحيوانية التي غرسها الغرب ولا يزال يتعاهدها ويسخر أدواته في هذا السبيل من كتاب وإعلاميين وصحافيين في نشرها، فما لم يستكبر عقلاء الأمة على هذه الرغبات ويطرحوها وراء ظهورهم ثم ينظرون إلى ميراث محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم من خير الدنيا والآخرة فلن تصح لنا حياة ولا حرية، ولن تسلم لنا كرامة أو عزة.فمخنثو الرجال لا يصلحون بداهة- لكفاح ويستحيل أن يصنعوا مجداً ألا فلنحذر على ديننا ودنيانا هذه الميوعة الخسيسة التي اعتلّت بها أمتنا.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1296

| 16 يوليو 2015

صدق النية وسلامة الطريق

التعريف بالآخرة حق وهو شيء آخر غير التجهيل في الدنيا لأن نفراً من المتحدثين في دين الله لا يحسنون الحديث عنه لأن ذلك شرف لا يناله إلا الصادقون وبذلك يسيئون أكثر مما يحسنون، ويفسدون أكثر مما يصلحون (والله لا يحب الفساد) ولا يحب المفسدين لأن خلوص النيات في الأعمال والأقوال لا تكفي إذ لابد لكل عمل أو قول من أن يكون مخلصاً وصحيحاً ولأن من تحدث عن الدنيا ومستقبله فيها وضرورة الإعداد له لا يعني ذلك بداهة أنه هجر دينه وأعرض عن آخرته، فإذا ما جاء من يجيد الحديث عن الآخرة وتحدث كذلك عن مستقبله فيها لا يعني ذلك عدم اهتمامه أو لفت نفسه أو غيره عن حاضره وبعبارة أصح لكي يكون عملا صحيحا ثم يقدر له القبول لابد له من توفر صدق النية وسلامة الطريق والمقصود بسلامة الطريق صحته والمراد من الصحة أن يكون العمل وفق العقل الموافق والمواطي وللنقل فلو أن امرءاً صام عن الكلام مدعياً وروده في القرآن على لسان الصالحين ممن سبقنا ولم يصم عن الطعام والشراب لم يقبل منه صومه، كما أنه لو صلى من غير ركوع أو سجود لم تقبل منه صلاته إذاً فلابد من موافقة الشرع فيما بيّن كما أنه لابد من موافقة العقل فيما أوكل إليه فلا يقبل جهاد بعصا في مواجهة الدبابة مثلاً.لكن الكثير ممن لديهم العاطفة المتوقدة والنية الصادقة لا يعون هذه الحقيقة يسيئون في الوقت الذي يريدون فيه الإحسان مما يترك في النفوس انطباعاً بأن الدين لا يحسن السباحة في بحر الدنيا لأن الفهم الذي يبلغونه إلى الناس: أن أحداً لا يبلغ حقيقة التقوى ورقيّ سلم الآخرة إلا إذا عاش وهو يعاني كآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال، وإلا إذا عاش وهو في حالة كاف- أي كاف نفسه –ويعني: لا له ولا عليه جاهل بحقائق الحياة وقوانين المادة وسنن الله في كونه، ومن هذا الفهم نشأت أجيال من المسلمين لا تفقه دينا ولا تملك دنيا "ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين".إن الحديث العاطفي عن الآخرة وبث الأشواق في النفوس إليها لا يعني أننا ندع ما لقيصر لقيصر لأن رسالتنا في هذه الدنيا هي الخلافة في الأرض وعمارتها، وإكثار القرآن الكريم والسنة النبوية بالإسهاب عن الآخرة جنة وناراً إنما يعني بذلك إخراج الإنسان من شجونه الأرضية التي احتبس بداخلها وجعلها شغله الشاغل، وفتح بصيرته على الأفق الأوسع والأرحب والحياة الأدوم والخلود الذي لا موت بعده.أما القصور في الفهم لسنن الله في الحياة الدنيا والعيش غريباً على سطح هذه الأرض والعجز عن امتلاك زمام الحياة والأخذ بسنن الله ومنهجه في الحياة فهذا كله لا يدل على تقوى من الله فحسب بل يدل على طفولة في التفكير يضارَّ بها صاحبها هذا الدين وتنهزم بها تعاليمه وتغيب جحافل عدله.ألم يمكن الله لنا في الأرض؟ ألم يجعلها لنا ذلولاً ويسخرها لنا لنركبها ونبلغ بها إلى غاياتها؟ ألم يخلق لنا البحر ويسخره لنا لنخرج منه أثمن ما في هذه الدنيا من درر ونأكل منه أطيب ما فيه لحماً طريقاً فلماذا ارتخت مفاصلنا ولم يكن لدينا العزم على الثبات فإذا إنساننا طريح الثرى والعجز؟ مع اشتداد عزم الآخرين وثباتهم، حتى قيل وقد رأيت ذلك بنفسي إن دولة عربية تقع على البحر، المحيط، فيقذف المحيط من اللحم الطري على شواطئه مما لا يحتاج معه إلا أخذه وأكله لكنه يترك على شواطئه حتى يتعفن وتشبع منه طيور النورس ثم بعد ذلك تذكرت الحكومة الوطنية الديمقراطية بإعطاء حق صيده لدولة أوروبية بسعر تراب صحاري العرب التي يضل فيها الذئب. ولم تكلف تلك الحكومة الوطنية الساهرة على مصالح شعبها أن تجنيه ولو من الشواطئ بأن تجد فرص عمل للناس من أهل البلد بذلك وإطعام مئات الأسر التي تجد هذه الدولة من الدول الفقيرة.نعم هناك تنافس مجنون على جمع حطام الدنيا شغل أصحابه عن الوظيفة الأساسية الصحيحة التي وجد من أجلها وأن ذلك لاشك مذموم يقيناً لأنه عبادة للدنيا وذهول عما وراءها.إن التعريف بالآخرة دار الإنسان الثانية لا يعد ذلك تجهيلاً لأمر الدنيا ولا صرفاً عنها كما يصوره من يحب لمز الإسلام بل ربما أوجب علي وعليك الإسلام أن يكون لك مال قارون شريطة أن لا يكون لك كبره أو شحه أو فساده وقساوة قلبه.إن التحذلق ولوك الكلام والسخرية من عباد الله ومعتقداتهم لا تقيم دولة ولا تبني صروح المعرفة وإنما يبني وينشئ ذلك كله مال قال به صاحبه هكذا وهكذا وسلطة على هلكته في الحق في مصالح الدنيا والآخرة.إن سعة لا تطغي ودنيا يسخرها مالكها لخدمة الخير ومصالح العباد هي السعة المطلوبة (يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار).وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1464

| 15 يوليو 2015

عبادة تنظف اليد والضمير

إن الإسلام يضفي على أرجاء أمته روح الخضوع لله ويجعل من رسالتها الإنسانية الكبرى بعد التمكين لها في الأرض أن تتشرب الجماهير عاطفة الحب وألف النداء المنبعث من أرجائه.(الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).إن العبادات التي شرعها الله وسماها الشرع- أركان الإسلام- والتي تجمع ملخصاً لجمهرة شرائعه رياضة للنفس عظيمة الأثر جليلة القدر في تربية الأخلاق وتقويم الطباع وترويض الإنسان على الخضوع لله عز وجل في سلوكه كله، فهي تدريب الناس على طاعة الله وإحسان الخضوع له والبعد عن الرذائل التي زجر عنها.ولهذه الأركان آثار نفسية واجتماعية فمن أداها ولم يستفد منها الخضوع الواجب لله في كل شيء فكأنه لم يفعل شيئاً، لأن الأساس الأول لغرض هذه الأركان هو أداء حق الله عز وجل والقيام بوظيفة العبودية واعتراف البشر بأن الله الذي خلقهم ورزقهم يجب أن يعبد ويشكر، ثم بعدها يعطي ويثيب.فما قيمة صلاة أو صيام لا يعلمان المرء نظافة اليد والضمير فقد روى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة فيجعلها الله هباءً منثورا، فقال الصحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا لا نكون منهم ونحن نعلم قال: إما أنهم أخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها أي أنهم لم يستفيدوا من الطاعة التي يقومون بها من إحياء ضمير يراقب الله في سره وعلنه لهذا لم تحسب لهم هذه الطاعات في سجل الأعمال الصالحة (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) مع أنها بلغت أمثال الجبال.إن هذه العبادات حركة حقيقية في صقل الإنسان وترويضه على الخضوع لله عز وجل في سلوكه كله فهي عمل حقيقي لبناء النفوس على الخير وصياغتها على نحو يتنزه عن الدنايا ويبتعد عن الرذائل. قال الله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) هذا كلام من شرع لعبده الصلاة فإذا رأينا مصلياً لا ينتهي عن الفحشاء والمنكر فلا يعني هذه الريبة في الخبر الإلهي بل السبب أن المصلي يمثل حركات الصلاة، وليس مصلياً حقيقياً.فالصلاة في لباسها وحقيقتها مناجاة عبد لربه.إن الإسلام لم يشرعها عملاً فردياً بل نظام جماعي تتراص فيه الصفوف وتلغى فيه الفوارق وتشرف الدولة عليه لأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:"سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة" استجابة لأمر الله عز وجل الذي قال:"يقيمون الصلاة" ولم يقل يصلون الصلاة فالله يقول "يقيمون" والنبي يقول "إقامة الصلاة" وإقامة الصلاة جماعة جزء من إقامتها وتمامها الإقبال عليها وإشعار البيئة كلها بالمبادرة إليها والمحافظة عليها في أوقاتها لأنها (كتاب موقوت) إن للصلاة سنناً وأركاناً ينبغي أن يستجمعها المصلي فإذا تمت كانت صلاته صحيحة ولتذوق حلاوتها ينبغي أن يخالط ذلك الخشوع والتدبر لمعانيها أثناء القيام بها وبعد انقضائها.(فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً).إن إقامة الصلاة من أبرز الأعمال الصالحة لجعل الخضوع لله ظاهرة اجتماعية لا مسلكاً فردياً خاصاً، وفي سبيل ذلك أعدت المساجد لاستقبال الرجال والنساء والصبيان كي ينتظموا صفوفاً وراء إمام يرتل القرآن ترتيبا ويكبر الرحمن ويمجده، وقبل كل صلاة يعلو صوت المؤذن يشق حجاب الغفلة السائدة ويطرد الصمت وظلمة الليل معلناً أن "والصبح إذا تنفس" نفس الصباح والأرواح ليعلو فوق صخب الحياة المعتادة مهيباً بالخلق أن هلموا إلى ساحة المجد والخلود الأبدي واستعدوا للمثول بين يدي خالق الكون كله (فالق الأصباح الذي جعل الليل سكناً والنَّهار حسباناً).(فاعبده واصطبر لعبادته...)وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

548

| 14 يوليو 2015

حب المغامرة

نحن نعلم أن القوة البدنية نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان كي يمكِّنه ذلك من أداء وبلوغ أهدافه، إن الله رصد للشباب من عمر الإنسان حساباً خاصاً دون فترة الشيخوخة ودون فترة الصبا أو المراهقة لأن فترة الشباب تعتبر من أعمر الفترات بالقوة والحيوية والخيال المتدفق وأغناها بالطاقات الأدبية والمادية هذه الخواص جعلت لها مكانة خاصة.كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بأنه يحف بالشباب الزهو المتفتح الذين وهبوا الله أعمارهم وكرسوا له قواهم، لذلك حرص أولو النهى أن تشيع في الأمة أخلاق الرجولة وتقاليد الخشونة، اخشوشنوا فإن الترف يزيل النعم، وأن يتعلموا أخذ الحياة من جوانبها الجادة ونواحيها الصارمة، كما اجتهدوا أن يزيلوا من المجتمعات المسلمة مظاهر الاسترخاء والتخنث وأن يمنعوا استرسال النفوس مع أسباب اللهو والعبث.إن شباب الأمة يتجدد ما بقيت تحترم العمل وتكره التراخي والكسل، تتحمل التعب وتتجافى عن المعاصي، وتعاف اللهاث وراء المتع ولو كانت من الحلال، فكيف إذا جاءت من حرام؟إن الأمة التي تألف قرب المتع من سياسة الصرامة والجدية إذا شرع لها قانون، أمة لا تستحق حياة الكرامة ولن تجد لها بين ذوي العزة والشهامة مكاناً.إن الشباب الذين تستهويهم الشهوة ولا يملكون من الإرادة ما يوقفها، ولا تستهويهم أحاديث المجد والكرامة، شباب لا خير فيهم ولا تعويل عليهم.لقد كان من خلق العرب- في جاهليتهم- أن يطووا بطونهم ويكظموا على رغباتهم إذا واجهوا عدواً أو خاضوا غمار حرب ومن ثم يقول شاعرهم:قوم إذا حاربوا شدوا مأزرهمعن النساء ولو باتت بأطهارفكيف نرتضي لأنفسنا والأعداء محدقون بنا من كل جانب أن نشبع من الكماليات ونستكثر من المرفهات، وترتفع أصواتنا لفقدان ما لا يخل بسير حياتنا مما لا قيمة له بل لا بأس علينا حتى لو صمنا عنه وتركناه إلى الأبد؟فياليت شعري كيف يطيب لنا مطعم أو تهنأ الأيام وأكباد الجوعى والمشردين من أهل جلدتنا وملتنا لا يجدون ضرورات الحياة وصوت الباطل يحاول إسكات كل صوت يخالفه ولو كانت أجساداً عارية أو بطونا خاوية، وصريخ الأحرار يذهب في الفضاء ولا مجيب.أحاط بمحمد النبي صلى الله عليه وسلم شباب وهبوا أعمارهم لنصرة الحق واستطاعوا أن يكونوا طلائع فجر الرسالة الذي طلع على الدنيا بحضارة الإسلام فأغناها من جوع وآمنها من خوف.إن شباباً في أعمارهم نضارة وفي سنهم بكورة وفي عزمهم طموح هم الذين بذلوا جهوداً مضنية في ترويض نفوسهم ومن تأديب الباطل وقمع غروره وإعلان مبادئ الحق والعدل ورفع رايته لقد غدر الروم بسفير رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حمل رسالة النبي إليهم في الشام ، والأعراف الدولية بين أهل التوحيد والشرك إن السفراء لا يقتلون فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يسترد كرامة الإسلام ودولته، ولما كانت دولة الإسلام وليدة بقيادة ثلة من الشباب.وهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة، كانوا شباباً في الثلاثين من أعمارهم، قاتل زيد حتى تلاشى في رماح الرومان، وحمل الراية بعده جعفر فقاتل قتالاً مريراً حتى قطعت أطرافه على التوالي فاحتضن الراية بصدره وعضديه حتى لقي ربه، وكان شاباً ورجلاً فيه كبرياء الإيمان واعتزاز أهل اليقين وكان ينشد وهو يزحف نحو جمع الروم:يا حبذا الجنة واقترابهاطيبة وبارد شرابهاوالروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابهاعليّ إذ لاقيتها ضرابهاوالروم يومئذ كانوا هم الدولة الأولى في العالم إلا أن جعفر وإخوانه كانوا يعلمون أنهم لا يقاتلون الروم أو غيرهم بعُدة أو عدد وإنما يقاتلونهم بعقيدة ودين لذلك قاتلوا الروم وغيرهم من أهل الشرك احتقاراً للشرك واحتقاراً للوثنية واحتقاراً للظلم والظالمين وسلم جعفر الراية أو استلمها منه عبدالله بن رواحة فالتحقق بأخويه حيث قاتل حتى قتل.بهؤلاء الشباب- الرجال العظماء- مضى الإيمان في طريقه صعداً، لم يتوقف، كان الرجال الشباب الكبار في هذا الدين يعلمون أن مكانتهم عند الله بمقدار ما يقدمون لهذا الدين، شباب زانه الإيمان، زانته المغامرة في سبيل الله زانته المقاومة للضلال والرفض للشرك السائد المستبد.أريد أن أقول لكل شاب مسلم رسِّخ قدمك في الأرض وأمض حيث تؤمر في طريقك طالباً وجه ربك ناشداً ثوابه منتظراً عونه وتوفيقه وأن حاربتك الدنيا كلها، أملأ حياتك بالجديد الذي لابد منه كن رجلاً أثبت مكانك كن قوي الشخصية ولا تكن إمعة تمشي خلف كل ناعق اشتر منزلتك مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (شاب نشأ في طاعة الله) وتعاون مع من يجد في نفسه القدرة على السير معك وكونا (رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) لتنافسوا الإمام العادل الذي سبق إلى ظل العرش.تعاونوا على البر والتقوى املأوا الفراغ بصنوف الشواغل الرفيعة الدافعة التي يتبدد فيها لهب الغرائز أقيموا المعسكرات الشبابية المؤمنة التي يسمع فيها الآذان خمس مرات في اليوم ونصفُّ فيها المناكب والأقدام وتعفر فيها الجباه للواحد الديان، وأن يتسابق أهل الفلاح من الدعاة وأصحاب اليسار من شد أزرهم وتنمية قوى الخير فيهم ليكونوا شبابا يحسنون خدمة دينهم ودنياهم، ويعرفوا فضل الله عليهم ثم فضل الأوطان التي تكلؤهم.إن الجيل الجديد المدلل الذي نشهده الآن ويسعى (الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيماً) يتبعون أهواءهم لا يصلحون لدين ولا لدنيا يجعلون أهواءهم قانونا ومشتهياتهم تقاليد أن الذين تخرجوا من الكتاتيب على أيدي المطاوعة أشرف نفوسا وأنبل طباعا وألين عريكة وآمن على المصالح العامة والخاصة، كانت عصا الفقيه أو المطوع الجاد المؤمن أجدى وأنبل من تدليل هؤلاء الذين مسختهم الأفكار المنحرفة فركضا إلى الله بغير زاد إلا التقي وعمل المعاد فالعقيدة العقيدة فما دامت الأفئدة، خواء من العقيدة فإن النفوس التي تألف الذل والهوان قد ماتت فضائلهم.. وعاش قوم وهم في الناس أموات.وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين

818

| 13 يوليو 2015

عظمة الإنسان

إن من أثر المذاهب المادية في عصرنا الحاضر أن تغيرت القيم الخلقية تغيراً كبيراً حتى أصبحت الفضائل النفسية – عند كثير من الناس – عبثاً لا ضرورة له، بل ينبغي الخلاص منه وترك النفوس تسترسل مع هواها دون معاناة لكبته.وفي الإسلام ومن يدين بدين التوحيد ليس الأمر هكذا بل لابد – كي تتم رسالة الإنسان في هذه الحياة- من احترام ملكاته وإقرار شهواته وترك رغائبه الطبيعية تناسب وفق مقتضيات الفطرة السليمة، وتهيئة الجو الخاص والعام – الأسرة والمجتمع- كي يسلم الكيان كله من العاهات العارضة والسدود العائقة ولا يعني ذلك إقراراً لفوضى الشهوات وتركها تناسب كما تشاء وإنما نقول إن الحياة على ظهر هذه الأرض لا تتصل مواكبها ولا يطرد نشاطها، ولا يرتفع مستواها وتزدهر حضارتها إلا بوقود من هذه الشهوات المتقدة.هل اتساع العمران وأطراد مسيره إلا آثار لجملة من الطبائع المستترة وراء نشاط الناس وأحلامهم ثم هل ترى أن بقاء الجنس البشري مكفول بشيء آخر وراء هذه الغريزة المستترة في الذكر والأنثى؟إن الشهوة الجنسية لابد وأن تتحرك فإذا لم تتح لها الحركة الطبيعية لم يبق غير الحركة الخبيثة ، والعصمة الدائمة أو المؤقتة عند بعض الفضلاء من الجنسين لا يصح الالتفات إليها عندما يراد بتشريع يحفظ عفاف الأمة وصيانة قوى الشباب المادية والأدبية والعقلية.فإذا أردنا بالصياح المختنق الذي يرسله رجال الأخلاق بين الحين والآخر قمع الحركات الخبيثة للشهوة الجنسية، فيجب أن نبحث عن علتها من أصلها وذلك بتيسير الاتصال بين الذكر والأنثى بالطريق الحلال وأن نعمل على وضع الحلول الصحيحة لهذه المشكلة ولن يكون ذلك إلا بإعادة النظر في فهم حقيقة الزواج والأساليب العسيرة التي ألفها المجتمع والتي تتم بها الآن.إن إتاحة الزواج للراغبين مسألة لا تقل أهمية عن ضمان الأقوات للشعوب ثم يكون للإسلام الدور في تنظيم عمل هذه الطباع، ويحسن توجيهها إلى ما خلقت له وجعلها تجري في قنواتها التي خلقت من أجلها ثم نرتقب منها الجني والثمار المبارك بنين وحفدة.هكذا يصنع الإسلام بالغرائز الإنسانية بعد تعاون التشريعات معه وبه إنه لا يقتلها لأن قتلها يعني الحكم على الحياة الإنسانية بالفناء، ولكنه يحول مجرى انطلاقها الفوضوي- الذي تسير في دربه الحضارة الغربية- إلى انسياب دقيق رفيق.فالضوابط التي يضعها الإسلام على هذه الغرائز ليست تعويقاً لوظيفتها وإنما لضمان هذه الوظيفة بإبعادها عن الشطط والسلوك الأعوج.فعندما حرم أنواعاً من اللقاء بين المرأة والرجل فقصده من التحريم صيانة الجسم وتهذيب النزوع الحيواني لا إبادة الجنس البشري.وعندما حرم الأنانية وأنواعاً من حب النفس والأثرة فليس وراء ذلك خلق إمعات ونكرات وإنما قصده أن تحيا الجماعة البشرية (لتعارفوا) وتعاونوا لا متدابرة متناكرة.وعلى هذا فكل محاولة لسحق الشهوات وتشتيت شملها وأماته نشاطها فذلك يعني عطلا في جوهر الإنسان المستخلف لعمارة الأرض وعجزه عن أداء رسالته. حاجة المسلمين إلى الحريات البناءة – في تاريخهم الأخير- أزدرت بهم وحطت من مكانتهم على حين تنعم أجناس أخر من البشر بتلك الحريات حتى أطرد سيرها في كل مجال فإذا هي تبلغ من الرفعة أوجاً يرد الطرف خاسئاً وهو حسير.إننا عندما اتصلنا بالغرب في القرنين الماضيين وشعرنا بضرورة الاقتباس منه والنقل عنه كانت طموحاتنا قاصرة وأفهامنا من الصَّغار بحيث لم نلتف إلا للتوافه والملذات.فالحرية التي أخذناها ليست هي حرية الفكر والعقل بأن نفكر ونجدّ ونكشف بل حرية ما بين الفخذين والفكين، حرية الغريزة بأن تطيش وتنزو.إن الحرية التي نريدها ليست هي الحرية التي يستطيع إنسان ما أن يلغو كيف يشاء ولا في حرية تجعل الشاب العابث قادر على العبث متى أراد، فما قيمة أمة تصرف طاقات أفرادها في تيسير الخنا وإشاعة الفحشاء ، الحرية التي نحتاج إليها في عالمنا العربي والإسلامي تعني إزالة العوائق المفتعلة من أمام الفطرة الإنسانية من أمام الطامحين والأقوياء وأن يمهد لهم الطريق وتذلل لهم الصعاب وإزالة التافهين والسفهاء ، فلا يكون لهم جاه ولا وجاهة ولا يقدس لهم حمى.الإنسان كائن عظيم حقاً غير أن عظمته ترجع إلى نسبه السماوي الروحي (ونفخت فيه من روحي) لا إلى (أني خالق بشراً من طين) النسب الأرضي المادي فالذين تغلبهم نزعة الأرض (من طين) هؤلاء يجعلون الحياة تسود بالشهوات وتسخير الإنسان للرغبات الأرضية فيشاع تدليل الطفولة في ميدان التربية كما يشاع بعد ذلك ترك الغرائز المختلفة تتلمس طريقها في الحياة دون حرج أو دون رهبة، ثم يلين التشريع أمام هذا السلوك المقتحم حتى لخصائص المجتمع لا يلوي على شيء فتغير مفاهيم الأدب وضوابط الخلق كي تتجاوب مع لون الحياة الجديدة.ومن هنا كانت السمة البارزة في عصرنا المسارعة في إشباع الهوى واسترضاء الغرائز حتى تروى، والسعي في إرواء هذه الغرائز- عن طريق الحرام- لا يزيدها إلا ضراوة ونهماً فهي تطلب المزيد دون أن تصل إلى الغاية والكفاية.إن مجتمعاً يسوده هذا الإثم سيء العاقبة تطيش فيه نوازع الفساد والأنانية، وتتولد فيه مشاعر الحسد والكراهية.إن اتباع الهوى يضرب على المجتمعات ليلاً طويلاً بارد الأنفاس بعيد طلوع الفجر. هذا النوع من المجتمع والناس محرومون حقاً من إمداد الفضل الإلهي ما بقوا على هذا النهج الزائغ بل هم معرضون حتماً لعقاب يحل بهم أو قريباً من دارهم، ما دام نداء الشهوة " يغلب نداء العقل وحب العاجلة يستعلي على حب الآجلة (فكلاً أخذنا بذنبه...)وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

3592

| 12 يوليو 2015

المهرجان الملائكي

إن من الحرمان أن يرى الإنسان الكثير من المسلمين يقضون هذه الأيام المباركات المحدودة والفرص النادرة فيما لا ينفع، فتراهم ما بين لاعب بالورق أو أخواته، وما بين الحملقة في شاشات التلفاز ومشاهدة المسلسلات التي أقل ما يقال فيها (وتصدكم عن ذكر الله) والإنسان أحب أم كره لن تزول قدماه حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وإذا أردنا الاحتماء من المسلسلات جلسنا نتسامر في أكل لحوم الناس بالغيبة أو النميمة.(ثم لتقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله...) والله سبحانه يعلم وملائكته الكرام يكتبون (هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً..) ثم إذا أقبلت العشر الأواخر من رمضان أوصى كل منا الآخر أن تحر ليلة القدر فإنها في العشر الأواخر من رمضان وعلى أصح الأقوال أنها في أوتاره وأخذنا نترصد ليلة القدر التي تقدر فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير الإلهية ونعرف أن الله قال فيها (فيها يفرق كل أمر حكيم)أخي .. أختي نعم أنها ليلة عظيمة القدر والمنزلة عند الله لأن الله أنزل فيها نور السماوات والأرض (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه وأتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون...) (فأمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا...) وقد نزلت الملائكة تسبحه وما ينزل معها من البركة والرحمة.أنزل القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا كل سنة بمقدار ما كان ينزل به أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمد صلى الله عليه وسلم وهي أكثر الليالي بركة يكون العبد فيها حاضراً بقلبه بعد أن استعد لها قبل قدومها – يتنعم بأنوار خطاب القرآن الكريم، يجد في هذه الليلة- رفيعة القدر- نسيم القرب من الخلاق العليم ومحبته ولطفه، السميع الدعاء للسائلين الصادقين المضطرين المحبين إنها الليلة المباركة (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) والليلة المباركة هي ليلة القدر التي قال فيها: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) هذه الليلة المباركة كانت في شهر رمضان (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) فهذه الليلة بوركت لنزول القرآن فيها الذي هو هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.نعم إنها ليلة عظيمة بعظمة المنزل فيها فالشهر الذي أنزل فيه والليلة التي أنزل القرآن فيها (خير من ألف شهر) في حياة البشر التي تخلو من هذه الليلة العظيمة لأن حقيقتها تفوق إدراك البشر المحدود فهي ليلة عظيمة بتعظيم الله لها بإنزاله أفضل كتبه على أفضل رسله وإفاضة نوره على الوجود كله وإسباغ السلام الذي يفيض من روح الله على الإنسان والحياة البشرية إنها ليلة (سلام هي حتى مطلع الفجر) إنها تشيع السلام في الأرض والضمير الإنساني (تنزل الملائكة والروح فيها) بالسلام ولكل أهل الأرض أنه جبريل أمين وحي السماء يقود ركب الملائكة المطهرين (الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) بالسلام الذي نزل في هذه الليلة المباركة أنه النزول والسلام (بإذن ربهم) إنهم يشيعون هذا القرآن فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الملائكي الكوني المهيب وللاحتفاء والاحتفال بهذا الدستور هبة الخالق العظيم والمشاركة مع الملأ الأعلى الملائكة الكرام بهذا الاحتفال المهيب أمرنا أن نصوم عن الطعام والشراب وقرب النساء في شهر رمضان شهر القرآن لكي نشارك الملائكة في بعض خصالهم فإنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون فالتشبه بهم في يوم احتفالهم ومشاركتنا لهم في هذا الاحتفال وخص هذه الليلة بأكبر قدر من التشبه بهم.

377

| 11 يوليو 2015

المهـــام (2-2)

إن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وحملته من بعده أمته أمة التوحيد سيصحب الزمان حتى تنفض الحياة ويرث الله الأرض ومن عليها. ولن يستطيع شياطين الإنس والجن أبداً الذهاب بالحق والإتيان على معالمه كما وقع ذلك بين الأقدمين من يهود ونصارى.وإذا كان هناك من رفض العمل مع الله أو عمل معه على غير ما شرّع أو عجز عن القيام بحمل الأمانة التي وكلت إليه، فإن أهل القرآن وخاصته – وهم أهل الله- لن يقعوا في أخطاء من سبق الأمة التي تصبغ باطنها بالتقوى وتملأ أرجاءها بالعدل، وتحد مطالبها ومآربها بحقائق الدار الآخرة وهي هي التي يصح أن تنسب نفسها إلى الله وهي الأمة أو الطائفة المنصورة من هذه الأمة " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" " أن مثل أمتي مثل الغيث لا يدري آخره خير أم أوله... كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي وسطها والمسيح آخرها ولكن بين ذلك فيج أعوج ليسوا مني ولا أنا منهم" بشر الأمة بالسناء والنصر والتمكين"ولو أن حضارة أفلحت في جعل هذه الأرض قصوراً تجري من تحتها الأنهار ثم بقى سكانها لا يحترمون ربهم الموجد ولا يستعدون للقائه، ولا يسبحون بحمده ولا يخضعون لعليائه ومجده، ما ساوت هذه الحضارة قلامة ظفر.المسلمون مكلفون بأمرين:الأول : تبليغ أصول التوحيد وحقائق الدين ، والثاني : حماية هذه الأصول والحقائق من التحريف والتشويه.قد جاء قبل محمد صلى الله عليه وسلم نبيون كثيرون جاهدوا كي يبقى الحق ناصعاً والتوحيد لا لبس فيه وتبقى طريقه قويمة والأمة المسلمة لن تفلت من قانون العقاب، الذي حل بمن سبق ممن غير وبدل لأن الله لا يحابي أحداً ومن هنا فإن كرامة الأمة المسلمة مرهونة برسالتها وستبقى بعون الله ما بقيت مخلصة له تسبح باسمه الأعلى وتمرغ جبهتها وتتحرى رضاه فيما تفعل وتترك.وقد بين القرآن الكريم مهمة محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم بين الناس في ثلاثة عناصر هي :(كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) فمهمته تلاوة الوحي النازل عليه وهو ركيزة رسالته وأساسها الفذ (كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.)ثم تزكية النفوس وإصلاحها وتهذيب طباعها وشد الإنسان إلى من رفع السماء وبسط الأرض ثم إزالة الجهل أو العمى العقلي وتنوير الذهن بما يفتقر إليه من هدايات في عالم الغيب والشهادة.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

432

| 10 يوليو 2015

المهـــام (1-2)

الأمة الإسلامية مكلفة أن تجعل شرفها من الانتساب إلى الله ظاهراً وباطناً، ومن إحياء شرائعه كلها إذا أماتها الناس أو أماتوا شيئاً منها، وقد جاء في الأثر عند أبي داود وابن ماجه أنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فكأنما أحياني" أو كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد شرح النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، رسالة أمته في العالم ووظيفتها في تبليغ الحق وحمايته والدفاع عنه، وما هو سر استخلاف هذه الأمة في الأرض (لتكونوا شهداء على الناس) بعد أن خانت الإسلام أمم أخرى.وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل.قال لهم : لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملاً، فأبوا وتركوا.واستأجر أخرين بعدهم فقال: اكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: ما عملناه باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه قال لهم اكملوا بقية عملكم ، فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا، فاستأجر قوماً يعملون بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس فاستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور.إن الله تعالى قال لليهود أمنوا به وبرسلي إلى يوم القيامة ، فآمنوا بموس إلى أن بعث الله عيسى فكفروا به وذلك قدر نصف المدة من مبعث موسى إلى قيام الساعة وقولهم لا حاجة لنا إلى أجرك كفر منهم وتولوا واستغنى الله عنهم ومن ثم لا ينفعهم إيمانهم بموسى وحده بعد مبعث عيسى ، والنصارى مثل ذلك ، ثم جاء المسلمون واستكملوا أجر الفريقين وذلك بإيمانهم بالأنبياء الثلاثة لذلك جاء في آخر الحديث " فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور"لقد أوتي اليهود التوراة ليعملوا بها (إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يحكم بها النبيّون الذين أسلموا للذين هادوا).وأتي النصارى الإنجيل ليعملوا به ما سبق وهو التوراة (وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراه وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور) لكنّ هذا النور ما كان يشتعل بين أيديهم حتى انطفأ فما وفَّى أصحاب موسى ولا أصحاب عيسى بعهودهم ولا استقاموا طويلاً مع رسالتهم.متى تدع الأمم رسالتها وتتنكر لها إنما يكون ذلك حين تغليب الهوى على الهدى والباطل يهزم الحق عندها تبقى كتب تلك الأمم معطلة لا تنتفع بها (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً...) ومثل قرارات ومواثيق مجلس الأمن والأمم المتحدة في حق المستضعفين في الأرض والتي تصاغ بدقة وتعصى بإصرار.ومنذ بدأ هذا العوج وانتشر في القديم، وظهرت حاجة العالم لرسالة جديدة يستأنف أصحابها هداية الناس وقيادتهم باسم الله فكانت هذه الأمة الإسلامية الأمة الموحدة ذات الكتاب المحفوظ المعصوم.ولا توجد رسالة تشمل الزمان كله والمكان كله إلا رسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم هذا الإنسان الجليل هو الذي وضعه ربه في محراب الإمامة العامة لخلق الله في كل عصر وفي كل مصر وأغنى برسالته عن أن يجي بعده أحد والله قادر (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً).وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1410

| 09 يوليو 2015

أفضل الدنانير (2-2)

يقول الله سبحانه (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين).إن المنفق على نفسه وأهله أو ضيفه أو سبل المعروف بعين الله وفي كنفه تصلي عليه الملائكة ويرتقب من الله المزيد أما أهل الشح والبخل البعيدين عن الله البعيدين عن الناس البعيدين عن الجنة فلا يتوقع لهم إلا الضياع وكل من المال وصاحبه غير خالدين.إن المال عارية انتقل إلينا من غيرنا، وسينتقل منا إلى غيرنا فلم التشبث به والتفاني فيه إن كل ما نتعلق به من حطام الدنيا سوف ندعوه لوارث السموات والأرض وسنعود إلى الله عراة لا مال ولا جاه كما خلقنا أول مرة ف" اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.." إن السخاء سبب النماء وأن الذي يجعل يديه ممراً لعطاء الله يظل مبسوط اليد بالنعمة مكفول اليوم والغد بالكرم الرباني الدائم برحمة الله وكرمه، وفي الحديث: " ثلاثة أقسم عليهن: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر" وقد جرى على لسان النبوة الطهور الصدوق البشارات والوعود الكريمة لذوي النفوس الكريمة بالخير العميم في المال والطمأنينة في النفس فقد جاء في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بينما رجل في فلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابه ، اسقِ حديقة فلان فتنحني ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حره، فإذا شرْجة من تلك الشراج، وقد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الرجل الذي سمع الصوت الماء فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته، فقال : يا عبدالله مااسمك؟ قال: فلان للأسم الذي سمع في السحاب فقال: يا عبدالله لم سألتني عن اسمي؟ قال : سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول : إسق حديقة فلان، باسمك ، فما تصنع فيها؟ قال " أما إذا قلت هذا فأني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيه ثلثه" . قد يغدق الله الخير على أهل الخير ليمكنهم من أعمال صالحة كثيرة ما كانوا بالغيها لو لم يبسَط لهم في الرزق ويشكروا نعمة الله عليهم، ويذخروا بهذا كله رصيداً من الحسنات عند الله، أن الخير الذي يزرقه الرزاق الكريم شفوعاً بالإيمان والعمل الصالح هذا المسلك النبيل (لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون).إن ما ينفق في وجوه الخير هو الذخر الباقي الذي يدخل مع العبد قبره ويتبعه إلى ميزانه، (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) فصاحبه على عين الله (وهو معكم أين ما كنتم)وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

332

| 08 يوليو 2015

أفضل الدنانير (1-2)

إن كل ما يتعلق البشر به من حطام الدنيا سوف يدَعونه لوارث السموات والأرض وسينقلبون إلى ربهم عراة لا مال ولا جاه كما خلقوا أول مرة وسيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة فلا عجب إذا غضب المولى على من ينسى هذه الحقائق وينطلق في ربوع الأرض لاهمَّ له إلا جمع ما يضره ونسيان ما يفيده.قد يحرص الإنسان على المال لأنه يريد ترك أولاده في ثراء يحميهم تقلب الأيام وأحداث الليالي وهذا قصد حسن، والمسلم مكلف أن يصون نفسه وذريته وأن يمنع عنهم الفقر والفاقة، وأن يراهم بمأمن من الحاجة إلى الناس، والإسلام الذي يأمرك أن تحارب الفقر في بيوت الآخرين لا يرضى لك أن تجره إلى بيتك. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".على أن البخل بالحقوق وكنزها للأولاد لا يمحو فقراً ولا يضمن غني ولا يقبل من صاحبه يوم القيامة عذراً.والإسلام يوصي بأن يكرم الإنسان نفسه ثم أهل بيته ثم ذوي رحمه، ثم سائر الناس ومعنى إكرام المرء نفسه أن يكفيها من الحلال فيصدها عن الحرام، وأن يصونها عن مظاهر الفاقه التي تخدش مكانتها في المجتمع، وتهبط بها دون المستوى اللائق بها وبعزة المسلم وهذا كله في حدود القصد من غير سرف ولا مخيلة كما جاء في الأثر، ثم للمسلم أن يمسك لديه من المال ما يبلغه هذه الأهداف المشروعة.قد لا يبالي البعض أن يعيش بالي الحال فهذا شأنه إلا أنه لا ينبغي أن يفرض مايراه في الحياة من فهمه للدين على الآخرين.على رب البيت أن يتعرف المطالب المعقولة لأهله وولده، وأن ينفق عن سعة في قضائها فليس في الدين أن يدع الإنسان زوجته أو بنيه ومن يعول في حال قلقة من الاحتياج والضيق ثم يضع ماله في مصرف آخر مهما كان خطره فروابط الأسرة أولى بالعناية وأحق بالتوثيق من غيرها.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دينار تنفقه في سبيل الله ودينار تنفقه في رقبة ودينار تصدقت به على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك".فالإسلام يريد أن يرتب النفقات المشروعة الترتيب المثمر الصالح لأن الأسرة قوام المجتمع وهي الخلية الحية التي تكون بناءه الضخم.وهناك أشخاص يجنحون إلى السرف خارج بيوتهم وبين أصدقائهم أو الغربا، عنهم ثم إذا كانوا مع أهليهم كانوا أمثلة سيئة للتقتير.إن الإنسان المراد به الخير والفلاح عندما يقسم راتبه الشهري أو دخله على مصارفه ومطالبه ثم يجعل جزءاً – قل أو كثر- لأمور قد تحدث أو مانسميه الطوارئ، كزيارة طبيب أو دواء أو طعام أو شراب. لما يجب أن يقوم به من الطيبات كإكرام ضيف أو إقراض معسر أو محتاج أو ما إلى ذلك من إطعام الطعام إكراماً لا لحاجة. وقد اعتبر الله سبحانه العطاء الجميل قرضاً حسناً لا يرده لصاحبه مثلاً بمثل بل يرده أضعافاً مضاعفة ففي الحديث " ياعبدي أنفق... أنفق عليك يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يفض ما بيده، وكان عرشه على الماء وبيده الميزان تخفض ويرفع".وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

878

| 07 يوليو 2015

عصمة الأمة

لاشك إن العبادات مجتمعة تنشيء إنساناً كاملاً شريطة أن تؤدي أداءً حقيقياً فإذا وضع الدين صور العبادة ركوعاً وسجوداً في الصلاة وطوافاً بالبيت العتيق في حج أو عمرة وامتناعاً عن الشهوات المباحة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في الصوم فلا توصف هذه العبادات بأنها مخالفة للعقل مثلها مثل حالنا عندما نكتب باللغة العربية فإننا نكتب من ناحية اليمين إلى جهة اليسار ويكتب غيرنا لغاتهم من ناحية اليسار إلى جهة اليمين فما صلة ذلك بالعقل فمثل هذه الأشياء سواء لا صلة لها ولا دخل للعقل فيها، ونحن نرى الإنجليز يضعون مقود سياراتهم ناحية اليمين فإذا جاء الإسلام ووضع للدين صوراً للعبادات تؤدَّى من خلالها فما علاقة ذلك بالعقل أو الجنون كما وضع الدين الإسلامي ضوابط كثيرة لشرائعه ولم يترك هذه الأوضاع لكل ذوق حتى لا تشيع الفوضى. فحركة السير عند الإنجليز مثلاً وعندنا إنما هي عملية تنظيمية لا علاقة لها بعقل أو غيره.نحن نؤمن بقيمة التوفيق الإلهي وروعة الإمداد من رب السموات والأرض، ونعتقد أن الناس يوفرون على أنفسهم متاعب اللف في الطرق الضالة والتعرض لوعثائها وهذا عندما يطلبون من الله بين الحين والحين ي أن يسدد خطاهم ويصون وجهتهم ولن يأتي يوم يستغني فيه الناس بعزائمهم ونشاطهم عن الله جل في علاه.(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)وكما تحتاج الأجساد إلى طعام كي تستمر بها الحياة كذلك تحتاج الأرواح إلى مايغذيها كي تصفو وتزكو وترشد.قال الأستاذ محمد الغزالي عليه رحمة الله : حضرت بعثة من رجال دين أمريكان جاءوا لزيارة القاهرة واستمعت إلى الخطب التي ألقوها وراعني أن القس الشاب الذي يتحدث باسم قومه قال في نهاية كلامه : فلْنصلِّ لله الآن كي يُبارك جمعنا ويصلح عملنا.إن الشاب الأمريكي يصلي ويطلب من ربه أن يبارك الجمع إن ذلك عندنا صحيح ومقبول لكن عندما يسعى شاب أو شيخ مسلم ليصلي يقال له ما صلة هذه الصور التعبيدية بالعقل إنها غير معقولة. ولو وجهت السؤال نفسه لماذا هي معقولة عند القس الأمريكي وليست معقولة عند المسلم لربما قال: هذه أشياء تواضع عليها الأمريكان أو الغرب المسيحي فنقول : لماذا لا نكون نحن كذلك أمور تواضع عليها الدين الإسلامي كحركة السير والوقوف عند الإشارات والمنع في الأماكن الأخرى وعبور المارة.نعم إن هذه العبادات تنشيء الإنسان الكامل بشرط أن تؤدَّى على قاعدة (الذين يقيمون الصلاة) (وأقيموا الصلاة) لا تتخذ حرفة أو مسلاة أو عادة لأقوام يخلطونها بسلوكهم لا لتطهير نفوسهم بل ربما لتستر عوارهم وعثراتهم.فماذا يصنع الدين إذا كان موضوع عمله وهو الإنسان قد ذاب وتغيرت أوصافه إن الدين يأوي في نفوس أمثال هؤلاء البشر إلى خرائب بشرية لا إلى أخلاق سوية.هذا فيما يخص عامة الناس، أما الكبراء في الجملة في هذا الزمان فكان خطاب التكليف تجاوزهم كما تجاوز بعض المتصوفة وجمهور الشباب والمتعلمين والغالبية من الأغنياء والقادرين وكأنهم قد استغنوا عن الله.لنعلم أن إضاعة الصلاة واتباع الشهوات أمارة على انحطاط الأمة وسوء مصيرها لأن هذه الصلوات وأثرها ليس تربية فردية فقط ولكن الصلاة عصمة اجتماعية، فهي للشعوب ضمان ألا تفتكَّ بها الشهوات ولا تستشري بها العلل، ولذلك فإن الأجيال المنحطة هي التي تنصرف عن الصلاة، لأن الشيطان يومئذٍ يستهلك أوقاتها في الضياع والشتات قال الحق سبحانه (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة وأتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا).إن الصلوات ما أضاعها وماصرف الناس عنها إلا من يريدون لأمتنا أن تكون علفاً لمدافع أعداء هذا الدين من يهود وحاقدين، ولو أنهم علّموا الأمم كيف تصطف في الصلاة وتناجي ربها تشكر نعمته وتحمده على إفضاله، وتعاهده على أن تبقى متعبدة له مستعينة به حانية أصلابها ركوعاً وسجوداً ذاكرة الله باسمه العظيم الأعلى في الغدو والآصال حتى يتعلموا في زحام الحياة أن العظيم هو الله، وأن الأعلى هو الله وأن الخلائق صغرت أو كبرت ليست شيئاً مذكوراً أمام عظمته، فالله هو العظيم والله هو الأعلى.إن الصلاة في نظر الإسلام طريق الفلاح، وأساس التمكين في هذه الحياة ورباط الأخوة وما يترتب عليها من حقوق.لنتدبر جميعاً قول الله تعالى (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) وقوله (و أقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً).وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

788

| 06 يوليو 2015

صوت المعدة (2-2)

أضاف القرآن أحوال الإنسان كلها إلى الله ولم يقرر له إلا منصب الأمانة.والخلافة (وأن إلى ربك المنتهى، وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا، وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تُمنى وأن عليه النشأة الأولى، وأنه هو أغنى وأقنى).لأجل ذلك خوطب المسلمون فقال لهم سبحانه (وآتُوهُم من مال الله الذي آتاكم) وقال (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) فقرر الله سبحانه إنه هو المالك الحقيقي والوارث الحقيقي. وقد سئل أعرابي كان في قطيع غنم يملكها سئل لمن هذا القطيع فكان جواب الرجل: هو لله عندي! وهذا هو جواب العقل وسداد الرأي فلا يظن الإنسان بالملك قد أصبح مالك الملك (لله ملك السموات والأرض).لقد غرس القرآن فكرة الأمانة والخلافة وأرسخها في نفوس وعقول السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن سار على نهجهم.فاعتبر نفسك مستخلفاً وهذه النظرة تجعلك تدقق فيما تنفقه على نفسك أو على غيرك، فأنت مراقب في تصرفك مراقب من صاحب الملك الذي وظفك فيه وأتمنك عليه فالمال مال الله. فإذا ملكت من حلال فإن الإسلام يوجب عليك أول ما يوجب بعد كفايتك ومن تجب عليك نفقته بالقسط- فريضة الزكاة التي هي حق لمستحقيها لا تفضلاً (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).إنها واجب اجتماعي تعبدي لذلك سماها زكاة لأن معنى الزكاة الطهارة والنماء فهي طهارة للضمير والذمة بأداء الحق المفروض وهي طهارة للنفس والقلب من فطرة الشح وغريزة حب الذات لأن المال محبوب لدى النفوس (وتحبون المال حباً جماً) فحين تجود النفس به للآخرين إنما تَطُهر وترتفع وتشرق.وهي طهارة للمال بأداء حقه وجعله مالاً حلالاً وقد حدد المولى عز وجل مستحقيها وقدر النبي الخاتم المال الذي تجب فيه ومقدار ما يخرج منه ولم يوكل ذلك إلى رأي سلطان جائر أو فقيه فاجر ولا إلى همة الأفراد وطموحهم ولا إلى العواطف والانفعالات ولا إلى تشريع المشرعين فلا يُؤمَن عليها من اتباع الهوى والأغراض ففُرضت الزكاة وحدِّدت أنصبتها ومقاديرها فلولا التقدير لفرض مفرط ولاعتدى المعتدي وجعلها تفي بالحاجة ولا تثقل كاهل المتصدق فيبخل ويعسر عليه أداؤها كما أنه عين لها مدة لا تكون قصيرة يسرع دورانها فتعسر إقامتها فيها ولا تكون طويلة لا تنجع من بخلهم ولا تدر على المحتاجين ومن له حق فيها إلا بعد انتظار شديد.قال ابن القيم رحمه الله تعالى ثم إنه أوجبها مرة كل عام وجعل حوْل الزروع والثمار عند كمالها واستوائها وهذا أعدل ما يكون.إن الزكاة هي قاعدة المجتمع المتكامل المتضامن، وقد ذكر كثير من العلماء عناية الإسلام بالفقراء وحدبه على الطبقات البائسة واستشهدوا بالزكاة تلك الصدقة التي فرضت في أموال الأغنياء مواساة للفقراء علماً بأن الزكاة لا تعدو أن تكون ضريبة إحسان، ومكان الإحسان المالي في بناء المجتمع ليس من نصيب الكسالى القادرين، فمن العبث أن تربط حياة قسم كبير من الأمة بفضلات إيدي الناس فالشخص القادر لا يجوز أن نفرض عليه الاعتماد على الزكاة وإلا انقلبت الزكاة تشريع فساد لا تشريع إصلاح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تجوز الصدقة لغني ولا ذي مِرة قوي).فالرجال الأصحاء لابد وأن تُهيأ لهم وسائل العمل وإنما الزكاة لأهل العجز وعدم القدرة على الكسب أو لم تتوفر لهم أسباب الكسب.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

388

| 05 يوليو 2015

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4158

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1746

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1602

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1503

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1410

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1185

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

900

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

654

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

612

| 04 ديسمبر 2025

558

| 01 ديسمبر 2025

أخبار محلية