رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"نشكر كل من يتضامن ويؤيد مطالبنا للإصلاح ببلدنا البحرين ونرفض فرض أية أجندات سياسية خارجية من أية جهة كانت وخصوصا إيران التي تصدر منها أصوات تطالب بضم البحرين لها وتدعو للمعارضة بالعنف والسلاح".
لو صدر مثل هذا البيان من المعارضة بالبحرين لأرسل رسالة طمأنة لكل متردد أو مشكك بوطنية وبحرينية المعارضة بالبحرين، لكن واقع الحال أن المعارضة بالبحرين في معظمها الساحق هي معارضة الشيعة السياسية، والشيعة السياسية اليوم منبعها ومصدرها وتمويلها وتسليحها وأدلجتها إيرانية- دون استثناء، وعلى من يختلف مع قناعتي هذه أن يشير لي بالعكس من ذلك.
يصعب تسويق المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين اليوم على أنها وطنية صرفة، مهما كانت شعاراتها الإصلاحية فقد سبقتها شعارات مشابهة لدى الشيعة السياسية بالمنطقة، فشعار حزب الله بلبنان كان المقاومة البحتة للاحتلال الإسرائيلي، وسبقتها شعارات الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية بالعراق من قبل حزب الدعوة والمجلس الأعلى، فانتهى حزب الله كمرتزقة لدى إيران يقتلون الشعب السوري، وحزب الدعوة والمجلس الأعلى يحكمون العراق منذ سقوط الطاغية صدام حسين، وأدوات تابعة للاطلاعات الإيرانية، وكلنا نعرف نتيجة هذا وذاك على لبنان والعراق.
مشكلة المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين أن من يقف معها اليوم مجرم حرب أو مجرم وحسب، فمن حسن نصرالله إلى قاسم سليماني إلى مرتزقة المنتديات والمحافل الدولية الذين يحفل سجلهم بالجرائم والقضايا في بلدانهم، ويرفعون شعارات الإصلاح والحرية من أجل البحرين.
كان من المفترض على المعارضة البحرينية الشيعية أو حتى الليبرالية إن وجدت، أن ترفض دعوات قادة الحرس الثوري الإيراني أو حسن نصرالله أو معتوه بغداد بالثورة المسلحة الدامية ببلادهم على خلفية سحب الجنسية من المعارض عيسى قاسم، فمطالبهم – كما يقولون- كانت ولاتزال إصلاحية، ووسائلهم –كما يدعون- كانت ولا تزال سلمية، والتدخل الإيراني السافر بهذه الفجاجة، يثبّت الصورة التي يلاحقهم بها خصومهم بالتبعية لإيران، وتعزز التحليل بأن عيسى قاسم هو حسن نصرالله اللبناني، وهو العامري العراقي، وهو الحوثي اليمني، وكان حري بهم رفض التدخل الإيراني مساندة لهم في وقت تعيش فيه المنطقة احترابا طائفيا، وتهيمن فيه إيران على العراق وسوريا ولبنان وتحاول الهيمنة باليمن، ولا تخفي تدخلها بالبحرين ومحاولة عسكرة مطالبة معارضته بكل السبل.
كاتب هذه المقالة اعترض ولا يزال يعارض سحب جنسية بعض المعارضين بالكويت، ولكنه يرفض رفضا تاما أي تدخل إيراني بشأن بلاده وإن توافق مع مطلبه، فإيران ليست بداعية حقوق إنسان، ولا هي بدولة تحترم بها كل الفئات والطوائف والأديان، وحري بها بدلا من مساندة عيسى قاسم بالبحرين أن ترفع الإقامة الجبرية عن موسوي وخاتمي وقادة الثورة الخضراء التي انفجرت بعد تزوير انتخابات الرئاسة عام 2009، وأن تفتح أبواب سجن "نيفين" بطهران.
المشكلة الأخرى أن سجل الأحزاب السياسية الدينية –شيعية أو سنية- هو سجل دام يقصي الآخر، ويكفر المخالف، ويقتل المعارض، رأينا ذلك بأفغانستان طالبان، وحماس غزة حين انقلبت على السلطة الفلسطينية عام 2007، وبإيران التي استولت على السلطة منذ العام 1979 وصفَّت كل معارضيها بعد أن أتت بالتحالف معهم تحت شعارات الحرية والتخلص من طغيان الشاه، وإخوان مصر الذين حاولوا الانفراد بالسلطة المطلقة وإلغاء الآخرين متوجين محاولاتهم بالإعلانات/الانقلابات الدستورية، وشيعة العراق السياسية الذين نهبوا البلاد وفرقوا العباد وخلقوا الطائفية وأشاعوا الفساد، وإخوان السودان الذين انقلبوا على حكومة المهدي المنتخبة عام 1989، وإخوان أردوغان الذين يعتقلون أكبر عدد من الصحافيين بالعالم، وحزب الله اللبناني الذي يهيمن على قرار لبنان منذ العام 2006 وأنصار الله بعد انقلابهم باليمن على الشرعية عام 2014 الخ.
هذا السجل الدامي الفاشل للأحزاب السياسية الدينية بشقيها السني والشيعي يجعل من الصعب على معارضة البحرين الشيعية السياسية إقناع العالم بأنهم سيأتون بالإصلاح، وبالحرية والفلاح، فلا مثال عندهم يشار إليه بالبنان حيث عمت الحرية والأمان، وتعايشت الطوائف والأديان، ولا هم يرفضون التدخل الإيراني ببلادهم والمطالبة بها بحجة مساندتهم ومؤازرة مطالبهم "بالإصلاح"، وهي مطالبة من قبل دولة تحتل المركز الثاني بالعالم بعدد الإعدامات السنوية.
لعل مثل هذه المقالة ونصائح العقلانية تجعل المعارضة البحرينية تعيد حساباتها، فلا الدين السياسي –الشيعي والسني- سيحقق لها الإصلاح، ولا استغلالها من قبل إيران سيعزز جماهيريتها ويُشرْعِن مطالبها.
للبحرين العزيزة علينا جميعا كل التمنيات بالإصلاح والتعايش والسلام في ظل معارضة وحكومة بحرينية وطنية صرفة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4173
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1605
| 02 ديسمبر 2025