رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قَدّرْ لرجلك قبل الخطو موضعها.. مقولة شعرية شهيرة، تنصحنا بأن نفكر بعقولنا قبل أن نحرك أقدامنا ونخطو على الأرض، لكني اكتشفت أن علينا أن نطبق هذه النصيحة أيضا ونحن نخطو في الفضاء، والفضاء الذي أقصده ليس الفضاء الذي يكتشفه العلماء والرواد في الدول المتقدمة، وإنما فضاء الإنترنت الذي يخطو فيه الجهلاء والحمقى إلى جانب الباحثين الجادين والحكماء النابهين!
كلّ من يخطر بباله أمر من أمور الدنيا والآخرة، لا يتردد في تدوينه عبر مدونة من المدونات، أو من خلال تغريدة من التغريدات، وليس مهما أن تكون هناك دراسة أو مراجعة لما يتم تدوينه، طالما أن من حق كل إنسان، حتى لو كان من أجهل الجهلاء أن يدون ما يشاء على ما يتاح له في الفضاء، وربما لهذا السبب فإني دربت نفسي على الخطو بحرص وحذر، حين أحاول التعرف على ما يتم تدوينه في المدونات وفيما تسمى تغريدات، وعلى سبيل المثال فإن أحدهم يؤكد أن المتنبي شاعر من شعراء العصر الجاهلي، بينما يرى آخر أن عباس ابن فرناس الذي جرب أن يطير في الفضاء بجناحين من الشمع هو إنسان عربي، لكنه يحمل الجنسية الفرنسية!
الكارثة التي ما بعدها كارثة في نظري أن كثيرين من أبناء الجيل العربي الجديد يحصلون على ما يريدون معرفته من المعلومات عن طريق فضاء الإنترنت، دون أن يهتموا بالرجوع إلى أي مقال أو كتاب مطبوع وموثق في الموضوع الذي يحاولون أن يعرفوا شيئا عنه. ولن أتوقف الآن عند هذه الظاهرة الكارثية، لأن ما أود الإشارة إليه- عبر هذه السطور- يتمثل في كارثة أخرى، تتعلق بلغتنا العربية الجميلة، فنحن نعرف أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة تقوم بتدريس اللهجة العامية المصرية، بحجة أنها شائعة في الشارع المصري، أو لأن بعض الدارسين والسياح الأجانب يريدون دراستها، لأسباب متنوعة تتعلق بهم، لكن ما صدمني صدمة قاسية حقا يتمثل في أن موسوعة ويكبيديا العربية الشهيرة قد كتبت مقالا تعريفيا عن عميد الأدب العربي طه حسين، وبالطبع فإن الصدمة ليست في الكتابة عن طه حسين، وإنما في الكتابة عنه باللهجة العامية المصرية، وسأنقل هنا بعض السطور المكتوبة عن عميد الأدب العربي، لكي يصدقني من قد لا يصدقون.
تقول موسوعة ويكبيديا:
(..إتولد طه حسين في قرية تابعه لمركز مغاغه في محاقظة المنيا اللي في صعيد مصر، واتعمى نتيجه للجهل وهو لسه عيل صغير. عاش في قريته السنين الاولى من حياته واتعلم في الكتّاب وبعدين راح على القاهره مع اخوه الكبير عشان يلتحقو في الأزهر. وبعد الأزهر التحق بالجامعه، وراح فرنسا في بعثه تعليميه، ورجع مصر سنة 1925 واتعين استاذ في الجامعه المصريه وبعدين اتعين عميد لكلية الأداب وبعد كده بقى عميد لجامعة اسكندريه وبعدين بقى وزير للمعارف. وفي فرنسا اتجوز من شريكة حياته " سوزان بريسو " Suzanne Bresseau اللى ساعدته جامد كجوز اعمى وكجوز كاتب وأديب.)
لكي أخفف ولو قليلا من وقع الصدمة عليكم وعليّ، لابد من الإشارة إلى واقعة غريبة حدثت في الستينيات من القرن العشرين الغارب، فقد أعلن الكاتب المسرحي الكبير نعمان عاشور أنه ينوي ترجمة مسرحيات وليم شكسبير إلى اللهجة العامية المصرية، فكانت النتيجة أن هاجمه النقاد الجادون، وسخر منه ومن فكرته الساخرون، وقال بعضهم إن هاملت سيظهر على خشبة المسرح وهو يقول: يا نهار إسود. إيه النيلة المهببة ديه؟ إزاي أسكت على عمي اللي أتل أبويا واتجوز أمي.. يا إما أكون أو ما كنشي!
إذا كان هناك من هاجموا أو سخروا من نعمان عاشور، فإن جرائد مصرية عديدة أصبحت تكتب الآن عناوين مقالاتها باللهجة العامية، دون أن يتعرض لها أحد بالهجوم أو حتى بالسخرية، وإذا كان اللؤماء الماكرون من ذوي الأهداف الخبيثة قد كتبوا عن طه حسين باللهجة العامية في ويكبيديا، فإن المتشنجين الجهلاء قد قاموا منذ عدة أشهر بتشويه تمثاله المقام في مدينة المنيا، ولم يكتفوا بالتشويه وإنما قاموا بقطع رأس هذا التمثال، وقد قيدت الشرطة هذه الجريمة بأنها ضد مجهول! ولم يبق لي إلا أن أتذكر ما قاله نزار قباني في رثائه لطه حسين: ألق نظارتيك ما أنت أعمى- إنما نحن معشر العميان!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1998
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1602
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1125
| 24 ديسمبر 2025