رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي alsharq
باري تاوسوند: أبعاد حيوية للتعاون القطري - المصري حول السودان

أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد أن ملفات عديدة وحيوية للغاية تجمع الدوحة والقاهرة بالمشهد السوداني، استوجبت تحركاً دبلوماسياً نشطاً ومكثفاً بين قطر ومصر للتباحث حول مستجدات الموقف، خصوصا في الأبعاد الإنسانية والإغاثية، وقضايا اللاجئين، والتحديات الإستراتيجية. ويحتاج أكثر من 25 مليون سوداني لمساعدات وتدخلات إنسانية، وكانت بورتسودان موطناً لمساعدات قطرية ومصرية عديدة شهدت مرحلة أولية من التنسيق من حيث توحيد جهود الدعم للغايات الإنسانية ومهام الإجلاء الرئيسية، ذلك مع عدم اتخاذ موقف من قبل قطر في متداخلات النزاع الجاري الآن، أو تحميل المسؤولية لأطراف أخرى في وقائع مؤسفة شهدتها قطر ومصر معاً من تبعات العنف، منها التعدي على السفارة القطرية كما حدث ذلك مع سفارات أخرى، وأيضاً احتجاز بعض العناصر العسكرية المصرية لفترة قبل التدخل المصري الناجح من أجل إعادتهم سالمين إلى البلاد ذلك في بداية اندلاع القتال، ما استوجب أيضاً تكثيفاً للجهد الإستراتجي في فترة يضعف فيها التنبؤ الاستخباراتي وتعجز التوقعات عن مواكبة مسارات العنف المتسارعة والمشهد الذي يزداد تعقيداً يوماً بعد الآخر. سياقات المشهد الإقليمي يقول باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، إن الموقف الحالي مغاير عموماً فيما يتعلق بقطر ومصر والدول العربية في السياق الأبعد في التعاطي مع الملف السوداني، فهناك اتجاه إيجابي في تطوير العلاقات المتميزة شهدته الدوحة والقاهرة بصورة مكثفة، شهدت تمثيلاً دبلوماسياً شاملاً بدأ مع مندوبي الدولتين بالأمم المتحدة وانتهاء بزيارات رسمية رفيعة من قادة البلدين، في مصر وقطر معاً، مروراً بمجالس وزارية وصفقات تفاوضية بين الصناديق السيادية، والإعلان عن حزمة كبرى من الاستثمارات تقدر بـ 5 مليارات دولار من المشاريع المصرية في القاهرة، والإعلان عن صناديق ومجالس وزارية متخصصة في دعم وتشجيع الاستثمارات القطرية لما يرقى لتطلعات الشعبين وعلاقات البلدين التاريخية، وكل هذا شهد تقديراً كبيراً من القاهرة التي كانت تواجه تحديات اقتصادية فرضتها تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، وأيضاً الدراسة الذكية من قطر لخصائص الاستثمار وتوجيه توسعاتها الاستثمارية صوب تدعيم العلاقات الإستراتيجة والإقليمية وتنمية العلاقات الدولية من جهة أخرى، كما تجمع الكثير من الملفات الحيوية التي جمعت الدوحة والقاهرة معاً، لاسيما في المشهد الفلسطيني وقطاع غزة، وهنا كان لقطر ومصر أدوار حيوية في عقد أكثر من هدنة ناجحة لاحتواء العنف ووقف إطلاق النار والتي لم تكن لتتحقق سوى بالعلاقات المؤثرة لاسيما بقطاع غزة وتقديم الدعم المادي واللوجستي والدبلوماسي لقطاع غزة المحاصر. ويتابع الخبير الأمريكي باري تاوسوند، في تصريحاته لـ الشرق قائلاً: إن المنطقة تشهد بالفعل نهجاً مغايراً في احتواء النزاعات التقليدية والأمر يمكن قراءته من واقع الخطوات العربية الخليجية لتعزيز العلاقات والحوار مع إيران، فهذه الموجة عموماً نسجت واقعاً مغايراً لما شهدته السودان من صراعات نفوذ سابقة. وكل تلك الأبعاد المهمة، وما يفوقها من أبعاد أكثر أهمية، ستكون حاضرة بكل تأكيد فيما يتعلق بالمباحثات القطرية- المصرية المهمة، والاتصالات الهاتفية التي جمعت بين سمو الأمير المفدى والرئيس المصري، والتي بكل تأكيد ستبحث تشجيعاً وتعزيزاً لعلاقات البلدين وما يتعلق بالمسار الحالي من العلاقات الإيجابية والصفقات الاستثمارية الحيوية، والتباحث بشأن سبل وغايات الدعم الإنساني بشأن المشهد الإنساني وقضايا اللاجئين والتطورات الإستراتيجية للحوار وسبل استعراض وجهات النظر وعقد مبادرات غايتها تجنب الخسائر المدنية المتزايدة جراء استمرار العنف، وخطورة الأبعاد الكثيرة لعدم الاستقرار في السودان وتأثيرها على المصالح الإستراتيجة والاقتصادية وارتباطها بملفات عديدة للغاية، وارتباط ذلك أيضاً بالنسبة لقطر بأكثر من مشهد إفريقي متصل مع المشهد في جنوب السودان وفي تشاد، والمخاوف المصرية من تطورات المشهد السوداني وانعكاسات ذلك على قضية سد النهضة مع أثيوبيا، والكثير من الملفات المهمة التي ستكون حاضرة بكل تأكيد وتشهد تواصلاً مهما بين الدوحة والقاهرة في الفترة المقبلة. مبادرة مشتركة ويختتم باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد تصريحاته قائلاً: إن بيانات عديدة لمجلس الأمن ومبادرات سعودية رحبت بها قطر وجهود إقليمية وعربية ودعوات دولية عديدة من أجل محاولة الوصول إلى حل سلمي للمشهد السوداني، ويمكن القول إن المشهد السوداني فتح مساراً إضافياً يستفيد من زخم العلاقات القطرية- المصرية الإيجابية وتوافق الرؤى صوب الحل السياسي والأهداف الإنسانية، وبكل تأكيد سيكون هناك تنسيق متواصل ومكثف يراقب بدقة تطورات المشهد ومحاولة حشد الجهود وتدعيمها من أجل العمل المشترك على إيجاد حلول تساهم في تخفيف الأزمة الإنسانية، وتعرض مسارات للتفاوض من شأنها الوصول بالنهاية إلى جولات دبلوماسية يكون هدفها الحل السلمي للنزاع، والعديد من الملفات الحيوية التي ستكون حاضرة بين الجانبين تكشف الاهتمام الكبير الذي توليه الدوحة والقاهرة نحو السودان من واقع العلاقات الإيجابية المشتركة التي ميزت نهج علاقات البلدين في الفترة الأخيرة.

1214

| 04 يونيو 2023

اقتصاد محلي alsharq
عضو مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية لـ الشرق: حضور قطري مهم في مشروعات عقارية مصرية كبرى

أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، أن العلاقات القطرية- المصرية والتي كانت لها أوجه اقتصادية واستثمارية عديدة رسخت لمسار إيجابي في علاقات الدولتين، بل لعبت دوراً دقيقاً ومحورياً للغاية في تحقيق أوجه الدعم الاقتصادي المتوافق مع مسار التقارب الدبلوماسي والمتطلع لنهج جديد من العلاقات المقربة التي تجمع البلدين في الفترة الأخيرة. ملامح رئيسية يقول باري تاوسوند، الخبير الأمريكي بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية: إن هناك دوراً مهماً للغاية قامت قطر تحديداً في الفترة الأخيرة من ضمانات اقتصادية مهمة على شكل سندات دولارية اعتمدتها في الاقتصاد المصري كضمانات رئيسية، تدعم برنامج مصر الاقتصادي الجديد المقدم إلى صندوق النقد الدولي وذلك لمباشرة مراحل الاقتراض الداعمة للموازنة المصرية لتقويض الفجوة في حجم الواردات ومباشرة العديد من الإجراءات الدقيقة التي تمر بها مصر اقتصادياً، وتمثل ذلك أيضاً في الودائع بالدولار الأمريكي التي أودعتها قطر في البنك المركزي المصري، وحسب تقارير البنك الدولي فهناك حصة مهمة من الاشتراطات الواضحة فيما تم الإعلان عنه في تفاصيل القرض الأخير من صندوق النقد الدولي إلى مصر والمقدر بنحو 3 مليارات دولار في شرائح متعددة بلغت 8 شرائح متنوعة باشتراطات مهمة كان من بينها بكل تأكيد، وجود حصة من الأصول المصرية يتم بيعها للصناديق السيادية الخليجية، لربط ذلك بين المفاوضات التي جمعت جهاز قطر للاستثمار والذي يعد واحداً من الأكبر في العالم وصندوق الثروة السيادي في مصر للتفاوض حول العديد من الاستثمارات القطرية المهمة في الأصول والشركات المصرية، وشمل ذلك المباحثات العديدة بشأن حصة الدولة المصرية في شركة اتصالات عالمية كبرى تملك قطر أيضاً علامتها الدولية ذاتها في سوقها الداخلية، والتفاوض حول سبل دعم وتطوير استثماري رئيسية في مجال الموانئ خاصة ما تم التباحث حوله في ميناء سفاجا، والمفاوضات المهمة أيضاً في مجالات السياحة والتعليم والنقل واللوجستيات في خططها الاستثمارية في السوق المصرية، والتي كان آخرها المفاوضات حول فندق رمسيس هيلتون الإستراتيجي الكبير في مصر، ونفس الصفقات النوعية الإستراتيجية هي التي اختصتها المفاوضات السيادية بين صندوقي الدوحة والقاهرة بشأن حصص الملكية في شركات مصرية مهمة، وفي حين كانت قطر أعلنت التزامها بضخ 5 مليارات دولار في السوق المصرية ما مثل مرحلة جديدة من الشراكة صاغتها علاقات البلدين التي تطورت دبلوماسياً بقوة في زيارات رسمية رفيعة لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر والاحتفاء بالزيارة في مصر وفي الصحف الرسمية، وزيارات أخرى مهمة عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة في زيارة عمل رسمية وأخرى ودية في غضون مباريات كأس العالم قطر 2022. تطورات رئيسية ويتابع باري تاوسوند، الزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد: إن هذه هي أبرز التطورات في ضوء الظروف المهمة التي يمر بها الاقتصاد المصري والتي لن تنسى فيها بكل تأكيد مواقف قطر الإيجابية والداعمة للغاية في فترة دقيقة وشديدة الحيوية عموماً في المنحى الذي سيسير عليه الاقتصاد المصري في السنوات السابقة، ولكن ذلك بالأساس ساهم بكل تأكيد في أن عكسته الإرادة السياسية المهمة في قطر ومصر في تطوير العلاقات لأكثر من صورة منذ قمة العلا لمجلس التعاون الخليجي في مطلع العام الماضي، وخلال الأشهر الماضية مرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بمستوى آخر من التقارب الرفيع على الأصعدة الرسمية الرفيعة وفي لجان دعم وتشجيع الاستثمار والوزارات السيادية والكيانات المالية، فوضعت مصر أكثر من برنامج مهم وخاص لجذب الاستثمارات القطرية المؤسسية ومن القطاع الخاص، وباشرت الصناديق السيادية بكلا البلدين مراحل مهمة من التفاوض الإستراتيجي تعكس ما حققته الاستثمارات المهمة من مستوى إيجابي للغاية في العلاقات الثنائية، وعموماً فإن قطر لم تكن ببعيدة قبل ذلك عن السوق المصرية فكان لها حضور مهم في مشروعات تطوير عقاري وفنادق كبرى واستثمارات عديدة ومتنوعة للغاية، باشرت قطر في خطط استكمالها وافتتاحها وتطويرها بل ضم مشروعات جديدة حيوية تجاهها، والمراقب لأنشطة صندوق الثروة السيادي القطري خاصة في الرؤية الاستثمارية الإستراتيجية المميزة للاستثمارات التي يقوم بها، يدرك عموماً أنه كان هناك بحث مهم لخصائص السوق المصرية ودرجة من الترقب مرتبطة بضمانات استثمارية وتوظيف نوعي للمليارات القطرية التي ستضخها في الاقتصاد المصري بحيث تضمن حصصاً رئيسية في الشركات أو عقد صفقات في أفق أكثر استقراراً في هامش متغير لأسعار الصرف للعملة المصرية جراء اشتراطات صندوق النقد الدولي وبرنامج مصر الجديد الذي قدمته في الفترة الأخيرة، ولكن كان هناك توازي عموماً بين الزيارات الرسمية والمواقف الدبلوماسية لاسيما ما جمع البلدين من شراكة مهمة في ملف قوي في السياسة الخارجية المرتبط باحتواء التصعيد في قطاع غزة ونجاح قطر ومصر في عقد هدنة مايو والتعهد بالتزامات مهمة بشأن إعادة الإعمار في قطاع غزة جراء عمليات القصف المدمرة التي تعرض لها، وهو أمر لعبته الدوحة والقاهرة أيضاً في احتواء التصعيد الخطير في المشهد الفلسطيني في العملية العسكرية الإسرائيلية التي شنتها على تنظيم الجهاد الإسلامي المسلح في فلسطين، كما سعت مصر للاستفادة من الثقل الدبلوماسي القطري واستثماراتها الإفريقية المهمة في تأكيد موقف مشترك تجاه قضية سد النهضة التي كانت تشكل تحدياً كبيراً للدولة المصرية ودعمت قطر احتواء ملف الأزمة من أجل رغبتها في حماية استثماراتها المهمة في السودان وأثيوبيا ومصر، كما انخرطت الدوحة في مبادرة مهمة كانت واضحة في معالمها بصورة أكبر بروزاً في المونديال القطري الأخير بتبنيها نهجا داعما لمنحى جديد في العلاقات المصرية- التركية والحضور القطري البارز في اللقاءات الودية التي جمعت الرئيس المصري ونظيره التركي على هامش حضور فعاليات مونديال قطر، والتصريحات الودية الإيجابية التي أعقبتها، وانعكاس ذلك أيضاً على ملفات إستراتيجية مهمة مثل الملف الليبي، وهدوء وتيرة المشاحنات السياسية والإعلامية وتغيرها على الصعيد الرسمي تجاه مسار أقل صداماً وأكثر بحثاً عن فرص لتحقيق التعاون. توازن ومرونة ويختتم باري تاوسوند، عضو مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية تصريحاته قائلاً: إن هناك جانباً آخر أيضاً يتعلق في طبيعة الاستثمارات القطرية ونوعيتها في أنها عموماً تدخل في خصائص الأسواق التي تنشط بها، وصحيح أن العلاقات التي تجمع قطر مع الدول الإقليمية دائماً ما تكون بها مساحات من الشراكة التاريخية المتقاربة، ولكن الدوحة عموماً باتت تمتلك وعياً إستراتيجياً في السنوات الأخيرة جراء حزمة من التغيرات مكنتها عموماً من تبني سياسات من التوازن والمرونة انعكست على الخصائص النوعية لاستثماراتها في أوجه عديدة، فمن الجيد أن قطر تنشط أيضاً في أكثر موارد الإصلاح الاقتصادي مستقبلاً ربحياً في مصر ذلك بامتلاكها لأسهم في شركات إيطالية كبرى ناشطة في حقل الغاز والطاقة في مصر، وتفاوضت أيضاً للمرة الأولى لمباشرة خطط للشراكة في سوق الطاقة في مصر المتوقع نموه بوتيرة تعافي جيدة في الفترة المقبلة، وجاء ذلك عن طريق الاستثمارات القطرية الدولية غير المباشرة عبر الموافقة على شراء 40% من حقوق استكشاف منطقة استكشاف مملوكة لشركة إكسون موبيل في البحر المتوسط في منطقة امتياز شمال مراقيا، وكل تلك الملامح من الاستثمارات القطرية توضح المرونة الكبيرة التي امتلكتها قطر في تنويع استثماراتها الإستراتيجية وتحقيق خطوط متوازية تجمع روابطها الدبلوماسية باستثماراتها المتنوعة تحقق فيها معادلة مهمة متعددة المكاسب للدولتين معاً بكل تأكيد؛ وستكون تلك الاستثمارات القطرية الحيوية للغاية في السوق المصرية التي تعاني من مسارات دقيقة وبرامج إصلاح اقتصادي حاسمة، من الركائز الإيجابية في تأكيد قوة وروابط البلدين، ما يفتح مناخاً إضافياً من التعاون بكل تأكيد ستنعكس ملامحه في ملفات مهمة منها المشهد الفلسطيني وتطورات الأوضاع الليبية، وغيرها أيضاً من الملفات العديدة التي ستشهد تقارباً إيجابياً بين البلدين بكل تأكيد في المرحلة المقبلة.

2517

| 15 يناير 2023

عربي ودولي alsharq
خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية: القمة القطرية المصرية محورية وفارقة

أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والخبير في ملف العلاقات الإقليمية والصراع العربي الإسرائيلي، أن لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، مع فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، في إطار زيارة رسمية رفيعة للرئيس المصري لبحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، لها أكثر من دلالة مهمة ما يجعلها محورية وفارقة لرسم علاقات مستقبلية متطورة ومتميزة وتفتح صفحة جديدة في تاريخ علاقات البلدين، مستعرضاً ملامح التعاون الاقتصادي في ضوء البرامج الاقتصادية والطموحات المستقبلية للتعاون والفرص المتاحة لتعميق الشراكة، ومؤكداً في الوقت ذاته على أهمية الزيارة الحيوية على أكثر من صعيد يتجاوز التعاون الاقتصادي للتباحث في مستقبل إيجابي لعلاقات أكثر تميزاً. ◄ شواهد إيجابية وقال باري تاوسوند، عضو مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية: إن هناك أهمية دقيقة للتوقيت الذي تجري فيه زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى قطر، من خلال قراءة عدد من المؤشرات الداخلية التي يمكن أن يرجعها البعض إلى مجرد حسابات سياسية حاسمة، ولكن العلاقات المتطورة بين قطر ومصر منذ بيان قمة العلا في أكثر من ملف حاسم تؤكد على أن هناك إرادة سياسية قوية بين الدولتين من أجل تعميق العلاقات وزيادة آفاق التعاون لمسارات أكثر شمولاً، وعلى الرغم من تصدر الملفات الاقتصادية لأجندة المناقشات إلا أنني أرغب في التأكيد على كون هذا ليس المحور الوحيد الفارق والمحدد للعلاقات بين الدولتين انطلاقاً من أدوارهما الإقليمية المهمة ومكانتهما المتميزة وتأثيرهما الواضح في المنطقة تاريخياً، فالتطلع لتعاون مصري- قطري كما لمس في الترحيب الشديد والمبادرات الإيجابية في مختلف التصريحات الرسمية بين الجانبين وما لقيه سمو الأمير من استقبال رفيع بلافتات ضيف مصر الكريم في زيارة عمل رسمية إلى مصر وما يحظى به المسؤولون في كلتا الدولتين من استقبال متميز وتصريحات إيجابية في مختلف الفعاليات الإقليمية والعربية والدولية، فضلاً عن الزيارات الوزارية المكثفة والدعوة المصرية المفتوحة من الوزارات الاقتصادية السيادية لتشجيع الاستثمار في السوق المصرية والكثير من المبادرات الإيجابية، فمنذ اللحظة الأولى لبيان قمة العلا تم فتح الخطوط الجوية ومعها كل الخطوط الدبلوماسية والتعاون السياسي، فباشرت قطر افتتاح مشروعاتها في مصر منها علامة سانت ريجيس الفندقية التاريخية التي تملكها في نيويورك وكانت في موقع متميز على النيل في العاصمة المصرية، وإعلان شركة الديار عن مباشرة مشروعات التطوير العقاري العملاقة التي أعدت خططها في السوق المصري، وتوافدت الزيارات الرسمية الرفيعة في تيسير سبل الاستثمار والتعاون ما أعطى دفعة ثقة مهمة للاقتصاد المصري ولعلاقات الدولتين بعد إعلان قطر عن استثمارات تقدر بـ 5 مليارات دولار في السوق المصرية، وهذا السوق وواقعه الاقتصادي يرتبط بصورة مباشرة بتأثيرات دولية وموازنات سياسية فارقة كانت واضحة بقوة فيما يعتمل من إجراءات محورية في الواقع الاقتصادي المصري من تغييرات في المناصب الاقتصادية وقرارات ما زالت إلى الآن في مرحلة دقيقة للغاية في مصر للتطلع نحو الأمام. ◄ رؤى اقتصادية وتابع باري تاوسوند، في تصريحاته لـ الشرق موضحاً: لا شك أن الأمر يرتبط بكل تأكيد بالبرنامج المصري المقدم إلى صندوق النقد الدولي لدعم البلاد اقتصاديا وصياغة المرحلة الاقتصادية المقبلة لتحقيق استقرار الأسواق ومباشرة الأعمال المعلقة، والمتابع للتفاصيل المنشورة حول برنامج الدعم الاقتصادي في مصر منذ 2016 يدرك وجود شروط ونقاط مهمة يضعها صندوق النقد الدولي في قروضه الداعمة اقتصادياً وترتبط بهيكلة الدولة الاقتصادية والمرتبط في مصر بملفات العملة ودعم الطاقة والدعم الشامل ووجود أعباء اقتصادية على الأصول المملوكة للدولة في فروقات بينية بحجم الخسائر والحاجة الفعلية وتعداد العمالة والكثير من الملفات التفصيلية الدقيقة، وهنا جاءت محورية هذه الزيارة قبل يومين من تقديم المقترح المصري والوفاء بالالتزامات الخاصة بصندوق النقد الدولي حيث إن القرض الأخير لم يتم الضغط فيه على ملفات الدعم والطاقة وغيرها ولكن كان هناك محور رئيسي معلن وهو المرتبط ببيع بعض الأصول المملوكة للدولة المصرية للاستثمار الأجنبي وهنا جاءت الزيارة لبحث تفاصيل المناقشات الموسعة بين صندوق قطر للاستثمار وصندوق مصر السيادي من أجل تشجيع الاستثمار القطري في عدد من الشركات المصرية العاملة في حقول اقتصادية تمتلك مستقبلاً طموحاً في التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة وغيرهما، وأيضاً بحث مقترحات صندوق ما قبل الطروحات الذي يعد صندوقاً فرعياً لصندوق مصر السيادي والذي استهدف رأس المال الخليجي عامة والقطري خاصة فيما يتعلق بالسعي لشراكات جديدة في مجالات حيوية ورئيسية. وواصل باري تاوسوند، تصريحاته: ولكن كل تلك الحسابات السياسية المهمة والخطوات المستقبلية لا يمكن عزلها عن التأثير الواضح في الوضع الاقتصادي العالمي، ولا أعلم لماذا إلى الآن لم يتم التركيز في الخسائر الشديدة للحرب الروسية في أوكرانيا فيما يتعلق بالدول الأكثر احتياجاً للتوريدات الغذائية من أوكرانيا في القمح والحبوب، والتي كانت مصر بكل تأكيد من أكبر المتأثرين في المنطقة، تماماً كتأثرها بمعركة الروبل والدولار واليورو التي تقودها روسيا وحروب الطاقة إذا ما يمكن تسميتها كذلك مجازاً على الساحة العالمية، ولا شك أن مصر تأثرت اقتصادياً بكل تأكيد بأزمة التوريدات والدولار وحتى أزمة الطاقة نفسها في ضوء أن الخطط التي كانت موضوعة للحقول العاملة التي تم استكشافها في مصر كانت تستهدف وما زالت التصدير الخارجي وجلب النقد الأجنبي حتى إن مصر الآن في خضم الإجراءات الاقتصادية التي تواجهها تحاول توفير مخزونها من الغاز الطبيعي والطاقة قدر الإمكان من أجل بحث مزيد من التصدير وتحقيق دخل أجنبي يساهم في دعم العملة المحلية عبر تحقيق فائض متوازن في الدولار، والأمر المهم أيضاً لدى قطر التي تقف في معادلة مختلفة تماماً انطلاقاً من مكانتها البارزة في سوق الطاقة ودفعة ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب وتوسعها في خططها الإنتاجية وتعميق شراكاتها الدولية، إلا أن الإدارة القطرية تدرك بذكاء عدم استدامة الاقتصاد غير المتنوع والمبني على الطاقة وحدها بأسعارها ومعادلاتها التي سرعان ما تتأثر بصورة قوية لحسابات لا يمكن قراءتها أو توقعها بصورة كلية. ◄ زيارة محورية واختتم باري تاوسوند تصريحاته قائلاً: إنه بجانب ذلك فإن قطر كدولة وهو ما يحتاج كثيرون قراءته بصورة أكثر قرباً من كونها أكبر من مجرد قوى اقتصادية إقليمية ودولية وليس الاقتصاد هو المحور الرئيسي وحسب في علاقاتها الدولية لاسيما مع الجوار، فالدوحة لديها مشروعات طموحة وتطلعات كبرى كدولة لها الكثير من الرؤى المهمة في السياسة الإقليمية والمشهد العالمي ومناطق الصراع وتوظيف الوساطة الدبلوماسية ولكن كل هذا لا ينفصل أيضاً على رؤيتها الداخلية للتنمية والتي يمكن للعالم متابعتها عن قرب في كأس العالم الذي ستستضيفه البلاد نهاية العام الجاري، ويمكنني اعتبار أن ما ترغب قطر في تحقيقه ليس مجرد رؤية اقتصادية تتحقق من خلالها غايات التنمية الداخلية وتكون بارزة بقوة انتهاء بمرحلة استضافتها لكأس العالم بل على العكس هي محطة مهمة في تاريخ قطر لبداية جديدة في رؤية أشمل وأكثر اتساعاً وتعريفاً للعالم بالدولة القطرية ومقوماتها وإمكاناتها، الجانب الآخر الذي يبرز أهمية كأس العالم الحيوية هو أنه منذ بيان العلا وقمة مجلس التعاون الخليجي جاء التأكيد على أهمية ما تقوم به قطر من مشروعات استضافة كأس العالم والتطلع له، فقطر تنجح دائماً في أن تقدم نفسها بصورة طيبة دون أن تكون في منتصف المشهد دائماً وذلك عبر فتح المساحة الإيجابية لتخرج نسخة كأس العالم ببصمات عربية ومتعة تنافسية للجمهور الخليجي والعربي، وهو ما كان واضحاً أيضاً في المؤشرات القوية في افتتاح استاد لوسيل باستضافة بطلي مصر والسعودية في الأراضي القطرية في حدث مونديالي مصغر، وهو ما يؤكد الكثير من الدلالات الرئيسية التي تتدفق وتيرتها الإيجابية منذ كأس العرب في الدوحة وغيرها من المؤشرات الطيبة التي تؤكد مسارا إيجابيا للعلاقات القطرية العربية والخليجية وشراكة مهمة على أكثر من صعيد. وفيما يتعلق بمصر فكما أوضحت أن الملفات الحيوية الرابطة أكبر من مجرد حصرها في أجندة اقتصادية، بل ما يمكن توصيفه بشراكة ناجحة في ملف حيوي في السياسة الخارجية للدولتين والمرتبط بالتهدئة في فلسطين، المبادرات الإيجابية في تيسير الحوار المصري - التركي، ما غيَّر في المشهد الإعلامي الخارجي من تركيا في مصر والبحث المتشارك في الملف الليبي، والثقل الدبلوماسي الذي تحظى به قطر في إفريقيا عبر مبادرات السلام واستثمارات التنمية وتوافق الأجندات المصرية - القطرية في احتواء التصعيد في ملف سد النهضة، والكثير من الملفات المهمة والحيوية على مائدة القمة التي لا يوجد مبالغة بتوصيف كونها محورية وتاريخية فيما يتعلق بالمستقبل القريب لعلاقات الدولتين.

1129

| 14 سبتمبر 2022

عربي ودولي alsharq
خبير أمريكي لـ الشرق: الإرادة السياسية والصفقات تجدد الشراكة القطرية المصرية

أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية أن اللقاءات المهمة التي تجري الآن بين المسؤولين في قطر ونظرائهم في مصر غلب عليها الجانب الاستثماري المهم ولكن له دلالات إيجابية كثيرة على تطور العمل المشترك على الصعيد الدبلوماسي بين القاهرة والدوحة في مرحلة عالمية مليئة بالكثير من التحديات؛ حيث أكد مجلس الوزراء المصري على أنه تم الاتفاق مع دولة قطر على مجموعة من الاستثمارات والشراكات في مصر بإجمالي 5 مليارات دولار خلال الفترة القادمة، جاء ذلك خلال اجتماع جمع بين رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية، الدكتور مصطفى مدبولى، وكل من سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، وعدد من المسؤولين في البلدين وتناول بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وأهمية تعزيز التعاون والتنسيق بينهما في المجالات المختلفة، كما تم تشكيل لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين الشقيقين، بهدف التشاور المستمر وتعزيز التعاون والتنسيق في المجالات المختلفة، وأيضاً لقاءات مهمة جمعت سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، مع سعادة الدكتور محمد معيط وزير المالية المصري، ومع السيد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري. يقول باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الدولية: إن هذه اللقاءات المهمة وما تولد منها من اتفاقات خاصة بالاستثمارات القطرية وضخ استثمارات مليارية جديدة من قطر في السوق المصرية يمكن قراءته من خلال أكثر من بعد إيجابي؛ أولها الوتيرة الإيجابية القوية للغاية منذ بيان قمة العلا وتحقيق المصالحة الخليجية وتطوير العلاقات المتميزة ما بين قطر ومصر على أكثر من صعيد واستعادة سبل تفعيل التعاون والشراكة في مجالات مختلفة، ووجدنا مراحل مهمة من هذا التعاون على الصعيد الدبلوماسي لاسيما في المشهد الفلسطيني، كما أن هناك نشاطاً دبلوماسياً قامت به قطر ومصر معاً من أجل تطوير الشراكة بصورة إيجابية كانت بارزة في اللقاءات الرسمية وزيارات العمل وعلى هامش لقاءات جامعة الدول العربية، كان من شأنها المساهمة في توطيد العلاقات الإيجابية وتعزيز أفق التعاون المشتركة، وتلعب تلك الصفقات الرئيسية واللقاءات الرسمية المهمة دورها الناجح في توطيد العلاقات، في ضوء مراحل تطور العلاقات بين الدوحة والقاهرة والتي شملت مواقف إيجابية عديدة، والتباحث في قضايا إقليمية مهمة مثل المشهد الفلسطيني والملف الليبي وملف سد النهضة، كما أنه توجد الكثير من الملاحظات الإيجابية عكستها اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة ومخرجاتها من اتفاقات مهمة في ضوء وجود الكثير من التوافق في الأهداف وغايات التنمية سيساهم بدوره في توطيد العلاقات الودية وتشجيع الاستثمارات المشتركة. ◄ نجاحات دبلوماسية وتابع باري تاوسوند، في تصريحاته لـ الشرق: إن زيارات وجولات دبلوماسية عديدة جمعت بين مصر وقطر تمت المناقشة فيها في الكثير من الملفات الرئيسية والتي تقدمتها جولة جديدة في المباحثات الاستثمارية في اللقاءات الأخيرة، كما تعرضت أيضاً إلى الأوضاع العالمية والملفات الإقليمية والتي تم فيها بحث تعميق العلاقات الثنائية بين القاهرة والدوحة، وقد كان للقاءات الدبلوماسية والزيارات المتبادلة من وزيري خارجية البلدين اللذين يترأسان الآن اللجنة المشتركة لتدعيم العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك، دور كبير في إعادة تجديد الشراكة والعلاقات، وهو ما كان واضحاً في الاستقبال الخاص بالقاهرة للجولات الدبلوماسية القطرية وتقارير الصحف المصرية في التعليق عنها بأنها عهد جديد ومرحلة تفعيل التعاون الشامل كاتجاه مصري مهم في توطيد التقارب وترجمته لشراكات مهمة بصورة إيجابية، فكان هناك على مدار الأشهر الأخيرة عشرات المؤشرات التي ربطت الدوحة والقاهرة بصورة إيجابية منذ قمة العلا لمجلس التعاون الخليجي؛ حيث كانت العلاقات ما بين قطر والسعودية ومصر من بين الأكثر تطوراً وإيجابية للانتقال إلى مرحلة استعادة العلاقات الطبيعية والمضي قدماً نحو المصالح المشتركة والتي هي أساس أي علاقات دولية لاسيما بين الدول التي تجمعها روابط تاريخية وثقافية وتراثية مشتركة، وأيضاً كان للزيارات الرسمية المهمة والمحادثات الثنائية التي جمعت بين المسؤولين المصريين والقطريين دور مهم من أجل مناقشة أهمية تعزيز العلاقات الثنائية والاقتصادية وبحث توقيع عدد من مذكرات التفاهم ومناقشة قضايا الوضع العالمي، خاصة مع الضرر الكبير الواقع على الكثير من الدول العربية والإسلامية جراء الحرب الأوكرانية لأن هناك أزمة حقيقية تعرض لها الداخل الأوكراني فيما يتعلق بالتزاماته التصديرية من القمح والموارد الزراعية خاصة في ظل كون مصر من الدول الأكثر اعتماداً على استيراد القمح من أوكرانيا، وصحيح أن الاحتياجات الأوكرانية للاستهلاك الداخلي متوفرة ولكن العمليات العسكرية الروسية ألحقت بالغ الضرر بالمنظومة الزراعية في أوكرانيا بالكامل بالصورة التي تعوق وفاءها بالتزاماتها التصديرية، وأيضاً التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا التي دفعت لتضافر العمل المشترك لتعزيز التعاون وصياغة عدد من الاتفاقات من أجل الترويج المتبادل وحماية الاستثمارات، وهو ما يحقق أهداف التنمية التي تسعى قطر لتحقيقها إقليمياً وعالمياً، والرؤية المصرية للتنمية التي تعتمد على الاستثمارات الخليجية كجزء رئيسي من سياساتها لجذب الاستثمار الأجنبي. ◄ أوجه دبلوماسية وأكد باري تاوسوند، الزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد: إن التعاون الاقتصادي والاستثماري بين قطر ومصر لا ينفصل عن التطور الدبلوماسي الملحوظ في أكثر من ملف إقليمي؛ حيث إن القاهرة والدوحة تبنتا جهوداً دبلوماسية مكثفة نجحت في احتواء التصعيد والوصول إلى هدنة وقف العنف في قطاع غزة، وقد طُرح أيضاً في النقاشات الثنائية بين الدبلوماسيين القطريين ومسؤولي السلطة المصرية عدد من القضايا الإفريقية المهمة والمتمثلة في سد النهضة، والجهود المهمة لحل تلك الأزمة التي لها أبعاد عديدة، فدولة قطر من مصلحتها احتواء الأزمة وتقويض تعقيدها بما يؤثر على العلاقات الأثيوبية مع السودان ومصر معاً وذلك انطلاقاً من جوانب عديدة أولها أن قطر بصفة عامة لها ثقل دبلوماسي أفريقي منذ مفاوضات دارفور وطرح مبادرات تسوية الخلافات بين عدد من الدول الأفريقية والتي كان آخرها مبادرة استضافتها للمحادثات التشادية وأيضاً تتبنى الدوحة سياسة خارجية نشطة في ملفات الوساطة والتهدئة وتحييد النزاعات، كما أن الحفاظ على الاستقرار والعمل على حل أزمة سد النهضة يعزز المصالح الاستثمارية القطرية والتي توجد في كل من أثيوبيا وأيضاً استثمارات بنحو 4 مليارات دولار في السودان، واستثمارات مهمة في العقارات الفندقية والتطوير العقاري والقطاع المصرفي وأنشطة الطاقة ومراكز البيع بالتجزئة وغيرها من الاستثمارات القطرية الحيوية في مصر، وأيضاً الحاجة للدعم الدبلوماسي الإيجابي في ظل الرفض المصري السوداني لأي مساس بحقوقهما المائية لتجنب صراعات غير مستبعدة في قضية الأمن المائي الحيوية خاصة للقاهرة والخرطوم من حيث الضرر الأكبر في الحصة المائية المقدرة لكل منهما، وهناك جانب آخر يعزز تطور العلاقات بين الدوحة والقاهرة على أكثر من مستوى، وهو أن هناك مرحلة جديدة حاليا على صعيد الملفات الإقليمية المنخرطة فيها قوى عربية وإقليمية عديدة، تتجاوز في ذلك مناطق الخلاف السابقة التي لم تعد مقاييسها حاضرة مع الواقع الحالي، فمن جانب هناك توجه إيجابي نشط في دفع العلاقات إلى الأمام بين مصر وتركيا يمكن لقطر لعب دور كبير ومؤثر للغاية في تطويره وذلك على صعيد العلاقات الدبلوماسية العامة أو المنظور الإقليمي لملفات مهمة مثل الملف الليبي ولا شك الملف الفلسطيني. ◄ وتيرة متميزة وأشار باري تاوسوند، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، إلى أنه كان من اللافت أيضاً أن وتيرة العودة للعلاقات الطبيعية بين القاهرة والدوحة كانت سريعة للغاية وتمر بصورة إيجابية، وعموماً هناك حالة عالمية فرضتها الأوضاع الدولية والحرب الأوكرانية أثرت بصورة كبيرة على طبيعة الخطط المستقبلية والرؤى الاقتصادية الداخلية للعديد من الدول، وهو ما ظهر في المناقشات المشتركة حول آثار الحرب الروسية في أوكرانيا على الاقتصادات الناشئة على سبيل المثال، فترغب الحكومة المصرية بكل تأكيد في أن تزيد قطر من استثماراتها الإيجابية بالقاهرة، خاصة مع رؤية الحكومة المصرية التي ترتكز بصورة كبيرة على جذب الاستثمارات الخليجية وأن خطط التنمية التي تضعها الدولة المصرية بالأساس استهدفت الاستثمار الأجنبي وتسعى مصر إلى زيادة روابطها الخليجية المؤثرة استثمارياً في خططها للتنمية، وجانب آخر يتعلق بأن قطر تتبنى اتجاها إيجابياً للغاية في تطوير العلاقات الإيجابية مع كافة الدول العربية سواء الخليجية أو الأفريقية واستثمار الجهود الدبلوماسية والاقتصادية لمزيد من المصالح المشتركة والعلاقات المتميزة.

885

| 30 مارس 2022

عربي ودولي alsharq
خبير بمجلس شيكاغو لـ الشرق: دور قطر مهم في حل الأزمة الأوكرانية

أكد باري تاوسوند، خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الدولية، والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، تنامي الدور القطري على الصعيد العالمي فيما يتعلق باكتسابها ثقة دولية، خاصة لدى العواصم الغربية انطلاقاً من أدوارها الحيوية في أكثر من ملف عالمي، موضحاً في تصريحاته لـ الشرق أهمية سياسة الحياد الدبلوماسية التي تبنتها قطر والتي مكنتها من امتلاك علاقات فريدة نجحت من خلالها في تحقيق مكتسبات مهمة في نزاعات معقدة والقيام بدور فاعل وحيوي فيها، مبرزاً الدور القطري الرئيسي في أفغانستان، والمتزايد في الملف الإيراني، وفي احتواء التصعيد في قطاع غزة، وأهميتها في النزاع الروسي- الأوكراني بما تمتلكه من مكانة خاصة في موارد الطاقة، معتبراً أن السنوات الخمس الأخيرة تحقق فيها العديد من المؤشرات الإيجابية جعلت قطر تمتلك ثقة دولية متجددة وتتزايد يوماً بعد الآخر، انطلاقاً من أدوارها المهمة ووجودها في قلب الأحداث العالمية. يقول باري تاوسوند، خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الدولية: إن الأعوام الخمسة الأخيرة شكلت اهتماماً غير مسبوق بدولة قطر من الإعلام الدولي أو في دوائر صناعة القرار السياسية بامتدادها الشعبي خارج أطر العلاقات الرسمية التقليدية، والسبب في ذلك تواجد قطر في العديد من الملفات التي مكنت الكثير من الدول من التفهم لطبيعة دورها المحوري، خاصة أن المنطقة شهدت في الفترة الأخيرة العديد من الصراعات على الصعيدين الإقليمي والدولي، منحت فرصة للدبلوماسية القطرية أن تكون أكثر قرباً واتصالاً مع العواصم الغربية وأيضاً تكوين علاقة خاصة مع أمريكا على وجه الخصوص، وما كان يميز قطر وكان ينظر له في السابق ببعض من الحذر بشأن ما يتعلق باستضافة مكتب حركة طالبان أو أدوارها الحيوية مع قياديي غزة، هو أن الدوحة فتحت مساحة خاصة عبر قنوات اتصال خلفية احتاجتها العواصم الغربية بشدة حينما احتد صراع السلطة في أفغانستان واحتدمت آفاق الصدام في قطاع غزة، وأيضاً التوترات العديدة التي نشبت بين أمريكا وإيران وحروب الوكالة التي عرفت طريقها إلى حرب اليمن وامتدت إلى القواعد العسكرية في العراق وأثرت على حركة نقل الطاقة في الخليج، كل هذا دفع أيضاً لاستثمار قناة تواصل حقيقية مع إيران التي تجمعها مع قطر علاقة متميزة تطورت خلال التعقيدات الجيوسياسية التي اعترت المنطقة، كما أن أسانيدها حيوية من حيث الاشتراك في حقول الطاقة وامتزاج المصالح المشتركة وتبني قطر سياسة مستقلة عن توجهات الضغط والنفوذ الإقليمي، ساهم ذلك في أن توفد الكثير من المؤسسات الرسمية الكبرى في العواصم الغربية وفوداً سياسية وبرلمانية عديدة إلى قطر لتطوير العلاقة معها، خاصة أن الأثر الدبلوماسي المتصاعد للدوحة ومكانتها الإستراتيجية الرائدة في الطاقة في خضم الصراعات المحتدمة خاصة في المشهد الأوكراني- الروسي، يجعل أوراقها الدبلوماسية ومكانتها في الغاز الطبيعي واقتصادها المرن والقوي في مواجهة الضغط السياسي تحظى بثقة متزايدة من كثير من العواصم الغربية. ◄ منطق الحياد ويتابع باري تاوسوند، الزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد: إن الحياد عموماً مسألة نسبية في النظر إليها من الناحية السياسية، فلا ترتبط بالمواقف السلبية للدبلوماسية بعدم الانخراط أو الوقوف على مسافة حذرة وآمنة من بعيد، ولكن بتفعيل الأدوار الدبلوماسية من أجل خلق أثر إيجابي، ويكون ذلك في هذا النوع من الدبلوماسية من خلال أدوار وساطة تتحقق فيها اتفاقيات مهمة أو تقريب وجهات النظر لحلول توافقية، أو حتى في تبني أسس الحوار ذاته والذي يكون معقداً للغاية على سبيل المثال في التعامل مع حركة طالبان أو مع المكتب السياسي لحماس أو على خلفية توترات مع إيران، فتوفير قطر لمساحة من الحوار تدعم التهدئة في غزة أو تشغيل مطارات أفغانستان، وفي نفس الوقت استضافة الآلاف من الذين تم إجلاؤهم على أرضها ومساعدة البعثات الدبلوماسية وأعضائها، وتوفير فرصة لعناصر الدبلوماسية بوزارات الخارجية الأوروبية للقاء مع مسؤولين مباشرين مع حركة طالبان، وبين وفود الكونغرس والبنتاغون والمبعوثين الرسميين لأمريكا مع عناصر في الحكومة الانتقالية الأفغانية، كل هذا يعزز موقف الدوحة في اكتساب ثقة في حياديتها، ليس لوقوفها بمعزل عن هذه الملفات المعقدة بل بالانخراط الفاعل فيها وتحقيق مكتسبات في أكثر من جانب. ◄ ثقة متزايدة ولفت باري تاوسوند إلى أن الثقة التي اكتسبتها قطر جاءت بقراءة مهمة لوضعها وما يمكنها توفيره في أن تلعب دوراً يتجاوز الحدود الإقليمية، وتطورات الأحداث جاءت متسارعة بصورة تم استثمار فيها ما لقطر من جهود تاريخية عملت على بنائها منذ عقود، والمشهد الأفغاني على وجه التحديد كان من أبرز تلك المشاهد السياسية الرئيسية التي وضعت قطر على صعيد الساحة العالمية، ومن هنا جاء الالتجاء الدولي لها في أكثر من مسار، وفيما يتعلق بالعلاقات مع أمريكا، رغم أن واشنطن تمتلك تحالفات قوية مع دول إقليمية عديدة، لكن الحرارة السياسية التي صاحبت إدارات رئاسية سابقة ليست موجودة فيما كان لقطر إمكانية توفيره، فامتلاكها لقاعدة العديد الجوية الحيوية، وتطوير شراكات مهمة مع مستويات المؤسسات الأمريكية شاملة، ساهم في مشاهد متميزة مثل أفغانستان، في أن تصعد الدوحة إلى دور الوكالة الدبلوماسية النشطة، وإن برزت بوضوح في المشهد الأفغاني، فإنها تكتسب خصوصية أيضاً في المشهد الإيراني، فما تمتلكه الدوحة من علاقات وقنوات اتصال مفتوحة مع إيران والاحترام الذي تلقاه عناصرها الدبلوماسية من الجانبين، وتطوير العلاقة أيضاً بين الدوحة وواشنطن وطهران في نصف العقد الأخير بدفعة قوية بل فارقة تاريخياً، جعلها تصعد على قائمة خيارات واشنطن من أجل وجود قنوات اتصال خلفية مع إيران تضيف للجهد الدبلوماسي الدولي والمعلن. ◄ الدبلوماسية والوساطة وأوضح باري تاوسون أن هذا الدور في الدبلوماسية عبر قنوات الاتصال والوساطة له ثقل أقوى في قدرته على تحقيق إنجاز يمكن استثماره علنياً كما كان منتظراً في استعادة الاتفاق النووي الإيراني، وتكتسب تلك الأهمية في أن تمنح لقطر قراءة أقرب وأكثر مباشرة لتوجهات السياسة العامة لأمريكا فيما يتعلق بسبل المضي قدماً مع إيران، وأيضاً الاعتماد الجزئي على قطر تدريجياً في تحقيق العديد من المكتسبات الإستراتيجية في صالح إبقاء حضور أمريكي في المشهد الإستراتيجي الأفغاني، وفي المقابل تدرك حركة طالبان ما قدمته قطر من مساعدات فنية ولوجستية وإنسانية وتقدر لها استضافتها لمكتب الحركة لسنوات ومنحها فرصا مهمة للقاء المسؤولين الدوليين ونقل توجهات الحركة وتقريب وجهات النظر بينها وبين الوفود الدبلوماسية الأوروبية والغربية، وأيضاً تشترك قطر مع حركة طالبان في رؤية تتعلق بالأصول الأفغانية المعلقة في البنوك الأمريكية والأوروبية؛ من حيث ضرورة تحريرها لصالح الاقتصاد الأفغاني مع وضع قائمة مطالب غربية تحتوي المخاوف وتستطيع طالبان الالتزام بها من أجل الحصول على تلك الأموال المهمة والتي تساعد الاقتصاد الأفغاني بكل وضوح. ◄ أدوار مهمة واختتم باري تاوسوند تصريحاته موضحاً أن الموقف في قطاع غزة أثبت حاجة قوية للغاية من أجل وجود ثقة مفقودة في نزاع يتسم بالتعقيد، حيث تنشط الدوحة بحضور قوي وإنساني وسياسي في دعم القضية الفلسطينية، ودائماً في الزيارات الرسمية الرفيعة خاصة في البيت الأبيض كما شاهدنا في لقاء حضرة صاحب السمو الأخير مع الرئيس بايدن كانت القضية الفلسطينية حاضرة في مقدمات جدول أعمال السياسة القطرية، ويبرز ذلك أيضاً في مواقفها المتجددة في دورات الأمم المتحدة، كما تجدد قطر كل عام التزاماتها الخاصة بدعم فلسطين سواء عبر خطط إعادة الإعمار طويلة المدى أو بالمساعدات التي تتفاعل مع معاناة الأسر الفلسطينية عبر منح شهرية أو مساعدات عينية أخرى في المجالات الطبية والإنسانية والإغاثية، وهذا الدور يجعلها تكتسب موقفاً يحظى بثقة تضررت كثيراً لدى السلطة والشعب الفلسطيني سواء في الإدارات الأمريكية أو في التوجهات الإقليمية للتطبيع، وما زالت قطر تقدم حلولا فارقة من أجل احتواء التوترات بتعهدات والتزامات تبذل فيها الدوحة أرصدة دبلوماسية ومالية حيوية من أجل إنهاء الصدام المتجدد واحتواء الأزمات سريعة الاشتعال بداخل القطاع الذي يعاني من حصار جعل ظروف الحياة صعبة للغاية، وكان يحتاج بالطبع لسبل نقاش حيوية جعلت العلاقات التي تمتلكها قطر مع الأطراف الفاعلة وما تتيحه للأوساط الأمريكية والغربية من فرص حيوية للحوار كل هذا أكسب قطر ثقة دولية مهمة برزت بصورة أوضح في الفترة الأخيرة بكل تأكيد، والعالم بات يعرف قطر عن قرب من منحى إيجابي يتزايد يوماً بعد الآخر.

2744

| 19 فبراير 2022

عربي ودولي alsharq
باري تاوسوند لـ الشرق: الحوار الإستراتيجي يدعم الروابط القطرية - الأمريكية التاريخية

أكد باري تاوسوند، والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والخبير في ملف العلاقات الإقليمية، أن احتفاء وزارة الخارجية الأمريكية في البيان الذي نشرته عبر موقعها الرسمي، بأهمية الحوار القطري الإستراتيجي بين قطر وأمريكا في دورته الرابعة والذي تستضيفه العاصمة واشنطن برئاسة سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة السيد آنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الصديقة، يأتي انعكاساً لتنامي دور قطر المتزايد والتقدير الكبير الذي باتت تحظى به بصورة أكثر من أي وقت مضى مع الشركاء الأمريكيين، لافتاً إلى أن الحوار الإستراتيجي الرابع سيهدف إلى زيادة روابط العلاقات القطرية- الأمريكية وتعزيز أفق التعاون في مختلف المجالات المشتركة والتي تشمل التعاون الاقتصادي والأمني وأيضاً مجالات الطاقة ومكافحة الإرهاب والتعليم والثقافة ومناقشة تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية المشتركة؛ حيث سيجتمع فريق وزير الخارجية آنتوني بلينكن مع القادة القطريين لمناقشة تطورات الأوضاع بالمنطقة والتي تتضمن الأوضاع في أفغانستان وأهمية تعزيز مكتسبات بيان العلا لتدعيم الوحدة والتعاون داخل مجلس التعاون الخليجي والنهوض بالأمن والاستقرار والرخاء بالمنطقة، ذلك في ضوء فعاليات وأجندة أعمل تضم مناقشات مكثفة بين الجانبين إثر حضور بارز من كبار المسؤولين القطريين وذلك لمناقشة القضايا الإقليمية والمشهد الأفغاني، وسبل تدعيم آفاق التعاون مستقبلياً. سياق تاريخي يقول باري تاوسوند والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والخبير في ملف العلاقات الإقليمية: إن كثيرا من المصادر الدبلوماسية الثنائية الذين تواصلت معهم في هذا الصدد أكدوا أن الحوار الاستراتيجي الأمريكي-القطري لعب دوراً كبيراً في التأكيد على عمق العلاقة الاقتصادية وخصوصية العلاقة الأمنية القوية بين الدوحة وواشنطن، فالملف الأفغاني والدور القطري المتواصل إلى الآن منذ بداية الأزمة وحتى اللحظة الجارية كان تاريخياً وساهم في إنقاذ حياة الآلاف، وبرزت قطر كشريك حقيقي أكثر من موثوق به لدى أمريكا بما قدمته من استضافة للاجئين وكافة التسهيلات اللوجستية والإجرائية والدعم المدني والعسكري والفني فضلاً عن الحضور الدبلوماسي المكثف ما ساهم في أن تسيير مستويات التواصل بين القادة في قطر وبين الإدارة الحالية بالبيت الأبيض وبصورة أخص في وزارة الخارجية والبنتاغون تمتد لمستويات أعمق وأكثر ترابطاً من أي وقت مضى، صحيح أن هذا لا يعني أن الفترة الحالية وحسب هي التي تشهد هذا المستوى الاستثنائي من العلاقات المتقاربة، فدائماً ما تحظى قطر بمكانة متميزة وإستراتيجية لدى أمريكا، وعلى سبيل الذكر فيكفي أن قيمة التجارة الثنائية بين قطر والولايات المتحدة تضاعفت خلال 10 سنوات تتصدر فيها قائمة الدول المصدرة إلى قطر، كما كان هناك الكثير من العوامل دفعت لتوطيد العلاقة الإيجابية بين قطر والولايات المتحدة، وهي علاقات تاريخية وممتدة بدأت منذ عام 1972، وكانت قطر شريكاً قيماً للغاية لأمريكا، ومن هذا المنطلق لعبت دورا مؤثرا في المنطقة من خلال فترة تحول كبير؛ وكان للحوار الإستراتيجي في دوراته السابقة أن يسهم بشكل كبير في توطيد العلاقات الثنائية، وفيما كانت مخرجات دورة الحوار الإستراتيجي السابقة التي استضافتها قطر وخلصت إلى إعلان مشترك موضح فيه العديد من جوانب علاقاتهما الثنائية القوية؛ بما في ذلك التعاون الأمني ​​والأمن الإقليمي، والتعليم والثقافة، وإنفاذ القانون والشراكات في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الروابط التجارية والاقتصادية؛ لاسيما في مجال الطاقة، وأيضاً في مجال الأعمال المشتركة، تزداد التوقعات للقمة القطرية- الأمريكية الجارية عبر الحوار الإستراتيجي الرابع أن تشرك أمريكا قطر بصورة أكثر شمولاً في أجندتها الإقليمية الحيوية انطلاقاً من دورها البارز في أفغانستان، وبحث الملفات المهمة مثل ملف استعادة الاتفاق النووي الإيراني، ومشاركة الرؤية الإقليمية في المناخ والحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الشراكة القطرية- الأمريكية في مختلف المجالات. آفاق استثمارية وأوضح باري تاوسوند، الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط، انه بكل تأكيد سيكون هناك دور بارز للملفات الاقتصادية خاصة في سياسات نحو التعافي الاقتصادي العالمي ومباشرة كثير من الخطط المؤجلة على الصعيد الاستثماري، وما تشهده فترة التقييم الإيجابية الحالية من قبل هيئة الاستثمار القطرية (QIA)، والتي تعد صندوق الثروة السيادية المملوك لقطر، لمباشرة خططتها التي أعلنت عنها بزيادة الاستثمارات في الولايات المتحدة والتي تهدف إلى أن تصل نحو 45 مليار دولار في العامين المقبلين في دور تهدف منه تحقيق توازن محفظة أصولها بصورة لا تقتصر على أصول أوروبية، وذلك عبر الإعلان عن استثمارات عالمية كبرى في أوروبا وأمريكا وأيضاً من خلال حصص في دويتشه بنك كريدي وسويس لندن للأوراق المالية وفولكس واجن، وغيرها من الشركات، وبخاصة النظرة إلى صناعة السيارات الكهربائية والاستثمار في شركات التكنولوجيا في إطار حالة تجديد هوية استثمارية تخرج من الاستثمارات في القطاعات «الكلاسيكية» مثل العقارات والقطاع المالي نحو الاستثمارات في التكنولوجيا. أهمية حيوية وأكد باري تاوسوند، خبير شؤون الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الدولية، في تصريحاته لـ الشرق: إنه كان لدورات الحوار الاستراتيجي القطري-الأمريكي دور كبير فيما يتعلق باتفاقيات الشراكة القوية بين واشنطن والدوحة في مجالات عديدة، وكانت أمريكا وقعت مع قطر في الدورة الأولى اتفاقية مهمة وحيوية عبر مذكرة تفاهم وشراكة مع أمريكا لمكافحة الإرهاب وما أعقبها من جهود قطرية وأمريكية وأممية في هذا الصدد كان تقديرها واضحاً بصورة مكثفة في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة والتي شهدت احتفاءً وتقديراً لقطر في مختلف المجالات لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب واحتواء النزاعات وتدعيم السلم والاستقرار العالمي، كما يأتي الحوار الإستراتيجي القطري- الأمريكي في دورته الرابعة كامتداد لسياسات الدبلوماسية القطرية المتزنة والتي عملت على إبقاء علاقات دبلوماسية متنوعة مع مختلف القوى الدولية بالعالم وتسعى لاستخدام ثروتها الاقتصادية في تعزيز جهود الدبلوماسية الإنسانية المكلفة للغاية التي لا تستطيع كثير من الدول الوفاء بما تقدمه قطر من مواقف وتبرعات إنسانية وتوظيف لأدواتها الدبلوماسية من أجل استضافة مباحثات احتواء التصعيد وبحث عمليات السلام، ولعل دور قطر في الملف الأفغاني يبرز ما بات أمراً واقعياً مستقراً في النظرة العالمية تجاه الدوحة التي يتزايد دورها في ملفات الوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية. روابط اقتصادية وأشار باري تاووسوند إلى أن العلاقات الاقتصادية بين واشنطن والدوحة تواصل اتجاهها الإيجابي في ضوء مناخ اقتصادي هناك تفهم لأبعاد أولوياته بما لا يعيق التخطيط المشترك نحو المستقبل، وهو فرصة إيجابية لتقييم اتفاقات وعقود كبيرة تؤمن استثمارات قطرية طويلة المدى في عدد من المشاريع المختلفة من بينها مشروع «سيتي سينتر» بالعاصمة واشنطن، والشراكة مع بروكفيلد بروبيرتيز الدولية في مشاريع مانهاتن ويست، والاستثمارات الفندقية في سانت ريجيس والتطوير العقاري بمنتجع ذا جليندون، وأيضاً مشاريع الطاقة في تكساس عبر محطة جولدن باس، وأيضاً بشراكات مع العديد من الجامعات والمعاهد الأمريكية، وذلك في الوقت التي تقدم فيه الخطوط القطرية أيضاً توسعات ونجاحات اقتصادية متعددة من خلال استثماراتها داخل الولايات المتحدة، وقد قامت قطر في السنوات الماضية بزيادة استثماراتها وتوسعها في أمريكا خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة والغاز الطبيعي وأيضاً بالاستثمار في العديد من المجالات الاستثمارية الطموحة بواشنطن مثل الاستثمارات القطرية الأخيرة والتي حققت نجاحاً ملموساً في مجالات التكنولوجيا والتي عززها افتتاح صندوق قطر الاستثماري لمكتب خاص بسان فرانسيسكو لدعم الاستثمار القطري في المجالات التقنية والتكنولوجية، كما ضمت حقيبة فنادق قطر العالمية الفخمة فندق بلازا التاريخي الشهير بمدينة نيويورك فضلاً عن العديد من الاستثمارات القطرية المتميزة للغاية والتي حققت العديد من النجاحات بواشنطن، يأتي ذلك في ظل تواجد العديد من رجال الأعمال والمستثمرين الأمريكيين في العاصمة القطرية الدوحة وتوافر الفرص الاستثمارية المشتركة والمتنوعة ما بين البلدين.

1899

| 13 نوفمبر 2021