رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1129

خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية: القمة القطرية المصرية محورية وفارقة

14 سبتمبر 2022 , 07:00ص
alsharq
واشنطن - زينب إبراهيم

 

أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والخبير في ملف العلاقات الإقليمية والصراع العربي الإسرائيلي، أن لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، مع فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، في إطار زيارة رسمية رفيعة للرئيس المصري لبحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، لها أكثر من دلالة مهمة ما يجعلها محورية وفارقة لرسم علاقات مستقبلية متطورة ومتميزة وتفتح صفحة جديدة في تاريخ علاقات البلدين، مستعرضاً ملامح التعاون الاقتصادي في ضوء البرامج الاقتصادية والطموحات المستقبلية للتعاون والفرص المتاحة لتعميق الشراكة، ومؤكداً في الوقت ذاته على أهمية الزيارة الحيوية على أكثر من صعيد يتجاوز التعاون الاقتصادي للتباحث في مستقبل إيجابي لعلاقات أكثر تميزاً.

◄ شواهد إيجابية

وقال باري تاوسوند، عضو مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية: إن هناك أهمية دقيقة للتوقيت الذي تجري فيه زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى قطر، من خلال قراءة عدد من المؤشرات الداخلية التي يمكن أن يرجعها البعض إلى مجرد حسابات سياسية حاسمة، ولكن العلاقات المتطورة بين قطر ومصر منذ بيان قمة العلا في أكثر من ملف حاسم تؤكد على أن هناك إرادة سياسية قوية بين الدولتين من أجل تعميق العلاقات وزيادة آفاق التعاون لمسارات أكثر شمولاً، وعلى الرغم من تصدر الملفات الاقتصادية لأجندة المناقشات إلا أنني أرغب في التأكيد على كون هذا ليس المحور الوحيد الفارق والمحدد للعلاقات بين الدولتين انطلاقاً من أدوارهما الإقليمية المهمة ومكانتهما المتميزة وتأثيرهما الواضح في المنطقة تاريخياً، فالتطلع لتعاون مصري- قطري كما لمس في الترحيب الشديد والمبادرات الإيجابية في مختلف التصريحات الرسمية بين الجانبين وما لقيه سمو الأمير من استقبال رفيع بلافتات ضيف مصر الكريم في زيارة عمل رسمية إلى مصر وما يحظى به المسؤولون في كلتا الدولتين من استقبال متميز وتصريحات إيجابية في مختلف الفعاليات الإقليمية والعربية والدولية، فضلاً عن الزيارات الوزارية المكثفة والدعوة المصرية المفتوحة من الوزارات الاقتصادية السيادية لتشجيع الاستثمار في السوق المصرية والكثير من المبادرات الإيجابية، فمنذ اللحظة الأولى لبيان قمة العلا تم فتح الخطوط الجوية ومعها كل الخطوط الدبلوماسية والتعاون السياسي، فباشرت قطر افتتاح مشروعاتها في مصر منها علامة سانت ريجيس الفندقية التاريخية التي تملكها في نيويورك وكانت في موقع متميز على النيل في العاصمة المصرية، وإعلان شركة الديار عن مباشرة مشروعات التطوير العقاري العملاقة التي أعدت خططها في السوق المصري، وتوافدت الزيارات الرسمية الرفيعة في تيسير سبل الاستثمار والتعاون ما أعطى دفعة ثقة مهمة للاقتصاد المصري ولعلاقات الدولتين بعد إعلان قطر عن استثمارات تقدر بـ 5 مليارات دولار في السوق المصرية، وهذا السوق وواقعه الاقتصادي يرتبط بصورة مباشرة بتأثيرات دولية وموازنات سياسية فارقة كانت واضحة بقوة فيما يعتمل من إجراءات محورية في الواقع الاقتصادي المصري من تغييرات في المناصب الاقتصادية وقرارات ما زالت إلى الآن في مرحلة دقيقة للغاية في مصر للتطلع نحو الأمام.

◄ رؤى اقتصادية

وتابع باري تاوسوند، في تصريحاته لـ الشرق موضحاً: لا شك أن الأمر يرتبط بكل تأكيد بالبرنامج المصري المقدم إلى صندوق النقد الدولي لدعم البلاد اقتصاديا وصياغة المرحلة الاقتصادية المقبلة لتحقيق استقرار الأسواق ومباشرة الأعمال المعلقة، والمتابع للتفاصيل المنشورة حول برنامج الدعم الاقتصادي في مصر منذ 2016 يدرك وجود شروط ونقاط مهمة يضعها صندوق النقد الدولي في قروضه الداعمة اقتصادياً وترتبط بهيكلة الدولة الاقتصادية والمرتبط في مصر بملفات العملة ودعم الطاقة والدعم الشامل ووجود أعباء اقتصادية على الأصول المملوكة للدولة في فروقات بينية بحجم الخسائر والحاجة الفعلية وتعداد العمالة والكثير من الملفات التفصيلية الدقيقة، وهنا جاءت محورية هذه الزيارة قبل يومين من تقديم المقترح المصري والوفاء بالالتزامات الخاصة بصندوق النقد الدولي حيث إن القرض الأخير لم يتم الضغط فيه على ملفات الدعم والطاقة وغيرها ولكن كان هناك محور رئيسي معلن وهو المرتبط ببيع بعض الأصول المملوكة للدولة المصرية للاستثمار الأجنبي وهنا جاءت الزيارة لبحث تفاصيل المناقشات الموسعة بين صندوق قطر للاستثمار وصندوق مصر السيادي من أجل تشجيع الاستثمار القطري في عدد من الشركات المصرية العاملة في حقول اقتصادية تمتلك مستقبلاً طموحاً في التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة وغيرهما، وأيضاً بحث مقترحات صندوق ما قبل الطروحات الذي يعد صندوقاً فرعياً لصندوق مصر السيادي والذي استهدف رأس المال الخليجي عامة والقطري خاصة فيما يتعلق بالسعي لشراكات جديدة في مجالات حيوية ورئيسية.

وواصل باري تاوسوند، تصريحاته: ولكن كل تلك الحسابات السياسية المهمة والخطوات المستقبلية لا يمكن عزلها عن التأثير الواضح في الوضع الاقتصادي العالمي، ولا أعلم لماذا إلى الآن لم يتم التركيز في الخسائر الشديدة للحرب الروسية في أوكرانيا فيما يتعلق بالدول الأكثر احتياجاً للتوريدات الغذائية من أوكرانيا في القمح والحبوب، والتي كانت مصر بكل تأكيد من أكبر المتأثرين في المنطقة، تماماً كتأثرها بمعركة الروبل والدولار واليورو التي تقودها روسيا وحروب الطاقة إذا ما يمكن تسميتها كذلك مجازاً على الساحة العالمية، ولا شك أن مصر تأثرت اقتصادياً بكل تأكيد بأزمة التوريدات والدولار وحتى أزمة الطاقة نفسها في ضوء أن الخطط التي كانت موضوعة للحقول العاملة التي تم استكشافها في مصر كانت تستهدف وما زالت التصدير الخارجي وجلب النقد الأجنبي حتى إن مصر الآن في خضم الإجراءات الاقتصادية التي تواجهها تحاول توفير مخزونها من الغاز الطبيعي والطاقة قدر الإمكان من أجل بحث مزيد من التصدير وتحقيق دخل أجنبي يساهم في دعم العملة المحلية عبر تحقيق فائض متوازن في الدولار، والأمر المهم أيضاً لدى قطر التي تقف في معادلة مختلفة تماماً انطلاقاً من مكانتها البارزة في سوق الطاقة ودفعة ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب وتوسعها في خططها الإنتاجية وتعميق شراكاتها الدولية، إلا أن الإدارة القطرية تدرك بذكاء عدم استدامة الاقتصاد غير المتنوع والمبني على الطاقة وحدها بأسعارها ومعادلاتها التي سرعان ما تتأثر بصورة قوية لحسابات لا يمكن قراءتها أو توقعها بصورة كلية.

◄ زيارة محورية

واختتم باري تاوسوند تصريحاته قائلاً: إنه بجانب ذلك فإن قطر كدولة وهو ما يحتاج كثيرون قراءته بصورة أكثر قرباً من كونها أكبر من مجرد قوى اقتصادية إقليمية ودولية وليس الاقتصاد هو المحور الرئيسي وحسب في علاقاتها الدولية لاسيما مع الجوار، فالدوحة لديها مشروعات طموحة وتطلعات كبرى كدولة لها الكثير من الرؤى المهمة في السياسة الإقليمية والمشهد العالمي ومناطق الصراع وتوظيف الوساطة الدبلوماسية ولكن كل هذا لا ينفصل أيضاً على رؤيتها الداخلية للتنمية والتي يمكن للعالم متابعتها عن قرب في كأس العالم الذي ستستضيفه البلاد نهاية العام الجاري، ويمكنني اعتبار أن ما ترغب قطر في تحقيقه ليس مجرد رؤية اقتصادية تتحقق من خلالها غايات التنمية الداخلية وتكون بارزة بقوة انتهاء بمرحلة استضافتها لكأس العالم بل على العكس هي محطة مهمة في تاريخ قطر لبداية جديدة في رؤية أشمل وأكثر اتساعاً وتعريفاً للعالم بالدولة القطرية ومقوماتها وإمكاناتها، الجانب الآخر الذي يبرز أهمية كأس العالم الحيوية هو أنه منذ بيان العلا وقمة مجلس التعاون الخليجي جاء التأكيد على أهمية ما تقوم به قطر من مشروعات استضافة كأس العالم والتطلع له، فقطر تنجح دائماً في أن تقدم نفسها بصورة طيبة دون أن تكون في منتصف المشهد دائماً وذلك عبر فتح المساحة الإيجابية لتخرج نسخة كأس العالم ببصمات عربية ومتعة تنافسية للجمهور الخليجي والعربي، وهو ما كان واضحاً أيضاً في المؤشرات القوية في افتتاح استاد لوسيل باستضافة بطلي مصر والسعودية في الأراضي القطرية في حدث مونديالي مصغر، وهو ما يؤكد الكثير من الدلالات الرئيسية التي تتدفق وتيرتها الإيجابية منذ كأس العرب في الدوحة وغيرها من المؤشرات الطيبة التي تؤكد مسارا إيجابيا للعلاقات القطرية العربية والخليجية وشراكة مهمة على أكثر من صعيد. وفيما يتعلق بمصر فكما أوضحت أن الملفات الحيوية الرابطة أكبر من مجرد حصرها في أجندة اقتصادية، بل ما يمكن توصيفه بشراكة ناجحة في ملف حيوي في السياسة الخارجية للدولتين والمرتبط بالتهدئة في فلسطين، المبادرات الإيجابية في تيسير الحوار المصري - التركي، ما غيَّر في المشهد الإعلامي الخارجي من تركيا في مصر والبحث المتشارك في الملف الليبي، والثقل الدبلوماسي الذي تحظى به قطر في إفريقيا عبر مبادرات السلام واستثمارات التنمية وتوافق الأجندات المصرية - القطرية في احتواء التصعيد في ملف سد النهضة، والكثير من الملفات المهمة والحيوية على مائدة القمة التي لا يوجد مبالغة بتوصيف كونها محورية وتاريخية فيما يتعلق بالمستقبل القريب لعلاقات الدولتين.

مساحة إعلانية